العولمة كظاهرة سياسية وعالم بلا هوية
تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT
ليس من الصعب بمكان أن نرى شِبْه إجماع على أنَّ العولمة هي عالَم بلا هُوِيَّة حوَّلت هذا العالَم إلى قرية كونيَّة، كما يُجمع عليه أغلب المفكِّرين وروَّاد الفكر والمعرفة الشغوفين برصد ومتابعة تأثيرات هذا المفهوم الجديد على حياتنا ونمطها، وأشكال العيش فيها.
وتُمثِّل العولمة حلقة في سلسلة محاولات جعل العالَم عابرًا للحدود والثقافات وتوسيع دَوْر الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ما أدَّى إلى تراجع دَوْر الدولة القوميَّة إلى حدِّ وصف البعض بأنَّها نهاية الحضارات.
وما بَيْنَ مفهومَي العولمة كظاهرة سياسيَّة وعالَم بلا هُوِيَّة تبرز تأثيرات وتداعيات هذَيْنِ المفهومَيْنِ على عالَمنا العربي ومُجتمعاته وثقافاته المتنوِّعة، وهو الأمْرُ الذي أدَّى إلى تناقض المفهومَيْنِ من حيث الدَّوْر والنتائج على الأرض، ما يعني أنَّ حائط الصَّد للدولة القوميَّة وثقافتها المُجتمعيَّة لمواجهة تداعيات المفهومَيْنِ كان يرى أنَّ العولمة بمفهومها العابر للحواجز والحدود هو مصادرة للهُوِيَّة الثقافيَّة المُجتمعيَّة وتفكيكٌ لثوابتها وقواعد العيش المشترك بَيْنَ مُكوِّناتها.
والظاهرة السِّياسيَّة للعولمة واضحة المعالم والأهداف بعد أن كرّست هذه الظاهرة للتبشير بمفاعيلها الإيجابيَّة في مسار التحوُّلات السِّياسيَّة في عدَّة دوَل، فيما واجَه مفهوم العالَم بلا هُوِيَّة وخياراته المفتوحة على جميع الصُّعد حملة مضادَّة لهذا التحوُّل الذي يهدف إلى إلغاء الثقافات والمُثل التي تستند إليها هذه الدوَل التي تقاومه؛ لأنَّه يُلغي دَوْرها لصالح الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات ومصالحها الاستعماريَّة.
إذًا فإنَّ الظواهر التي برزت بعد التبشير بالعالَم الجديد لَمْ تُحقِّق ما تصبو إليه المُجتمعات التي رأت في مفاعيله على حياتهم لا يُشكِّل نقلة، ولَمْ يحلَّ أيًّا من معضلاته بعد أن تغوَّلت الشركات المتعدِّدة الجنسيَّات في جشعها على حساب تطلُّعات الشعوب بحياة آمنة من دُونِ جشع واستغلال.
فالمشهد ـ الذي نراه طبقًا لواقع الحال في وطننا والعالَم ـ هو قاتم، تداخلت في طيَّاته عوامل التِّيه والضبابيَّة من فرط غياب بوصلة الحلِّ الذي يبدو أنَّه غير مرئي وواضح للعيان.
وعلى الرغم من أنَّ العولمة تؤكِّد أنَّ التنوُّع في جميع أنحاء العالَم يتبدَّل ويتطوَّر، لكنَّه يتحوَّل بذات الوقت إلى وباء بسبب ثقافة الاستهلاك الغربيَّة؛ بفعل هيمنة الثقافة الأميركيَّة المؤثِّرة على العالَم التي تؤدِّي في نهاية المطاف إلى القضاء على التنوُّع الثقافي، الذي يستهدف تدمير الهُوِيَّات الثقافيَّة، التي تُهيمن عليها ثقافة الاستهلاك الغربيَّة، والخاسر الأكبر بالنتيجة مُجتمعاتنا وهُوِيَّة أوطاننا. وخلاصة القول: إنَّ المطلوب لتحصين مُجتمعاتنا وأُسُس التعايش الثقافي والسِّلمي من شرور المفاهيم الدخيلة على مُجتمعاتنا، ومخاطر مصادرة هُوِيَّتنا القوميَّة هو التمسُّك بثوابت العيش الأبدي بَيْنَ أبنائه من خلال حملة جماعيَّة لمواجهة تحوُّل أوطاننا إلى محطَّات استهلاكيَّة لشركات استغلاليَّة عابرة للحدود بعد تحوُّل أوطاننا إلى أوطان بلا هُوِيَّة منزوعة الروح والتنوُّع الثقافي، وحوَّلتها إلى قرية كونيَّة تمرح وتسرح في فضائها، وتستغل وتعمل بدُونِ مُحدِّدات الشركات الاستعماريَّة لنهب ثروات الشعوب وتتغوَّل في جشعها على حساب وحاجات وتطلُّعات الشعوب إلى الرخاء والازدهار والأمن المُجتمعي.
