حينما كانت إسرائيل تستعد لتنفيذ هجوم ضد إيران في أكتوبر الماضي، أجرى وزير خارجية الأخيرة عباس عراقجي، زيارات مكوكية لعدة  دول عربية، في محاولة لضمان عدم دعمها لإسرائيل في هجماتها ضد بلاده، وذلك ضمن استراتيجية تأرجحت بين التودد والتهديد.

حينها، أشارت تقارير صحفية إلى أنه بالتوازي مع تلك الزيارات، و"التقارب" مع السعودية، والتصريحات من الحكومة الجديدة في طهران عن التعاون مع دول المنطقة والبحث عن الهدوء، فإن إيران وجهت تهديدات واعتبرت أن من سيدعم إسرائيل في ضرباتها ضد إيران، "سيكون شريكا لها".

وسبق أن استهدفت إيران عبر وكيلتها في اليمن، جماعة الحوثي، أهدافا مدنية وعسكرية ونفطية في السعودية خلال السنوات الماضية، وكان للإمارات نصيب من تلك الهجمات أيضًا، قبل أن تهدأ الأمور في اليمن في ظل محاولات الوصول لاتفاق بين الحوثيين والرياض.

ومع عودة الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية، واستمرار التوتر بين طهران وإسرائيل، تحدث موقع "الحرة" إلى محللين بشأن طبيعة استراتيجية إيران ومساعيها لضمان عدم انخراط دول المنطقة، وخصوصا السعودية، في أي أعمال تعتبرها معادية لها خلال الفترة المقبلة.

تهديدات و"تطمينات"

قال الخبير في الشؤون الإيرانية، جعفر الهاشمي، إن هناك مؤشرات تدل على أن "استراتيجية النظام الإيراني في التعامل مع دول الجوار، وخصوصا الدول الخليجية، هي استراتيجية عكسية، فكلما اشتد عليه الخناق من الغرب سعى لخفض التصعيد وشراء ودهم، وكلما تنفس الصعداء من الضغط الغربي راح يصعد نحوهم".

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤول كبير ودبلوماسي إيرانيين، في أكتوبر، أن طهران "حذرت الرياض من أنها لا تستطيع ضمان سلامة منشآت النفط في المملكة، إذا حصلت إسرائيل على أي مساعدة بتنفيذ هجوم ضدها".

وفي هذا السياق، رأى المحلل اليمني فارس البيل، أن "مهمة الحوثيين العسكرية هي ابتزاز دول الخليج والسعودية بالتحديد، ولتحقيق الأهداف الاستراتيجية لإيران". 

وأضاف في تصريحات للحرة، أن هذه "الاستراتيجية لن تتغير، حتى لو أظهرت طهران في مرحلة ما عكس ذلك".

فيما أشار الهاشمي للحرة، إلى أن إيران "تحاول أحيانا أن تجعل الدول العربية وسيطا مع الغرب لتخفيف التوتر، ولو اطمأن الغرب، تبدأ طهران بابتزاز الجيران وفرض الواقع الذي ترغب فيه".

والشهر الماضي، أعلنت السعودية أنها أجرت في بحر العرب مناورات عسكرية مشتركة مع عدة دول، من بينها إيران.

هل تقطع إيران "أذرعها" مقابل العرض السعودي؟ في خطوةٍ متقدمة على خط العلاقة المستجدة بين الرياض وطهران كشفت وكالة "بلومبيرغ" عن تفاصيل عرضٍ قدمته السعودية لإيران يقوم على معادلة من شقين، بأن تمنع الأخيرة وكلائها الإقليميين من توسيع الصراع الدائر في غزة مقابل حصولها على استثمارات اقتصادية وتجارية.

وتبع ذلك زيارة من رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية، فيّاض بن حامد الرويلي، إلى إيران على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.

وحول مساعي إيران لـ"تحييد" السعودية ودول المنطقة في أي صراع مع إسرائيل أو توتر مع الدول الغربية، قال الكاتب والمحلل السعودي، سعد الحامد، إنه "لا يتفق" مع هذا التوجه.

وأوضح للحرة: "إيران تبحث حاليا عن درع لها أمام الولايات المتحدة وإسرائيل وتعوّل على علاقات السعودية وأميركا في نزع فتيل أي حرب أو ضربات ضدها، ولا يخفى ما تواجهه من وضع هش داخليا ومخاوف النظام من أي ضغوط مقبلة"، لافتا إلى أن دول المنطقة "لا ترغب في صدام مباشر بين إسرائيل وإيران على حساب الاستقرار والأمن الإقليمي".

تفادي حرب شاملة

دعا ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إسرائيل إلى "احترام سيادة إيران" والامتناع عن مهاجمة أراضيها، خلال كلمته في افتتاح أعمال قمة عربية إسلامية في الرياض.

بناء على التطورات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، ذكر تقرير لوكالة رويترز، أن "القلق الرئيسي بالنسبة لإيران الآن هو إمكانية تمكين ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من ضرب المواقع النووية الإيرانية، وتنفيذ اغتيالات وإعادة فرض سياسة الضغط القصوى".

