(CNN)—عقّب الكولونيل المتقاعد والمحلل بشبكة CNN، بيتر منصور، على التحول الذي وصفه بأكبر تغيير استراتيجي في الشرق الأوسط منذ مدة طويلة جدا، وذلك بتحول سوريا من حليف مقرب لإيران إلى عدو محتمل لطهران بعد وصول فصائل المعارضة السورية للحكم وإسقاط نظام بشار الأسد.

وأوضح منصور أن سقوط الأسد ووصل المعارضة للحكم "هو أكبر تطور استراتيجي في الشرق الأوسط منذ فترة طويلة جدًا، لقد كانت سوريا حليفة لإيران وجزءاً من محور المقاومة لسنوات، إن لم يكن لعقود، وفي غضون عشرة أيام فقط، تحولت من حاملة طائرات غير قابلة للغرق إلى دولة معادية لإيران، كما أنها قطعت اتصالات إيران مع حزب الله في لبنان، على الأقل بالروابط البرية، وهذا تطور مذهل، ومن الواضح أنه يعمل ضد المصالح الإيرانية في المنطقة".

وتابع: "من الواضح أنه تدهور محور المقاومة، لكن حزب الله ما زال موجودا، وهو لا يزال جزءا من حكومة لبنان، ولا شك أنه سيتم إعادة بناءه، ولا تزال حماس موجودة أيضاً، رغم تعرضها لأضرار بالغة، ولا يزال الحوثيون في المعسكر الإيراني، ولدى إيران بالطبع الكثير من الميليشيات التي تدعمها في العراق، لذا فإن محور المقاومة لا يزال موجودا، لكنه ليس كما كان عليه قبل عام واحد فقط، أي قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023".

من شمال شرق سوريا.. صورة جنود أمريكيين يطويون العلم بعد عودتهم من دورية بموقع قتالي بعيد للجيش الأمريكي يُعرف باسم RLZ في 25 مايو 2021 Credit: John Moore/Getty Images)

وحول توقع ما سيقوم به الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بعد توليه السلطة في يناير، قال منصور: "أعتقد أن ميله سيكون لسحب القوات الأمريكية من سوريا، قائلاً بشكل أساسي إن مهمتهم هناك قد انتهت، وهذا غير صحيح.. المهمة تتعلق بداعش، لكنه سيرى ذلك على أنه المهمة قد أنجزت بطريقة ما، ومن ثم سيعطي إسرائيل القدرة على القيام بكل ما تريد القيام به في المنطقة، لا أعتقد أنه يريد التورط، إن غرائزه تميل إلى البقاء بعيداً عن العمليات العسكرية، ويبدو أن إسرائيل تقوم بعمل مذهل في كل ما تحاول القيام به هذه الأيام. أعتقد أنه سيكون من المبالغة أن تلاحق إسرائيل البرنامج النووي الإيراني وأن تؤدي إلى نتائج عكسية. لكن هذا مطروح على الطاولة".

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الإدارة الأمريكية البيت الأبيض الجيش الأمريكي المعارضة السورية النظام السوري حصريا على CNN دمشق دونالد ترامب

إقرأ أيضاً:

لماذا يقصف نتنياهو سوريا رغم تحالف ترامب معها؟

في عالم السياسة، لا مكان للمفارقات العبثية، بل ثمة رسائل مشفرة تستدعي التفكيك، فللوهلة الأولى يبدو المشهد السوري عصيا على الفهم التقليدي: طائرات بنيامين نتنياهو تغير بوحشية وبوتيرة متصاعدة ودون ذرائع مباشرة على دولة استقبلت واشنطن رئيسها أحمد الشرع، قبل أسابيع قليلة في البيت الأبيض، بل واعتمدتها كشريك رسمي ضمن التحالف الدولي لمحاربة "تنظيم الدولة" (داعش).

إذا كانت دمشق قد تحولت -وفق المعايير الأميركية المستجدة- من خانة "محور الشر" إلى مربع "الشراكة"، فلماذا تصر تل أبيب على التعامل معها بمنطق الحرب المفتوحة؟

الإجابة تكمن في قراءة ما بين السطور: نتنياهو لا يقصف عدوا تقليديا فحسب، بل يقصف تحالفا "عربيا-أميركيا" في طور التشكل.
ولفهم أبعاد هذا التصعيد وتفكيكه منهجيا، يمكن تلخيص الدوافع الإسرائيلية في النقاط الجوهرية التالية:

أولا: قطع الطريق على مسار "التطبيع الأميركي-السوري"

يدرك نتنياهو، وهو الأطول حكما في تاريخ إسرائيل، أن الخطر الوجودي الأكبر على نفوذ دولته ليس الحرب، بل السلام الذي لا تصنعه تل أبيب وتفرضه على الإقليم وفق شروطها بعيدا عن مبدأ تقاطع المصالح.

إن التقارب اللافت والمتسارع بين إدارة الرئيس الأميركي ترامب ودمشق، وفتح قنوات اتصال مباشرة بين "البنتاغون" والمؤسسة العسكرية والأمنية السورية، يعنيان تجريد إسرائيل من ميزتها التاريخية بصفتها "الوكيل الحصري" للمصالح الغربية في المنطقة.

إن القصف الإسرائيلي هو رسالة غير مباشرة لترامب، مفادها: "لا يمكنك تجاوزي والذهاب مباشرة إلى دمشق". حيث يسعى نتنياهو لتكريس سوريا كمنطقة "غير آمنة" وغير صالحة للشراكة؛ لإجبار واشنطن على إبقاء الملف السوري رهن الرؤية الإسرائيلية حصرا.

