توجّهت روسيا قبل أيام بالشكر لدولة قطر، وذلك لمحاولتها استضافة مفاوضات من أجل حلّ النزاع في أوكرانيا. كما أكدت في الوقت نفسه أنّ الحديث المتواتر عن عقد جلسة مفاوضات في هذا التوقيت "لا أساس له حتى الآن".
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف كشف في حديث لصحيفة "إزفستيا" الروسية يوم الأربعاء الفائت، أنّ موقف موسكو "ثابت" بخصوص أيّ محادثات تخصّ الشأن الأوكراني.
مساعي قطر لفضّ النزاعات حول العالم ليست وليدة اللحظة، فللدوحة باع طويل في مجال الوساطات، وقد سجّلت أكثر من نجاح في أكثر من ملف حول العالم: مثل الملف الأفغاني وكذلك الملف اللبناني (عام 2008). كما بذلت جهودا جبارة (وما زالت) من أجل حلّ أزمة الأسرى الإسرائيليين لدى حركة "حماس" في قطاع غزة.
استطاعت الدوحة أن تُرسي السلام في أماكن معيّنة، وتمنع تفاقم النزاعات المسلحة في أماكن أخرى. كما سبق لها أن توسّطت بعودة العديد من الأطفال الأوكرانيين إلى بلادهم، من بين الذين نُقلوا إلى روسيا بعيدا عن منطقة الصراع منذ بداية الحرب.
ويبدو أن روسيا لا تعارض تدخل الوسيط القطري في هذا الملف، لكن للكرملين اعتبارات مختلفة، إذ سبق وأكد مرارا أنّه لن يفاوض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي ما لم تتخلَ كييف عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتسحب قواتها من الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية حاليا.
لكن يبدو أنّ وراء الأكمة ما وراءها، فقد سبق وأن أظهرت موسكو امتعاضها من سلوك السفير الأوكراني لدى قطر أندري كوزمينكو، إذ تتهمه بتحريض دول مجلس التعاون الخليجي ضدها. تقول موسكو إنّ السفير الأوكراني يحاول خلق صورة سلبية عن روسيا في تعاطيها مع المسلمين، فيسعى إلى إثارة الكراهية العرقية بين شعوب جمهورياتها، من خلال اتهام العسكريين الروس بارتكاب جرائم ضد المسلمين، إضافة إلى اتهام موسكو بـ"تحويل المسلمين في أوكرانيا إلى أهداف" نتيجة القصف المكثف من قبل القوات الروسية.
في نظر موسكو، فإنّ كييف تروّج لهذه التصريحات "الكاذبة" من خلال وسائل الإعلام الموالية للغرب، بما في ذلك صفحات التواصل الاجتماعية والرسائل النصية الفورية.
وعليه، ترفض هذه التهم جملة وتفصيلا، وتصرّ على أن جميع أهداف الجيش في أوكرانيا هي أهداف عسكرية محضة. كما تقول دوائر القرار في الكرملين إنّ كييف تتناسى أنّ المسلمين في أوكرانيا هم أقلّ من مليون مسلم، وبرغم ذلك لا تحترم تقاليدهم، حيث لا يستطيعون ممارسة شعائرهم الدينية في سائر أوكرانيا بحرية. كما تتهم الإدارة الدينية لمسلمي أوكرانيا بأنّها "لا تسعى إلى الترويج للدين الإسلامي ودعم المسلمين، بقدر محاولة تجنيد المسلمين في القوات المسلحة الأوكرانية، التي تتزايد خسائرها العسكرية في الميدان يوما بعد آخر.
بينما تؤكد روسيا أنّها "دولة متعددة الأديان والأعراق"، وينمو فيها الإسلام بشكل مضطرد، حيث يلقى الدعم من مؤسسات الدولة والإدارات الرسمية وحتى من القيادة السياسية. هناك في روسيا، يعيش ممثلو جميع الأديان في سلام ووئام، ولا يتم تقسيم سكان روسيا حسب الجنس أو الدين.. فالجميع يتمتعون بالحقوق والفرص متساوية نفسها. كما تذكّر بأنّها "رأس حربة" في الدفاع عن القيم العائلية واحترام الدين، وتقدس زيادة معدل الولادات ومستوى المعيشة في البلاد.
وعاد الحديث عن محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا إلى دائرة الضوء مؤخرا، تحديدا بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وسبق أن قال ترامب إنّه سينهي الحرب في أوكرانيا لكنّه لم يعلن على التفاصيل. كما استعرت النقاشات حول الملف الأوكراني ربطا بالأحداث التي عصفت في الشرق الأوسط، وخصوصا في سوريا، التي سقط فيها نظام بشار الأسد وسط ترقّب روسي وعدم حماسة لإنقاذه على غرار ما حصل في العام 2015.
