تعيش غزة أزمة إنسانية خانقة، حيث تفاقمت الأوضاع الاقتصادية وزادت معدلات الجوع إلى مستويات غير مسبوقة، ما دفع بعض سكانها للبحث عن حلول بديلة لمواجهة ندرة الغذاء، حتى وإن كانت تلك الحلول تعتبر انتهاكات خطيرة للبيئة البحرية، وبينما تستمر الجهود الدبلوماسية لتحقيق تهدئة وإنهاء العدوان. 

تفاصيل الوضع الإنساني والجوع في غزة

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن جهود مصر الدبلوماسية في دعم القضية الفلسطينية كبيرة جدا، كما أن محاولات التوصل إلى وقف إطلاق النار وحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الموقف المصري قوي وصامد وواضح منذ البداية، وموقف مصر منذ اليوم الأول للعدوان كان موقفها مباشرا ولم يقتصر علي الرفض وإنما الوقوف حائط صد أمام هذه المخطاطات، والدولة المصرية مستمرة في إرسال المساعدات الإنسانية لأهل غزة.

وأشار فهمي، إلى أن مصر تتحرك بمفردها لإرسال المساعدات الإنسانية للأهالي في قطاع غزة دون توقف، وأوضح أن مصر تسعى إلى تخفيف المعاناة على الفلسطينيين في ظل الحرب.

وفي مشهد استثنائي وغير مألوف على سواحل قطاع غزة، تمكن أحد الصيادين الفلسطينيين من اصطياد دولفين على شاطئ بحر خان يونس، جنوب القطاع، وهذا الحدث تم توثيقه ونشره عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث شارك الصياد محمد الغفاري صورة للدولفين الذي اصطاده عبر حسابه على "إنستجرام"، مما أثار جدلا واسعا واهتماما كبيرا بين المستخدمين، خاصة في ظل التحديات المستمرة التي يواجهها الصيادون بسبب الحصار وأوضاع الحرب.

تحديات الصيادين في ظل الحصار

وتواجه مجتمعات الصيد في غزة واقعا مريرا، حيث يكافح الصيادون يوميا لجلب صيد متواضع يساعدهم على إطعام أسرهم، وفقا لوسائل إعلام فلسطينية، كان صيد الأسماك جزءا أساسيا من الحياة اليومية لسكان القطاع قبل الحرب، إذ اعتمد كثيرون على بيع ما يصطادونه كمصدر رزق رئيسي، فضلا عن توفير الغذاء للمجتمع المحلي، لكن اليوم، أصبحت هذه المهنة مليئة بالصعوبات التي تعيق حتى أبسط المحاولات للحصول على قوت يومهم.

وفي هذا الإطار، أعدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية تقريرا ينتقد ممارسات بعض الصيادين الفلسطينيين الذين يلجؤون إلى صيد الكائنات البحرية المحمية، ووصفت الصحيفة صورة الصياد الغزي بأنها "استعراض لصيد غير قانوني دون خجل"، متجاهلة الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع نتيجة الحصار الذي استمر لأكثر من عام وأدى إلى تفاقم الجوع حتى درجة تهدد حياتهم.

وذكرت الصحيفة أن رام نيري، وهو عضو في جمعية أسماك القرش في إسرائيل، وثق عمليات الصيد في غزة على مدار أربع سنوات.  

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت صور نشرها نشطاء فلسطينيون مثل محمود زكي العمودي، وهو يحمل سمكة قرش صغيرة، وأكد أنه قام لاحقاً بطهي السمكة، مما أثار جدلا كبيرا على الإنترنت.

 ففي حين اعتبر البعض هذه الممارسات تهديدا إضافيا للأنواع المهددة بالانقراض، دافع العمودي عن موقف الصيادين قائلا: "الظروف القاهرة التي نعيشها تجعل كل ما هو متاح من موارد غذائية قابلا للاستخدام، بما في ذلك الكائنات المحمية".

وعبرت جمعية أسماك القرش في إسرائيل عن غضبها الشديد تجاه ممارسات الصيد في غزة، ووصفتها بأنها "كارثة بيئية تهدد التنوع الحيوي البحري في البحر الأبيض المتوسط".

وفي ظل هذه الأوضاع الإنسانية الكارثية، تتزايد الأحاديث حول إحراز تقدم في مسار مفاوضات التهدئة في قطاع غزة، وقد نشرت قناة "إكسترا نيوز" تقريرا بعنوان: "حالة من التفاؤل الحذر تسود بين سكان قطاع غزة مع تزايد الحديث عن إحراز تقدم في مفاوضات الهدنة".

وأشار التقرير إلى أن الشعب الفلسطيني، ولا سيما سكان قطاع غزة، يعيشون حالة من اليأس المستمر، حيث لم تتغير أوضاعهم رغم الأخبار المتداولة عن تقدم المفاوضات.

 ومع ذلك، يظل هناك من يتشبث ببصيص أمل، ولو ضئيل، للوصول إلى اتفاق قد يخفف من المعاناة اليومية.

