سلطت صحيفة "غازيتا" الروسية الضوء عن الزيارة التي أجراها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى العاصمة التركية أنقرة، والتي تزامنت مع انعقاد مفاوضات بين الجانب الروسي والأمريكي بشأن الملف الأوكراني في العاصمة السعودية الرياض.

وقالت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن السعودية احتضنت لقاء جمع بين  الوفد الروسي والأمريكي، حيث تمت مناقشة استعادة العلاقات بين الطرفين، بالإضافة إلى تسوية النزاع في أوكرانيا.



وأضافت الصحيفة أن محادثات جمعت بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أنقرة.

بخصوص هذا اللقاء، قال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون قبل اللقاء الذي جمع الرئيسين: "خلال الزيارة، سيتبادل الطرفان وجهات النظر بشأن آخر التطورات في الملف الأوكراني وغيره من القضايا الإقليمية والعالمية"، كما أعلن الجانب التركي أن الزعيمين سيناقشان علاقات الشراكة الإستراتيجية بين أنقرة وكييف.


من جانبه، كشف زيلينسكي للصحفيين عن نيته مناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي يمكن للأتراك ضمانها في المستقبل.

من الجانب التركي، حضر المحادثات وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع الوطني يشار غولر، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون والمستشار الرئيسي للرئيس للسياسة الخارجية والأمن عاكف جغاتي قلج.

"مكان مثالي"
بعد اجتماعه مع نظيره الأوكراني، وصف أردوغان تركيا بأنها "مكان مثالي" لإجراء مفاوضات روسية أمريكية محتملة، قائلا: "لقد انطلقت عملية الحوار بين روسيا والولايات المتحدة. إن بلادنا ستكون مكانا مثاليا للمفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة"، كما أكد أردوغان على ضرورة انتهاء الصراع في أوكرانيا.

وتابع أردوغان بالقول: "ينبغي أن تنتهي هذه الحرب؛ لقد صرحتُ في وقت سابق بأن بلادنا ستواصل العمل على تنفيذ القرار الهادف إلى ضمان أمن الملاحة التجارية في البحر الأسود".

وبحسب أردوغان فإن المبادرة الدبلوماسية التي أطلقتها واشنطن بشأن أوكرانيا تتطابق مع سياسة أنقرة خلال السنوات الثلاث الماضية.

ونقلت الصحيفة عن مدير مركز دراسة تركيا الجديدة في روسيا، يوري مافاشيف، قوله إن أردوغان من خلال دعوة زيلينسكي، يحاول تقديم خدماته لحل النزاع.

وأضاف مافاشيف أن "السعودية وتركيا مركزان إقليميين مهمان للقوة. وعليه، من المهم جدًا نيل أردوغان المبادرة. وفي هذا السياق؛ يتخذ خطوات لإقناع الجميع بأن حل الأزمة الأوكرانية ينبغي أن يتم من خلال تركيا. وللقيام بذلك، لديه أدوات ضغط مختلفة على كييف على غرار صفقة الحبوب وكذلك التعاون العسكري التقني".

وأوضح مافاشيف أن تعزيز المكانة الدولية للسعودية لا يخدم مصلحة تركيا، لأن ذلك يهدد بخسارة أنقرة مشاريع مهمة، وفقا للصحيفة.

وذكرت الصحيفة أنه كان من المقرر أن يزور زيلينسكي السعودية بمجرد عودته من تركيا، إلا أنه أرجأ الزيارة إلى العاشر من آذار/مارس المقبل بسبب المفاوضات التي جمعت بين روسيا والولايات المتحدة في الرياض.

وقال زيلينسكي في تركيا "لم نتلق دعوة لحضور الاجتماع بين روسيا والولايات المتحدة في السعودية. لقد فاجأنا الأمر. لهذا السبب لن أذهب إلى السعودية غدا".

