بعد عقد كامل من الحرب.. اليمنيون يستقبلون 2025 بمخاوف من استمرار انهيار الوضع الإنساني والاقتصادي
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
يطوي اليمنيون عقد كامل من عمر الحرب في البلاد ويدخلون عام جديد في ظل مخاوف من استمرار تدهور الوضع الإنساني وسط تراجع المساعدات الدولية، وعدم وضوح خطط وبرامج الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، وفي ظل تحذيرات من زيادة أعداد المحتاجين، وتوقعات بتردي الواقع المعيشي وعدم جدوى خطط التمويل والإغاثة.
وبعد مرور قرابة أسبوعين من العام الجديد، لم تقدم الأمم المتحدة ووكالاتها خطتها للاستجابة الإنسانية في اليمن، واكتفت بعقد ورش تشاورية حول استراتيجية الخطة المتوقعة، مع الجهات الحكومية وقيادات المحافظات والوكالات الأممية والدولية والمجتمع المدني، لتقييم الاحتياجات في التعليم، والصحة، والزراعة، والثروة السمكية، والمياه والصرف الصحي، والنظافة، والأمن الغذائي، والمأوى، وأعداد المحتاجين، والمناطق الأكثر احتياجاً.
واستعرضت الورش، المشاورات الفنية على مستوى القطاعات والكتل الإنسانية، واستمع ممثلو الأمم المتحدة خلالها إلى الملاحظات والتعقيبات المطروحة من القطاعات الحكومية حول أولوية البرامج للاستجابة الإنسانية للعام الحالي، وناقشت أبرز ما جاء في مسودة خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية، التي يعدها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
وكشفت مصادر عن أن الأمم المتحدة تفتقر، حتى اللحظة، للمعلومات والبيانات الكافية حول تطورات الوضع الإنساني في اليمن، وتسعى من خلال هذه الأنشطة واللقاءات إلى الحصول على تقييم شامل، والخروج بتصور كافٍ لمواصلة العمل على مسودة خطة الاستجابة الإنسانية، التي يبدو أن ثمة مساعي لتكييف غالبية الدعم المنتظر عبرها لصالح إغاثة النازحين، بحسب المصادر.
ويواجه أكثر من 4 ملايين نازح يمني صعوبات كبيرة في توفير الغذاء الكافي، والحصول على المأوى المناسب، مع ندرة فرص عودة غالبيتهم إلى مواطنهم الأصلية، رغم توقف المعارك العسكرية.
خطوات غير مبشرة
ويبدو أن إجراءات وأنشطة الأمم المتحدة وطرق جمعها للمعلومات والبيانات ووكالاتها العاملة في اليمن لا تبشر بإمكانية إعداد خطة استجابة إنسانية قادرة وكافية للتعامل مع الوضع الإنساني المتفاقم، وتوفير الاحتياجات الزائدة لليمنيين في ظل التدهور المعيشي المستمر، وتراجع العملة المحلية.
ويرى جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن المبالغ التي يمكن أن توفرها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، لن تكفي لرفع المعاناة عن ملايين اليمنيين الذين يعيشون أوضاعاً معقدة، وذلك بسبب عدم تغير آلية العمل الإغاثي السابقة، التي لم تكن ذات جدوى، ولم تحقق أي تغيير في واقع المعاناة التي عاشها هؤلاء منذ بدء الحرب.
وقال بلفقيه «ما زالت المنظمات والوكالات الأممية تعمل وتدير أنشطتها من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وبنسبة تفوق 85 في المائة، في حين تعمل في مناطق سيطرة الحكومة في ظل نقص واضح في المعلومات والبيانات، ودون مرور الأموال التي تقدمها للمساعدة عبر البنك المركزي، ما يحدّ من إمكانية أن تسهم في تحسين الاقتصاد اليمني، والأوضاع المعيشية لكل السكان».
