خبير سياسيات دولية: عدم تحرك أمريكا لضرب الإرهابيين في سوريا أمر مثير للقلق
تاريخ النشر: 6th, December 2024 GMT
قال الدكتور أشرف سنجر خبير السياسات الدولية، إنّ عدم تحرك الولايات المتحدة الأمريكية لضرب الإرهابيين في سوريا أمر مقلق، موضحا «موقفها في غاية العجب، وأحد كتاب واشنطن بوست قال إن الصراع بين القوى العظمى جعلها تترك الحرية للجماعات الإرهابية في سوريا».
الجماعات الإرهابية تنظر لمصالحها فقطوأضاف «سنجر»، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي محمد عبد الرحمن، عبر قناة القاهرة الإخبارية: «أفكار الإرهابيين مسمومة هدفها إسقاط الدولة السورية، وهل زيادة عدد تلك الجماعات في سوريا تخدم أجندة معينة؟ أمريكا أضعفت الجيش السوري، ولكن الجماعات الإرهابية تنظر لمصالحها الخاصة، فقد استخدمتها الولايات المتحدة في صراعها مع روسيا ثم انقلبت عليها».
وتابع خبير السياسات الدولية: «هناك 900 عنصر أمريكي موجودين على قطعة أرض سورية قريبة من الحدود الأردنية لا يتحركون ولا يقومون بعمليات بالتنسيق مع الروس، وهناك حديث عن سحب روسيا الـ5 قطع البحرية من طرطوس».
روسيا في حالة ترقبوذكر أن الموقف الروسي عليه علامة استفهام أكبر من الموقف الأمريكي، فيما يتعلق بالتعامل مع هذه الجماعات الإرهابية، فهناك احتمال بأن تكون روسيا لا تريد تفتيت قواها في ظل صراعها مع أوكرانيا، فهي مستنزفة بشكل مؤلم، والقلق من الوضع هناك بدأ يجعل الروس في حالة ترقب كبير.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سنجر خبير سوريا أمريكا روسيا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
من يمنح الإرهابيين تأشيرة عبور؟
خلف كل طلقة رصاص قاتلة، ومتفجرات تُزرع، ودماء تُهدر، ودعوات تحريضية مضلِّلة تنتشر، هناك عقل خفي يُخطط، وراعٍ يُموّل، وغطاء يحمي.
التنظيمات الإرهابية، مهما بلغت من تطرف ووحشية، لا يمكن أن تنمو أو تنتشر من تلقاء نفسها، فهي بحاجة إلى تمويل، وحماية، وإيواء. من يُحرّك الزناد ليس سوى أداة، أما العقل المدبّر، فهو من يقف في الكواليس، يوجّه ويوفّر المنابر، ويُغذّي ماكينة الكراهية والتحريض.
عضو التنظيم الإرهابي ليس هو ذاك الذي نراه يلوّح بسلاحه، أو يتبجّح في مقاطع الفيديو المموّلة، أو يتراقص فرحًا بفيديو مفبرك يستهدف التحريض على الفوضى والخراب والدمار، بل هو مجرد مُجند، دمية تُحرّكها أيادٍ خفية تعرف جيدًا كيف تُخفي بصماتها.
العقل المدبّر هو من يستقبل هؤلاء في مطاراته دون مساءلة، ويمنحهم إقامات استثنائية في لمح البصر، ويوفر لهم مساكن، ودراسة، وتأمينًا صحيًا، ووظائف. ثم يتظاهر بالالتزام بمنظومة حقوق الإنسان، ويدّعي الدفاع عن مظلومين، أو يروّج لمزاعم حماية الديمقراطية واحتضان فكر "مضطهد"، بينما يقف من وراء الواجهة فرحًا بجرائمه.
المُموّل الحقيقي ليس بالضرورة هو من يدفع نفقات التهريب أو يزوّد الجماعات بالسلاح، بل هو من يُدير منظومة كاملة: من شركات وهمية، إلى شبكات غسل أموال، إلى واجهات إعلامية، تحت شعارات براقة مثل "نصرة القضايا القومية" أو "دعم الحريات"، بينما تُدار الحرب بالوكالة لنهب خيرات الدول وإضعاف مؤسساتها.
الإرهابي الأخطر لا يسكن الكهوف، بل المكاتب الفارهة. لا يتحدث بلغة الدم، بل بلغة القانون الدولي وحرية التعبير. لكنه، بتواطؤ مقصود، يغُض الطرف عن الشبكات الرقمية التي تحتضن صفحات الكراهية، وتصنع الشائعات، وتقود حملات منسقة للفوضى.
