حمَّالةُ الحطب باعثة اللَّهب
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
من أهمِ دروس الفلسفة التي أثَّرت فـينا وجذبتنا إلى مقاعد الدراسة فـي الثانويّة العامّة، درس «الطبيعة والثقافة»، وقوامه أنَّ الإنسان هو الكائن الوحيد المُزاوِج بين مقتضياتٍ طبيعيّة فـيه مثل: الجوع أو الخوف أو الفرح، ومقتضيّات ثقافيّة تؤتَى بالاكتساب والدربة والاختراع، فالجوع طبيعيّ غير أنّ الطعام الذي يتخيَّره الإنسان وينتقيه ويطبخه ويعالجه وينتقي له أوانيه وأدواته هو أمرٌ ثقافـيّ، مكتَسبٌ.
كما خصّص الحائز على جائزة نوبل للآداب إلياس كانيتي فصلًا من كتابه «الجموع والقوّة» للنّار باحثًا فـي رموزها ودلالاتها. لقد عُدت إلى النّار بفضْل ما غلب هذه الأيّام على مواقع التواصل الاجتماعي من خطاباتٍ مُلئت كراهيَّة ونكاية وشماتةً فـي النّار التي التهمت لوس أنجلوس، وعلاَ خطابٌ -عربيّ خاصّة- يتحدَّث عن النار ويصلها بعقاب اللّه للأمريكان، وهو أمرٌ معقولٌ ومفهوم فـي ظلّ قهر وتدمير وحرْق شعبٍ يُطالب بحريّة أرضه، فـي ظلّ تحويل الطالب بحريّته وكرامته واستقلاله من هيمنة متسلِّط، متجبِّرٍ، مُسْتعمِرٍ، فـي ظلّ كيانٍ إسرائيليّ يحرق الشجر الفلسطينيّ والحيوان الفلسطينيّ والإنسان الفلسطينيّ، إلى إرهابيّ، ظالمٍ، وجب استئصالُه، ونفْي وجوده. الإنسان العربيّ رأى فـي حرْق أمريكا عقابًا إلهيًّا، وردًّا على عبارة الرجل المقبل على الرئاسة «ترامب»، بأنّه سيحرق الشرق الأوسط إن لم يُطلَق الأسرى ذوو الدم الإلهي، فكان أن احترقت أمريكا.
صراع الخطابات، وقصْف العقول بعباراتٍ تُظْهر الشماتة، خطابٌ خطيرٌ يعلو، ينفـي كلّ إنسانيَّة وجب أن تسود. النار التي وهبها بروميثيوس للبشر ليُعْمِلها فـي الخير أُعْمِلت لحرق البشر، لصناعة جحيم أرضيّ تأكل فـيه النّار المقدَّسة البشر وتحوِّلهم إلى رماد. نارُ البشر استعملها دُعاةُ التخويف من جهنّم السّماء، فنظروا إلى حريق أمريكا فـي هُزْءٍ وسخريّة، وقالوا: هذه النارُ لا تُساوي شيئًا من نار جهنّم التي سيُصلى فـيها العاصون والكافرون، إنّها البرْدُ والسّلام أمام حريق الجحيم، مستعملين حديث الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام: «نارُكمْ هذه جزءٌ من سبعينَ جُزءًا من نارِ جهنَّمَ، لِكلِّ جُزءٌ مِنْها حَرُّها». النار التي اشتعلت فـي أمريكا وأُشعلت فـي مواقع التواصل شفاءً للقلوب الغاضبة، تحتاجُ ماءً من عقْلٍ عربيّ فقد صوابه وخطْوَه، عقْلٌ يُفكِّرُ بهدوءٍ فـي كيفـيّة التفاعل مع سيادة ثقافة الاتِّكال والفصل بين التضامن مع أزمات الشعوب ومآسيها والغضب من الحكومات ومواقفها فـي القضيّة الفلسطينيّة، كان يُمكن أن يكون الحريق أو الطوفان أو الزلزال فـي أيَّ دولة عربيَّة، وكُنَّا سنرى تضامنًا من كلّ العالم، فوجب أن يكون العقل العربيّ أكثر نقاءً ووعيًا بطبيعة الخطاب العدائيّ الذي يُسيطر على أذهان أبنائنا ويغلب على أجيالٍ. عودًا إلى النّار التي عاقَب بها اللّه البشر فـي يوم القيامة، ومنّ بها بروميثيوس على جنس البشر، فهي داءٌ ودواءٌ، وهي جحيمٌ ودفْء، وهي فـي مهبّ الرياح أشدّ خطرًا، ولذلك، فإنّ الوعي العربيّ يخشى النّار ويرتعب منها، وأسّس عليها دعاءً واقيًا من الوقوع فـيها قائلا: «اللهم لا تُمتنا غرقى أو حرْقى»، وكان العربُ قديمًا