أحمد صبري
كاتب عراقي
a_ahmed213@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: بلا ه و ی العال م م بلا ه
إقرأ أيضاً:
حول العالم.. صدمات وكوارث وتحولات سياسية بارزة
سلسلة أحداث صادمة هزّت العالم اليوم، من حادث تصادم جماعي مروع على طريق مصر السويس الصحراوي، زلزال قوي يهز جزر سليمان، اعتداء وحشي لأم على طفليها في طنطا، لحظات رعب في إسطنبول بعد حادث سيارة إسعاف، مظاهرات حاشدة في فالنسيا لإحياء ذكرى الفيضانات، اصطدام عنيف في جائزة ماليزيا الكبرى للدراجات، وتعديل دستوري في جيبوتي يمهد للرئيس للبقاء في الحكم. يومٌ مليء بالكوارث، الحوادث، والتطورات التي ترسم واقعًا عالميًا متقلبًا.
مصر.. مصرع 3 أشخاص وإصابة 45 في حادث تصادم جماعي على طريق السويس الصحراوي
شهد طريق مصر السويس الصحراوي شرق القاهرة مساء السبت حادثًا مروريًا مروعًا أسفر عن وفاة 7 أشخاص وإصابة 45 آخرين، نتيجة تصادم جماعي بين 7 مركبات، شملت تريلا ثقيلة وأوتوبيس و5 سيارات ملاكي.
ووقع الحادث على بعد 5 كيلومترات قبل الطريق الإقليمي، ما أدى إلى انقلاب بعض المركبات واشتعال حريق جزئي. هرعت فرق الإسعاف والدفاع المدني إلى الموقع، وتم نقل الضحايا المحاصرين إلى المستشفيات.
وأوضح مصدر طبي في مستشفى بدر شرق القاهرة أن معظم الوفيات كانت من ركاب الأوتوبيس، فيما تتضمن الإصابات كسورًا ونزيفًا داخليًا، وحالتان حرجة. تم نقل بعض المصابين إلى مستشفيات أخرى مثل الشروق لتخفيف الضغط.
وأعلنت وزارة الصحة المصرية عن دفع 28 سيارة إسعاف مجهزة، ونقل 38 مصابًا إلى مستشفى بدر الجامعي، و3 حالات إلى مستشفى الشروق.
وأشارت التحقيقات الأولية لمديرية أمن القاهرة إلى أن الحادث نجم عن انحراف التريلا عن مسارها بسبب السرعة الزائدة وعدم الالتزام بالمسافات الآمنة، ما أدى إلى اصطدامها بالأوتوبيس وبقية السيارات.
ويعد طريق مصر السويس الصحراوي من أهم الشرايين الاقتصادية في مصر، حيث يربط العاصمة بالمناطق الصناعية في السويس والإسماعيلية، ويشهد مرور آلاف الشاحنات والمركبات يوميًا.
زلزال بقوة 6 درجات يضرب شرقي جزر سليمان
أفادت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بوقوع زلزال بلغت قوته 6 درجات بمقياس ريختر بالقرب من جزر سليمان في المحيط الهادئ.
