في العام الماضي قصصت عليكم أصدقائي الاعزاء (رحلتي الطويلة في البحث عن العلاج) عبر سبعة حلقات ، و اليوم إسمحوا لي أن أبدأ معكم حكاية جديدة في تجربتي مع السفر بعد مرور أكثر من 19 شهر على إندلاع حرب مليشيا الدعم السريع المتمردة المجرمة على الدولة السودانية أصوِّر لكم فيها مدى المعاناة التي تواجه المسافرين عبر ولايات لا توجد فيها المليشيا و تعتبر آمنة !!
أما الولايات التي تتواجد فيها المليشيا فهذه قصة أخرى سأحكيها بإذن الله على ألسنة بعض من خاضوا التجربة !!
(السَّفرُ قِطعةٌ منَ العذابِ يمنَعُ أحدَكم طعامَه وشرابَه وثوبَه ونومَه فإِذا قضَى أحدُكُم نَهمَتَه منْ سَفَرِهِ فلْيَعْجَلْ إلَى أهلِهِ)
إستحضرت هذا الحديث الذي اتفق على نصه الراويان أبو هريرة و عبد الله بن عمر رضي عنهم أجمعين و أنا أسافر في رحلة من ولاية القضارف عبر ولاية كسلا و مروراً بتقاطع هيا جنوب ولاية البحر الأحمر ثم عطبرة بولاية نهر النيل إلى مروي !!
إمتدت رحلتي هذه إلى 36 ساعة مثلت بالفعل قطعة من العذاب !!
الرحلة بدأت منذ السادسة صباحاً موعد الحضور إلى الميناء في السوق الشعبي بمدينة القضارف و الذي كان مزدحماً للغاية حيث يتواجد فيه آلاف المسافرين و المقيمين حوله من الذين أجبرتهم الحرب إلى مغادرة مدنهم و قراهم في ولايتي الجزيرة و سنار بالإضافة إلى مئات (الرِكِّيبة) و السماسرة الذين يقابلون المسافرين من مسافات بعيدة و يتعلقون بالسيارات و (الركشات) التي تقلهم طمعاً في الحصول على لقمة العيش من خلال توصيلهم إلى المكاتب التي يعملون معها ، و قد علمت من أحدهم بأنهم يتحصلون على ما يتراوح بين (3 – 5) ألف جنيه مقابل كل راكب ، و للأسف فإن بعض هؤلاء أطفال جزء منهم يعملون أيضاً في (درداقات) نقل الأمتعة معظمهم تركوا قاعات الدرس بسبب تعطل الدراسة خلال السنوات الماضية بدءاً من 2020 و حتى يومنا هذا ، و بعضهم أجبرتهم الظروف الإقتصادية و ظروف الحرب للذهاب إلى المدارس التي فتحت أبوابها قريباً في الساعات الأولى من اليوم الدراسي ثم الإنتقال إلى السوق بعد العاشرة للعمل !!
عند السادسة و النصف صعدنا إلى البص لتبدأ سلسلة من الإجراءات :
ـ تسجيل أسماء الركاب
ـ الحصول على تصريح اللجنة الأمنية
ـ الحصول على تصريح شرطة المرور
ـ إصطفاف طويل للبصات في انتظار الخروج من الميناء
في السابعة و 45 دقيقة خرجنا من الميناء و توجه بنا البص إلى محطة وقود تقع على الطريق القومي جوار (موقف الشوك) حيث استغرقت عملية تعبئة الوقود حوالي نصف ساعة ، و اصطفت البصات مرة أخرى في انتظار التجميع و تحرك (الطوف) و خلال فترة الإنتظار هذه و بواسطة شرطة المرور بعد شكوى بعض المسافرين تم إنزال جميع (ركاب المدرجات) الذين يدفعون نصف قيمة التذكرة و يذهب العائد إلى السائق و المضيف كدخل إضافي ، ركاب المدرجات و الممشى صحيح أن ظروفهم أجبرتهم على اختيار هذه الطريقة للسفر و لكنهم في الواقع يعانون كثيراً و يضايقون أصحاب المقاعد من المسافرين .
عند الثامنة و 45 دقيقة تحرك الطوف الذي تكون بعد تجميع عشرات البصات بعضها قادم من كوستي و ربك و بعضها من المناقل و البعض الآخر من سنار بالإضافة إلى البصات المنطلقة من القضارف و هي جميعها متجهة إلى مدن (كسلا ـ بورتسودان ـ عطبرة ـ مروي ـ الدبة ـ دنقلا ـ أمدرمان) .
أواصل بإذن الله
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
16 نوفمبر 2024
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
كابوس لوجستي..أمريكي يزور جميع بلدان العالم للتأقلم مع الوسواس القهري
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عانى كاميرون مفيد من اضطراب الوسواس القهري (OCD) منذ طفولته، لكن ساعده السفر حول العالم على التأقلم مع ذلك.
