لجريدة عمان:
2025-12-13@17:25:54 GMT

استعادة البعد الإنساني في زمن الازدواجية

تاريخ النشر: 17th, February 2025 GMT

استعادة البعد الإنساني في زمن الازدواجية

لم يعد خافيا على أحد أن القانون الدولي الإنساني لمعادلات القوة والسياسات الانتقائية، ولم يعد له أي دور حقيقي في حماية حقوق الإنسان أثناء الحروب والنزاعات، وتحول إلى مجرد إطار قانوني تتحكم فيه موازين المصالح.

وناقش مؤتمر نظمته اليوم كلية العلوم الشرعية وحمل عنوان «القانون الدولي الإنساني في ضوء الفقه الإسلامي» أهمية استعادة البعد الأخلاقي والإنساني في القانون الدولي.

لقد عُني الإسلام منذ نشأته بوضع ضوابط واضحة للحروب، قائمة على مبادئ الرحمة والعدل وصون الكرامة الإنسانية، وهي ذات المبادئ التي يطمح إليها القانون الدولي الإنساني اليوم، لكن المفارقة تكمن في أن النظام القانوني الدولي، رغم تأسيسه على مبادئ حماية المدنيين والحد من ويلات النزاعات، يبدو عاجزا عن تحقيق العدالة بسبب ازدواجية المعايير وتسييس القوانين.

قدّم الفقه الإسلامي منذ قرون حلولا عملية لمسألة النزاعات، من خلال ضوابط دقيقة تضمن عدم تجاوز الضرورة العسكرية، وتؤكد على حماية غير المقاتلين، والأسرى، ودور العبادة، والممتلكات المدنية.. ومع ذلك، نرى اليوم كيف يتم تجاهل هذه المبادئ في الممارسات الدولية، حيث يتم استخدام القانون الدولي الإنساني كأداة ضغط على بعض الدول، بينما يتم التغاضي عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوى أخرى، كما هو الحال في الأراضي الفلسطينية وغيرها من بؤر الصراع في دول العالم الثالث بشكل خاص.

ناقش مؤتمر كلية العلوم الشرعية هذه التحديات بعمق، وسلط الضوء على نقاط الالتقاء بين القانون الدولي الإنساني والفقه الإسلامي، وأكد أن التقاطع بينهما يمكن أن يشكّل أرضية لإعادة إحياء القيم الإنسانية التي غيّبتها السياسة خاصة وأن القانون الدولي، في جوهره، يجب أن يكون تجسيدا للمبادئ الإنسانية العليا، لا أن يُستخدم كأداة لتحقيق أهداف جيوسياسية.

لكن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق في معزل عن الحوار، حوار المفكرين قبل حوار السياسيين، فإعادة مراجعة القانون الدولي الإنساني لا يمكن أن يحدث في معزل عن العلماء والمفكرين والفقهاء. ويمكن للعالم أن يستمع إلى الرؤية الإسلامية للقانون الإنساني التي تتسم بالشمولية والواقعية، بعيدا عن التنميط أو التوظيف السياسي. كما أن على الدول العربية والإسلامية أن تقوم بدور أكثر فاعلية في تطوير آليات القانون الدولي الإنساني، بما يعكس قيمها ويعيد التوازن إلى النقاش العالمي حول حقوق الإنسان أثناء النزاعات.

لقد آن الأوان لأن يتجاوز القانون الدولي الإنساني حالته الراهنة التي تخضع للمصالح الفئوية، وأن يعود إلى أصله كإطار لحماية الضعفاء، لا كأداة بيد الأقوياء، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تفعيل الحوار بين مختلف المرجعيات القانونية، وإبراز القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع الفقه الإسلامي بالقانون الدولي.

ولا بد من تكريس فكرة أن إعادة إحياء القيم الإنسانية في النزاعات هي قضية أخلاقية وجودية وفهم الأمر بهذا المعنى من شأنه أن يعيد للقانون الدولي الإنساني دوره الحقيقي، بعيدًا عن انتقائية التطبيق التي تفقده جوهره وتجعل منه أداة بلا روح. ومن هنا، تأتي أهمية مثل هذه المؤتمرات، التي تفتح أبواب التفكير وتعيد قراءة فكرة العدالة التي لا تتحقق إلا عندما تكون الإنسانية هي الغاية لا المصالح السياسية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القانون الدولی الإنسانی

إقرأ أيضاً:

زاخاروفا: الدول الغربية لم تدعم القانون الدولي

أعلنت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الدول الغربية لم تعد تدعم القانون الدولي، بل باتت تدعم ما تسميه النظام القائم على القواعد.

بوتين: التجارة بين روسيا وإيران تسجل نموا روسيا ترد على زيلينسكي بشأن أراضي دونباس

وقالت زاخاروفا، خلال كلمتها في منتدى "حوار حول الأخبار الزائفة 3.0"، المنظم من قبل الجمعية الدولية للتدقيق في الأخبار:"العديد من دول العالم بل الأغلبية تؤيد القانون الدولي، وترى فيه الأساس الحقيقي لاستعادة العلاقات أو ببساطة للمضي قدما. لكن بعض الدول، وهي أقلية، وتحديدا الدول الغربية وأعضاء الناتو والدول المتحالفة معه، لم تعد تدعم منظومة القانون الدولي. عوضا عن ذلك، تقدم ما يسمى بالنظام الجديد القائم على القواعد".

مقالات مشابهة

  • برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات
  • هيئة دولية: الامطار تفاقم الإبادة الجماعية المستمرة وتكشف انهيار النظام الإنساني الدولي
  • الديباني: حكم استئناف بنغازي يُسقط قانونيًا هيئة الانتخابات الموازية التي أنشأها الرئاسي
  • زاخاروفا: الدول الغربية لم تدعم القانون الدولي
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • الإمارات: منع انتهاكات القانون الدولي الإنساني أساس لتعزيز الاستقرار
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • الأردن يستضيف مؤتمرًا إقليميًا لتعزيز الالتزام بالقانون الدولي الإنساني بمشاركة عربية واسعة
  • أبرز الملفات المطروحة باجتماع اللجان الوطنية العربية للقانون الدولي الإنساني
  • مركز القاهرة الدولي يعقد ورشة حول السلم والأمن في سياسة الاتحاد الإفريقي