وسُجل الزلزال عند الساعة 23:28 بتوقيت UTC، على بعد 197 كيلومتراً جنوب شرقي مدينة لاتا، عاصمة ولاية تيموتو في أقصى شرق جزر سليمان، والتي يقطنها عدة مئات من السكان.
وكانت بؤرة الزلزال على عمق 54.4 كيلومتر.
ولم ترد حتى الآن أي تقارير عن وقوع دمار أو إصابات بشرية، كما لم يصدر أي تحذير من موجات تسونامي في المنطقة.
أم مصرية تعتدي بوحشية على طفليها في طنطا
أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر حالة غضب واسعة، بعد ظهور أم تعتدي على طفليها بشكل وحشي داخل حمام منزلهم في مدينة طنطا بمحافظة الغربية شمالي البلاد.
وأظهرت التحريات الأمنية أن الأم، البالغة من العمر 33 عامًا ومن زوج سابق، اعتدت على الطفلين، البالغين من العمر 7 و4 سنوات، بعد تقييدهما بالحبال داخل الحمام، مصوّرة الواقعة بنفسها. وأقرت الأم أمام السلطات بأن الهدف كان تأديب الطفلين وتقويم سلوكيهما، كما أنها أرسلت المقطع إلى طليقها لتوضيح صعوبة تربية الأطفال بمفردها.
وأظهر الفيديو صراخ واستغاثة الطفلين دون استجابة من الأم، التي ظهرت في الفيديو وهي تقول: “مش عارفين تمشوا على رجلكم من الضرب والله لازم أشلكم”.
وأوقفت الأجهزة الأمنية الأم للتحقيق، في إطار متابعة حماية الأطفال وضمان محاسبة المتورطين في الاعتداءات الأسرية.
لحظات رعب في إسطنبول.. سيارة إسعاف تدهس سائق دراجة نارية بعد أن قذفته سيارة أخرى!
وثّقت كاميرات المراقبة في مدينة إسطنبول، اليوم الأحد، حادثًا مروّعًا شهد لحظات من الرعب، بعدما دهست سيارة إسعاف سائق دراجة نارية كان قد قُذف للتو على الطريق إثر اصطدامه بسيارة أخرى.
وبحسب ما أوردته صحيفة “Haberler” التركية، وقع الحادث في أحد الشوارع الرئيسية بالمدينة، عندما اصطدمت دراجة نارية بسيارة كانت تسير أمامها، ما أدى إلى ارتطام السائق بقوة وسقوطه على الطريق.
وفي لحظة مأساوية، وبينما كان الرجل ملقى على الأرض، وصلت سيارة إسعاف مسرعة إلى مكان الحادث نفسه، لتدهسه عن طريق الخطأ، في مشهد وثّقته الكاميرات من زوايا متعددة.
وأظهرت اللقطات كيف علِق السائق تحت عجلات سيارة الإنقاذ التي كانت متجهة لمعالجة ضحايا الحادث الأول، قبل أن يتبيّن أنها تسببت بإصابة خطيرة إضافية.
ولم تكشف السلطات التركية حتى الآن عن الحالة الصحية للسائق أو عن تفاصيل التحقيق في الحادث، الذي أثار موجة من الصدمة على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا.
آلاف الإسبان يتظاهرون في فالنسيا إحياءً لذكرى الفيضانات التي أسفرت عن مئات القتلى
تظاهر اليوم السبت الآلاف من المواطنين في مدينة فالنسيا الإسبانية إحياءً للذكرى السنوية الأولى للفيضانات التي اجتاحت المدينة العام الماضي، وأدت إلى مقتل العشرات وتسبب في خسائر مادية ضخمة في الممتلكات والبنى التحتية.
وأكدت وسائل إعلام إسبانية أن أكثر من 50 ألف شخص شاركوا في المظاهرة، مطالبين باستقالة رئيس الهيئة الحكومية في فالنسيا، كارلوس ماسون.
وأوضح البيان الصادر عن الوفد الحكومي في فالنسيا أن المظاهرة شملت أكثر من 200 منظمة يسارية من المجتمع المدني، بالإضافة إلى جمعيات ضحايا عاصفة “دانا” ولجان الطوارئ المحلية.