ونقلت الوكالة عن مسؤولين إيرانيين وعرب وغربيين توقعاتهم بأن يمارس ترامب "أقصى قدر من الضغط على المرشد الإيراني علي خامنئي، للاستسلام من خلال قبول اتفاق احتواء نووي، بشروط يحددها هو وإسرائيل".

وواصل الحامد حديثه للحرة، بالقول إن إيران تسعى في هذه المرحلة إلى "تغيير سياستها الخارجية في ظل مخاوفها من عودة ترامب، الذي أثر وضغط بشكل كبير عليها، ويستطيع التأثير على الداخل الإيراني نتيجة سياسة الضغط القصوى".

واعتبر أنه "لا يوجد ما يسمى تحييد للمنطقة، لأن دولها ترغب بالفعل في أن تكون حيادية بعدما أدركت الدرس جيدا، ولا ترغب في إقحام نفسها في صراع مباشر، أو إشعال حرب إقليمية".

"زيارة نادرة".. رئيس أركان الجيش السعودي إلى إيران أعلنت طهران أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية الفريق الركن فيّاض بن حامد الرويلي، يزور إيران اليوم الأحد، على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.

مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية في لندن، علي نوري زاده، رأى أن "النظام الإيراني استفاد كثيرا من المصالحة مع السعودية، بينما لا تزال الحرب في اليمن قائمة.. فالحوثي يواصل أعماله في المنطقة، ناهيك عن عدم تقديم طهران لتنازلات في لبنان أو غزة".

وأوضح في تصريحات سابقة لقناة الحرة، أن "أول شيء على إيران أن تفعله لتعزيز الضمانات بعلاقاتها مع السعودية ودول المنطقة، بأن تتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية".

وكان التقارب السعودي الإيراني قد بدأ بوساطة صينية في مارس 2023، بعد 7 سنوات من القطيعة.

ترامب وإيران

كان الرئيس الأميركي المنتخب ترامب، قد أكد في أكتوبر الماضي، أن "على إسرائيل ضرب المنشآت النووية في إيران"، ردا على هجوم أطلقته الأخيرة على إسرائيل في الشهر ذاته.

لكنه في نفس الوقت، أكد بشكل متكرر أنه سيمنع الحروب في المنطقة، بوصوله إلى البيت الأبيض. كما يتضح من ترشيحات أفراد إدارته أن التوجه سيكون قويا ضد إيران.

ورأي الهاشمي في حديثه للحرة، أن "إيران تمر حاليا بمنعطف خطير، وتدرك بأنها وصلت إلى نقطة حرجة، وأن هناك خيارين أمامها أحلاهما مر، الأول هو الحفاظ على نفس مستوى مشروع توسعها، مما قد يؤدي إلى اقتلاع نظامها نتيجة عقوبات شديدة وضربات عسكرية من شأنها إضعاف قبضتها الداخلية".

أما الخيار الثاني، فهو "أن تقدم تنازلات، من بينها القبول مثلا بأن يكون حزب الله حزبا سياسيا فقط"، وفق الهاشمي.

السعودية وإيران.. صفحة جديدة أم تنافس مستمر؟ في حلقة اليوم من برنامج حديث الخليج، نتناول التقارب السعودي الإيراني بعد سنوات طويلة من القطيعة والعداء.
تقارب بوساطة صينية في ظل ظروف جيوسياسية متوترة، تزامنًا مع بداية عهد إدارة أميركية جديدة تسعى لتحقيق السلام في المنطقة. لكن يبقى السؤال: كيف ستؤثر هذه الخطوة على موازين القوى؟ وأين تقف طهران في هذه المعادلة؟

وأشار أيضًا إلى أن ترامب إذا قرر "حشر إيران في زاوية ضيقة، فربما يتسبب ذلك في انهيار نظامها، وحينها ستسعى لتفعيل كل ما بوسعها، من تغيير عقيدتها المتعلقة بمشروعها النووي وتفعيل أذرعها في المنطقة، مهما كانت النتائج".

من جانبه، رأى البيل أنه "حتى لو كان هناك توافق مع دول الخليج والغرب، وتوصلت إيران إلى تسويات معهم أو حتى مع إدارة ترامب الجديدة، فإنها (طهران) ستنقلب عليها في اللحظة التي ترى أنها تخدم أهدافها".

وأوضح للحرة: "لا يمكن القول إن إيران ستتوقف عن حلمها بالتوسع والسيطرة ما لم تتغير تماما، أو القول إن الحوثيين سيصبحون مسالمين وسيتوقفون عن استهداف الخليج، إلا بتغير النظام الإيراني".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: دول المنطقة فی المنطقة إلى أن مع دول

إقرأ أيضاً:

تصعيد غربي ضد إيران أمام الوكالة الذرية وعراقجي يرد

تعتزم الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الأوروبيين تقديم مشروع قرار إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأسبوع المقبل، يتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها النووية، وسارعت طهران بالتهديد برد قوي على أي انتهاك لحقوقها.

