فيديو التحرش بطفل يعيد نقاش التربية الجنسية في مدارس المغرب
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
أثار انتشار فيديو لحادثة تحرش جنسي بطفل قاصر بأحد الشواطئ جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي بالمغرب، معيدا مطالبات إدراج التربية الجنسية ضمن المناهج الدراسية.
ووثقت كاميرا أحد المنتجعات بشاطئ مدينة الجديدة، وسط البلاد، الحادثة والتي يظهر فيها شخص قيل إنه يرأس منظمة رياضية تنظم رحلات تخييم للأطفال، وهو يداعب طفلا قاصرا بطريقة غير لائقة، بالقرب من أطفال آخرين.
وأوقف الأمن المغربي المتهم الذي يبلغ من العمر 57 سنة، من أجل شبهة الإتجار بالبشر وهتك عرض قاصر، وفتح بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة لتحديد الأفعال الإجرامية المنسوبة إليه، حسبما نقلته وسائل إعلام محلية.
وأعادت هذه الحادثة طرح نقاشات حول قضايا الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وخاصة الإجراءات الكفيلة بحمايتهم من الوقوع ضحية للاغتصاب والتحرش، وتحصينهم من السلوكيات التي قد تشكل خطرا عليهم، وذلك مع تجدد دعوات تربية وتوعية الطفل داخل البيت وبالمدرسة بـ"تربية جنسية سليمة وشاملة".
"طريق طويل"وربطت فعاليات ناشطة في مجال حماية حقوق الطفل بين "خضوع" الطفل الصغير لسلوكات البيدوفيلي، وعدم إصداره "أي رد فعل" حسب ما يظهر في الفيديو المنتشر، بعدم وعيه بحجم شناعة أفعال المعتدي، ما يستدعي بحسبها تزويد الأطفال والشباب بالمعارف والمهارات والقيم التي تساعد على حماية صحتهم وسلامتهم الجنسية.
محمد الطيب بوشيبة، المنسق الوطني لجمعية "ماتقيش ولدي" (لا تلمس طفلي) يقول إن المشاهد التي نقلها الفيديو "صادمة ومؤلمة"، غير أنها "ليست مفاجئة في ظل تكرر حالات الاعتداء الجنسية على الأطفال، والتي تكشف الطريق الطويلة التي ما تزال أمامنا نحو بناء مجتمع آمن لأطفالنا".
ويضيف الناشط الحقوقي في تصريح لموقع "الحرة"، أن الحادثة الأخيرة "تذكير جديد بالحاجة الملحة لاتخاذ خطوات جدية وجريئة من أجل حماية الأطفال ضد الاعتداءات الجنسية"، مؤكدا أن التوعية الجنسية بالمدارس ومختلف مراكز التنشئة الاجتماعية، "من الطرق الأساسية لمواجهة هذه الاعتداءات".
وكشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة "ليكونوميست" المغربية مع مؤسسة الأبحاث "صونيرجيا"، عام 2018، أن 55 بالمئة من المغاربة يرغبون في إدراج تلك المادة في البرامج التعليمية بالمدارس.
وسبق لوزارة التربية الوطنية بالمغرب أن وزعت قبل عدة أعوام كراسات للتربية الجنسية على المدارس على أساس أن تكون مادة اختيارية، لكنها لم تعتمد كمادة أساسية منذ ذلك الحين، ولم يتم إدراجها في المقررات الدراسية.
في هذا السياق، يشير الناشط الحقوقي إلى دعوات المنظمات الحقوقية والمدنية العاملة في مجال حماية الطفولة منذ سنوات لإدراج التربية الجنسية في المدارس، غير أنه يبرز أن هذا المطلب يواجه "مقاومة ورفضا من الأطياف المحافظة بالمجتمع".
التجاذبات والتقاطب التي تثيرها مسألة إدراج التربية الجنسية بالمؤسسات التعليمية، مردها وفق المتحدث، "سوء فهم" الأطراف الرافضة لغايات هذه الخطوة، والتي من شأنها أن تنعكس بشكل إيجابي على تنشئة ووعي أفراد المجتمع وحماية الأطفال من الجرائم الجنسية التي يروح ضحيتها العشرات سنويا.
ّ"في غاية الأهمية"من جهته، يرى رئيس منظمة "منتدى الطفولة"، عبد العالي الرامي أن التوعية الجنسية للأطفال "في غاية الأهمية بل وجوهرية"، مشددا على ضرورة "التطرق إلى خطورة هذه الأفعال وجسامتها في المقررات الدراسية وفي العملية التعليمية بمختلف مراحلها".