إلى جانب ذلك، انتقد زيلينسكي المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة كونها تتناول الشأن الأوكراني وتستثني الجانب المعني بالأمر من المشاركة فيها. بالإضافة إلى ذلك، قال زيلينسكي إن هذه المحادثات تناقش الشروط التي طرحتها موسكو منذ سنة 2022، بما في ذلك تقليص عدد القوات المسلحة الأوكرانية، والاعتراف بالأراضي الأوكرانية المحتلة كجزء من روسيا ووجود قيادة موالية لروسيا في كييف.


حسب التقرير، فقد استمر اللقاء الذي انعقد في الرياض حوالي أربع ساعات ونصف، نوقشت خلاله مسألة تنظيم الاتصالات لحل الصراع الأوكراني. عن الجانب الروسي؛ حضر وزير الخارجية سيرغي لافروف ومساعد الرئيس يوري أوشاكوف. أما الجانب الأمريكي، فمثّله في المفاوضات مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف.

وتعليقا على المفاوضات كتبت وكالة "بلومبيرغ": "يبحث زيلينسكي يائسًا عن فتات المعلومات من مصادر غير مباشرة، بينما يناقش المسؤولون الأمريكيون والروس مستقبل بلاده. ربما يواجه في الوقت الراهن أكبر تحدٍ له، وهو ضرورة تجنب أي اتفاق بين ترامب وبوتين".

وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة بأن المشاركين في الاجتماع الذي عقد في الرياض ناقشوا استعادة جميع العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى التحضير لمفاوضات تسوية النزاع الأوكراني وتنظيم الاجتماع المستقبلي بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية زيلينسكي السعودية أردوغان تركيا روسيا تركيا السعودية أردوغان روسيا زيلينسكي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بین روسیا والولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

كيف تتأثر تركيا بعقوبات ترامب الثانوية المحتملة على روسيا؟

أنقرة– منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منتصف يوليو/تموز الجاري موسكو مهلة 50 يوما للتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، محذرا من أن الولايات المتحدة ستفرض تعريفات جمركية صارمة بنسبة 100% على الواردات من أي دولة تواصل تجارتها مع روسيا في قطاعات الطاقة والزراعة والتسليح إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.

وأوضح البيت الأبيض أن هذه الإجراءات تعد "عقوبات ثانوية" لأنها لا تستهدف روسيا مباشرة، بل تركز على شركاء روسيا التجاريين، ومع تصاعد الضغوط من الحزبين في الكونغرس الأميركي، بدا أن إدارة ترامب مستعدة للذهاب أبعد من ذلك، فقد أشار مشروع قانون جديد، حمل عنوان "معاقبة روسيا 2025″، إلى أن الرسوم الثانوية قد تصل إلى 500%، رغم أن ترامب اكتفى في الوقت الحالي بتحديد نسبة 100%.

تفتح هذه الإجراءات الباب أمام تساؤلات حول مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والدول التي تعتمد على الطاقة الروسية، وفي مقدمتها تركيا.

شراكة قوية

تعد تركيا من الدول ذات الأهمية الخاصة في سياق التوترات الاقتصادية الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا، نظرا لعلاقاتها الاقتصادية المتشابكة مع موسكو.

وشهدت العلاقات التجارية بين تركيا وروسيا تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، وبلغ التبادل التجاري بين البلدين في عام 2023 نحو 56.5 مليار دولار، مما جعل تركيا ثالث أكبر شريك تجاري لروسيا بعد الصين والهند.

وحافظ التبادل التجاري على مستوياته المرتفعة في عام 2024، وسجل النصف الأول من العام نحو 22 مليار دولار من التجارة الثنائية، رغم انخفاض طفيف بنسبة 10% مقارنة بالفترة نفسها من 2023.

تعكس هذه الأرقام اختلالا واضحا في توازن التجارة لصالح موسكو، إذ تفوق الواردات التركية من روسيا بكثير صادراتها إليها، فروسيا توفر حصة مهمة من واردات تركيا السلعية، وأصبحت تمثل نحو 12% إلى 13% من إجمالي واردات تركيا، خاصة مع زيادة اعتماد أنقرة على واردات الطاقة الروسية في السنوات الأخيرة.