إنه من يملك مفاتيح المنصات، ويتركها مفتوحة على مصراعيها أمام حملات التحريض الممنهج، ويُمكّن أدوات التضليل من العمل على أراضيه، ويتذرع بسياسات "الحياد المزيف".
في ساحة أخرى من ساحات الفوضى، تتكرر الجريمة بثوب مختلف. الإساءة إلى رؤساء الدول، والتشهير بالقادة والمسؤولين، وتحويل الشخصيات العامة إلى مادة للتجريح، ليست تعبيرًا عن "النقد الحر"، بل أداة ممنهجة لإسقاط الرموز وتشويه صورة الدولة.
والفاعل هنا ليس صاحب الحساب المأجور الذي يطير فرحًا ببضعة دولارات، بل من يموّله، ويزوّده بالأدوات، ويهيّئ له المنصات، ويدعمه بسياسات ناعمة ومحيط إعلامي متكامل.
التنظيمات الإرهابية لا تتحرك في فراغ، بل تمتلك قنوات إعلامية متكاملة: استوديوهات، بثًا مباشرًا، حملات ترويج، ومنصات تُعيد تدوير خطاب الكراهية. فهل يمكن لكيانات مطاردة أن تُدير مثل هذه الإمبراطوريات؟ بالطبع لا.
من يمنحها هذا النفس الطويل، ويمدّها بالتمويل، والتقنيات، والحماية، هو جهة تملك نفوذًا وتدير أجندات تتجاوز الحدود.
السؤال الذي يتجاوزه الكثيرون: من يفتح للإرهابيين أبواب التنقّل من دولة إلى أخرى؟ من يسهّل عبورهم رغم قوائم الحظر والمراقبة؟ الإرهابي لا يتحرك بمفرده ولا يتسلل كأشباح. بل هو جزء من منظومة محمية، يُرفع اسمه من قواعد البيانات، وتُمنح له التأشيرات في دقائق.
من يتحكم في المعابر، ويُخفي الملفات، ويقدّم التسهيلات.. .هو من يزعم محاربة الإرهاب بينما يمهد له طريق العبور أو ينقله إلى دولة أخرى عند الضرورة.
"الأمير والمرشد" الحقيقي للتنظيمات الإرهابية ليس ذلك الذي يطلّ من مخبئه بعمامة وخطاب تكفيري مُضلل، بل من يحتضن تلك التنظيمات ويمنحها مظلة الأمان، ويتقن إخفاء نواياه خلف ابتسامة السلام والسلمية، بينما يمدّها بأدوات الحرب.
الإرهاب لا ينمو في فراغ، بل يتغذّى في أحضان ناعمة تُجيد التخفي خلف الخطابات الدبلوماسية.
المأوى هنا لا يعني بيتًا أو سقفًا، بل يعني غطاءً سياسيًا، وشرعية قانونية، ومنابر إعلامية مفتوحة.هذا هو الأوكسجين الذي تتنفسه تلك التنظيمات، ويُبقيها على قيد الحياة رغم كل محاولات الحصار والملاحقة.
التنظيمات الإرهابية، مهما بدت شرسة، تظل كيانات هشّة لا تملك مقومات البقاء بمفردها. فهي لا تعيش إلا في المياه الملوثة التي تُفرزها بعض الدول تحت شعارات الحرية والنفوذ الجيوسياسي.
لذلك، فإن الحرب على الإرهاب لا يجب أن تُوجّه نحو الرصاصة، بل إلى اليد التي أطلقتها، والعقل الذي خطّط، والفراش الذي منحه دفء الأمان.
تجفيف منابع الإرهاب لا يعني فقط وقف التمويل المالي أو ملاحقة العناصر الإجرامية، بل يعني مواجهة صريحة مع من يحرك هذه المنظومة.
وإذا كانت العلاقات الدبلوماسية تقف حائلًا، فعلى الأصوات الوطنية أن تقوم بواجبها في فضح أصحاب الأدوار الخفية، وتُسمي الفاعل الحقيقي الذي يطلق الرصاص ويوجه منصات التضليل.
نحن لا نحارب أشباحًا، بل نواجه منظومة كاملة تُخفي الإرهاب تحت عباءتها، وتُجيد التلاعب بخطاب مكافحة التطرف. والانتصار الحقيقي لا يبدأ من مطاردة الأدوات، بل من إسقاط القناع عن الفاعل الحقيقي، وكشف من يرعى، ويموّل، ويوجّه من خلف الستار.