ناسا ومايكروسوفت تطلقان ذكاء اصطناعيا يفتح أبواب الفضاء للجميع
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
لم يترك الذكاء الاصطناعي جانبًا من حياتنا إلا ودخله وأصبح جزءًا منه، بدءًا من الهواتف المحمولة وخدماتها المختلفة وحتى خدمات الأعمال التجارية، والآن يصل الذكاء الاصطناعي إلى قطاع الفضاء، وتحديدًا الجزء الموجه للمستخدمين المعتادين الراغبين في التعلم عن الفضاء الخارجي.
تحاط المعلومات الخاصة بالفضاء الخارجي بغلاف من الغموض، ولا يعود السبب في ذلك لصعوبة الوصول إليها أو العوائق المتنوعة الخاصة بها، بل لكونها أعمق وتحتاج إلى خلفية سابقة من المعلومات ليصبح فهمها أمرًا سهلا على المستخدمين.
ومن أجل تبسيط هذه المعلومات قدر الإمكان، تعاونت "مايكروسوفت" و"ناسا" من أجل طرح نموذج دردشة ذكاء اصطناعي مبتكر يعتمد على خوادم "آزور" (Azure) و"أوبن إيه آي"، ولكن ماذا يقدم هذا النموذج؟
روبوت دردشة ذكاء اصطناعي يملك كافة معلومات الناساتملك وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) عددًا مهولًا من المعلومات والتفاصيل عن الفضاء الخارجي، فضلًا عن الاكتشافات الجديدة يوميًا في هذا القطاع، ورغم أن هذه المعلومات في غالبيتها متاحة مجانًا عبر موقع الوكالة والمجلات البحثية التابعة لها، فإن فهمها ليس أمرًا يسيرا ويحتاج في أوقات كثيرة لمعلومات مسبقة عن الفضاء.
وهنا يأتي دور روبوت الدردشة المعتمد على الذكاء الاصطناعي والذي أعلنت عنه مايكروسوفت بالتعاون مع الناسا تحت اسم "إيرث كوبايلوت" (Earth Copilot)، إذ تم تزويد هذا الروبوت بكافة المعلومات المتاحة في الوكالة عن الفضاء ليصبح من السهل على الروبوت ترجمتها وفهمها وإعادة شرحها وتقديمها بشكل مناسب لكافة فئات المجتمع. ويشار إلى أن حجم هذه المعلومات يتخطى 100 بيتابايت، أي أكثر من 100 ألف تيرابايت من المعلومات المتاحة عن الفضاء.
الإعلان عن النموذج الجديد جاء من خلال تدوينة رسمية نشرتها مايكروسوفت، وفيها أوضحت أن النموذج الجديد متصل مباشرةً بقاعدة البيانات الموجودة لدى الناسا، وأن البيانات الموجودة فيه يتم تحديثها باستمرار، وأشارت إلى كون النموذج مخصصا للاستخدام من كافة فئات المجتمع، سواءً كانوا باحثين في الجامعات أو حتى تلاميذ المدارس.
وأضاف تايلر برايسون نائب الرئيس الأول لقطاعات الصحة والقطاع العام بالولايات المتحدة لدى مايكروسوفت، أن البيانات الموجودة في النموذج تشمل درجات حرارة المحيطات والأوضاع الجوية، فضلًا عن التغييرات في مسطح الأرض والكواكب المحيطة بنا.
آلية استخدام مبسطةوأوضح بيان مايكروسوفت أن النموذج مصمم للاستخدام بكل سهولة ويسر، إذ يمكن الوصول إلى كافة المعلومات والتفاصيل داخله عبر توجيه أوامر مباشرة وسهلة إلى النموذج على شكل الأسئلة المعتادة، مثل درجة حرارة المحيطات، وتأثير الاحتباس الحراري على المسطحات المائية حول العالم وهكذا.
