أظهرت دراسة حديثة ارتباطًا مثيرًا بين تقلبات مستويات الكوليسترول في الدم وزيادة خطر الإصابة بالخرف، ما يفتح المجال لفهم أعمق للعوامل المؤثرة في تطور هذه الحالة. 

وفي دراسة شملت ما يقارب من 10 آلاف شخص من كبار السن، تبين أن المشاركين الذين شهدوا تقلبات ملحوظة في مستويات الكوليسترول كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف مقارنة بأقرانهم الذين كانت مستويات كوليسترولهم أكثر استقرارًا.

ويشير هذا الاكتشاف إلى وجود رابط محتمل بين هذه التقلبات وظهور الأعراض المعرفية المتدهورة.

تحليل شامل وتفاصيل الدراسة

تم نشر نتائج البحث في مجلة Neurology الشهر الماضي، وهي المجلة الطبية المرموقة التي تصدر عن الأكاديمية الأمريكية لعلم الأعصاب. 

وتبرز الدراسة، التي أجريت تحت إشراف الدكتورة جوان رايان، رئيسة وحدة أبحاث الطب النفسي العصبي البيولوجي والخرف في جامعة موناش الأسترالية، الأهمية المتزايدة للخرف في سياق الصحة العامة، لا سيما مع ارتفاع أعداد المصابين بسبب الشيخوخة السكانية.

وأوضحت رايان في تصريحاتها أن "العدد المتزايد للأشخاص الذين تم تشخيصهم بالخرف يمثل تحديًا صحيًا كبيرًا، ما يجعل إيجاد استراتيجيات للوقاية أو تأخير ظهور الأعراض أمرًا بالغ الأهمية". وأضافت أن هذه الدراسة تُعد خطوة مهمة نحو تحديد عوامل الخطر التي قد تسهم في تطور المرض.

الكوليسترول والخرف: الرابط المستمر

تشير الأبحاث السابقة إلى أن ارتفاع مستويات الكوليسترول، خاصة "الكوليسترول الضار" (LDL)، في منتصف العمر يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف في المستقبل. ومع ذلك، لم يُثبت بعد أن الكوليسترول في كبار السن يمثل عاملاً حاسمًا في تطور الخرف، ما دفع العلماء إلى التوجه لدراسة التغيرات الزمنية في مستويات الكوليسترول، بدلًا من الاعتماد على القراءات الثابتة في فترة معينة.

شارك في الدراسة أكثر من 9,800 شخص من أستراليا والولايات المتحدة، تراوحت أعمارهم بين 65 عامًا فما فوق، وجميعهم لم يعانوا من مشاكل في الذاكرة في بداية الدراسة. طُلب من المشاركين إجراء فحوصات كوليسترول سنويًا لمدة خمس سنوات، إضافة إلى اختبارات إدراكية دورية. ومع مرور الوقت، تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات وفقًا لمدى تقلبات مستويات كوليسترولهم.

نتائج الدراسة: تقلبات الكوليسترول وزيادة الخطر

أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شهدوا أكبر تقلبات في مستويات الكوليسترول كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 60% مقارنة بأولئك الذين كانت مستويات كوليسترولهم أكثر استقرارًا. وعلاوة على ذلك، لوحظ أن هؤلاء الأفراد كانوا أيضًا أكثر عرضة للإصابة بضعف إدراكي دون أن يصلوا إلى مرحلة الخرف التام.

وفيما يتعلق بالتفسير العلمي لهذه النتائج، أكد الباحثون أن التقلبات في مستويات الكوليسترول قد تؤثر على الصحة الإدراكية بطرق معقدة. وقال الطبيب لوك كيم، أخصائي أمراض الشيخوخة في عيادة كليفلاند: "نحن نعلم أن مستويات الكوليسترول الضار ترتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل السكتة الدماغية والنوبات القلبية، ولكن هذه العلاقة بين تقلبات الكوليسترول وخطر الخرف تعد مفهوماً جديداً."

هل تقلبات الكوليسترول تساهم في الخرف؟

رغم أن الرابط بين تغيرات الكوليسترول والخرف لا يزال غامضًا، يعتقد بعض الخبراء أن الالتهاب المزمن قد يكون أحد العوامل المساهمة. فقد أظهرت الدراسات أن الالتهاب يمكن أن يغير من كيفية تعامل الجسم مع الدهون، ما قد يساهم في تطور مشاكل التفكير والذاكرة مع التقدم في العمر.

من ناحية أخرى، تطرقت الدكتورة رايان إلى فرضية أخرى، مفادها أن تقلبات الكوليسترول قد تكون مؤشرًا مبكرًا على الخرف، مع تراجع قدرة الجسم على الحفاظ على التوازن الداخلي للأنظمة الحيوية. كما اقترحت أن هذه التغيرات قد تؤدي إلى تدمير الأوعية الدموية في الدماغ، ما يساهم في تفاقم الأعراض الإدراكية.

