قانون الدعم المصري الجديد.. توسيع للضمان أم إجحاف بالفقراء؟
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
القاهرة- تقترب الحكومة المصرية من إقرار قانون جديد هو الأول من نوعه، والذي يهدف إلى إعادة ترتيب منظومة الدعم النقدي والضمان الاجتماعي في أكبر بلد عربي تعدادا للسكان، والذي يعاني من أزمات اقتصادية طاحنة منذ سنوات.
ويهدف مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم النقدي حسب واضعيه إلى مأسسة برامج الدعم النقدي التي تقدمها الدولة في صورة نقدية بعد نحو 10 سنوات من إطلاق برنامجي "تكافل" و"كرامة" ويوحدها تحت مظلة واحدة، وتحويلها من مجرد برنامج إلى حق ينظمه القانون.
ويثير مشروع القانون -الذي وافق عليه البرلمان مبدئيا- تساؤلات جوهرية، هل سيغطي جميع الفقراء، أم أنه يترك فئة كبيرة خارج نطاق الدعم؟ وهل القيمة المادية للمساعدات المقدمة كافية لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسر الفقيرة؟
ورغم الإعلان عن أهداف القانون لتوجيه الدعم إلى مستحقيه وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية في بلد تتجاوز فيه نسبة الفقر ثلث السكان فإن هناك مخاوف متزايدة من أن يعجز هذا الإطار التشريعي عن توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة.
ويفرض القانون قيودا صارمة على الأسر الكبيرة على عكس البرنامج الحالي، إذ يحرم الأسر التي لديها أكثر من طفلين من الحصول على الدعم النقدي الكامل، الأمر يجعل القانون يبدو وكأنه أداة لضبط السياسات السكانية.
بدورها، تدافع الحكومة المصرية عن مشروع القانون الجديد، وتقول وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي إن مشروع القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، إذ يتوافق مع نصوص الدستور التي نصت على "ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توفير دعم نقدي يضمن الحياة الكريمة للأفراد والأسر غير القادرة على تحقيق دخل مناسب".
إعلانكما يهدف القانون -بحسب الوزيرة- إلى أن يكون الدعم من موازنة الدولة وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة، وإلى استدامة قدرة الدولة على دعم الفئات الأكثر احتياجا، بالإضافة إلى حوكمة الدعم والتحقق من المستحقين.
ويقدم برنامج "تكافل" دعما نقديا مشروطا موجها للأسر التي تعول أطفالا في سن الدراسة، أما "كرامة" فهو يخص الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن وأبناء الرعاية الاجتماعية، أما معاش الضمان الاجتماعي لعام 2010 فهو يقدم مساعدات شهرية أو استثنائية للفقراء.
خط الفقر وحجم الدعموتستفيد من معاش "تكافل" و"كرامة" نحو 5.2 ملايين أسرة، أي نحو 22 مليون مواطن، بمتوسط معاش شهري يتراوح بين 620 و740 جنيها (ما يعادل 14 دولارا) لكل أسرة، وفق وزارة التضامن الاجتماعي.
ويقل هذا المبلغ كثيرا عن خط الفقر الذي تشير التقديرات الحكومية الأولية ودراسة مستقلة أجرتها مستشارة الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هبة الليثي إلى أنه يبلغ أكثر من 1400 جنيه شهريا للفرد وخط الفقر المدقع البالغ 1069 جنيها شهريا.
وكان آخر إصدار للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لبحث الدخل والإنفاق السنوي في 2019-2020، وبلغ معدل الفقر 29.7%، لكن منذ ذلك التاريخ لم ينشر الجهاز أي إصدار جديد، إذ كان المفترض صدوره نهاية كل عامين.
لكن تقديرات مستشارة الجهاز المركزي تشير إلى أن نسبة الفقر ارتفعت لتصل إلى 35.7% في عام 2022-2023، وسط توقعات بزيادة هذا الرقم بعد قيام الحكومة المصرية بتحريك سعر صرف الجنيه 4 مرات منذ فبراير/شباط 2022.
في المقابل، انتقد طلعت خليل منسق عام الحركة المدنية الديمقراطية (أكبر تكتل سياسي معارض) تمرير مشروع القانون في البرلمان بصورته الحالية، وقال إن "القانون خنجر في ظهر الفقراء، ولا يتماشى تعريفه في القانون مع الفقر، ولا يوجد تحديد واضح لخط الفقر، ونراه تخليا عن دور الدولة في حماية الفقراء".
إعلانوعبّر خليل في حديثه للجزيرة نت عن مخاوفه من أن يكون القانون مقدمة لإلغاء الدعم التمويني ومنظومة الخبز في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية بالبلاد وزيادة عدد الفقراء -بمن فيهم شريحة واسعة من الموظفين- بسبب الغلاء والتضخم، بالإضافة إلى استخدامه أداة لخدمة السياسات السكانية للدولة.
