تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قمة سعادته حين يجلس مع الشباب وينصت إليهم باهتمام وهم يطرحون أفكارهم ويعتبرهم "المخزون الأساسى" لمؤسسة "البوابة"

امتلك من الإصرار والعزيمة ما يفوق أى احتمال.. ولعل هذا هو الذى جعلنا نتمتع بكل ما أمد به المكتبة العربية من إنتاج متنوع فى مجالات عديدة.

 

أحاول الكتابة عن مصطفى بيومى، فتتملكنى رهبةٌ شديدة.

. لم أتخيل أن يأتى يومٌ من الأيام لأجد نفسى أنعيه وهو الحاضر دومًا رغم الرحيل.. كيف أنعى هذا الصوفى المتعبد فى محراب الأدب حتى النهاية؟.. عندما زرته فى مرضه الأخير بصحبة مجموعة من الأصدقاء، أخبرته بأننا نجهز لإصدار العدد الخاص عن يحيى حقى حسبما طلب قبل فترة، فإذا به يحاول أن يتحدث عن رؤيته للعدد مشيرًا إلى كتابه الذى صدر للتو عن "المسكوت عنه فى أدب يحيى حقى".. كان يتحدث بصعوبة وبصوتٍ واهن أنهكه المرض حتى أنى أشفقت عليه فرجوته أن يتوقف عن الكلام وأن يطمئن "سوف يصدر العدد بالشكل الذى يليق وفق ما تصورت فى تخطيطنا للعدد".

نعم، كان مصطفى بيومى الركن الأساسى فى التخطيط للأعداد الخاصة منذ انطلقت فى إصدارها الأول، وكان من أشد الحريصين على ضرورة إشراك الشباب الواعد والمتميز فى التخطيط لتلك الأعداد وليس مجرد المشاركة بالكتابة فيها.. كنت أراه فى قمة سعادته حين يجلس مع الشباب وينصت إليهم باهتمام وهم يطرحون أفكارهم ويعتبرهم "المخزون الأساسى" لمؤسسة "البوابة".. دائمًا تراه يتحدث بصوتٍ خفيض وذهن مرتب، يوضح رأيه فيما يتحدث عنه فى نقاط محددة ومركزة، فيساعدك على فهم ما التبس عليك بسرعة غير عادية.. إنه يمتلك، مثل بطل روايته «إنسان»، حسًا صوفيًا للإنسان الذى يمنح تسامحه وسلامه لجميع المتصارعين والانتهازيين والباحثين عن غنائم فى الحياة.

ومثلما كان معنا دائمًا فى كل الأعداد الخاصة، نقدم له هذا العدد الخاص باقة حب لا ينتهى لمن علمنا الكثير فى طريق العمل والحياة.

أستعيد شريط السنوات الأخيرة، كى أتذكر بعضًا من المواقف.. فى أحد الأيام، طلب أن يلتقى بقسم الثقافة فى مؤسسة «البوابة».. أبلغتهم برغبته فكانت فرحتهم عارمة وإن شابها بعض التخوف والرهبة من الجلوس فى حضرة الأستاذ.. وكان اليوم الموعود ودار نقاش ثرى بينه وبينهم، قال لى بعده: «الولاد ممتازين وفاهمين شغلهم كويس».. أما الزملاء فقال معظمهم: تعلمنا من هذه الجلسة دروسًا توازى ما تعلمناه طوال سنوات الدراسة.. لم يبالغ أى زميل من الزملاء فيما ذهب إليه، ذلك أن الدروس التى يمكن أن نتعلمها جميعًا من مصطفى بيومى كثيرة ومتعددة لمن شاء أن يتعلم.

أول هذه الدروس: حسن إدارة الوقت واستثماره فيما يفيد النفس والبشر عامةً، وكان هو كذلك ومازال.. يجيد ترتيب وقته بدقة متناهية.. ويوزعه بطريقة محكمة بين القراءة والكتابة ولقاء الأصدقاء والتواصل مع تلاميذه والتمتع بوقتٍ طيب مع أولاده وأحفاده.

ثانى هذه الدروس: التواضع المتناهى.. رغم كل إنتاجه الراقى والغزير، يتكلم معك بكل أريحية ولا يعرف لغة التعالى على البشر، وليس للضغينة مكان فى قلبه وهو العاشق لكل البشر، كبيرهم وصغيرهم.

ويرتبط بذلك الدرس الثالث: لا يبخل بوقته على طالب علم أو نصيحة، بل قد يتصل بصاحب موهبة معينة فى الأدب أو الفن أو غيرهما، ليشد من أزره ويشيد بأعماله، أو يتصل بآخر ليبلغه رؤيته النقدية فى عمل من أعماله بأسلوب يجعل المتلقى ممتنًا له نصائحه الثمينة.

أما الدرس الرابع فيمكن أن نطلق عليه «الإصرار».. فنحن إزاء رجل لديه من الإصرار والعزيمة ما يفوق أى احتمال، ولعل هذا الإصرار هو الذى جعلنا نتمتع بكل ما أمد به المكتبة العربية من إنتاج متنوع فى مجالات عديدة.. إن إصرار مصطفى بيومى رسالة ضمنية لكنها واضحة لكل الأجيال: اصنع مستقبلك بإصرارك، حقق حلمك بعزيمة لا تلين مهما كانت الصعاب، لا تلتفت إلى الوراء ولا تشغل بالك بالصغائر واهتم بمشروعك الذى تريد له أن يتحقق.