لحاجة إلى المزيد من الأبحاث

رغم النتائج المثيرة، يعترف الباحثون بأن هناك حاجة ماسة لإجراء المزيد من الدراسات لتوضيح العلاقة بين تقلبات الكوليسترول والخرف بشكل أكثر دقة. وأوضح الفريق البحثي أنهم يواصلون متابعة المشاركين وتحليل كيفية تأثير عوامل أخرى، مثل النظام الغذائي والتمارين الرياضية، على العلاقة بين الكوليسترول وصحة الدماغ.

وأضاف كيم: "من المهم أن نواصل استكشاف تأثير تقلبات المؤشرات الحيوية الأخرى، مثل ضغط الدم أو مستويات السكر في الدم، على صحة الدماغ."

وفي الختام، شددت الدكتورة رايان على أهمية المزيد من الدراسات المتعمقة لتوسيع الفهم حول هذه العلاقة المعقدة، قائلة: "كلما زادت الأدلة المتاحة، كلما تمكنّا من تطوير استراتيجيات أكثر فاعلية للوقاية من الخرف."

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الكوليسترول النظام الغذاء تطور الخرف صحة الدم الشيخوخة ظهور الأعراض مرض الكوليسترول فی مستویات الکولیسترول فی تطور

إقرأ أيضاً:

دراسة: ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي لهجرة داخلية كارثية

حذّرت دراسة جديدة من أن ارتفاع مستوى سطح البحر سيصبح غير قابل للسيطرة عند ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية فقط، وسيؤدي إلى "هجرة داخلية كارثية". وقد يتحقق هذا السيناريو، حتى لو استمر متوسط ارتفاع درجة الحرارة خلال العقد الماضي، البالغ 1.2 درجة مئوية في المستقبل.

وخلصت الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة "اتصالات الأرض والبيئة"، إلى أن "استمرار فقدان كتلة الصفائح الجليدية يشكل تهديدا وجوديا لسكان المناطق الساحلية في العالم" بناء على تحليل بيانات تخص فترات دافئة تعود إلى ما قبل 3 ملايين سنة، وملاحظات ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر في العقود الأخيرة، ونماذج المناخ.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الأنهار الجليدية في أفغانستان كنز يذوب تحت وطأة الاحتباس الحراريlist 2 of 4تغير المناخ يدفع نحو جفاف ثلجي غير مسبوق حول العالمlist 3 of 4الطاقة الزرقاء.. حل واعد لمواجهة تحديات تغير المناخlist 4 of 4كيف يمكن التخلص من الكربون؟ دفنه قد يكون حلاend of list

وتضاعف فقدان الجليد من الصفائح الجليدية العملاقة في غرينلاند والقطب الجنوبي 4 مرات منذ تسعينيات القرن العشرين بسبب أزمة المناخ، وهو الآن المحرك الرئيسي لارتفاع مستوى سطح البحر.

وحسب دراسة حديثة، فإن الغطاء الجليدي في غرينلاند يفقد في المتوسط 30 مليون طن من الجليد كل ساعة جراء الاحتباس الحراري وأزمة المناخ، وهو ما يزيد بنسبة 20% عما كان يعتقد سابقًا.

ويعمل المجتمع الدولي على إبقاء ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية، لكن التحليل الجديد وجد أنه حتى لو خفِّضت انبعاثات الوقود الأحفوري بسرعة لتحقيقه، فإن مستويات سطح البحر سترتفع بمقدار سنتيمتر واحد سنويا بحلول نهاية القرن، وهو معدل أسرع من قدرة بناء الدول لدفاعاتها الساحلية.

إعلان

ويتجه العالم نحو ارتفاع درجة حرارة الأرض بما يتراوح بين 2.5 و2.9 درجة مئوية، وهو ما سيتجاوز بالتأكيد نقاط التحول التي ستؤدي إلى انهيار الصفائح الجليدية في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية، وسيؤدي ذوبان هذه الصفائح الجليدية إلى ارتفاع "خطر للغاية" في مستوى سطح البحر بمقدار 12 مترا.

ويعيش اليوم نحو 230 مليون شخص على ارتفاع متر واحد فوق مستوى سطح البحر الحالي، ويعيش مليار شخص على ارتفاع 10 أمتار فوق مستوى سطح البحر.

الصفائح الجليدية في غرينلاند تذوب بمعدل 30 مليون طن كل ساعة (غيتي) وتيرة متسارعة

وتشير الدراسة إلى أنه حتى وإن ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سنتيمترا فقط بحلول عام 2050، فإنه سيؤدي إلى أضرار فيضانات عالمية لا تقل قيمة أضرارها عن تريليون دولار سنويًا في أكبر 136 مدينة ساحلية في العالم، مما سيترك تأثيرات هائلة على حياة الناس وسبل عيشهم.