أشرف سنجر: جهود مصرية متواصلة لوقف إطلاق النار في غزةحصيلة أولية.. مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة 10 جراء انهيار مبنى شمال غزةتعنت الاحتلال وإفشال المحاولات

بحسب التقرير، فإن الغالبية العظمى من الفلسطينيين فقدوا الأمل في قرب التوصل إلى اتفاق يُنهي العدوان الإسرائيلي على القطاع، نظرا للتعنت الإسرائيلي المستمر الذي يفشل أي محاولات جدية للتوصل إلى تهدئة.

على الرغم من انتشار حالة اليأس، يرى الخبراء أن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن لا يعني أن المفاوضات قد وصلت إلى طريق مسدود، بل على العكس، فإن الجولة الراهنة تعتبر من أكثر المحاولات جدية للتوصل إلى تهدئة. 

والجدير بالذكر، أن بين الجوع الذي يدفع إلى تجاوز الحدود البيئية والآمال المعقودة على مفاوضات التهدئة، يعيش أهالي غزة واقعا مؤلما يمتزج بين القهر والمقاومة، ورغم كل التحديات، يبقى الأمل في مستقبل أفضل قائما، ولو ببصيص ضوء وسط ظلمة المعاناة.

28 جنديًا إسرائيليًا أقدموا على الانتحار منذ بداية الحرب على غزةالديهي: ما يجري بالسودان أصعب مما يحدث في غزة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر قطاع غزة غزة الاحتلال الدولة المصرية طوفان الأقصى المساعدات الإنسانية المزيد

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تعيد كتابة قواعد الحرب

في صباح يوم الأحد، الموافق 7 ديسمبر 1941، أعادت البحرية الإمبراطورية اليابانية تعريف قواعد الحرب، لم يكن يتخيل أحد أن اليابانيين قد ينجحون في عبور محيط كامل لمهاجمة ما وصفه الاستراتيجيون الأمريكيون بـ«الحصن الذي لا يُخترق» ـ هاواي. ومع ذلك، هذا ما فعلوه بالضبط. فقد انطلقت طائرات يابانية من ست حاملات طائرات، وتمكنت من تدمير أو إلحاق أضرار بـ328 طائرة أمريكية و19 سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، منها ثماني بوارج. مثّل هجوم بيرل هاربر لحظة حاسمة أظهرت هيمنة حاملات الطائرات كقوة رئيسية في الحروب البحرية.

ومرة أخرى، أعادت أوكرانيا كتابة قواعد الحرب هذا الأحد. لا بد أن القيادة العسكرية الروسية شعرت بالصدمة ذاتها التي أصابت الأمريكيين عام 1941، عندما شنت أوكرانيا هجوما مفاجئا على خمسة قواعد جوية روسية، اثنتان منها تقعان على بعد آلاف الأميال في أقصى شمال روسيا وسيبيريا. نجحت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية في تهريب أعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة داخل روسيا عبر كبائن خشبية على شاحنات، ثم إطلاقها عن بُعد.

وقد أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن العملية، التي أطلق عليها الأوكرانيون اسم «شبكة العنكبوت»، دمّرت أو عطلت ثلث القاذفات التي كانت روسيا تستخدمها لإطلاق صواريخ كروز بعيدة المدى على أوكرانيا. ومن بين الطائرات التي قيل إنها تضررت: طائرات «تو-95» و«تو-22»، بالإضافة إلى طائرات «A-50» للإنذار المبكر والسيطرة ـ وهي نظيرات لطائرات «أواكس» الأمريكية. (لم يتم تأكيد حجم الضرر بشكل مستقل بعد).

ليس من المستغرب أن قارن بعض المدونين العسكريين الروس هذا الهجوم بهجوم بيرل هاربر قبل 84 عامًا. ورغم أن التشبيه غير دقيق ـ فبيرل هاربر كان بداية حرب جديدة، بينما كان الهجوم الأوكراني مجرد محاولة دفاعية ضمن حرب بدأها فلاديمير بوتين عام 2022 – إلا أن هناك جانبًا من الصحة فيه: فكلا الهجومين أظهر تراجع فعالية أنظمة تسليح كانت سائدة، مثل البوارج في 1941، والطائرات المأهولة اليوم. فقد تكون أسراب الطائرات المسيّرة الأوكرانية، التي ربما لم تتكلف سوى عشرات الآلاف من الدولارات، قد ألحقت أضرارًا تُقدّر بملياري دولار بأسطول الطيران الروسي المتطور.

وبهذا، كشفت أوكرانيا عن ثغرة أمنية يجب أن تُقلق جميع جنرالات العالم. فإذا كانت الطائرات المسيّرة الأوكرانية قد تسللت إلى قواعد جوية محصنة داخل دولة بوليسية مثل روسيا، فما الذي يمنع الصين من فعل الأمر نفسه مع القواعد الأمريكية؟ أو باكستان مع القواعد الهندية؟ أو كوريا الشمالية مع القواعد في كوريا الجنوبية؟

ستضطر الجيوش التي كانت تظن أن قواعدها الجوية آمنة بسياج كهربائي ونقاط تفتيش إلى مواجهة خطر جديد من السماء يتمثل في طائرات صغيرة زهيدة الثمن يسهل تحويلها لأغراض عسكرية. وسيستلزم هذا استثمارات ضخمة في أنظمة مضادة للطائرات المسيّرة. إنفاق الأموال على أنظمة الأسلحة التقليدية المأهولة بات يبدو عديم الجدوى ـ كما كان الإنفاق على سلاح الفرسان في ثلاثينيات القرن الماضي.

