جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-27@17:04:36 GMT

رسائل.. لمن لا يسمع!

تاريخ النشر: 25th, December 2024 GMT

رسائل.. لمن لا يسمع!

سلطان بن محمد القاسمي

كيف تبدو الحياة عندما نتوقف للحظة ونسأل أنفسنا: ما الذي تركناه في قلوب من نحب؟ هل كانت كلماتنا رسائل تصل إليهم بصدق؟ أم أن زحمة الأيام جعلتنا نؤجل ما يجب أن يُقال؟ في كل علاقة تجمعنا مع من حولنا، هناك أشياء تُقال وأخرى تُترك طي الكتمان، لكنها تظل معلقة في فضاء الروح، تنتظر منا الشجاعة لننطق بها.

تلك الرسائل الصادقة التي تحمل دفء المشاعر، وتأخذ من القلب طريقًا إلى القلب، قد تكون ما ينقصنا ليزهر عالمنا الداخلي ويمتد أثرنا في نفوس الآخرين. فلماذا لا نبدأ اليوم بفتح باب تلك الرسائل وإرسالها، لأن الوقت يمضي، والفرص قد لا تعود.
وبينما تمضي الأيام، تتراكم الرسائل التي أردنا أن نعبر بها عن أنفسنا، رسائل مليئة بالحب والعتب، بالامتنان والحكمة، لكنها تجد نفسها بين أيدينا دون أن تجد وجهتها الصحيحة. وهكذا، الرسالة الأولى هي رسالة للروح التي حملتنا في دروب الحياة. لكل من أهمل نفسه وأرهقها بالركض خلف الآخرين، حان الوقت لتسمع روحك. توقَّف للحظة، وأصغِ لصوتها العميق. خذ منها درسًا عن قيمة السكون، عن جمال التوازن، وعن أهمية أن تعطي لنفسك بقدر ما تعطي للآخرين. وأيضا الروح ليست مجرد وعاء يحملنا، بل هي محور حياتنا، وإذا أهملناها، فإن كل شيء سيتداعى من حولنا.
أما الرسالة الثانية، فهي لكل من يجهل قيمته الحقيقية. كم من مرة أسرفت في التقليل من نفسك؟ كم مرة شعرت أنك لست كافيًا؟ الحقيقة أن الله خلقك فريدًا، وأن قيمتك ليست فيما تراه في عيون الآخرين، بل في عينيك أنت. تذكّر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" (رواه مسلم). اعرف قلبك، وأحب نفسك، لأنك تستحق ذلك الحب. لا تقارن نفسك بغيرك، فلكل شخص رحلته الخاصة، ولكل طريقه قيمته.
ومن القلب، أرسل رسالة لمن يصارع الحزن بصمت. أنت لست وحدك؛ فالحزن جزء من إنسانيتنا، لكنه لا يجب أن يكون السجن الذي نحكم به على أنفسنا. اسمح للنور أن يدخل عبر الشقوق، اسمح للحب أن يداوي جراحك، واستعن بالله الذي وعدنا بأن "مع العسر يسرًا". لا تخجل من ضعفك؛ فالضعف ليس عيبًا؛ بل هو أولى خطوات القوة.
وإلى أمي، أعلم أن الكلمات لن تفيكِ حقك، لكن اسمحي لي أن أحاول. فأنا أكتب هذه الرسالة بامتنان لا ينضب لكل لحظة سهرتِ فيها على راحتي، لكل دعاء رفعتهِ في جوف الليل لأجلي، ولكل ابتسامة منحتني الأمان. أنتِ الحنان الذي يضيء عتمة الأيام، والحب الذي لا يتغير مهما فعلت. دعواتك هي الحصن الذي أحتمي به، وصبرك هو الدرس الذي أتعلمه كل يوم. أمي، أنتِ المرفأ الذي يعود إليه القلب دائمًا، والمصدر الذي لا ينضب من القوة. يقول الله تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" (الإسراء: 23). أسأل الله أن يرحمكِ أنتِ وأبي رحمة واسعة، وأن يجعل قبركما روضةً من رياض الجنة، ويجعل دعواتكما وبركاتكما نورًا يُنير لي دروب الحياة، ويرزقني بركما في الحياة وبعد الممات.