وطالب المشاركون في المظاهرة باستقالة كارلوس ماسون بسبب الاستياء الواسع بين سكان فالنسيا من تعامل السلطات المحلية مع الكارثة التي اجتاحت المنطقة العام الماضي.
يذكر أن الفيضانات التي ضربت مناطق واسعة من إسبانيا في 29 أكتوبر 2024 تسببت في مقتل 229 شخصًا، وتسببت في أضرار كبيرة في مناطق الجنوب والشرق.
اصطدام عنيف في جولة موتو-3 بسباق جائزة ماليزيا الكبرى: نقل المتسابقين إلى المستشفى
شهدت حلبة سيبانغ حادثًا خطيرًا خلال جلسة الإحماء لسباق جائزة ماليزيا الكبرى، حيث اصطدم متسابقان من فئة موتو-3، الإسباني خوسيه أنطونيو رويدا بطل العالم لعام 2025، بالسويسري نوح ديتويلر في حادث عنيف خلال اللفة التحضيرية قبل بدء جولة المنافسة.
ووقع الاصطدام عندما كان ديتويلر يقترب من خط النهاية، ليطير في الهواء من على دراجته ويسقط أرضًا بشكل مفاجئ.
ورغم أن الحادث كان عنيفًا، لم تُبث الكثير من لقطات الحادث على الهواء، وتم رفع العلم الأحمر فورًا لإيقاف السباق.
هذا الحادث أعاد إلى الأذهان حادثًا مأساويًا حدث في نفس الحلبة قبل عشر سنوات، عندما فقد السائق الإيطالي ماركو سيمونشيلي حياته في حادث مماثل.
برلمان جيبوتي يلغي الحد الأقصى لسن الترشح للرئاسة لتمهيد الطريق للرئيس جيله للبقاء في الحكم
أقر برلمان جيبوتي اليوم الأحد إلغاء المادة الدستورية التي تحدد السن القصوى للمرشحين لرئاسة الجمهورية، في خطوة تفتح المجال أمام الرئيس إسماعيل عمر جيله للترشح لولاية جديدة.
وأوضح رئيس الجمعية الوطنية، ديليتا محمد ديليتا، أن النواب الـ65 صوتوا بالإجماع لصالح التعديل الذي ألغى الحد الأقصى البالغ 75 عامًا، مشيرًا إلى أن القرار يهدف إلى “ضمان استقرار البلاد في منطقة تشهد اضطرابات متصاعدة”.
وبموجب هذا التعديل، يمكن للرئيس جيله، البالغ من العمر 78 عامًا، الترشح لولاية سادسة في الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل 2026. ومن المتوقع أن يقرر الرئيس لاحقًا ما إذا كان التعديل سيعرض على استفتاء شعبي أو يعاد التصويت عليه داخل الجمعية الوطنية.
رغم تأكيد السلطات أن الهدف من الخطوة هو تعزيز الاستقرار السياسي، اعتبر معارضون وحقوقيون أن القرار يمهد لحكم مدى الحياة.
وأكد عمر علي وادو، رئيس الرابطة الجيبوتية لحقوق الإنسان، أن التعديل “يضرب مبدأ التداول السلمي للسلطة”، داعيًا إلى “انتقال سياسي ديمقراطي وهادئ”.
كما انتقد أليكسي محمد، المستشار السابق للرئيس الذي استقال احتجاجًا على تراجع الحريات، البرلمان وقال إن “البرلمان الذي أقر هذا التعديل لا يمثل الإرادة الشعبية”، مطالبًا بطرح التعديل على استفتاء عام لمعرفة موقف المواطنين منه.
وتعد جيبوتي، المستعمرة الفرنسية السابقة، دولة صغيرة مطلة على مدخل البحر الأحمر، ويبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة، وتستضيف قواعد عسكرية أمريكية وفرنسية وصينية، وتعتبر من أكثر دول القرن الإفريقي استقرارًا نسبيًا، رغم الانتقادات المتزايدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقيود المفروضة على الحريات السياسية والإعلامية.
آخر تحديث: 26 أكتوبر 2025 - 20:34