يُعْمِلون النَّار لِعللٍ وأسباب، ولهم فـي كلِّ شأن نارٌ تُسَمَّى، فهنالك «نارُ الحرب»، وهي النّار التي تُشْعَلُ فـي أعالي الجبال لجمْع النّاس لحربٍ يريدونها، وهنالك «نار الحلف»، التي تُوقَد شاهِدا على اتّفاقٍ بين القبائل، أو عهدٍ أجمعوا عليه، ويقول فـيها الجاحظ أنّها نارٌ «تُوقد عند التحالف، فلا يعقدون حلفهم إلاّ عندها، فـيذكرون عند ذلك منافعها، ويدعون إلى الله عزّ وجلّ بالحرمان والمنع من منافعها، على الذي ينقض عهد الحلف، ويخيس بالعهد، ويقولون فـي الخلف: الدّمُ الدّمُ! الهدم الهدم! لا يزيده طلوع الشمس إلاّ شدًّا وطول الليالي إلاّ مدًّا، ما بلّ بحرٌ صوفة، وما أقام رضوى فـي مكانه (إن كان جبلهم رضوى)، وكلّ قوم يذكرون جبلهم، والمشهور من جبالهم، وربّما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم»، وهنالك «نار الحرّتين»، وهي نار خالد بن سنان، الذي قاومها وحاربها، وهي نارٌ أسطوريّة، كامنة فـي المخيال العربيّ، ذكرتها الأشعار والأخبار، وهنالك «نار الاستمطار» أو «نار الاستسقاء»، وهي -حسب قول الجاحظ- «النَّار التي كانوا يستمطرون بها فـي الجاهلية الأولى؛ فإنّهم كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات، وركد عليهم البلاء، واشتدّ الجدب، واحتاجوا إلى الاستمطار، اجتمعوا وجمعوا ما قدروا عليه من البقر، ثمّ عقدوا فـي أذنابها وبين عراقيبها السلع والعُشَر، ثم صعدوا بها فـي جبل وعر، وأشعلوا فـيها النيران، وضجّوا بالدّعاء والتضرّع، فكانوا يرون ذلك من أسباب السّقيا. نيرانٌ عديدةٌ فـي ثقافات الشعوب، منها ما هو معبودٌ، ومنها ما هو مرهوب، ومنها ما هو سبيلٌ لنقْل الميّت إلى عالم الغفران والوئام (مثل نار البوذيين فـي حرقهم للموتى)، ومنها ما هو أداةٌ وسبيلٌ، أمَّا نارُ أمريكا فهي فعلٌ ثقافـيّ أسطوريّ، أمَّا الثقافـيّ، فإنّ اختراعها وإعمالها واستعمالها من فعل البشر، ولم تفعل الطبيعة سوى أن أذكتْها ولم يفعل البشر سوى أنّه لم يصنع موازاة لصناعته البنيان الذي تأكله النيران أدوات لمنع النار من أكل البشر، وأمَّا الأسطوريّ، وهو أمتن صلة بالواقعي، فإنّ عطف بروميثيوس على البشر بمنحهم النّار لم يكن فـي محلِّه، وإنَّ غضبَ زيوس من منح البشر النّار يحمل رؤية إله، عارف، فغضبه ومعاقبته لبروميثيوس راجع إلى اعتقاده أنّ البشر لا يعرف كيف يلعب لعبة النّار، وأنّه سيستعملها الأشرار لحرق الأخيار.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: منها ما هو ار التی الذی ی
إقرأ أيضاً:
لماذا تجب علينا المكابدة؟
كابَدَ يُكابِدُ مُكابَدَة فيكون الإنسانُ مُكابِدا. ويُقال كابَدَ الأمر أي تكبَّدهُ؛ فقاسى شدَّته وتحمَّل مشاقه، وركب هوله ومصاعبه. ويُقال كذلك كَبَدَ ابن آدم الأمر أي قَصَدَهُ. وكبَّد العدو خسائرَ أي أنزلها به وكلَّفه إياها. والكَبِدُ وسط الشيء ومعظمه، وهو العضو في الجانب الأيمن من بطن الإنسان، وإليه يُنسب الأولاد، كناية عن إنهم أعز ما وهبنا؛ فيُقال لهم: أفلاذ أكبادنا. وكبِدُ الأرض ما في بطنها من معادن نفيسة. ويوصف الإنسان بغلظة الكبد كناية عن شراسته، والشيء "يُفتِّت الأكباد" كناية عن تسبُّبه بحزنٍ شديد مُمض. وإذا قَدَر الإنسان على الفلاة؛ يُقال تكبَّدها. ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم.