ويلفت الرامي في تصريح لموقع "الحرة" إلى أن بعض المقررات تتضمن دروسا يمكن أن تدخل في إطار التربية الجنسية، ولكنها تحت تسميات مختلفة وتبقى غير شاملة ولا كافية، ما يستدعي "تأطير تلك الدروس وتطويرها".
وفي مواجهة ما اعتبره الناشط المدني "التحفظ" الذي قد يثيره مفهوم التربية الجنسية لدى بعض الأسر المغربية، يقترح المتحدث ذاته تسمية "التربية الحياتية" التي ستهدف إلى تمكين الأطفال مجموعة من المفاهيم "لتأهيلهم لحماية أنفسهم ولفهم أن جسدهم مقدس ولا يجوز أن يلمسه أي كان"، وذلك عبر توظيف أساليب وطرق تعليمية تساعدهم على الفهم.
وإلى جانب العملية التوعية، يشدد الرامي على ضرورة تشديد العقوبات على المتورطين في قضايا الاعتداءات الجنسية ووضع الحد لإمكانية تنازل أولياء أمور الضحايا القاصرين عن ملاحقة الجناة، لا سيّما في ظل الاصطدام بإشكالية إثبات الجرم الذي يجعل المتهم يتملص من العقاب.
في السياق ذاته، يدعو الناشط المدني إلى تجاوز ما يصفها بـ"حالة الصمت والتكتم في طرح موضوع العنف الجنسي ضد الأطفال بالمجتمع"، مشددا على وجوب فتح نقاش موسع، بين مختلف المتدخلين القانونيين والأمنيين والسياسيين".
ويضيف الرامي أن على الأسر أن تكون أيضا على درجة عالية من اليقظة والمراقبة ومفاتحة أبنائهم في مثل هذه المواضيع، عن طرق الحماية والتبليغ في حالة التعرض لأي سلوك غير عادي من طرف أي شخص آخر، إضافة إلى مراقبة استعمالهم لمنصات التواصل الاجتماعي التي أصبحت بحسبه "ملاذا لعدد من المتحرشين للتغرير بالقاصرين واستغلالهم وابتزازهم".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
روايتان متناقضتان تشعلان غضب المغردين في ليبيا.. كيف مات المريمي حقاً؟
وبدأت القضية باختطاف مُعلن، وانتهت بموت مثير للتساؤلات، وأشعلت نقاشاً واسعاً عن ممارسات الأجهزة الأمنية وحقوق الناشطين السياسيين في البلاد، كما أثارت تساؤلات عميقة عن مصداقية الروايات الرسمية المتضاربة للحادث.
كان المريمي من أبرز الوجوه الناشطة سياسياً في غرب ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، وقاد الحراك السلمي والمظاهرات للمطالبة بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي وصفها بالعاجزة عن تلبية احتياجات المواطنين.
وأكسبته رسائله عبر حساباته على منصات التواصل الاجتماعي قاعدة واسعة من المؤيدين، لكنها في الوقت نفسه جعلته في مرمى النقد والمتابعة من الجهات الرسمية.
وكان المريمي من أشد المنتقدين لقرار تسليم الحكومة الليبية عمه أبو عجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2022 على خلفية قضية تفجير طائرة لوكربي في أسكتلندا عام 1988، وهو الأمر الذي زاد من حدة خطابه ضد السلطات الحاكمة.
وبدأت القضية يوم الخميس الماضي، عندما أعلنت مديرية أمن صرمان عن خطف مجهولين الناشط المريمي، وذلك بعد العثور على سيارته مركونة على الطريق العام بالمدينة، وداخلها ابنتاه الصغيرتان في حالة جيدة.
وأثار هذا الإعلان الرسمي عن "الاختطاف" تساؤلات فورية عن طبيعة العملية وهوية الخاطفين، حينها تحرك حقوقيون وأفراد عائلة المريمي وطالبوا بتوضيح ملابسات اختطافه والكشف عن مصيره.
لكن المفاجأة جاءت في اليوم التالي، عندما أصدر مكتب النائب العام الليبي بياناً مفاجئاً أوضح فيه، أن وفاة المريمي جاءت بعد التحقيق معه وقرار الإفراج عنه، مؤكداً أنه أثناء انتظار إخطار ذويه لاصطحابه، "اتجه إلى الخروج وقفز عبر الفراغ بين الدرج حتى الطابق الأرضي، ما نجم عنه إصابات تطلبت إيواءه في المستشفى" حيث فارق الحياة.