ورغم أن عملية «شبكة العنكبوت» لن تُوجه ضربة قاضية للجيش الروسي ـ تماما كما لم ينجح هجوم بيرل هاربر في تدمير القوة العسكرية الأمريكية ـ إلا أنها أظهرت مرة أخرى مدى صمود المقاتلين الأوكرانيين وقدرتهم على التكيّف. رغم الجمود في الخطوط الأمامية، فإن أوكرانيا تعوّض نقص عدد الجنود بتطوير صناعة مسيّرات متقدمة. فقد أنتجت أوكرانيا 2.2 مليون طائرة مسيّرة العام الماضي، وتستهدف إنتاج 4.5 مليون هذا العام. وبالرغم من أن روسيا، بدعم من إيران، تصنع مسيّراتها الخاصة، إلا أنها بقيت دائما خلف أوكرانيا بخطوة أو اثنتين، كما أثبتت عملية الأحد.

كانت «شبكة العنكبوت» مقامرة بارعة وشجاعة لتعويض نقص صواريخ «باتريوت» للدفاع الجوي، خصوصًا في ظل عدم استعداد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإرسال المزيد منها. ورغم محاولات أوروبا المساعدة، فإن هذه الصواريخ نادرة. وبدلًا من محاولة إسقاط الصواريخ الروسية، قرر الأوكرانيون استهداف الطائرات التي تطلقها وهي لا تزال على المدرج.

خلال نقاش حاد بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض في فبراير، قال الرئيس الأمريكي لنظيره الأوكراني: «أنت لا تملك الأوراق الرابحة». لكن زيلينسكي لعب ـ إن جاز التعبير ـ ورقته الرابحة: الإبداع الأوكراني. لقد أثبت الأوكرانيون مرارًا أنهم أكثر شجاعة ومهارة من خصومهم، حتى وإن تحسّن أداء الجيش الروسي مقارنة ببداية الحرب.

وعلى الرغم من رمزية الهجوم، فإنه قد يُزعزع التوازن النووي، لأن القاذفات التي تُستخدم لضرب أوكرانيا بصواريخ تقليدية يمكن أن تُستخدم أيضًا لحمل أسلحة نووية. هذا يعكس خطورة الوضع في ظل إدارة أمريكية مضطربة. فغياب مجلس أمن قومي فعّال، واستبداله بفريق غير متمرس بقيادة وزير خارجية يشغل منصبين، يزيد من هشاشة الموقف.

بينما يستمر ترامب في التنديد بهجمات روسيا الجوية على المدنيين الأوكرانيين، فإنه لا يفعل شيئًا حقيقيًا لوقفها. أما الأوكرانيون، فقد قرروا الاعتماد على أنفسهم. وقد يكون هذا الهجوم بالطائرات المسيّرة، رغم تصعيده للموقف وإثارة ردود فعل روسية، هو التكتيك الضروري للضغط على بوتين للجلوس إلى طاولة المفاوضات، بالتزامن مع محادثات جديدة في تركيا. من خلال هذه العملية، تؤكد أوكرانيا للعالم أنها لن تُهزم وأنها تملك الوسائل للاستمرار في القتال.

ماكس بوت هو كاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست، وزميل أول في مجلس العلاقات الخارجية. كان أحد المتأهلين لجائزة بوليتزر في فئة السيرة الذاتية، ومؤلف الكتاب الأكثر مبيعًا في نيويورك تايمز مؤخرًا بعنوان «ريغان: حياته وأسطورته»، والذي اختير ضمن قائمة أفضل عشرة كتب لعام 2024 بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تعيد كتابة قواعد الحرب
  • عائلة الدال تصارع الجوع والتشريد وسط الأنقاض
  • مصادر طبية فلسطينية: وفاة 41% من مرضى الفشل الكلوي في غزة بسبب الحرب
  • بعد هجوم العنكبوت أو "بيرل هاربر روسيا".. ترقب حذر ومفاوضات في اسطنبول بين موسكو وكييف
  • الإمارات تواصل مواجهة «الجوع» في غزة
  • إعادة فتح طريق (دمت – مريس – قعطبة) .. خطوة وطنية تعيد الأمل وتكشف التحولات السياسية والاجتماعية
  • وزير الخارجية: من غير المقبول استخدام الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين في غزة
  • أهالي غزة يجابهون الحرب بالموسيقى وسط الدمار والحصار
  • جُلّهم من الأطفال والنساء.. ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 54.381 شهيدًا
  • جزيئات الذهب قد تعيد الأمل لفاقدي البصر