وقد وردت لفظة الكَبَد واشتقاقتها في القرآن الكريم مرَّة واحدة فحسب (سورة البلد؛ اﻵية رقم 4): "لقد خلقنا الإنسان في كَبَد"، بمعنى المشقَّة والشدَّة والعناء، وقيل بمعنى انتصاب القامة واعتدالها، وقيل القوة والقصد. وما من شيء يمنع جمع المقصد القرآني لهذه المعاني كلها؛ فلا تعارُض بينها في شأن الإنسان وحاله، بل هو تكامُل رباني معجز. فإن المكلَّف الذي ألقي به -حرفيّا- إلى داخل هذا التاريخ، ليحيا في مجال التجربة والخطأ، والذنب والتوبة والطغيان والأوبة؛ أي ليخوض غمار اختياره الإنساني -بمشيئة الله وتقديره- هو سائرٌ انتصبت قامته ابتداء -رغم معاناته- فلا تنكسر قامته، وينتكس في هذا السير القصدي الغائي؛ إلا بأن يوكل إلى نفسه والعياذ بالله. فإنه إن لم يَستَعِن صادقا بمن كلَّفه تكبُّد وجوده؛ لم ينَل معونة على ما كُلِّف وضاع.
والكبد والمكابدة هي -باختصارٍ غير مُخِلٍّ- فلسفة التاريخ الإسلامي، التي أشار إليها القرآن إجمالا في سورة البلد، وفصَّلها خاتما سورة العصر؛ إذ بسط مآل الخُسر التاريخي الحتمي وغايته في قوله جلَّ شأنه: "إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر". فإنه لم يجعل لهذا الخسر الحتمي الذي نُكابده، والتاريخ المحيق الذي نُعانيه؛ مآلا دنيويّا برانيّا مُعينا تنعقد عليه اليد، وإنما غيَّب المآل داخل التاريخ، وجعل التواصي هو كل ما يطمع فيه ابن آدم داخل هذا التاريخ: التصبُّر والتواصي، والتكاتُف في احتمال الخُسر الدنيوي البراني الحتمي؛ لئلا ينعكس انعاكسا انتكاسيّا على المجال الجواني له، فيرتد الإنسان -معاذ الله- من أحسن تقويمٍ إلى الانكباب على وجهه، باعتبار هذا الانكباب الضال المُضِل نقضا للكَبَد والمكابدة، وعكسا لطريق السير المنتصب القامة على صراط مُستقيم؛ قاصدا رب البرية. وبعبارة أخرى، فإن فلسفة الكَبَد التاريخيَّة هذه تعني أننا خلقنا للمشقَّة والمعاناة، ولاحتمال هذه المعاناة، وأن جوهر الإيمان هو التواصي على هذا الاحتمال بحول الله، والتكاتُف أثناء عبور هذه الدار؛ لنعرُج بهذه الآلام إلى الله، وقد أقمنا الحجة على أنفسنا بالسير في هذا الطريق الشاق بزاد التواصي.
ولهذا، فرَّق الإسلام تفرِقَة قاطعة بين المكب على وجهه لا يُبصر طريقه (سورة الملك؛ الآية رقم 22)، ومن يسير سويّا مُعتدل القامة على صراط الله المستقيم؛ إذ هما الطريقان الوحيدان، اللذان تتجسَّد فيهما هذه الفلسفة التاريخيَّة. ولا يستوي من يُقاسي الشدة ويعاني المشاق الحتميَّة، وهو لا يُبصر غايته، ومن يركب الهول والمصاعب، وهو يرى ربه العلي سبحانه؛ إذ تعلَّق بصره بما تجاوز الزمكان وعلا فوق التاريخ. جلَّ شأنه وتبارك اسمه ولا إله غيره. والعجيب أن هذا المصدر الفذ، يطوي من المعاني ما يوافق حال الإنسان في مسيره الدنيوي، ويطابق أموره كلها داخل هذا التاريخ. فإنك ترى المكب على وجهه -والعياذ بالله- قد غلظ كبده، وظهرت شراسته، وعمي إلا عما جُعل في كبد الأرض، وغفل بانكبابه عن النظر إلى كبد السماء، وما يمثله؛ فتفتَّت كبده لكل حزن يُصيبه، إذ أنه لا يرجو من الله ما يرجوه المؤمن، وإن كانت المصيبة تنزلُ بهما معا.
هذه المكابدة ليست موافقة إجمالا للنواميس الإلهية فحسب، بل هي أولا وقبل كل شيء مُفصَّلةٌ على مقاس إنسانيَّة ابن آدم وخصاله المركبة، ومجعولة له جعلا؛ فإنه الكائن الوحيد المكلَّف المفطور على الاختيار، وعلى مكابدة خياراته، ومكابدة وجوده كله -نتيجة هذه الحريَّة- لهذا؛ كانت المكابدة ناموسا لتحقُّق إنسانية الإنسان أولا، ثم لاكتمال إيمانه، وأخيرا لاتساقه مع فلسفة التاريخ الإنساني الموافقة لتركيبه وإيمانه.
