أطل الجنرال بكامل بزته العسكرية، تعويضا لظهوره الأول بعد الحرب والذي بدا فيه لا يمت للهيبة العسكرية بشيء، في محاولة بائسة لاستدرار تعاطف المواطنين الذين خذلهم الجيش في انهاء الحرب في (سويعات)! وليت الجنرال لم يطل! وظل في حيرته وتوهانه، إذ لم يحدث الشعب عما أذا كانت الحرب ستستمر ام لا؟ وهل الجيش بعد تجربة الأدلجة والتمكين قادر علي دحر قوات الدعم السريع؟ وهل الجيش يحتاج الى استنفار وتجنيد المواطنين للحرب ام هي مؤامرات وفتن الاخوان؟ عوضاً عن ذلك حدثنا بالأسطوانة المشروخة، عن العمالة، وخيانة وبيع الوطن، لشعب عرف من هم العملاء والخونة وصناع المليشيات طوال الثلاثين عام.
ولذلك فإن الشعب لم يترقب في بيان البرهان غير بصيص امل في الأمان لأهله وعرضه وماله. وللأسف عجز البرهان في ظهوره الإعلامي حتى عن منافسة خصمه في حسم أمره في توحيد خطابه الإعلامي. بل فشل في الاتيان بحيثيات تطمئن الشعب بان الجيش له خطط واضحة المعالم، واختفي الخبراء الاستراتيجيون الذين كانوا مثار تندر في اطلالاتهم الاعلامية، واستند علي الصحفيين والإعلاميين الذين يقتفون اثر موائد الجنرالات في السلم والحرب، لا ينتصرون للحق، وانما يعزفون لحن العاطفة الوطنية ابان الدفاع الشعبي سابقاً والاستنفار حالياً!
ثم أعقب السيد مالك عقار بيانه، الذي زاد من تعقيد المشهد السياسي المعقد بطبعه، مؤكدا للجنرال والاخوان المسلمين انه نائب رئيس مجلس سيادة مطيع، حتى ينجو من مصير الأول (المتمرد) متناسيا ان الذين يتكسب رضاهم اقاموا عليه في السابق حروب جهادية، مات فيها مقاتلين من الطرفين وكذلك من المواطنين الأبرياء كثر.. وحين كان من المغضوب عليهم، كان اسمه المتمرد الخائن مالك عقار، وتم هدر دمه ودماء جميع أعضاء الحركة الشعبية وقتها، لذلك كنا نرجو بفعل تلك التجارب السياسية، ان يكون خطاب عقار حكيما، حاذقاً، فهو يعلم خبايا الانقلابيين الذين وضع ايديه معهم، متنكراً لشعارات ثورة ديسمبر التي رفعت عن كاهلهم تهم العمالة الدولية، وبيع الوطن، والخيانة، والتمرد وغيرها من التهم التي نُعت بها الدعم السريع! ومجددا فشل عقار في اسداء النصح للذين أملوا عليه البيان، من واقع تجربته السابقة في (التمرد) في ان الحروب تقود في نهاياتها الي طاولة المفاوضات، ولذلك يحتاج من الخصمان الاعتراف ببعضهما البعض في ندية تقود الي إيقاف إطلاق الرصاص وقصف المواطنين، والتفاوض حول إيجاد حلول تحفظ سلامة الوطن وتحقن الدماء، لكن عقار لم يوضح كيفية ان يكون هنالك جيش واحد للبلاد! في ظل هذه الأوضاع الشائكة! بين خصمين كانا بالأمس القريب يتبادلان التحية العسكرية ويتقاسمان السلطة والثروة.
ثم كيف يتمكن عقار المقاتل السابق، من قيام انتخابات، وحكومة تسيير اعمال في البلاد، وهو لا يجد السبل الصحاح مع الخصم في وقف الاقتتال، ويستعدي جميع الأحزاب السياسية، ولا يبرئ غير عضوية المؤتمر الوطني من الاخوان المسلمين، الذين يقرعون طبول الحرب ويرفضون جميع حلول السلم، ينظمون في صفوفهم بقيادات هاربة من السجون تطمح في عودتهم للسلطة، اَمنيين من العقوبة على جرائمهم؟! ثم كيف يستطيع عقار نائب رئيس مجلس السيادة الذي تم تعيينه ابان الحرب، بقرار احادي من البرهان ورهطه، ان يسوق المواطنين الي صناديق اقتراع وهم بلا مساكن ولا يجدون وسيلة لإطعام اطفالهم وعلاج جرحاهم أو دفن موتاهم؟! الا إذا كان عقار يردد اماني الاخوان المسلمين في الفوز في انتخابات ينادون اليها منذ قيام ثورة ديسمبر!