وجد مفيد، وهو من مدينة سان دييغو الأمريكية، أنه كان يُعيد تشغيل المحادثات في ذهنه، ويُحللها بشكلٍ مُفرط، أو يشعر بحاجة كبيرة إلى الشعور باليقين.
لكن الشعور "بالتحرّر" الذي رافقه عند ركوب طائرة والسفر إلى وجهة جديدة جعله يؤمن بأنّه يستطيع "التعايش مع عدم اليقين".
قال مفيد لـCNN : "يتغذى اضطراب الوسواس القهري على التحكم في بيئتك، وروتينك، ونتائجك، لكن عندما تُواجه حدودًا فوضوية، أو تنام على الأرض، أو تُحاول فهم الأمور في بلدان لا تتحدث لغتها، كل هذه الأمور تُجبرك على التخلي عن السيطرة. إنه أمر مُزعج، ولكنه مُحرِّر في الوقت ذاته".
هدف ضخمذَكَر مفيد أنّ الحالة النفسية التي يعاني منها، وتُعرِّفها "مايو كلينك" بأنّها "نمط من الأفكار والمخاوف غير المرغوب فيها تُعرف بالهواجس"، يمكن أن تهيمن على أفكاره وأفعاله بطرق مُرهقة ويصعب تفسيرها، إذ قال إنّ "السفر أصبح طريقتي للتأقلم. كان مهربًا في البداية، لكنه تحول لاحقًا لشكلٍ من أشكال الشفاء".
من ثمّ حوّل السفر الشاب إلى مُحطم أرقام قياسية عالمية، إذ خطرت له فكرة السفر إلى جميع دول العالم أثناء التعامل مع اضطراب الوسواس القهري خلال جائحة "كوفيد-19".
في أبريل/نيسان عام 2025، أكمل الأمريكي، وهو من أصول إيرانية ومصرية، رحلته لزيارة جميع الدول والأقاليم الـ 195 المُعترف بها من قِبل الأمم المتحدة، بعد أن سافر على متن طائرة إلى كوريا الشمالية مع بعض أصدقائه المُقربين.
أوضح مفيد أنّ قرار زيارة جميع الدول كان بمثابة طوق نجاة خلال فترة عصيبة عندما كان اضطراب الوسواس القهري لديه "خارجًا عن السيطرة".
وقال: "كنتُ أستخدم حاسوبي وأبحث عشوائيًا عن عدد الأشخاص الذين زاروا جميع الدول".
سرعان ما أدرك أن الرقم القياسي العالمي المُسجّل في موسوعة "غينيس" كأصغر شخص يُنجِز هذا المغامرة كان بحوزة شاب يبلغ من العمر 21 عامًا، لكنه كان مؤهّلًا لتجاوز الرقم القياسي المُعتمد من منصة " NomadMania" على الإنترنت، والتي تشترط التفاعل مع السكان المحليين وزيارة معالم ثقافية أو جغرافية في كل دولة حتى تُحتسب ضمن الإنجاز.
شعرَ مفيد، الذي عمل سابقًا في مجال التسويق، بالإلهام، فأنشأ شركةً لتسويق الفعاليات لكسب ما يكفي من المال لتحقيق هدفه، ومَنَح نفسه مهلةً مدتها ثلاث سنوات لبدء التحدي.
"كابوس لوجستي"أنشأ مفيد "جدول بيانات ضخمًا" ضمّ تفاصيل لا حصر لها للرحلات الجوية والمسارات العديدة الممكنة، بالإضافة إلى التأشيرات العديدة التي سيحتاج إلى الحصول عليها.
وصف الشاب الأمريكي الأمر بـ"كابوس لوجستي"، موضحًا أنّه اختار مجموعة الرحلات الجوية والمسارات "التي كانت الأنسب من الناحية المالية".
بدأ مفيد رحلته بالدول المحيطة بأوروبا، إذ اعترف بأنّه أراد أن يصل تدريجيًا إلى "الدول شديدة الخطورة"، من خلال البدء بالدول التي يشعر براحة أكبر في السفر إليها.
بهدف خفض التكاليف قدر الإمكان، استخدم مفيد الحافلات الليلية، وأقام في أماكن سكن منخفضة التكلفة.
خلال زيارته إلى نيجيريا، الدولة رقم 115 ضمن قائمته، في يناير/كانون الثاني من عام 2023، زار الأمريكي قرية عائمة تُدعى "ماكوكو"، وتأثر بتجربته للغاية لدرجة أنه أسّس منظمة غير ربحية تُدعى "Humanity Effect"، لدعم الأطفال في المجتمع.
لم تخلُ رحلته من التحديات بالتأكيد.
بعد سفره إلى الجزائر على سبيل المثال في أبريل/نيسان من عام 2024، أصابه مرض شديد لدرجة أنّه لم يستطع النهوض من سريره لمدة 15 ساعة.
يُقر مفيد بأنّ هذه كانت على الأرجح اللحظة الوحيدة خلال الرحلة التي فكّر فيها جديًا بالاستسلام.
النجاحات والإخفاقات