ووفقا لمصادر دبلوماسية، فإن القرار الذي ستقدمه كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، يستند إلى تقرير حديث للوكالة أشار إلى "نقص عام في التعاون" من جانب إيران. وأضافت المصادر أن الدول الغربية قد تلجأ إلى إحالة الملف إلى مجلس الأمن الدولي إذا لم تُبدِ طهران "حسن نية" خلال الفترة المقبلة.

ويأتي هذا التحرك في ظل تصاعد التوترات بشأن برنامج إيران النووي، الذي تؤكد طهران أنه مخصص لأغراض سلمية، بينما تتهمها الدول الغربية بالسعي لتطوير سلاح نووي.

وفي السياق ذاته، أفادت مصادر دبلوماسية بأن التصويت على مشروع القرار سيُجرى في اجتماع مجلس محافظي الوكالة في فيينا يوم 11 يونيو/حزيران الجاري، بهدف "زيادة الضغط" على إيران.

عراقجي: أوروبا على وشك ارتكاب خطأ إستراتيجي آخر وطهران سترد بقوة (رويترز) الرد الإيراني

وتعليقا على ذلك، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن أوروبا على وشك ارتكاب خطأ إستراتيجي آخر، وإن طهران سترد بقوة على أي انتهاك لحقوقها، مشددا على أنه بدلا من التعامل بحسن نية تختار الترويكا الأوروبية اتخاذ إجراءات مغرضة ضد إيران بمجلس محافظي الوكالة.

إعلان

واعتبر عراقجي أنه بعد سنوات من التعاون الجيد مع الوكالة الذرية تُتهم بلاده زورا بعدم الامتثال وانتهاك اتفاقية الضمانات عبر تقارير مسيسة يهدف إلى افتعال أزمة.

وكان المدير العام للوكالة الذرية رافائيل غروسي كشف في تقرير سري -أعدته الوكالة بطلب من مجلس محافظيها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- أن إيران قامت سابقا بأنشطة نووية غير معلنة استخدمت فيها مواد نووية في 3 مواقع لا تزال قيد التحقيق، إلى جانب مواقع أخرى محتملة، في إطار ما وصفه التقرير بأنه "برنامج نووي منظم غير معلن" استمر حتى أوائل العقد الأول من القرن الـ21.

وأوضح التقرير أن إيران زادت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، مشيرا إلى أن مخزونها من هذا النوع بلغ نحو 409 كيلوغرامات -بزيادة بنسبة تقارب 49% منذ تقرير فبراير/شباط الماضي- وهي كمية كافية لتصنيع سلاح نووي في حال تم تخصيبها إلى مستوى 90%.

لكن إيران رفضت تقرير الوكالة الأخير، واعتبرته "مناورة سياسية"، متهمة إسرائيل بتزويد الوكالة بمعلومات "غير موثوقة ومضللة"، مؤكدة عدم وجود أي مواقع أو أنشطة نووية غير معلنة، وشددت على أنها ستتخذ "التدابير المناسبة"، ردا على أي محاولة لاتخاذ إجراءات ضدها خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة.

ترقب إسرائيلي

وفي سياق متصل، ذكرت موقع أكسيوس الأميركي -نقلا عن مسؤولَين إسرائيليَّين على اطلاع بهذا الشأن- أن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بأنها لن تستهدف المنشآت النووية الإيرانية ما لم تفشل الجهود الدبلوماسية الجارية، في إشارة إلى المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران بوساطة عُمانية، التي تهدف إلى التوصل لاتفاق يحد من تخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات.

وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة توترا متصاعدا على خلفية حرب الإبادة الإسرائيلية المستمر على قطاع غزة، وسط مخاوف من اتساع رقعة التصعيد.

إعلان

مقالات مشابهة

  • إيران ترفع نبرة التهديد قبل اجتماع وكالة الطاقة الذرية
  • إيران تهدد بتقليص التعاون مع الوكالة الذرية إذا صدر قرار ضدها
  • 4 سيناريوهات محتملة لمفاوضات نووي إيران
  • اليمن في مواجهة إسرائيل .. استراتيجية الردع والتحرير
  • البرلمان الإيراني: احتياطيات طهران من اليورانيوم المخصب لن ترسل إلى الخارج
  • طهران: العقوبات الأمريكية تؤكّد عداء عميق تجاه الشعب الإيراني
  • أخبار العالم | إسرائيل ترفض مقترح بشأن تخصيب اليورانيوم الإيراني .. ترامب يهدد بعقوبات غير مسبوقة على روسيا.. واستشهاد العشرات في خان يونس
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على إيران
  • إسرائيل.. أحزاب “الحريديم” تواصل التهديد بحل الكنيست وإسقاط الحكومة
  • تصعيد غربي ضد إيران أمام الوكالة الذرية وعراقجي يرد