البيانات الموجودة داخل النموذج متاحة للوصول من كافة بقاع العالم لكافة الفئات المختلفة وبلغة سهلة وبسيطة تشبه آلية استخدام "شات جي بي تي"، بالطبع لم يكن الوصول إلى هذه النتيجة يسيرًا، والسبب وراء ذلك هو حجم البيانات الضخمة المتوفرة لدى وكالة الناسا.
لذلك احتاج المشروع لنموذج ذكاء اصطناعي قادر على التعامل مع البيانات الكبيرة، والبحث فيها بسرعة وتبسيطها، فضلا عن قوة حوسبية خارقة للخوادم، وهو ما توفره خوادم "مايكروسوفت أزور" السحابية.
ويعد المشروع جزءًا من مساعي الناسا ضمن مبادرة العلوم المفتوحة وإتاحة المعلومات والبيانات لجميع المستخدمين في جميع الأوقات بشكل يسير وسريع دون الحاجة إلى اكتساب خبرة معرفية مسبقة حول هذا النموذج.
ويتيح النموذج أيضًا تصوير البيانات وبناء رسوم بيانية واضحة لشرحها وتبسيط الوصول إليها من أجل تلبية احتياجات المستخدمين في مختلف القطاعات، وتعد هذه الميزة إحدى أهم مزايا تقنيات اللغة العميقة لنماذج الذكاء الاصطناعي.
مرحلة متقدمة في الاختباراتما زال النموذج في الوقت الحالي يخضع لاختبارات مكثفة في معامل التصور والاستكشاف وتحليل البيانات المعروفة باسم "فيدا" (VEDA) والتابعة لوكالة الناسا، وذلك من أجل التأكد من جودة المعلومات الناتجة ومطابقتها للمعلومات الأصلية التي تم تزويد النموذج بها بشكل مسبق.
ويعني هذا أن النموذج ليس متاحًا بعد للاستخدام العام حول العالم، ولكن من المتوقع أن يكون متاحًا في وقت قريب كون عملية الاختبارات وصلت المرحلة النهائية.
استخدام مبتكر للذكاء الاصطناعيرغم أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث العلمية ليس أمرا جديدًا بشكل كامل، فإنه من النادر رؤيته يستخدم بهذا الشكل في تحويل مكتبة البيانات الواسعة لدى وكالة الناسا لتصبح سهلة الوصول للمستخدمين.
وفي حال نجاح نماذج الذكاء الاصطناعي في هذا الأمر، يصبح من الممكن للمطورين تكرار هذه التجربة مع كافة المكتبات الواسعة والقديمة حول العالم، فتخيل مثلًا أن يتم تحويل مكتبة "الإسكندرية" أو "الفاتيكان" إلى نموذج ذكاء اصطناعي قادر على الإجابة على أي سؤال مهما كان، فضلًا عن تحويل المؤلفات العلمية للباحثين إلى نماذج يمكن التفاعل معها بكل سهولة ويسر.
ما زال الذكاء الاصطناعي قادرًا على تقديم العديد من التجارب الناجحة في مختلف قطاعات العلوم، وإعلان مايكروسوفت الجديد يؤكد على وجود مجالات لم يقتحمها بعد الذكاء الاصطناعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی ذکاء اصطناعی عن الفضاء من أجل
إقرأ أيضاً:
كيف غيّر الذكاء الاصطناعي حياة المكفوفين في جامعة باريس؟
في حرم لوي براي الجامعي في باريس، تعمل نحو خمس عشرة شركة ناشئة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، على تحسين الحياة اليومية لمليوني شخص يعانون إعاقات بصرية، كأن يعثروا بسهولة على مقعد شاغر في الحافلة أو أن يقرأوا اللافتات في الشارع.يقول المشارك في تأسيس شركة «إيزيموب» روبن لو غال في حديث إلى وكالة فرانس برس في المعهد الوطني للشباب المكفوفين (INJA) الذي يضم قسماً من الحرم الجامعي الذي افتُتح مطلع ديسمبر 2024، إنّ «هدفنا هو جعل مدينة الغد في المتناول».