وهناك رسالة لكل والدٍ حمل أثقال الحياة ليمنح أبناءه الأمان. قد لا تُقال الكلمات، لكن قلوبنا ممتلئة بامتنانٍ لا حدود له. فكل لحظة من وقتك، وكل قطرة من جهدك، تُنبت في حياتنا بذور النجاح والفرح. وستظل دائمًا السند الذي نستند عليه، والجذر الذي يربطنا بالأرض. إليك أيها الأب، هذا الامتنان الذي قد لا نبوح به كثيرًا، لكنه حاضر في كل خطوة نخطوها نحو أحلامنا.
ولأخي العزيز، أنت الشريك الأول في الذكريات، والرفيق الذي لا يعوض. قد لا نعبر بالكلام كثيرًا، لكن رابطة الدم التي تجمعنا أعمق من كل الكلمات. شكرًا لأنك كنت دائمًا حاضرًا، تشاركنا الضحكات وتخفف عنا الأوجاع. أنت الحصن الذي أعود إليه حين تشتد الأيام، والأمان الذي لا يتغير.
ولأختي الحبيبة، لكِ رسالة خاصة تحمل كل الامتنان. أنتِ الحضن الدافئ الذي أجد فيه الراحة، والروح التي تبعث في حياتي البهجة. كلماتك اللطيفة ودعمك المتواصل هما النور الذي ينير لي الطريق في أصعب الأوقات. شكرًا لأنكِ دائمًا كنتِ القلب الكبير الذي يحتوي كل شيء.
أما للزوجة، شريكة العمر والروح، أنتِ النعمة التي أغدقها الله عليّ. كل لحظة نقضيها معًا هي صفحة جديدة تُكتب بحب وصبر. شكرًا لأنكِ كنتِ السند في لحظات ضعفي، والشريكة في كل إنجاز. وجودك بجانبي يجعل كل الصعوبات هينة، وكل الأحلام ممكنة.
أما الرسالة للأبناء، فهي دعوة للتأمل في كل لحظة تمضيها مع والديك. لا تنتظر الزمن ليجعلك تدرك قيمتهم، فكل يوم هو فرصة لتعبّر عن حبك وامتنانك لهم. الحياة قصيرة، والعلاقة مع الوالدين هي أعظم استثمار عاطفي يمكن أن تقوم به. لا تدع انشغالك بالأمور الصغيرة يبعدك عن أكبر النعم في حياتك.
والرسالة التالية هي لكل صديق غاب دون وداع. لقد كنا ننتظرك، وقلوبنا ملأى بأسئلة لا تنتهي. كنت الحاضر في تفاصيلنا، واليوم، نحن نحمل عبء غيابك. لكننا أيضًا نتعلم، نتعلم أن الحاضرون حقًا لا يغيبون أبدًا، وأن الذين يتركون بصمة في حياتنا، يظلون جزءًا منها حتى لو تاهوا عن دروبنا. لا تعتقد أن الصمت يغفر دائمًا؛ في بعض الأحيان، كلمة واحدة قادرة على إعادة بناء جسر العلاقات.
وفي ختام رسائلي، أهمسُ لمن يقرأ هذه الكلمات: إننا نعيش في عالم مزدحم بالصخب، بالكلمات التي تُقال دون أن تُفهم، وبالمشاعر التي تضيع وسط الزحام. لكنك تستطيع أن تكون مختلفًا، أن تكون من يسمع ويرى، من يترك بصمة لا تُمحى في حياة الآخرين. فرسائل القلب تصل عندما تصدق، وعندما تعبر عن جوهرنا الحقيقي.
وسِّع عقلك لتدرك أنَّ الحياة ليست فقط ما نأخذه؛ بل ما نُعطيه. وكُنْ أنت البداية لرسائل جديدة تحمل الأمل، تُضيء القلوب، وتصل حتى لمن لا يسمع.
 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الذی لا کل لحظة دائم ا التی ت

إقرأ أيضاً:

هل يجوز للأم إعطاء الزكاة لابنها لتعينه على ظروف الحياة؟.. الإفتاء تجيب

هل يجوز للأم إعطاء زكاتها لابنها لتعينه على ظروف الحياة؟
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا تقول صاحبته: "هل يجوز للأم أن تعطى زكاتها لابنها لتعينه على ظروف الحياة؟".