بعد هذين البيانين لا تزال هنالك ضبابية في خارطة الطريق، وليس هنالك وضوح للسبل التي تقود لحل سلمي يشمل جميع الأطراف الداعية لإيقاف الحرب، او تأكيد علي ان الدولة لها جيش قوي سوف ينهي الحرب لصالحه، وأسئلة أخري متراكمة في هل سوف ينجح الجنرال ونائبه في لجم دعوات الحرب! وهل حياة المواطنين في الحرب أولوية؟ وكيف السبيل لمعالجة مشكلة فتح مسارات الدعم الإنساني؟ وما بال أمور النازحين؟ ام ستظل البلاد في نفس دائرة التخبط السياسي، وكل الفرقاء في انشغال بالانتقام، وتصفية الحسابات السياسية بينهم، تاركين أعداء ثورة ديسمبر يعملون على شيطنتها ومحاولة طي صفحات بسالتها ومطالبها في العدالة!!
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: ثورة دیسمبر
إقرأ أيضاً:
الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
???? الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة وكأن شيئاً لم يكن؟
⭕قضية توقيف عزيزة داؤود كاتيا، التي تشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالإنابة، ليست مجرد حادثة عابرة أو خبر أمني روتيني؛ إنها قنبلة انفجرت في قلب ولاية الجزيرة، وكشفت حجم الاختراق الذي تعرّضت له مؤسسات الدولة خلال فترة سيطرة المليشيا، والأخطر من ذلك: عودة بعض رموز تلك المرحلة إلى مواقع حساسة دون مراجعة أو محاسبة.
⭕المدعوة عزيزة داؤود لم تكن موظفة عادية؛ فقد شغلت منصب وزيرة الزراعة بحكومة المليشيا أثناء احتلالها لولاية الجزيرة، وبعد تحرير ود مدني، وعودة الحكومة الشرعية، لم تكتفِ المتهمة بالعودة إلى الخدمة، بل صعدت سريعاً إلى رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالإنابة.
⭕ظهورها في تسجيل مرئي بمنطقة الحلاوين برفقة “صديق مويه” والي حكومة الجنجويد في تلك الفترة كان دليلاً دامغاً على تعاونها، خصوصاً بعد اعترافها بعملها ضمن مشاريع الولاية خلال فترة سيطرة المليشيا.
⭕ بناءً على معلومات دقيقة ورصد ميداني، تمكنت الخلية الأمنية المشتركة من مداهمة موقع المتهمة والقبض عليها، وفتح بلاغات تحت المواد:
26 – 50 – 51 – 65 – 186
وهي مواد تتعلق بالتعاون مع العدو وتقويض النظام والإضرار بأمن الدولة.
⭕هذه الخطوة تُحسب للأجهزة الأمنية التي بدأت أخيراً في تنظيف المؤسسات من العناصر التي تسللت إليها مستندة إلى الفوضى التي أحدثتها المليشيا في فترة سيطرتها.
⭕ السؤال الأخطر… كم من امثال “عزيزة كاتيا” ما زال في مواقع الدولة؟،
القضية لا تقف عند حدود شخص واحد، فالشارع في الجزيرة وفي السودان كله يدرك تماماً أن عشرات وربما مئات المتعاونين الذين خدموا المليشيا وعملوا تحت إدارتها عادوا الآن إلى مكاتبهم، يمارسون وظائفهم كأن شيئاً لم يحدث.
⭕زملاؤهم في المؤسسات الحكومية يشاهدونهم يومياً، وفي قلوبهم حسرة على أن هؤلاء لم يشملهم التحقيق أو المحاسبة بعد، بعضهم معروف بالاسم، وبعضهم ظهر في فيديوهات وصور موثقة، لكنهم لا يزالون في مواقع تخولهم الاطلاع على ملفات الدولة والتأثير على القرارات، وربما تسريب المعلومات.
⭕فتح هذا الملف لم يعد ترفاً سياسياً، بل أصبح ضرورة أمن قومي، مؤسسات الدولة لن تستعيد عافيتها ما لم يتم تنظيفها من كل من تعاون مع المليشيا، سواء شارك مباشرة أو قدم خدمات.
⭕هذا واجب الأجهزة الرسمية، لكنه أيضاً واجب المواطنين ، التبليغ، الشهادة، تقديم المعلومات … كلها أدوات ضرورية لإغلاق هذا الباب الذي تسلل منه الخطر سابقاً، وقد يتسلل منه مرة أخرى إذا تساهلنا اليوم.
✒️ غاندي إبراهيم
Promotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/12 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة الفيل … وضل الفيل2025/12/12 اتجاهات حكومية: ما بين الانتقال ومنع الصيانة2025/12/12 حديث كرار عن الاستنفار والمقاومة الشعبية حديث كاذب2025/12/12 (تقوية الجبهة الوطنية)2025/12/12 التآمر الناعم2025/12/11 حوار مع صديقي المصري عاشق السودان2025/12/11شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات نسمع ضجيجاً ولا نرى 2025/12/11الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن