تساءلت المعلقة الأمريكية ميشيل غولدبيرغ في صحيفة "نيويورك تايمز" عن العلاقة بين سياسات "ألصدمة والترويع" التي تقوم بها إدارة دونالد ترامب الجديدة ضد مؤسسات الدولة و "الصدمة والترويع" التي مارستها إدارة جورج دبليو بوش بعد غزو العراق عام 2003، قائلة إن هناك تشابه واضح.

فمن جهة أشرف على العراق بعد سقوط صدام حسين مجموعة من الهواة المتعصبين واليوم يشرف على تفكيك مؤسسات الدولة الأمريكية مجموعة مماثلة.



وقالت إن الرئيس ترامب يدير أمريكا مثلما أدارت واشنطن العراق بعد احتلاله قبل أكثر من عقدين من الزمان.



وذكرت في بداية المقال أن نائب الرئيس جي دي فانس تحدث في بودكاست معاد للحركة النسوية عام 2021، وقارن طموحاته لتحقيق سيطرة المحافظين على أمريكا بسياسة الولايات المتحدة في العراق بعد الغزو، قائلا: "نحن بحاجة إلى برنامج يشبه اجتثاث البعث، ولكن اجتثاث برنامج الصحوة في الولايات المتحدة". وكان يشير إلى الحملة التي شنتها القوى التي حلت محل النظام العراقي السابق لصدام حسين وأعضاء حزب البعث العراقي.

وناقش فانس، إنه لو عاد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فعليه "طرد كل بيروقراطي في مستوى الوسط، وكل موظف مدني في الدولة واستبدالهم بجماعتنا".

وكانت كلمات فانس  مثل النبوءة، لأن فريق ترامب في ولايته الثانية يحمل ملامح سلطة التحالف المؤقتة التي أعلن عنها في العراق بعد سقوط صدام حسين. 

وبالنسبة لأولئك المحظوظين بما يكفي لعدم تذكرهم فقد كانت سلطة التحالف المؤقتة هي الإدارة التي وضعها جورج دبليو بوش وفريقه بعد غزو العراق بدون تفكير ولا مبالاة، مقتنعين بأنه سيكون من السهل إعادة تشكيل حكومة لم يعرفوا عنها شيئا تقريبا. وكانت مليئة بالمسؤولين اليمينيين، بعضهم بالكاد تخرج من الكلية، تم تكليفهم بمسؤوليات هائلة.

وتم تعيين ستة أشخاص بداية في وظائف إدارية متدنية بعد إرسال سيرهم الذاتية إلى المؤسسة المحافظة "هيرتيج فاونديشن" لإدارة ميزانية العراق البالغة 13 مليار دولار. وتم تكليف عامل اجتماعي عمل مديرا في مؤسسة خيرية مسيحية بإعادة بناء نظام الرعاية الصحية.

وفي الوقت نفسه، تم فصل ما بين 50,000 – 100,000 موظفا عراقيا انضموا لحزب البعث من أجل الحصول على الوظيفة. وأصبحت المدارس بدون مدرسين. وكما كتب سايروس سولو جين في مجلة "تايم" فإن الأخطاء الفادحة في الميزانية التي ارتكبها مبتدئون مغمورون كانت تعني عدم دفع رواتب رجال الشرطة في الوقت المحدد.

وتضيف غولدبيرغ أن عملية اجتثاث البعث التي أراد فانس محاكاتها، كانت كارثة ساهمت في الفوضى العارمة وعدم الاستقرار الذي أعقب الغزو الأمريكي.

ولم يتم تفكيك الولايات المتحدة بنفس الطريقة التي تم فيها تفكيك العراق بعد، وإن لم يحدث هذا بسبب عدم المحاولة، ففي المرحلة الانتقالية، استخدم حلفاء ترامب عبارة "الصدمة والرعب" لوصف أيامه المئة الأولى في السلطة، ومجرد استخدام العبارة هو، تذكير آخر بحرب العراق.

وبعد فترة وجيزة من توليهم السلطة، خلقوا أزمة بإغلاق قطاعات ضخمة من الإنفاق الحكومي الفيدرالي، على الرغم من أنهم استأنفوا بعض المدفوعات، على الأقل بعد أن صفعهم القاضي بأمر قضائي.

وفي وقت متأخر من يوم الجمعة، استولى إيلون ماسك وسيطر على نظام الدفع التابع لوزارة الخزانة، والذي يصرف تريليونات الدولارات ويحتفظ ببيانات حساسة عن ملايين الأمريكيين. بعض الأشخاص الذين يساعدونه في الاستيلاء على الحكومة - بما في ذلك، على سبيل المثال، وكما نشر موقع "وايرد" عدد من المهندسين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 19-24 عاما، وبدوا أقل خبرة من سلطة الإئتلاف المؤقت في العراق.

وأخبر الموظفون في إدارة الخدمات العامة وهي الشركة التي تدير مكاتب التأجير والنقل والتكنولوجيا للحكومة الفدرالية موقع"وايرد"، أن إداورد كوريستين الذي أنهى دراسته الثانوية قريبا وعمل لمدة 3 أشهر في شركة تابعة لماسك اسمها نيورالينك طلب من "العمال مراجعة التعليمات البرمجية التي كتبوها وتبرير وظائفهم".



كما أرسل عضو شاب آخر في فريق ماسك، وهو مهندس برمجيات يدعى غافين كليغر، رسالة بريد إلكتروني إلى موظفي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يوأس إيد) لإبلاغهم بأن المقر الرئيسي قد أغلق وعليهم عدم الحضور إليه. وقال ماسك إنه "وضع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مفرمة تقطيع الخشب" أي يريد تدميرها.

في وزارة التعليم منح الموظفون إجازات مفتوحة نظرا لحضورهم دورات تدريبية حول التنوع أوصى بها مدراؤهم، وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن ترامب سيبدأ قريبا بتفكيك الوزارة بالكامل.

 كما تم إبلاغ أكثر من ألف شخص في وكالة حماية البيئة يعملون على قضايا مثل تغير المناخ والحد من التلوث بأنهم "معرضون للفصل الفوري".

وفي مجال آخر، يعمل أتباع ترامب على تطهير أجهزة الأمن، وقد تم التدقيق في آلاف الموظفين بمكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) نظرا لأنهم شاركوا بالتحقيق في فتنة 6 كانون الثاني/يناير 2021، حسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، وهناك إمكانية لفصل مئات العملاء.

وفي الوقت نفسه، تذهب الوظائف القيادية في الإدارة إلى المجانين والمتعصبين. وكتب دارين بيتي، الذي يقال إن ترامب يخطط لتعيينه بمنصب مساعد وزير الدبلوماسية والشؤون العامة، في العام الماضي: "يجب أن يكون الرجال البيض الأكفاء مسؤولين إذا كنت تريد أن تسير الأمور على ما يرام".

 وفي الحقيقة يصف الكثيرون هجوم ماسك على البيروقراطية الفيدرالية بأنه انقلاب، وهو أمر غير صحيح تماما. فقد انتخب ترامب وللأسف فوض سلطات هائلة إلى ماسك طواعية. ولكن السبب الذي يجعلنا نشعر وكأن هذا انقلابا هو أننا لا نملك سابقة لإدارة عاملت حكومتها وكأنها أرض معادية ينبغي احتلالها واستغلالها.

وفي مذكراته عن حرب أمريكا على العراق وما أعقبها، وصف غيث عبد الأحد كيف كان يحكم العراق: "متعصبون شباب ساذجون يتمتعون بسلطات واسعة لإعادة تشكيل العراق بالطريقة التي يريدها أسيادهم. لقد مثلوا أسوأ مزيج من الغطرسة الاستعمارية والغطرسة العنصرية وعدم الكفاءة الإجرامية".