إعلان

في المقابل، تشكل تركيا نسبة أقل بكثير من واردات روسيا، فلا تتجاوز 4% من إجمالي ما تستورده موسكو، لكنها تظل شريكا تجاريا مهما بالنسبة لها.

تركيا تعتمد بصورة كبيرة على واردات الطاقة الروسية (الفرنسية)

وتعززت مكانة تركيا كشريك تجاري إستراتيجي لروسيا في ظل إحجام الدول الغربية عن التعامل التجاري مع روسيا نتيجة للعقوبات الغربية، مما دفع موسكو إلى التوجه أكثر نحو أسواق بديلة، أبرزها السوق التركية، لتلبية احتياجاتها التجارية.

ووضع البلدان هدفا طموحا لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار سنويا على المدى المتوسط، مما يعكس أهمية هذه الشراكة الإستراتيجية في مجالات متعددة.

الطاقة الروسية

تُظهر أرقام حديثة مدى الاعتماد التركي الكبير على الموارد الروسية في قطاع الطاقة، ففي عام 2023، استوردت تركيا نحو 21.34 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا، وهو ما يعادل 42.3% من إجمالي واردات الغاز التركي لذلك العام.

وتعتمد أنقرة على عقود غاز طويلة الأمد مع غازبروم الروسية لتأمين هذه الإمدادات، وتمتلك شركة بوتاش التركية عقدين رئيسيين مع موسكو بقدرة إجمالية تصل إلى 21.8 مليار متر مكعب سنويا، وتشمل هذه الكمية 16 مليار متر مكعب عبر خط "السيل الأزرق" و5.75 مليارات متر مكعب عبر خط "السيل التركي"، ويستمر العمل بهذين العقدين حتى نهاية عام 2025.

وإلى جانب الغاز، أصبحت روسيا المزود الأكبر لتركيا بالنفط الخام، وتفيد التقديرات الحديثة بأن نحو 70% من واردات تركيا النفطية تأتي من روسيا، وذلك في تحول ملحوظ بعد العقوبات الغربية التي دفعت تركيا لتصبح مشتريا رئيسيا للخام الروسي بأسعار منخفضة.

وبالمثل، فرضت روسيا سيطرتها على سوق الفحم التركي، وزودته بأكثر من 70% من إجمالي وارداته من الفحم منذ عام 2022، وارتفعت النسبة إلى 88% خلال النصف الأول من 2025، وفقًا لبيانات تتبع الشحنات.

في السياق، يرى المحلل الاقتصادي حقي إيرول جون أن تركيا ستواجه تحديات اقتصادية معقدة إذا استمرت الولايات المتحدة في تصعيد عقوباتها ضد الدول المتعاملة مع روسيا، وأن أحد أكبر هذه التحديات هو الاعتماد الكبير على الطاقة الروسية، فأي تعطيل أو رفع للتكاليف بسبب هذه العقوبات قد يؤثر بشكل كبير على القطاع الصناعي التركي ويزيد من عجز التجارة الخارجية.

ويشير إيرول جون -في حديث للجزيرة نت- إلى أن تركيا ستواجه صعوبة في التوازن بين مصلحتها في الحفاظ على علاقاتها مع روسيا واحتياجاتها الاقتصادية مع الغرب، لذا، من المتوقع أن تسعى أنقرة لتوسيع شراكاتها الاقتصادية مع دول أخرى، مثل الصين ودول الخليج وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى تنويع مصادر الطاقة مثل الغاز الأذربيجاني والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، لتقليل اعتمادها على روسيا.