ومع ذلك، أكد العلماء أن كل جزء من الدرجة من الاحتباس الحراري العالمي الذي يمكن تجنبه من خلال العمل المناخي لا يزال مهما، لأنه يبطئ ارتفاع مستوى سطح البحر ويمنح مزيدا من الوقت للاستعداد، مما يقلل من المعاناة الإنسانية.

يعد ارتفاع مستوى سطح البحر أكبر الآثار طويلة المدى لأزمة المناخ، وقد أظهرت الأبحاث في السنوات الأخيرة أنه يحدث بوتيرة أسرع بكثير من التقديرات السابقة.

وكان ينظر إلى حد 1.5 درجة مئوية كوسيلة لتجنب أسوأ عواقب الاحتباس الحراري، لكن الأبحاث الجديدة تظهر أن هذا لا ينطبق على ارتفاع مستوى سطح البحر.

ويرى الباحثون أنه من الصعب تقدير درجة حرارة "الحد الآمن" للصفائح الجليدية، ولكن من المرجح أن تكون درجة مئوية واحدة أو أقل. وأضافوا أن ارتفاع مستوى سطح البحر بما لا يقل عن متر إلى مترين أصبح أمرا لا مفر منه.

وقال البروفيسور جوناثان بامبر من جامعة بريستول بالمملكة المتحدة والمشارك في الدراسة: "ما نعنيه بالحد الآمن هو الحد الذي يسمح بمستوى معين من التكيف، بدلًا من الهجرة الداخلية الكارثية والهجرة القسرية، والحد الآمن هو حوالي سنتيمتر واحد سنويا من ارتفاع مستوى سطح البحر".

وحسب بامبر إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، فسيصبح أي نوع من التكيف صعبا للغاية، وسنشهد هجرة هائلة على نطاقات لم نشهدها من قبل في الحضارة الحديثة، مشيرا إلى أن الدول النامية مثل بنغلاديش ستكون أسوأ حالا بكثير من الدول الغنية ذات الخبرة في كبح الأمواج، مثل هولندا.

الجزر الصغيرة والمنخفضة تواجه مخاطر أكبر من ارتفاع مستوى سطح البحر (شترستوك) أسوأ السيناريوهات

من جهته، قال البروفيسور كريس ستوكس من جامعة دورهام والمؤلف الرئيسي للدراسة: "بدأنا نشهد بعض أسوأ السيناريوهات تتحقق أمام أعيننا تقريبا. فمع ارتفاع درجة الحرارة الحالي بمقدار 1.2 درجة مئوية، يتسارع ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدلات، إذا استمرت، ستصبح عصية على الإدارة تقريبا قبل نهاية هذا القرن".

إعلان

وبلغ متوسط درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية لأول مرة عام 2024. ولكن الهدف الدولي يقاس بمتوسط 20 عاما، لذا لا يعتبر أنه تم تجاوزه بعد.

من جانبها، قالت البروفيسورة أندريا داتون من جامعة ويسكونسن ماديسون، التي شاركت في الدراسة إن "الأدلة المستمدة من فترات الدفء الماضية تشير إلى أنه يمكن توقع ارتفاع مستوى سطح البحر عدة أمتار عندما تصل درجة الحرارة المتوسطة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية أو أعلى".

حتى لو استطاعت البشرية إعادة الكوكب إلى درجة حرارته قبل عصر الصناعة بإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، فسيستغرق الأمر مئات إلى آلاف السنين حتى تتعافى الصفائح الجليدية.

ووفقا للباحثين، إن هذا يعني أن الأراضي المفقودة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وزحفه على السواحل ستبقى كذلك لفترة طويلة، ربما حتى تدخل الأرض العصر الجليدي التالي.

مقالات مشابهة

  • صحة الرئتين في خطر.. دراسة تحدد سببا غير متوقع
  • «اضطراب الملاحة وارتفاع الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس خلال هذه الأيام
  • المركز الدولي ينشر دراسة رائدة بعنوان «الشهادة الشفوية بين التوثيق التاريخي والإثبات القانوني والتجريم»
  • دراسة: نصف الشباب يفضلون عالمًا بلا إنترنت
  • تقلبات جوية وارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الأربعاء 21 مايو 2025
  • طرق لـ القرفة تخفض مستويات الكوليسترول
  • دراسة: ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي لهجرة داخلية كارثية
  • دراسة تحذر: التورين في مشروبات الطاقة قد يعزز خطر الإصابة بسرطان الدم
  • تحذير.. هذا المشروب يسبب السرطان.. دراسة جديدة تكشف التفاصيل
  • دراسة صادمة: مشروبات الطاقة قد ترتبط بمرض خبيث يهدد الحياة