ويوفّر التطبيق الذي ابتكرته «إيزيموب» ويغطي أربع مناطق فرنسية (من ليون إلى جزيرة ريونيون في المحيط الهندي) ويستخدمه حالياً 12 ألف شخص، ميزات كثيرة بينها تحديد موقع أبواب المركبات، ومواقف السيارات الشاغرة، وحتى عدّ التوقفات عن طريق تنبيه المستخدمين عند نزولهم.
ويقول روبن لو غال «في الواقع، إذا صعد شخص ما إلى الحافلة، يُدرك بالضبط أين عليه الجلوس أو ما إذا كان هناك مقعد شاغر، ويُصدر التطبيق صوت تنبيه وإشارة اهتزازية في حال وجود مقعد شاغر».
ويضيف «لقد دمجنا خوارزمية ذكاء اصطناعي تُحلل الصورة وتُحدد مواقع البنية التحتية الرئيسية للنقل، مثل بوابات دوارة وأبواب ومقاعد. يسمع المستخدم مثلاً أن الباب مفتوح على بُعد خمسة أمتار اتجاه معيّن».
ويستضيف مجمع لوي براي 17 شركة ناشئة تسعى إلى هدف واحد هو «تطوير حلول ملموسة»، على ما يؤكد مديره تيبو دو مارتيمبري، وهو أيضا من ذوي الإعاقة البصرية.
ويضيف «لسنا مستشفى، بل تركز الأبحاث هنا على تحسين الحياة اليومية للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية والمكفوفين: كيف سنُسهّل عليهم التنقل، وكيف يُمكنهم شراء الخبز بأنفسهم، أو الذهاب إلى السينما، أو مشاهدة مباراة كرة قدم. الأمر كله يتعلق بعدم الإقصاء وبسهولة الوصول».
- قراءة لافتات الشوارع -
بدأ عدد من هذه الشركات الناشئة يحقق شهرة على غرار «آرثا فرانس». يشكل جهازها الذي فاز بمسابقة «ليبين» للابتكار عام 2024، نظارة مزوّدة بكاميرا صغيرة تنقل البيانات البصرية إلى أحاسيس لمسية عبر حزام قطني.
تُترجم الصور التي تلتقطها الكاميرا، بفضل حزام قطني في ظهر المستخدم، إلى نبضات تُمكّن الشخص ضعيف البصر أو المكفوف من إدراك بيئته بدقة أكبر، على ما يوضح المشارك في تأسيس الشركة لوي دو فيرون لوكالة فرانس برس.
ويضيف أن «الذكاء الاصطناعي يتيح إعادة إنتاج كل عمليات معالجة الصور التي يُجريها الدماغ». وبالمثل، «نستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً لتمكين الشخص من قراءة لافتات الشوارع. وهذه ميزة مطلوبة بشدة من المكفوفين».
وبالإضافة إلى تحسين الحياة اليومية، تسعى الشركات الناشئة إلى تسهيل إتاحة الأنشطة الثقافية والترفيهية. تبتكر شركة «غيف فيجن» البريطانية الناشئة خوذ رأس قائمة على الواقع المعزز تُتيح لمَن يعانون ضعاف بصر «تجربة حدث رياضي من قُرب».
في حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول مديرة تطوير الأعمال الفرنسية في الشركة الناشئة سيسيه دوكوريه التي تعاني من إعاقة بصرية، «هناك أجهزة كثيرة في فرنسا مصممة للمكفوفين، مزودة بأجهزة لوحية تعمل باللمس وميزات صوتية، ولكن حتى اليوم لا يوجد أي جهاز مخصص لمَن يعانون ضعفا في البصر».
وتضيف «إذا لم تكن لدينا معدات، فسنرى أشخاصا يركضون، لكننا لن نتمكن من تحديد هوية الفريق، سواء كانوا رجالاً أم نساء. من المهم أن نكون جميعاً على قدم المساواة».
وبحسب التقديرات الرسمية، يعاني نحو 1.7 مليون شخص في فرنسا من إعاقة بصرية، من بينهم أكثر من 200 ألف كفيف.