من المتوقع أن تسعى أنقرة لتوسيع شراكاتها الاقتصادية مع دول أخرى تحت ضغط العقوبات الأميركية الثانوية المحتملة على روسيا (رويترز)قطاعات مهددة

الولايات المتحدة واحدة من أهم أسواق الصادرات التركية، وتمثل حصة كبيرة من إجمالي التبادل التجاري، ففي عام 2024، بلغ حجم الصادرات التركية إلى الولايات المتحدة نحو 15 إلى 16 مليار دولار، ما يعادل نحو 6.2% من إجمالي الصادرات التركية لهذا العام، ما يضع أميركا في المرتبة الثانية بين وجهات التصدير التركية بعد ألمانيا.

إعلان

وتعتمد عدة قطاعات صناعية تركية بشكل كبير على السوق الأميركية، بما في ذلك صناعة السيارات، والمنسوجات، والملابس الجاهزة، والسجاد، والمجوهرات، فعلى سبيل المثال، بلغت صادرات صناعة السيارات التركية إلى الولايات المتحدة نحو 1.2 مليار دولار في 2024، في حين قاربت صادرات السجاد التركي 784 مليون دولار في العام نفسه، وحقق قطاع الملابس الجاهزة مبيعات تقدر بنحو 856 مليون دولار، وقطاع الإلكترونيات حقق 774 مليون دولار.

موقف أنقرة

حتى الآن، لم يصدر عن أنقرة رد فعل رسمي مفصل على تهديدات ترامب الأخيرة، وفضلت الحكومة التركية التحفظ والترقب لمعرفة ما إذا كان هذا التصعيد الأميركي يعد مجرد ورقة ضغط تفاوضية على روسيا أم أن هناك نية حقيقية لتنفيذه.

ويرى الباحث السياسي جنك سراج أوغلو أن المسؤولين الأتراك يعقدون آمالهم على الدبلوماسية لتفادي السيناريو الأسوأ، عبر إقناع واشنطن بمراعاة خصوصية تركيا، ويؤكد أن تركيا ملتزمة فقط بعقوبات الأمم المتحدة، ولا ترى نفسها ملزمة بالتحرك بناء على عقوبات أحادية من أي طرف، خاصة عندما تتعارض هذه العقوبات مع مصالحها الإستراتيجية.

ويضيف سراج أوغلو في حديث للجزيرة نت أن تاريخ تركيا مع التكيف مع العقوبات دون قطع العلاقات بالكامل يدعم هذا الموقف، كما حدث في الحالة الإيرانية، حيث التزمت أنقرة ببعض العقوبات الغربية رغم الاعتراضات، ولكن من دون التأثير على مصالحها الأساسية.

ويعتقد الباحث أن ترامب قد يواجه صعوبة كبيرة في اتخاذ مواقف قاسية ضد تركيا، نظرا لدورها الإستراتيجي المهم في أوكرانيا وحلف الناتو. ومع ذلك، تدرك أنقرة أنها قد تجد نفسها في عين العاصفة إذا استمر التصعيد الأميركي.

مقالات مشابهة

  • روسيا تعلن سيطرتها على تشاسيف يار في دونيتسك.. والجيش الأوكراني ينفي
  • تركيا تشن حملة أمنية موسعة.. اعتقال 77 مشتبهاً بـ«تنظيم غولن» في 26 ولاية
  • يديعوت أحرونوت: تأثير تركيا العسكري والسياسي المتزايد بات التهديد الأكبر لإسرائيل
  • تركيا تشترط الاستخدام الكامل لخط كركوك-جيهان في اتفاقها مع العراق
  • السلاح الجديد لتركيا يتصدر المشهد في الولايات المتحدة! “أردوغان يعيد تشكيل المعادلة”
  • كاتب إيطالي: لماذا محادثات روسيا وأوكرانيا ليست مفاوضات حقيقية؟
  • كيف تتأثر تركيا بعقوبات ترامب الثانوية المحتملة على روسيا؟
  • تركيا.. حزب أردوغان يتصدر استطلاعا للرأي بعد تراجع لأشهر
  • تركيا.. استقالة جماعية لأعضاء “الشعب الجمهوري” في ماردين
  • لماذا لا يصلح نموذج أردوغان لسوريا اليوم؟