إعلانولكن الأمور تعقدت أكثر عندما قدم جهاز الأمن الداخلي، التابع لحكومة الوحدة الوطنية، رواية ناقضت صراحة رواية النيابة العامة.
تناقض صارخ
وأكد الجهاز أن النيابة العامة لم تفرج عن المريمي كما ادعت، بل قررت تمديد حبسه ستة أيام على ذمة التحقيق، وأثار هذا التناقض الصارخ بين روايتين رسميتين موجة من الشكوك في مصداقية كلا الطرفين.
في محاولة لتعزيز روايتها ودرء الشكوك المتزايدة، نشرت النيابة العامة فيديو لكاميرات المراقبة تدعي أنه يوضح ما جرى مع المريمي في لحظاته الأخيرة.
غير أن هذا الفيديو، بدلاً من أن يحسم الجدل، أثار تساؤلات جديدة عن ظروف الحادثة وطبيعة ما جرى فعلياً.
وأبرزت حلقة (2025/7/7) من برنامج "شبكات" إجماع مغردين على أن الرواية الرسمية تحتوي على ثغرات كبيرة وتناقضات واضحة تستدعي التساؤل والتحقيق. بينما ركز آخرون انتقاداتهم في محورين أساسيين: التشكيك في إجراءات الاعتقال والاحتجاز، والتساؤل عن مصداقية رواية "الانتحار" أو "القفز العرضي".
وطرح المغرد طارق لملوم تساؤلات جوهرية عن قانونية العملية برمتها، وغرد مستفسراً: "كيف يمكن لجهاز يدعي أنه حكومي ويتبع المعايير القانونية في طبيعة الاحتجاز أن يعتقل الأب ويترك أطفاله معرضين للخطر، بل كيف يتم القبض عليه بوجود أطفاله وعدم تسليمهم بأمان لذويهم؟"
وفي الإطار نفسه، أثار الناشط أحمد تساؤلاً عن التناقض في الرواية الرسمية، وغرد: "إذا كان من الأول ليس به أي أذى، لماذا لم يطلق سراحه مباشرة؟ لماذا انتظار ذويه لاصطحابه؟ هذا دليل على أنه تم تعذيبه وعدم قدرته على السيطرة على نفسه".
ومن زاوية أخرى، ركز المغرد محمد على التحليل الدقيق لفيديو كاميرات المراقبة، وعبر عن شكوكه: "ركز في وضعية القفز وقياس المسافة بين الدرج ثم وضعية السقوط رأسي وليست أفقي، السقوط يكون أفقيا وليس على الوجه أو الرأس، وثانياً لماذا رجال الداخلية يركضون خلفه من بعد السلام مباشرة قبل سقوطه؟".
عدم تصديق
وبنبرة ساخرة تعكس عدم تصديق الرواية الرسمية، علق الناشط خليفة: "حتى في الأفلام الهندية يتحشموا يقولوها، ما بالك مكتب النائب العام، واحد أفرجت عليه وينقز من الدور الثالث! أملا كان حكموه شن يدير؟ لا هذي وسعت منكم هلبا".
ومن جهتها حاولت الناشطة سارة تبرير موقف السلطات أو التشكيك في نوايا المريمي نفسه، وكتبت: "الشخص هذا عليه مليون إشارة استفهام وفيه من وراه من يستعمل فيه، لكن المفروض محاكمته بتهمة إثارة الفتنة والفوضى، هالأشكال يحسبوا نفسهم يقدروا يديروا ما يبوا".
من ناحيتها، التزمت حكومة الوحدة الوطنية صمتاً مطبقاً، ولم تصدر أي بيان رسمي بشأن اختطاف المريمي ووفاته في ظروف غامضة بعد الاحتجاز، وهو ما فسره كثيرون محاولة لتجنب تحمل المسؤولية أو الإقرار بأي خطأ في التعامل مع القضية.
وفور انتشار نبأ الوفاة، شهدت العاصمة طرابلس ومدينة الزاوية احتجاجات غاضبة للمطالبة بكشف الحقيقة وتحميل الحكومة المسؤولية عما جرى.
وعلى الصعيد الدولي، سارعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى التعبير عن قلقها العميق من الحادثة، وطالبت السلطات الليبية بفتح تحقيق "شفاف ومستقل" في احتجاز المريمي الذي وصفته بـ"التعسفي"، وفي مزاعم تعرضه "للتعذيب"، وكل الظروف المحيطة بوفاته.
إعلان 7/7/2025-|آخر تحديث: 21:07 (توقيت مكة)