وأجاب الشيخ محمد وسام، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عبر بث مباشر سابق لدار الإفتاء المصرية عبر صفحتها على فيس بوك عن السؤال قائلا: إنه يجوز للأم أن تعطى زكاتها لابنها لأنها ليست مكلفة بالنفقة عليه.

حكم الكلام عبر الهاتف المحمول أثناء الطواف .. الإفتاء تجيبهل الحنث في الحلف على الأبناء له كفارة؟.. الإفتاء تجيبهل يجوز الحج عن والدي المتوفى؟.. دار الإفتاء تجيبأمين الإفتاء: الرجل لا يملك الحق لمنع زوجته الإنفاق من مالها الخاص

هل يجوز إعطاء زكاة مالي كلها للأقارب؟

قالت دار الإفتاء المصرية إنه يجوز إخراج الزكاة كلها أو بعضها للأقارب، ما عدا الأصول والفروع؛ كالأب والجد وإن علا، والابن وابن الابن وإن نزل إذا كانوا من مستحقي الزكاة ويندرجون تحت صنف من أصناف مخارج الزكاة المذكورين في قوله تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم﴾ [التوبة: 60]، بل إخراجها للمستحقين من الأقارب أولى؛ لأنها صدقة وصلة كما جاء في الحديث الشريف: «الصدقة على المسكين صدقة، والصدقة على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة» رواه الإمام أحمد في "مسنده" والترمذي والنسائي وابن ماجه في "سننهم" من حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه.

من لا تجب عليهم زكاة الفطر
وفي ذات السياق، كشفت دار الإفتاء المصرية عن ثلاث فئات مستثناة من أداء زكاة الفطر، وهي: الفقير الذي لا يملك قوت يومه، الجنين إذا لم يولد قبل مغرب ليلة العيد، الميت الذي مات قبل غروب شمس آخر يوم من رمضان.

وأكدت الإفتاء أن زكاة الفطر تخرج للفقراء والمساكين، وكذلك باقي المصارف الثمانية التي ذكرها الله تعالى في آية مصارف الزكاة، قال تعالى: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم﴾ [التوبة: 60].

طباعة شارك من لا تجب عليهم زكاة الفطر هل يجوز إعطاء زكاة مالي كلها للأقارب هل يجوز للأم إعطاء زكاتها لابنها

مقالات مشابهة

  • أجمل رسائل التهنئة بعيد ‏الأضحى 2025‏.. رسائل مكتوبة
  • أجمل رسائل التهنئة في عيد الأضحى المبارك 2025 للجيران والمعارف والأصدقاء
  • نسأل الله ان يحمي السودان في قادم الأيام من الاسلحة الكيميائية ما كذب علمها وما صدق
  • موسم الرحمة وتجديد العهد
  • رانيا: عيد الاستقلال مناسبة غالية والوطن دائمًا في القلب
  • الحياة مدرسة
  • فضل العشر الأوائل من ذي الحجة 2025.. متى تبدأ وما الأعمال المستحبة خلال هذه الأيام المباركة؟
  • هل يجوز للأم إعطاء الزكاة لابنها لتعينه على ظروف الحياة؟.. الإفتاء تجيب
  • لقاء توعوي حاشد بمطروح حول أحكام الأضحية وفضائل الأيام العشر المباركة
  • دعاء فك الكرب والهم والحزن وتيسير الأمور.. كلمات من ذهب تريح القلب