وطالب المسؤول الإغاثي بتعديل وتغيير طرق ووسائل أنشطة الإغاثة في اليمن لتلبية احتياجات السكان والمتضررين من الأزمة الإنسانية، مشيراً إلى التناقض الكبير بين الأرقام والبيانات الأممية التي تكشف عن كم هائل من الاحتياجات الإنسانية، وما يجري تقديمه من مبالغ لا تفي بأغراض الإغاثة، وتوفير الأمن الغذائي والصحي، إلى جانب عدم جدوى كيفية توزيع وإيصال تلك المساعدات إلى المستحقين.
وكان «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا)» حذر أواخر العام الماضي، من تدهور زائد للوضع الإنساني في اليمن، مع استمرار الصراع المسلح، وعدم التوصل إلى تسوية سياسية.
في السياق نفسه، يشير الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار إلى أن الوضع المعيشي في اليمن يواجه كثيراً من التحديات خلال العام الحالي، ويرتبط بشكل مباشر بمؤشرات اقتصادية وإنسانية تعكس عمق الأزمتين السياسية والاقتصادية، حيث يعاني ميزان المدفوعات من عجز يقدر بـ 4.4 مليار دولار في العام الماضي مقارنة بـ2.3 مليار دولار في عام 2022، بحسب التقارير الرسمية، وهو ما يعني عجز الاقتصاد عن تغطية فاتورة الاستيراد.
توقع أوضاع مزرية
وتتحدث الأمم المتحدة عن نحو 18 مليون شخص، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، مع توقعات بارتفاع هذا العدد إلى 19 مليون شخص خلال العام الحالي، ومزيد من التدهور في البنية التحتية المدنية والإنسانية.
وبحسب حديث النجار، تسبب العجز في ميزان المدفوعات في تدهور متسارع للعملة اليمنية (الريال) أمام العملات الأجنبية، ووصولها إلى أرقام غير مسبوقة، لافتاً إلى أن استمرار توقف صادرات النفط بسبب الممارسات الحوثية حرمت البلد مما يعادل ملياراً و600 مليون دولار سنوياً، إلى جانب انخفاض الإيرادات الجمركية والضريبية.
ولا يتوقع النجار حدوث تحسن اقتصادي خلال العام الحالي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها وغطرستها، ودون دعم دولي قوي لمساندة اليمن في تجاوز هذا الوضع، بالترافق مع سياسات داخلية أفضل تركز على استغلال الموارد المحلية، وتحسن من كفاءة تحصيل الإيرادات، وتنمي الإيرادات غير النفطية، خصوصاً في قطاعات الزراعة وصيد الأسماك التي تشكل قرابة 30 في المائة من القوى العاملة في البلاد.
وكان المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) لفت سابقاً إلى أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025، ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي وكذلك الاقتصادي.
ويحتل اليمن المرتبة الثانية عالمياً من حيث عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والمرتبة الثانية من حيث عدد الأشخاص غير القادرين على الوصول إلى الخدمات الصحية، والمرتبة الثالثة من حيث عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. كما ذكرت منظمة الصحة العالمية، من جهتها، أن اليمن سجل 35 في المائة من حالات الكوليرا عالمياً، و18 في المائة من الوفيات المبلغ عنها بسبب الوباء على مستوى العالم.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن حرب الازمة اليمنية اقتصاد الوضع الإنسانی الأمم المتحدة فی المائة فی الیمن
إقرأ أيضاً:
الأغذية العالمي واليونيسف: الوضع الإنساني في غزة يتدهور بوتيرة مقلقة
حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، من أن الوقت ينفد لتقديم استجابة إنسانية شاملة في قطاع غزة، حيث يتدهور الوضع الإنساني بوتيرة مقلقة.
وأوضحت المنظمتان الأمميتان - في بيان مشترك اليوم الثلاثاء، أن قطاع غزة يواجه خطر المجاعة الشديد، حيث وصلت مؤشرات استهلاك الغذاء والتغذية إلى أسوأ مستوياتها منذ بدء الصراع، وفقًا للبيانات الواردة في أحدث تنبيه للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC).
وأضاف البيان، أن الصراع المستمر، وانهيار الخدمات الأساسية، والقيود الشديدة المفروضة على إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية من قِبل الأمم المتحدة، أدى إلى ظروف كارثية للأمن الغذائي لمئات الآلاف من الناس في جميع أنحاء قطاع غزة.