ثانيا: نسف "البيئة الاستثمارية" لرؤية ترامب الاقتصادية

من المتعارف عليه أن الرئيس ترامب يتبنى مقاربة قائمة على الصفقات، وأن رؤيته لـ"الشرق الأوسط الجديد" -بالتنسيق مع السعودية وقطر وتركيا- تركّز بصورة رئيسية على الجوانب الاقتصادية وموارد الطاقة وخطوط النقل والتقنيات الحديثة الرقمية. هذه الرؤية تتطلب بالضرورة "سوريا مستقرة" لتكون الجسر البري الواصل بين دول الخليج، وتركيا، ومنها إلى أوروبا.

إعلان

صواريخ نتنياهو هنا بمثابة فيتو بالنار ضد هذا الاستقرار. حيث تدرك تل أبيب أن الشركات الأميركية والخليجية لن تغامر بدخول سوق تشتعل فيه النيران. القصف هو تخريب اقتصادي متعمد لإفشال خطة دمج سوريا في المنظومة الاقتصادية الإقليمية؛ لأن سوريا المزدهرة والمستقلة اقتصاديا ستكون عصية على التطويع الإسرائيلي.

ثالثا: الخشية من "ترتيبات أمنية" متكافئة

تشي التسريبات الواردة من واشنطن برغبة إدارة ترامب في صياغة ترتيبات أمنية شاملة تضمن خروج القوات الأجنبية وضبط الحدود.

بينما ترتعد إسرائيل من فكرة أن تكون سوريا طرفا في اتفاق ترعاه واشنطن؛ لأن ذلك يعني ضمنا أن أي خرق إسرائيلي للأجواء السورية سيُعد خرقا لترتيبات أميركية وهيبتها ومصداقيتها.

لذا، يسعى نتنياهو عبر هذا التصعيد الجنوني إلى تدمير أكبر قدر ممكن من قدرات الدولة السورية، وإضعاف موقفها التفاوضي، وفرض مناطق عازلة منزوعة السلاح تصل إلى دمشق كأمر واقع، قبل أن يفرض عليه ترامب "الستاتيكو" الجديد.

رابعا: تآكل الدور الإسرائيلي الوظيفي في المنطقة

يعيش اليمين الإسرائيلي هاجس فقدان الدور الوظيفي أو إضعافه، فإذا تحالفت سوريا مع السعودية وتركيا وقطر تحت المظلة الأميركية، وحاربت الإرهاب بفاعلية، فما الحاجة الإستراتيجية لإسرائيل؟، مع ارتفاع الكلفة الباهظة لهذا الدور.

يقصف نتنياهو لأنه يرى في الرئيس "الشرع" وسوريا الجديدة النقيض الذي قد يحول إسرائيل إلى مجرد دولة عادية في إقليم يعج بدول كبيرة مؤثرة إقليميا وبدون كلف. هو يقصف ليثبت أنه لا يزال اللاعب الأقوى الذي لا غنى عنه، ويهابه الجميع، حتى لو كان ثمن ذلك إغضاب سيد البيت الأبيض.

خامسا: زرع "أحصنة طروادة" في بنية الدولة الجديدة

الهدف الإسرائيلي ليس حبا في هذه المكونات، بل لضمان وجود عيون لها داخل الجسد السوري الجديد، ولتكون هذه الأطراف بمثابة "حصص إلزامية" في أي تسوية سياسية، وظيفتها الأساسية حماية المصالح الإسرائيلية، وتعطيل أي قرار سيادي مركزي قد يتخذه الحكم الجديد في دمشق، مما يبقي الدولة السورية في حالة تجاذب داخلي دائم يخدم الأمن القومي الإسرائيلي.

الخلاصة

صواريخ نتنياهو ليست موجهة لدمشق فحسب، بل هي رسائل ابتزاز سياسي لواشنطن ومحاولة هندسة خبيثة للدولة السورية، إنها محاولة يائسة من "حليف إستراتيجي قديم" لمنع صعود "شريك جديد" قد يؤثر سلبا على النفوذ الإسرائيلي في عصر التحولات الكبرى.

لكن منطق التاريخ يقول: عندما يقرر قطار المصالح الكبرى و"البيزنس" العالمي الانطلاق، فإن من يقف في وجهه سيُدهس، حتى لو كان "الابن المدلل". فهل يعي نتنياهو هذه الحقيقة، أم يتجاهلها لتكون سببا في نهايته السياسية؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يتوقع بدء المرحلة الثانية من خطة ترامب قريبًا
  • دبلوماسي فلسطيني سابق: ترامب مصمم على المرحلة الثانية رغم العراقيل وملف الضفة لا يزال محل جدل دولي
  • نتنياهو يتوقع الانتقال قريبًا للمرحلة الثانية من اتفاق غزة
  • رئيس أمريكي يحتفي بـ 5 نجوم في احتفالية 2025.. تغييرات جذرية في Kennedy Center وتكريم من العيار الثقيل
  • لماذا يقصف نتنياهو سوريا رغم تحالف ترامب معها؟
  • أمريكا:العراق المنفذ الاقتصادي والمالي لإيران وقد قرب يوم الحساب
  • مصدر لـCNN: إدارة ترامب تعتزم ترحيل المزيد من الإيرانيين إلى بلادهم الأحد
  • مسؤول أمريكي يزور الأردن وإسرائيل لبحث تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة
  • باراك يتوقع حل الملفات العالقة بين أنقرة وواشنطن “قريبا”
  • بسبب إيران.. مصدر أمريكي يكشف لـCNN انشاء سرب درون هجومي بالشرق الأوسط بعد الهندسة العكسية لمسيّرة إيرانية