كل هذه الدروس أو الملامح الأساسية لمصطفى بيومى، هى سر عبقريته المتدفقة فى أكثر من مجال.. كاتب صحفى، ناقد أدبى، ناقد فنى، شاعر، روائى، مؤلف ترجمات عن شخصيات عديدة.. وغير ذلك من إبداعاته التى تضعه بلا مبالغة فى خانة الموسوعيين، وهى خانة لا يتواجد بها إلا النذر اليسير على مستوى العالم.

يقول نيكوس كازانتزاكيس: «هل تعرف ما معنى أن يعيش الإنسان؟ معناه أن يشمر ساعديه ويبحث عن المتاعب».. واستطاع مصطفى بيومى أن يستوعب ما يرمى إليه الفيلسوف اليونانى، فتحقق بالفعل رغم أية متاعب، طالما امتلك الإصرار والتحدى.. لكن مصطفى رحل فى لحظة كنا نتمنى  جميعًا أن يظل بيننا ينشر بين البشر الحب والخير والنماء، إلا أن أمثاله وهم قليلون يبقون أحياءًا ما بقيت على الأرض حياة.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مصطفى بيومي محمود حامد مصطفى بیومى

إقرأ أيضاً:

أراوخو يفكر في الرحيل عن برشلونة هذا الصيف

برشلونة، إسبانيا «د.ب.أ»: يعيش رونالد أراوخو مدافع فريق برشلونة ومنتخب أوروجواي موقفا صعبا منذ الأشهر القليلة الماضية مع ناديه الإسباني، وتراجعت مشاركة أراوخو مع فريقه، حيث لعب 25 مباراة في جميع المسابقات بالموسم الماضي، وسجل هدفين، بعدما أصبح بديلا لزميليه باو كوبارسي وإينيجو مارتينيز.

وخيب المدافع الأوروجوياني الدولي الآمال عندما قرر هانسي فليك مدرب برشلونة الاعتماد عليه، حيث حملت جماهير برشلونة، أراوخو، مسؤولية الخسارة أمام إنتر ميلان في إياب الدور قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

ولم يتحسن أراوخو 26/ عاما/ خلال الفترة الأخيرة، وباتت مشاركته أساسيا مع منتخب أوروجواي مهددة أيضا، واستمر مدافع برشلونة في تقديم أداء متواضع بشكل مثير للقلق، بعدما كان من أفضل لاعبي العالم في مركزه، وكان النادي الكتالوني مستعد للتخلص من أراوخو خلال الصيف الجاري مستغلا شرط جزائي في تعاقد اللاعب بقيمة 60 مليون يورو ساري المفعول خلال النصف الأول من يوليو الجاري، ولكن لم يبد أي ناد رغبة في ضمه.

ويدخل أراوخو منافسات الموسم الجديد باعتباره المدافع الثالث في حسابات المدرب الألماني فليك، الذي يشعر بالرضا عن دفاع الفريق رغم استقبال شباك برشلونة 66 هدفا في 56 مباراة الموسم الماضي.

وما يزيد الأمور تعقيدا أن إدارة برشلونة قامت بتمديد عقد المدافع الشاب كوبارسي 18/ عاما/ في فبراير الماضي إلى 2029، ويصنفه الكثيرون على أنه ركيزة المستقبل في دفاع الفريق، كما تم تجديد تعاقد مارتينيز لعام إضافي حتى 2026، ومن غير المستبعد تجديده لعام آخر حال تقديم أداء جيد.

وقالت صحيفة "لا فانجارديا": إن هناك تساؤلات عديدة بشأن مستقبل أراوخو، الذي يريد أن يكون لاعبا أساسيا أو يرحل عن النادي، وأضافت الصحيفة أن أراوخو ربما يطلب الرحيل هذا الصيف إذا لم يجد نفسه أساسيا في أول ثلاث مباريات لبرشلونة في الدوري الإسباني، والتي تتزامن مع فترة الانتقالات الصيفية الجارية.

وختمت بأن إدارة برشلونة لن تتمسك حينها باستمرار أراوخو، وهو ما تخطط له منذ بداية الصيف، رغم أن الأولوية كانت الاستغناء عن أندريس كريستنسن، ولكن هذه المستجدات ربما تدفع إدارة النادي الكتالوني للتفكير في ضم مدافع بديل.

مقالات مشابهة

  • تطور جديد في ملف صفقة انتقال حامد حمدان إلى الزمالك
  • أراوخو يفكر في الرحيل عن برشلونة هذا الصيف
  • 33 لاعبا في معسكر منتخب 20 سنة
  • ترمب يتحدث مجددا عن فكرة نقل سكان غزة
  • وكيل الخارجية الفلسطينية: المشروع الاستيطاني الإسرائيلي فشل في الماضي وسيفشل في الحاضر والمستقبل
  • حملة «صوتك هايفرق» بسوهاج.. قومي المرأة يحشد السيدات للمشاركة بانتخابات الشيوخ 2025
  • بعد دياز.. لاعب جديد ينوي الرحيل عن ليفربول
  • إنقسام السنابل لا يسر وطني ولكن الأحزاب السودانية تتجاهل الدروس
  • "حيرة".. مابعد النتيجة
  • محمود عبد الراضي يكتب: رحيل قبل البداية..قصة مصرع مدير أمن الوادي الجديد