هذا التحقُّق يلزمه -أولا- أن تكون المكابدة مُكابدة للنفس دوما، وقبل كل شيء؛ لفجورها وهواها، وضعفها وسقوطها، وشهواتها وإخلادها. فهذه المكابدة الذاتية أصل الفطرة السليمة، ومبتدأ حفظها وشحذها، فإذا انتكست -والعياذ بالله- شرعت في مكابدة السوى، وتمخَّضت عنها أعراض مرضيَّة تُبرئ النفس الأمارة وتعُدُّ الآخرين هم الجحيم -كما ذهب سارتر وأضرابه مثلا- إذ صار الغير أصل كل سوء وبلية. وهذه النفسيَّة نفسيَّة انكباب لا ترى الوجود على حقيقته، ولا تستوعب معنى التكليف، ولا تُدرك حقيقة الحريَّة؛ مُدلَّلة تحسب أنها مركز الكون، وأنها تستحق كل الخير بذاتها ولذاتها، وبمجرد وجودها. فهي دائمة الشكوى من كل شيءٍ وكل أحد، إذا لم تنل ما يوافق هواها من الدنيا؛ فإنما أفسدها توهُّمها المتأله، وإغفالها ثمن حريتها في الاختيار، وغفلتها عن عبوديتها لخالق مُحيط، وعن أن حريَّتها التي أرادها الخالق ابتلاء ومسؤولية؛ لتُميز الباطل من الحق وتختار طريقها بين العناصر التي رُكِّبَت منها أولا؛ فإما الإخلاد إلى الطين أو السمو إلى آفاق الروح.
وانظر إلى إدراك السلف البصير، إذ يقول الجاحظ في المجلَّد الأول من سفره الماتع: "الحيوان"؛ في الفصل الذي عنونه مصلحة الكون في امتزاج الخير والشر: "اعلم أن المصلحة.. امتزاج الخير بالشر، والضار بالنافع.. ولو كان الشر صِرفا هلك الخلق، أو كان الخير محضا سقطت المحنة، وتقطَّعت أسباب الفكرة، ومع عدم الفكرة يكون عدم الحكمة ومتى ذهب التخيير ذهب التمييز.. ولم تكُن للنفس آمال ولم تتشعَّبها الأطماع. ومن لم يعرف كيف الطمع؛ لم يعرف اليأس، ومن جهل اليأس؛ جهل الأمن.. ولو استوت الأمور بَطُل التمييز، وإذا لم تكن كلفة لم تكن مثوبة، ولو كان ذلك لبطلت ثمرة التوكُّل على الله تعالى، واليقين أنه الوزَرُ والحافظ والكالئ والدافع.. وأنه يقبلُ اليسير ويهب الكثير".
أي أن امتزاج الخير والشر ضرورة لتعمل آلة التمييز المفطورة في بني آدم، ويتحقَّق تكليفه، وتتحقَّق إنسانيته الربانية المركَّبة. ولو كان الشر صرفا لا خير معه لهلك الخلق لشدَّة وطأته، ولو كان الخير محضا لا شر معه سقطت المحنة وانتفى التكليف؛ فإما جحيم أرضي من الشر أو فردوس أرضي من الخير، وفي الحالين يصير الإنسان إلى القهر؛ مثله في ذلك مثل الملائكة أو الحيوان! إذ ستنقطع مع جدليَّة الخير والشر أسباب التفكير وتضمُر حكمة المعرفة، وينعدم التمييز؛ إذ استوت الأمور وصار الإنسان مقهورا بالجهل والغريزة كغيره من المخلوقات. وقد قرر أمير المؤمنين عُمر بن الخطاب أن من لم يعرف الجاهليَّة؛ لم يعرف الإسلام. فمن لم يعرف شرور الجاهليَّة؛ لم يُدرك حجم الخير الذي يطويه الإسلام لاستنقاذ الإنسان من نفسه ومن طينه، بغير الجور على هذا الطين أو إلغائه، وهذا هو مكمن المعجزة في الشريعة المحمدية: معونة على الاختيار وتوفيقٌ وسداد، يخلق التوازُن بين البواعث والغايات، ولا ينكر طينك كما لا يُطلق له العنان، بل يدفعك لتُكابده موفقا مسددا بحول الله؛ تغلبه تارة بمكابدتك ويغلبك أخرى بقعودك. والله يهدي من يشاء.
x.com/abouzekryEG
facebook.com/abouzekry