بقلم : هادي جلو مرعي ..
ولدت، ولم تمض سوى بضع شهور وإذا بوالدي يغادر الحياة من المستشفى في بغداد، ولم يكن الوقت كافيا لتنطبع صورته في ذاكرتي، وواجهت الحياة فقيرا كادحا أبحث عن حياة بين ركام الخوف واليتم، وعدم اليقين من تحقق أي من تلك الآمال التي بدأت تكبر معي، وترتسم مثل أشباح تتراءى لي في الفضاء القريب والبعيد، وحين أسير في الطرقات، أو حين أتمدد فوق سطح ماكان يسمى بيتا، وهو ليس ببيت في ليالي الصيف، وأسمع في الراديو لمغن يقول.
سمراء ياحلم الطفولة
يامنية النفس العليلة
كيف الوصول الى حماك
وليس لي في الأمر حيلة
كانت السماء تغدق علي بالنجوم، وتتراءى لي الأبراج من بعيد وسط الظلام. فلم يكن الفضاء قد تلوث بعد بالأضواء المصطنعة التي تشع في الليل البهيم، وكنت أسمع لهم قولا.. النظر في السماء ليلا يقوي البصر، ويضعف العقل. وللوهلة الأولى كنت أظن الضعف في العقل إنه الجنون، ولكني فهمت إنه إجهاد للعقل لأن العين ترى، والعقل يتأمل، ويفكر، ويحسب، ويسهب في الحساب، والنظر في قدرة الخالق العظيم.
حين كبرت، ولم أسجل لوالدي أية ذكرى في نفسي حتى لو توهما فهو غير موجود، ولو كان بيده شيء لفعل الكثير من أجلي، قررت أن أتصدق عنه بكل عمل خير أقوم به، أو قول حسن أقوله، وبرغم كل العذابات لم أجرؤ على التفكير، ولو لمرة أن والدي كان مسؤولا عن تلك العذابات، فالمشيئة هي من أوجدتني، ووالدي لم يكن سوى سبب، ومازلت أدعو له بالرحمة والمغفرة من الله.
أشعر بالرعب حين أشاهد برامج تلفزيونية، أو أسمع قصصا عن عقوق الأبناء لآبائهم الذين لم يغادروا الحياة مبكرا كما هو الحال مع والدي، بل عملوا بجد حتى أوصلوهم الى مراتب عالية. فمنهم المهندسين والأطباء والتجار وأصحاب المصالح، ولكنهم تخلوا عنهم ووضعوهم في دور العاجزين، أو تركوهم يعيشون لوحدهم مع المرض، ومنهم من إستجاب لسلطان الزوجة التي لاترغب في العيش مع الأبوين في منزل واحد بحثا عن الراحة. وهولاء يمثلون جيل الثمانينيات ونهاية السبعينيات، والسؤال ماذا سيفعل الجيل الحالي واللاحق ومايليه والمنغمس في الماديات بالآباء والآمهات؟ وحينها أتذكر حياة الحيوان. فالحصان يجري ويجري، ويقفز الحواجز، ويخوض السباقات، ويفرح به صاحبه، ولكنه حين يمرض، أو يصاب بالعجز يطلق عليه رصاصة الرحمة.. فهل الأم، أو الأب هما حصان منته الصلاحية؟
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
دينا أبو الخير تحذر: عقوق الأبناء أشد من عقوق الآباء.. فيديو
حذرت الداعية الإسلامية د. دينا أبو الخير من تأثير إهمال الأبناء على سلوكهم وأخلاقهم، مؤكدة على ضرورة الاهتمام بتربية الأطفال ورعايتهم، مشيرة إلى أن هذا هو واجب الأب والأم تجاه أبنائهم.
وقالت دينا أبو الخير خلال تقديمها برنامج "وللنساء نصيب"، والمذاع على قناة صدى البلد، إن الله سبحانه وتعالى قد منحنا نعمة عظيمة في هذه الدنيا، وهي مسؤوليتنا تجاه أبنائنا، وأن إهمال هذه المسؤولية يعد تضييعًا للنعمة، مؤكدة أن الآباء سيتحملون مسؤولية كبيرة أمام الله على التقصير في تربية أولادهم.
وتطرقت دينا إلى سؤال شاب شارك تجربته في البرنامج، حيث قال إنه نشأ في بيئة مليئة بالمشاكل العائلية، ما أثر عليه بشكل سلبي في سلوكه وأخلاقه، أنه أصبح شخصًا سيئًا وغير ملتزم بالدين، مشيرًا إلى أنه يشعر بأنه غير مسؤول عن الأخطاء التي ارتكبها في حياته، وتساءل عما إذا كان سيعاقبه الله أم سيحاسب والديه.
ردّت دينا أبو الخير على السؤال قائلةً: أن المسؤولية في المقام الأول تقع على الأب والأم الذين يُحاسبون أولًا على تربية أبنائهم وتوجيههم، وأنه يجب على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم في جميع أمور الحياة، وفي بعض الأحيان نختار الزوجة أو الزوج بعناية، ولكن لا نُعطي نفس الاهتمام عند اختيار الأب أو الأم، فهناك فرق كبير بين أن تكون شخصًا قادرًا على الزواج وبين أن تكون قادرًا على تربية أولادك."
وأوضحت أنه كما يُحاسَب الأبناء على سلوكهم، فإن الآباء سيُسألون أولًا عن كيفية تربيتهم لأولادهم، مشددة على أن عقوق الأبناء في المقام الثاني، لأنه مرتبط مباشرةً بعقوق الآباء.