وذكر أن استهلاك الغذاء، وهو أول مؤشر أساسي للمجاعة، انخفض بشكل حاد في غزة منذ آخر تحديث للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في مايو 2025 فيما تُشير البيانات إلى أن أكثر من واحد من كل ثلاثة أشخاص (39%) يقضون أيامًا دون طعام بمعنى أن أكثر من 500 ألف شخص - أي ما يقرب من ربع سكان غزة - يعانون من ظروف أشبه بالمجاعة، بينما يواجه باقي السكان مستويات طوارئ من الجوع.
من جانبها، قالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي: «إن المعاناة التي لا تُطاق لسكان غزة باتت جلية للعالم، إن انتظار تأكيد رسمي للمجاعة لتقديم مساعدات غذائية منقذة للحياة يحتاجونها بشدة أمر غير مقبول».
وأضافت: «علينا إغراق غزة بمساعدات غذائية واسعة النطاق، فورًا ودون عوائق، والحفاظ على تدفقها يوميًا لمنع المجاعة الجماعية.. الناس يموتون بالفعل بسبب سوء التغذية، وكلما طال انتظارنا للتحرك، ارتفع عدد القتلى».
واعتبارًا من يوليو الجاري، كان أكثر من 320 ألف طفل، أي جميع سكان قطاع غزة دون سن الخامسة، معرضين لخطر سوء التغذية الحاد، ويعاني الآلاف منهم من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أخطر أشكال نقص التغذية، وقد انهارت خدمات التغذية الأساسية، ويفتقر الرضع إلى المياه النظيفة وبدائل حليب الأم والتغذية العلاجية.
بدورها، صرحت كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف قائلة: «يموت الأطفال والرضع الهزال بسبب سوء التغذية في غزة"، مضيفة: "نحن بحاجة إلى وصول إنساني فوري وآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء غزة لتوسيع نطاق إيصال الغذاء والتغذية والمياه والأدوية المنقذة للحياة.. وبدون ذلك، سيظل الآباء والأمهات يواجهون أسوأ كابوس، عاجزين عن إنقاذ طفل يتضور جوعًا من حالة يمكننا منعها».
وأشار البيان إلى أنه على الرغم من إعادة فتح المعابر جزئيًا، فإن المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة لا تكاد تذكر مما يحتاجه سكان يزيد عددهم على مليوني نسمة شهريًا، ولتغطية احتياجات غزة الأساسية من الغذاء والمساعدات الغذائية، يلزم أكثر من 62000 طن من المساعدات المنقذة للحياة شهريًا.
وأكد أن استئناف استيراد الأغذية التجارية يعد أيضا أمرًا بالغ الأهمية أيضًا لتوفير تنوع غذائي يشمل الفواكه والخضراوات الطازجة ومنتجات الألبان والبروتينات مثل اللحوم والأسماك، كما أن نقص الوقود والمياه وغيرها من المساعدات الحيوية يُقوّض الجهود المبذولة لمنع المجاعة ووفيات الأطفال.
ورحبت الوكالتان بالالتزامات الجديدة الأخيرة بتحسين ظروف عمل المنظمات الإنسانية، بما في ذلك تنفيذ فترات هدنة إنسانية، وتأمل أن تسمح هذه الإجراءات بزيادة كبيرة في المساعدات الغذائية والتغذوية الضرورية للوصول إلى الجوعى دون مزيد من التأخير.
وشدد البيان على أن وكالات الأمم المتحدة تجدد دعواتها العاجلة إلى وقف إطلاق نار فوري ومستدام، لوقف القتل، والسماح بالإفراج الآمن عن الرهائن، وتعزيز العمليات الإنسانية المنقذة للحياة.
اقرأ أيضاًعاجل.. «الأغذية العالمي» يؤكد وصول أزمة الجوع بغزة لمستويات غير مسبوقة
تجدد القصف على دير البلح وبرنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة وشيكة في غزة
برنامج الأغذية العالمي: العائلات الفلسطينية بغزة لا تزال على شفا المجاعة