وذهب إلى القول إن القانون هو مانع للضمان الاجتماعي، ولا يشمل جميع الفقراء في ظل اقتصار الدعم على عدد طفلين فقط وعدم ربط الدعم بالتضخم والتقلبات الاقتصادية ومراجعته كل 3 سنوات بدلا من عامين ووضع معايير فضفاضة لإسقاط الدعم عن الأسر الفقيرة و"بالتالي ندعو إلى عدم تمريره بالشكل الحالي".
لكن وزير الشؤون النيابية القانونية والتواصل السياسي المستشار محمود فوزي يؤكد أن "تعريف الفقر (في القانون) يتماشى مع معايير الأمم المتحدة التي تعتبر الفقر حالة من الحرمان الشديد".
وأوضح الوزير أن تحديد عدد الأبناء المستفيدين من الدعم بطفلين هو قرار مرتبط بضيق الموارد المالية، مشيرا إلى أن زيادة أي عدد تحتاج إلى إعادة دراسة من الناحية المالية.
إشكاليات تحد من فعالية القانونبدوره، يرى وائل جمال رئيس وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (مستقلة) أن المعايير الأساسية في مشروع القانون لا توفر الحد الأدنى للدخل ولا توفر مظلة شاملة لجميع الفقراء من خلال تحجيم عدد المستحقين للدعم، في حين أن الهدف من القانون هو توسيع التغطية وليس تقليصها.
وأشار جمال في حديثه للجزيرة نت إلى أنه في ظل التحديات الاقتصادية المتفاقمة محليا وعالميا -والتي أدت إلى تفاقم الفقر وانهيار مستويات المعيشة- فإن هناك حاجة ماسة إلى توسيع نطاق تطبيق القوانين التي تقدم الدعم الاجتماعي، بحيث يشمل جميع الفئات التي تعاني من الفقر والحرمان.
ولفت جمال إلى أن المشكلة الأساسية هي أن قيمة وحجم الدعم تبدو مرتبطة بقدرات الدولة المالية أكثر منها بأوضاع الفقراء على أرض الواقع، مما يجعله (الدعم النقدي) غير قادر على مواكبة التغيرات المتسارعة في الأسعار.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مشروع القانون الدعم النقدی إلى أن
إقرأ أيضاً:
نقابة العاملين بالبناء والأخشاب تعقد أولى الدورات التثقيفية عن قانون العمل الجديد
نظمت النقابة العامة للعاملين بالبناء والأخشاب، برئاسة عبد المنعم الجمل، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أولى الدورات التثقيفية عن قانون العمل الجديد، والذي أقره مجلس النواب مؤخرا.
جاء ذلك في مقر مركز التدريب المهني المتطور التابع للنقابة العامة، بحضور ممثلين عن اللجان النقابية للعاملين في عدد من الشركات التابعة لقطاع التشييد والبناء.
واستعرض الدكتور نيازي مصطفى، خبير التشريعات العمالية، تفاصيل قانون العمل الجديد، والفارق بينه وبين القانون رقم 12 لسنة 2003 وتعديلاته.
وأكد نيازي مصطفى، أن القانون الجديد، حقق العديد من المطالب والامتيازات للعاملين في القطاع الخاص، ونجح في الحد من مشكلات تطبيق القانون القديم.
وأشار إلى أن التشريع الجديد اتجه لأنماط العمل الجديدة، وهي العمل عن بعد، وما يترتب عليه من أهمية ضمان حقوق العاملين، وكذلك ضوابط الحصول على الإجازات والأجور وغيرها.
وأوضح خبير التشريعات العمالية، أن قانون العمل الجديد ركز بشكل كبير على عمليات التدريب والتأهيل، بما يساهم في رفع كفاءة الأيدي العاملة، وتأهيلها لسوق العمل بما يضمن توفير فرص حقيقية تتماشى مع التطورات الحديثة.
وأكد أن قانون العمل الجديد، يساهم أيضا في تحقيق الاستقرار الوظيفي، من خلال منع فصل العامل تعسفيا، والقضاء على إشكالية استخدام استمارة 6 التي كانت تستخدم وسيلة لفصل العاملين تعسفيا، حيث يلزم القانون أصحاب الأعمال بتوثيق جميع إجراءات التوظيف أو إنهاء الخدمة في عقود العمل الرسمية مما يمنع التحايل القانوني.
وشهدت الدورة التثقيفية، نقاشا بشأن الفارق بين قانون العمل الجديد والقديم، وأبرز الامتيازات، وما يترتب عليه من الإبقاء على كافة حقوق العاملين في القطاع الخاص، ودور القانون في دعم الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار.
اقرأ أيضاً«العدل» تستعد لتطبيق قانون العمل الجديد.. و«جبران»: المحاكم العمالية أبرز الامتيازات
للتوعية بقانون العمل الجديد.. وزير العمل يفتتح ندوة تثقيفية بالتعاون مع مستثمري الغردقة
جبران: «تطبيق قانون العمل الجديد رسميا بداية من أول سبتمبر المقبل»