والآن نتذوق طعم هذه التجربة، كما تقول غولدبيرغ. ويبدو وكأننا أكملنا الدائرة، فبالإضافة إلى قتل مئات الآلاف من العراقيين وزعزعة استقرار الشرق الأوسط، مهدت الحرب التي شنتها أمريكا في العراق الطريق لصعود ترامب من خلال تعزيز الشعور الواسع النطاق بعدم الثقة والخيانة في الولايات المتحدة.


ويفرض ترامب بدوره على الأمريكيين نسخة أكثر اعتدالا من الحكم المتهور وغير المسؤول الذي نصبناه هناك. وبينما يفعل ذلك، يهتف له الغوغاء المتعصبون والنخب الجبانة، تماما كما هتف كثيرون لجورج دبليو بوش. فقبل أن يكون هناك "خليج أمريكا"، كانت هناك "بطاطس الحرية"، وفي نهاية المطاف، لن يتم إنكار الدمار الذي خلفه النظام الجديد هذا، حتى بالنسبة لبعض مؤيديه. ولكن تفكيك بلد، للأسف، أسهل كثيرا من إعادة تجميعه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ترامب العراق العراق امريكا ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة العراق بعد فی العراق

إقرأ أيضاً:

فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)

الجديد برس| خاص| تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، مقاطع فيديو ، رصدها الجديد برس” تكشف ما وصفوه بفضيحة مدوية تتعلق بالمساعدات الإماراتية المقدمة لقطاع غزة، حيث أظهرت المقاطع عبور شاحنات تحمل لافتات “مساعدات من دولة الإمارات” نحو القطاع وهي فارغة تمامًا. ووثّقت المقاطع التي التُقطت من عدة زوايا، دخول الشاحنات عبر المعابر المؤدية إلى غزة دون أي حمولة في صناديقها، في مشهد أثار موجة استنكار وسخط واسع، وسط اتهامات للإمارات وبعض الدول العربية بالتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي في تشديد الحصار وتجويع السكان المحاصرين. وكانت الإمارات قد أعلنت يوم أمس ، دخول قافلة مساعدات إماراتية إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري، ضمن ما اسمته “عملية الفارس الشهم3” الإنسانية. ورأى نشطاء ومراقبون أن هذا المشهد لا يمثل فقط خداعًا للرأي العام، بل يكشف عن استخدام “المساعدات الإنسانية” كأداة دعائية لتمرير مواقف سياسية تتماهى مع سياسات الاحتلال، على حساب المأساة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع. وتأتي هذه الفضيحة وسط تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث تعاني المستشفيات من نقص حاد في الإمدادات الطبية والغذائية، مع استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار الخانق، ما يجعل أي تلاعب بالمساعدات قضية إنسانية وأخلاقية كبرى تستدعي تحقيقًا دوليًا ومساءلة علنية، بحسب نشطاء حقوقيين. https://www.aljadeedpress.net/wp-content/uploads/2025/07/فضيحة-اماراتية-في-غزة-شاحنات-بدون-مساعدات.mp4

مقالات مشابهة

  • سوريا تستفيد من تجربة الأردن الرقمية.. خطوات متسارعة نحو مستقبل تقني واعد
  • صحيفة أمريكية: كيف تتضور غزة جوعًا ونقف مكتوفي الأيدي؟
  • السجن 6 سنوات لمدان يروج لأفكار حزب البعث المحظور في العراق
  • حصري.. إدارة ترامب قلقة من فصائل تحت مظلة الحشد تقوض أمن العراق
  • ترامب يزعم: حركة حماس لا تريد التفاوض
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • أمريكا:ميليشيا حشد كتائب حزب الله منظمة إرهابية ويجب محاسبتها على قتل العراقيين
  • لافروف: أمريكا تريد توسيع سيطرتها بآسيا.. وإخضاع أوروبا
  • هجوم سيبراني يستهدف بيانات 1.4 مليون عميل بشركة تأمين أمريكية
  • إصابات طفيفة بين الطاقم وذعر بين الركاب.. هبوط اضطراري لطائرة أمريكية لتفادي تصادم جوي