ويبدو أنّ الأيام المقبلة قد تكون حُبلى بالأحداث السياسية والعسكرية المتسارعة، كما لا يبدو أنّ تكون نهاية الملف الأوكراني بعيدة عن تلك الأحداث وإفرازاتها ونتائجها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات روسيا قطر قطر روسيا اوكرانيا مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
عاجل. زيلينكسي: الهجوم على روسيا الأحد هو "الأبعد مدى" من جانب أوكرانيا
زعمت أوكرانيا تنفيذ هجوم جوي "واسع النطاق" إستهدف قاعدة عسكرية روسية في عمق سيبيريا. ونقل مصدر في جهاز الأمن الأوكراني أن العملية استهدفت أكثر من 40 طائرة، بينها قاذفات استراتيجية من طرازَي "تو-95" و"تو-22". اعلان
أعلن جهاز الأمن الأوكراني (أس بي يو) الأحد أن الهجوم بالمسيّرات الذي نفّذه ألحق أضرارًا بالطيران العسكري الروسي تقدّر كلفتها بسبعة مليارات دولار، وطال ما نسبته 34 بالمئة من القاذفات الروسية الاستراتيجية التي تحمل صواريخ كروز.
وكتب الجهاز عبر تلغرام: "7 مليارات دولار: هذه هي الكلفة المقدّرة (لخسائر) الطيران الاستراتيجي للعدو الذي ضُرب اليوم في العملية الخاصة لأس بي يو" والتي حملت اسم "شبكة العنكبوت".
وأكدت روسيا الأحد "اندلاع النيران" في عدد من طائراتها العسكرية، جراء هجوم واسع بمسيّرات أوكرانية، مشيرة إلى توقيف مشتبه فيهم على علاقة بالهجوم.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في رسالة عبر تطبيق تلغرام، "في منطقتي مورمانسك وإيركوتسك، اشتعلت النيران في عدّة طائرات بعد إطلاق مسيّرات من منطقة مجاورة مباشرة للمدرجَين"، مضيفة أنّ هذه الهجمات لم تسفر عن سقوط ضحايا، بينما تمّ توقيف "مشاركين".
وفي وقت سابق، كشفت مصادر في جهاز الأمن الأوكراني، الأحد، أن كييف نفّذت عملية عسكرية "واسعة النطاق" استهدفت الطيران الروسي بعيدًا عن خطوط الجبهة، حيث أصابت قاذفات استراتيجية متمركزة في قاعدة "بيلايا" الجوية الواقعة في منطقة إيركوتسك بشرق سيبيريا، على مسافة تزيد عن 4200 كيلومتر من الحدود الأوكرانية.
ووفقًا للمصدر الأمني، فإن العملية التي تنفذها أجهزة الاستخبارات الأوكرانية تهدف إلى "تدمير قاذفات معادية بعيدة المدى تُستخدم في شنّ هجمات صاروخية على الأراضي الأوكرانية".
وأوضح أن الضربة استهدفت أكثر من 40 طائرة، بينها قاذفات استراتيجية من طرازي "تو-95" و"تو-22"، ما أدى إلى اندلاع حريق في المطار العسكري المستهدف. ولم يتسنّ التحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة حتى اللحظة.
Relatedروسيا وأوكرانيا تتبادلان المئات من أسرى الحرب ضمن المرحلة الثانية من اتفاق اسطنبولبوتين يطرح معادلة السلام: أوكرانيا خارج الناتو وروسيا بلا عقوباتروسيا تحقق في "أعمال إرهابية" بعد تفجير جسرين قرب الحدود الأوكرانيةوفي تطور ميداني متصل، أعلنت السلطات الروسية، صباح الأحد، فتح تحقيقات في "أعمال إرهابية" عقب انهيار جسرين في منطقتي كورسك وبريانسك المحاذيتين لأوكرانيا خلال ليل السبت – الأحد. ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن المتحدثة باسم لجنة التحقيق الروسية، سفيتلانا بيترينكو، تأكيدها تصنيف الحادثين كأعمال إرهابية.
وفي خضم هذا التصعيد، توجه وفد روسي رسمي إلى مدينة إسطنبول التركية، حيث من المقرر أن تُعقد جولة جديدة من المحادثات مع الجانب الأوكراني، الإثنين. وأكدت وكالة "تاس" الروسية نقلاً عن مصادر مطلعة أن "فريق التفاوض الروسي غادر إلى إسطنبول".
في المقابل، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن وفد بلاده المفاوض سيكون برئاسة وزير الدفاع رستم عمروف، مؤكدًا أن الجولة المقبلة ستُركّز على المطالبة بـ"وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار"، إلى جانب إعادة الأسرى والأطفال الأوكرانيين الذين تتهم كييف موسكو بنقلهم قسرًا من الأراضي الأوكرانية.
وكانت الجولة الأولى من المفاوضات بين الطرفين قد جرت في إسطنبول يوم 16 مايو/أيار الماضي، وأسفرت فقط عن اتفاق مبدئي لتبادل الأسرى. ومنذ ذلك الحين، تتواصل الجهود الدبلوماسية وسط مناخ من التوتر وفقدان الثقة المتبادل، ما يعرقل تحقيق اختراق فعلي نحو إنهاء النزاع المستمر منذ 22 فبراير/شباط 2022.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة