سجن صيدنايا.. قصة السجن الأشد رعبًا في التاريخ الحديث
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
على بُعد 30 كيلومترًا شمال العاصمة دمشق، فوق تلة صغيرة في سهل صيدنايا، وبمساحة تعادل ثمانية ملاعب كرة قدم، يقع السجن الذي يوصف بأنه الأشد رعبًا ودموية في التاريخ الحديث. إنه سجن صيدنايا، الذي يتكون من مبنيين بهما أكثر من 10 آلاف معتقل ومعتقلة. فما الذي نعرفه عن هذا السجن الذي أرعب الأبرياء لعقود؟
تاريخ مظلم للسجن الوحشي
تأسس السجن في عام 1987 وكان في البداية مخصصًا للسجناء العسكريين والسياسيين، ومع مرور الوقت، أصبح هذا السجن واحدًا من أكثر الأماكن سرية في سوريا حسب تقارير أممية، ووصفت منظمة العفو الدولية سجن صيدنايا بأنه "مسلخ بشري"، حيث تُذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء.
ظروف الاحتجاز
بين جدران سجن صيدنايا، يُحجز عشرات الآلاف من البشر الذين أُلقي بهم في غياهب الزنازين المظلمة فتقول جماعات حقوق الإنسان إن الآلاف من الناس اعتقلوا في صيدنايا وتعرضوا للتعذيب والضرب والحرمان من الطعام والماء والدواء والصرف الصحي الأساسي. وأعدم الآلاف في عمليات شنق جماعية بعد محاكمات صورية، وقدرت إحدى الجماعات أن أكثر من 30 ألف معتقل قتلوا هناك، حسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية. وفي أغلب الحالات، لم يتم تزويد عائلات السجناء بأي معلومات عن مصير أبنائهم. ويصف السجناء السابقون الظروف داخل سجن صيدنايا بأنها مأساوية، حيث كان السجناء يتعرضون للضرب بشكل روتيني، وكانوا غالبًا ما يتركون ليموتوا بسبب الجروح أو الأمراض غير المعالجة.
أساليب التعذيب
حسب التقارير كانت هناك تعذيب متنوعة مثل الضرب والطعن والاعتداء الجنسي والصدمات الكهربائية وقطع الأذنين.
وبحسب شهادات المسجونين كان السجناء يُجبرون على تقمص أدوار حيوانية ويتعرضون للعقاب في حالة عدم الامتثال.
وفي خلال سنوات من النزاع، جرى إعدام ما يقدر بنحو 13،000 شخص.
مواصفات سجن صيدنايا
يختلف سجن صيدنايا عن غيره من السجون من حيث التبعية والممارسات والقوانين المطبقة فيه، إذ يتبع لوزارة الدفاع السورية، بينما لا تتمتع وزارة العدل بأي سلطة عليه حيث لا يمكن لأحد دخوله أو زيارة أي معتقل دون إذن من الشرطة العسكرية والحصول على موافقة مسبقة من شعبة الاستخبارات العسكرية، وفقًا لتحقيق الرابطة الحقوقية.
وخلصت الرابطة في تحقيقها إلى أن السجن يتبع لجهتين قضائيتين منفصلتين الأولى هي "القضاء العسكري"، الذي ينظر في الجنايات أو الجنح التي يرتكبها عسكريون، والثانية هي "محكمة الميدان العسكري".
ويصنف النظام السوري المعتقلين في سجن صيدنايا إلى فئتين الأولى هم الأمنيون، وهم معتقلون مدنيون أو عسكريون بسبب آرائهم أو نشاطاتهم السياسية أو انتمائهم إلى منظمات "إرهابية" أو القيام بأعمال "إرهابية"، أو بناءً على "تهم جاهزة من جانب النظام".
الفئة الثانية هي الموقوفون القضائيون، وهم عسكريون محتجزون بسبب ارتكابهم جنحًا أو جرائم جنائية مثل القتل أو السرقة أو الفساد أو اختلاس الأموال أو الفرار من الخدمة الإلزامية.
حكايات المكبس البشري وغرف الملح
بعد تحرير السجن ظهر في العديد من الفيدوهات والصور غرف الملح والمكبس البشري،فبحسب الفيديوهات والمصادر تم تخصيص غرف ملح لحفظ جثث المعتقلين الذين قضوا نتيجة التعذيب أو الإعدام. وإحدى هذه الغرف، التي افتتحت في عام 2013، كانت غرفة مستطيلة في "المبنى الأحمر" بمساحة 20×26 قدمًا، بينما كانت الأخرى أصغر بمساحة 13×16.5 قدمًا، دون مرحاض. وكانت هذه الغرف تحتوي على طبقة من الملح الصخري الذي كان يستخدم عادة لإذابة الجليد على الطرق، ولكن في صيدنايا كان يُستخدم كمشارح لجثث الموتى التي تُترك في الزنازين لعدة أيام قبل نقلها إلى غرف الملح.
أما "المكبس الآلي" في سجن صيدنايا، يعتقد المراقبون أنه كان يُستخدم للتخلص من جثث المعتقلين بعد إعدامهم شنقًا. وفي بعض الروايات، يقال إنه كان يُستخدم أيضًا لإعدام المعتقلين وهم أحياء، بينما رجح البعض الآخر أنه كان مجرد مصعد آلي لنقل الجثث بعد الإعدام.
الاتهامات والردود
وفي عام 2017، اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية الحكومة السورية باستخدام محرقة لإخفاء جرائم القتل الجماعي في السجن، استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية التي أظهرت وجود مبنى داخل المجمع تم تطويره لاستخدامه كمحرقة. ورغم هذه الادعاءات، نفت منظمة العفو الدولية وجود محرقة داخل السجن، وأكدت أن جثث المعتقلين كانت تُدفن خارج مجمع السجن بعد موتهم.
مازن حمادة: تاريخ النضال السوري
ومع بداية سقوط نظام الأسد، بدأت تخرج القصص من وراء تلك جدران سجن صيدنايا. ففي مستشفى حرستا بريف دمشق، اكتشف الناشطون جثثًا لعشرات الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب، بينهم الناشط المعارض مازن حمادة. وكانت جثته، التي اكتُشفت بعد عامين من اختفائه، تحمل علامات التعذيب والقتل الوحشي. وكتبت ابنة شقيقه، جود الحمادة، على فيسبوك "وداعًا مازن... وداعًا أيها الصادق، أيها النبيل".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: صيدنايا سجن صيدنايا قصة سجن صيدنايا سجن صیدنایا
إقرأ أيضاً:
قراءة التاريخ وعلاقته بالواقع.. رفاهية أم ضرورة؟
حين طلب مني الأصدقاء من إحدى المنصات أن أكتب المقالة الافتتاحية لمشروعهم التنويري النبيل، تقافزت أمامي كل الكتب والمقالات والقصص والمقاطع اليومية، لم يكن ما يتقافز أمامي كلماتٍ أو حروفًا؛ بل مصائر أناسٍ يعبث بهم ساسةٌ انتقلوا من الاهتمام بالمصير الجمعي، إلى النفع الشخصي، فترّدت أحوال الناس -الصعبة أساسًا- وبدأت تفقد الدول هويتها الراسخة وتذوب فـي الهويات الجديدة، ليقف المرء أمام حضارةٍ ضاربةٍ فـي القدم متسائلًا بذهولٍ يشبه ذهول المجنون الذي لا يصدق ما تراه عيناه: «أهذه حضارة كذا وكذا أم مسخ سينمائي مصغَّر؟».
إنني أُشبّه الأمة بالأرض والشجر؛ فالأرض الطيبة الخصبة تُنبت النباتات النافعة للبلاد والعباد، ولكنها لا تخلو من الحشائش الضارة التي يواظب المزارع المجتهد على اقتلاعها. وليست كلمة الاقتلاع هنا مجازيَّةً؛ لأن الحشائش الضارة -كما هو معروف عند أهل الزراعة- كالهيدرا ذات الرؤوس التسع، تتكاثر إن تم تقليمها، لكن نسبة الخلاص منها عالية إن حرص المزارع على اقتلاعها من جذورها. وهكذا المثقف الحقيقي فـي كل أمةٍ وأيةِ ثقافةٍ، يقتلع جذور الأفكار الخبيثة ويدركها ويعرفها بعينه الفاحصة وعقله المتقد الذي يرى جذور الشجرة العملاقة، ولا تُخلبه أغصانها الكثيفة أو جذعها الضخم الفارع، بل يرى ما تحت التراب ومبدأ البذرة الأولى فـي مهدها الأول.
كيف نقرأ التاريخ إذن؟ وما السياقات التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم؟ وهل للأحداث التي تحدث اليوم جذور تاريخية أم أنها مُنبتَّةٌ عن تلك الجذور؟
إن التاريخ فـي كل البلدان واحدٌ لا يتغير مهما تغيرت الأزمان والأدوات، فالتاريخ هو هو مذ بدأت الخليقة؛ غالبٌ ومغلوبٌ، منتصرٌ وخاسرٌ، قاتلٌ ومقتولٌ، مُسْتَبِدٌّ ومظلومٌ، فما الجديد؟
لقد تغير كل شيء مع معرفة الإنسان، ولذلك تبوأت المعرفة والعلم مكانةً فـي كل الحضارات والأديان، والعلم هنا ليس بمعناه الإنجليزي -Science- فحسب، بل يتعدى ذلك إلى المعرفة بمفهومها الواسع ومشاربها المتعددة. فمذ بدأت المعرفة تتغلغل فـي الأرواح البشرية، لم تعد الحياة مقتصرة على المَعاش والمَأكل والمشرب، لقد ظهرت المعاني الجديدة والجليلة لحياة الإنسان، فأضحى يموت لا لأجل لقمة العيش فحسب؛ بل فـي سبيل مبادئه وأفكاره ومعتقداته، وأصبح يُقتل أو يُغتال عليها!
لم تعد الحياة مقتصرة على اتّباع القوي إذن؛ لكن هل توقّف الشرُّ وأسدل جفونه وهو ينظر إلى تلك النهضة وذلك الاستيقاظ؟ بالطبع كلا!
لقد تطورت أساليب القمع فـي مقابلة التوق إلى التحرر من سجون الظلم والظلمات، وكلما وجد الناس منبعًا يَرِدونه؛ سارع الشرُّ إلى تجفـيف ذلك المنبع أو طمسه، فغدا منسيًا لعقود طويلة، ثم ما يلبث أن تنتشله يدٌ مؤمنةٌ بالإنسان، لتعيده إلى مكانته السامقة، فـيغدو ذلك النبع أكبر من الوقت الذي طُمِسَ فـيه!
واعجبْ لنبعٍ كَبُرَ بعدما ظنناه ميتًا، هكذا هي آثار المفكرين الأحرار والمثقفـين الساعين إلى صلاح البلاد والعباد لا إلى مصلحة شخصية أو منفعة ذاتية.
إننا ننسى أنفسنا فـي اليوميِّ العاديِّ أكثر من اللازم، فلا ننظر إليه بعين جديدة فاحصة تراقب تمثلاته وسياقاته وبذرته الأولى؛ بل نتعامل معه باعتباره شيئًا جديدًا منفصلًا عما سبقه من تاريخ وثقافة ووعيٍ كاملٍ وشاملٍ إزاء الإنسان والحياة.
فندرس ما فعله الإغريق فـي السياسة، ونتعلم عن دور المرويات الشعرية عند العرب فـي صنع التاريخ وتزويره وطمس المعادين لصاحب السلطة والنفوذ، ونتحدث بشغف عن الثورات والثورات المضادة، كما نتحمس وتفور دماؤنا حين نتدارس ما فعله الإنسان بأخيه الإنسان فـي الحربين العالميتين الأولى والثانية.
لكن، لماذا نظن أن هذا كله فـي الماضي فحسب؟ أليست أيامنا الحالية ماضيًا بالنسبة إلينا بعد حين؟ فما الذي ينبغي علينا فعله إذن؟
مرّ عليَّ مقطعٌ من خطابٍ مصورٍ لمدرب كرة القدم، الإسباني القدير بيب جوارديولا، يقول فـيه فـيما معناه وفـي سياق حديثه عن غزة: «فـي عالم يقولون لنا فـيه إن تأثيرنا صغير جدًا، لكن الحقيقة أن القوة فـي هذا العالم ليست فـي السلطة؛ بل فـي الاختيار، وعن امتلاك المبادئ، وعن رفض الصمت عندما يكون ذلك ضروريًا».
هذا ما ينبغي علينا فعله فـي حياتنا كلها، أن نختار. نختار مبادئنا وطريقة تفكيرنا وحياتنا كلها.
لقد اقترن الظلام بالخوف فـي وعينا منذ الأزل، واقترنت الشعلة بالأمل بعد تلك الظلمة. فبعدما كنا نخشى أن تتخطفنا يد الأقدار عبر الحيوانات المفترسة أو المخاطر الطبيعية التي لم نكن نراها؛ أعطتنا الشعلة الأولى الخيط الأول والأمل الأول فـي الدفاع عن أنفسنا ومعرفة الأخطار على السواء.
فبتنا نشبّه الجهلَ الذي سيقتلنا لا محالة، بالظلام الذي عشناه فـي الكهوف والغابات والأودية والجبال. وباتت المعرفة الشعلة التي منحتنا الطمأنينة -وإن لم نهزم بها أعداءنا دومًا- والإيمان بمقدرتنا على الصمود ومعرفة مكامن الخطر.
إننا نتجاهل الأدب فـي تعاملاتنا مع التاريخ وعلم النفس وفهم المجتمعات البشرية وحكمتها، ونقرن الشعر خصوصًا بالكلام المنمق المعسول الذي لا فائدة فـيه سوى التربيت على أرواح المتعبين المنكسرين، ولا عائدة منه سوى دراهم يتلقاها الشعراء فـي المحافل وأمام الملوك.
لكن، أليس الشعر تاريخًا آخر؟ أوليست القصائد ثمرة المجتمعات ومعتقداتها وطريقة عيشها؟
هو كل ذلك وأكثر، ففـي تلك الأبيات المنثورة هنا وهناك، تجد الحكمة المخبوزة برفقٍ وتأنٍّ، الحكمة التي لو أخذناها بحق لرأينا تمثلاتها الجيدة فـي حياتنا، ولجعلناها مكشافًا ننظر به فـي الحقائق، أو ما تبدو على أنها كذلك.
وما من امرئٍ يقرأ الشعر القديم اليوم بعد قراءته لعلوم العصر -الإنسانيات خصوصًا- إلا وسيبلغ ذهوله ودهشته مداهما، ففـيه من النظريات والمخرجات والنتائج التي لم تُسَمَّ فـي حينها، مما يجعل المرء يُكبِرُ أولئك العظماء وكيف توصلوا إلى تلك النتائج مع قلة الوسائل والأدوات فـي حينه.
أما عن قراءة التاريخ، فإنني أميل أكثر إلى قراءة الإنسان نفسه لا آثاره.
يبدو أن فـي وعينا شيئًا يجعلنا ننسى أن الإنسانَ إنسانٌ، فنُضفـي عليه صفات الألوهية والقدرة المطلقة والنور الكلي حين نحبه ونزنه بميزان المآثر والمنجزات. ونلقي عليه اللعنات وأبشع العبارات حين لا نحبه أو نصنفه فـي القسم المضاد للنور -الذي نعتقد بأنه نور وفقًا لتصوراتنا وما ترسخ فـي وعينا الذي نقارب به الأشياء ونزن به الأمور- ونُلصِق به أشنع الصفات و«نؤبلِسُه» ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
لكنَّ السيئ فـي مكان، خيّرٌ فـي مكان آخر، وما ينبغي أن نتنبه إليه حقًا، هو مكمن السوء ومنبعه.
إن الحديث عن الإنسان ودراسته كما تُدرَس المادة الخالية من الروح، أو كما تُدرَس الكائنات الحية حتى؛ مبدأٌ خاطئ حتى النخاع.
فالغضب والثأر والانتقام واليأس والاكتئاب والحقد والحسد وغيرها من الطبائع التي لا يمكن إغفالها، تصنع المعجزات.
وليست المعجزات هنا تلك الخوارق الحسنة، بل قد تكون من الخوارق المخيفة والفظيعة فـي آنٍ. وما يبدو أنه مستحيلٌ وبعيد المنال، قد يغدو أقرب مما تخيلناه يومًا.
قراءة التاريخ تبدأ بقراءة الإنسان، صلاحه وفساده. ومتى ما ملك الإنسان القدرة المطلقة، وغابت المساءلة عنه؛ ظهرت حقيقته وبانت مقاصده وارتفع قناعه وانكشف وجهه.
فإما أن تنتصر روحه الخيّرة، أو يظهر لنا مسخٌ لم نتفطن لوجوده تحت تلك الطبقة الرقيقة من الجلد النظيف.
كيف نقرأ كل شيء إذن بعينٍ بصيرةٍ ومساءلةٍ دائمةٍ وبحثٍ لا ينقطع؟ فزمن اليقينيات والنبوات ولّى منذ مدة طويلة؛ ولم يعد بأيدينا سوى مساءلة كل شيء لنصل إلى جزءٍ من الحقيقة الواسعة.
وإذا كان بمقدور السلطات تحويل الرمل إلى ذهب، والقاتل إلى ضحية ولم تكن تملك ما تملكه اليوم؛ فكيف سنصل إلى الحقيقة غدًا وقد أصبح للذكاء الاصطناعي أيادٍ تفوق الأخطبوط، ومحيطٌ لا نهائيٌّ من الأفكار والوسائل والطرق؟
كل هذا يدعونا إلى التوقف هنيهةً، وتقرير ما نريده فـي حياتنا لأجلنا أولًا، ولأجل من حولنا.
الإنسان هو الجذر الأول والبذرة الأولى للتاريخ، وإذا أردنا أن نغيّر واقع الحال؛ فلا بُدَّ من دراسة البذور النافعة المفـيدة التي أنتجت لنا أطيب الثمار التي نتنعم بها حتى اليوم.
كما لا ينبغي لنا ألبتة أن ننسى تلك الحشائش والأحراش التي تخنق الأرض وتقتل خصوبتها وخيراتها، والتي اكتوينا بها ونكتوي حتى اللحظة.
قراءة التاريخ، والتأمل والتفكر فـيه، لا يمنح الإنسان رفاهية المعرفة أو امتيازها؛ بل هو ضرورةٌ يدركها جيدًا من يدرك هدفه فـي هذه الحياة.
هنالك الكثير مما نتفاوت فـيه كبشر، فبعضنا يولد غنيًا والبعض فقيرًا، سيدًا ومسودًا، قويًا وضعيفًا، ذكيًا وأقل ذكاء؛ لكننا نملك الوقت نفسه أكنّا ملوكًا أم أناسًا فـي أقصى البلاد لا يعرفنا ولا يسمع لنا أحدٌ حِسًّا أو نَفَسًا.
لهذا تغدو قراءة التاريخ ضرورةً لا غنى عنها، وإن العاقل من يعرف نفسه حق المعرفة ليختار طريقه التي يسلك، ودربه الذي يشق، وهل هنالك ما هو أجدى وأنفع من قراءة التاريخ كي لا نكرر الأخطاء والحماقات التي قد تودي بنا إلى ما لا نُحب؟