لجريدة عمان:
2025-06-06@02:25:53 GMT

افتتاحية.. الأسطورة وقوة الهويات الوطنية

تاريخ النشر: 26th, February 2025 GMT

افتتاحية.. الأسطورة وقوة الهويات الوطنية

لا تستند الأمم حين تروي حكاياتها على الوقائع وحدها بل تتكئ على الأسطورة بوصفها نسيجًا خفيًا يربط الذاكرة بالمصير، ويهب الزمن معنى يتجاوز حدود الأحداث العابرة، وحضور الأسطورة في ثقافة الأمم دليل واضح على عمق وجدانها الجمعي، ذلك الوجدان الذي يستعير رموزه من المجهول ليؤسس بها حقيقة تعيش في الوعي أكثر مما تعيش في التاريخ.

وأدركت الشعوب الكبرى أن الأسطورة ليست بديلا عن الحقيقة، بل هي صورتها الأخرى، صورتها المتعالية التي تمنحها قوة وسحرًا.. إنها الحكاية التي تتوارثها الأجيال، لا بوصفها بقايا زمن مندثر، بل بوصفها جوهرا خالدا يتجدد مع كل قراءة وتأويل. كانت الأسطورة على الدوام المرآة التي ترى فيها الأمم ذاتها، بل إنها تشكل أساسها الفلسفي كما فعلت الأساطير الإغريقية في تشكيل أسس الحضارة الغربية، وكما فعلت ملاحم الشرق في صناعة هُوية الشعوب الشرقية، وهي في كل هذا كانت القنديل الذي يضيء دروب الأمم في عتمة التاريخ.

لكن ما الذي يجعل الأسطورة ضرورية في بناء السرديات الوطنية؟ إن الدولة حين تسعى إلى ترسيخ هويتها، تحتاج إلى ما هو أبعد من الوقائع السياسية والحدود الجغرافية، تحتاج إلى سرديات كبرى تُنقش في الذاكرة، تحفر وجودها في ضمير الأجيال، وتمنحهم إحساسا بالانتماء يتجاوز العابر والمؤقت حيث إن للأسطورة قدرة على البناء الروحي الذي يرسخ القيم ويلهب روح التضحية، ويربط الفرد بميراث يتجاوز ذاته.

وتبدو دول العالم اليوم في أمسّ الحاجة إلى إعادة اكتشاف الأسطورة ليس بوصفها ماضيا عابرا ولكن -وهذا هو المهم- باعتبارها كنزا من الحكمة، وأداة ثقافية قادرة على تشكيل الوجدان في لحظة يشهد فيه العالم تشظي القيم وتآكل الثوابت؛ لذلك فإن الاحتفاء بالأسطورة هو جزء من معركة الحفاظ على الهُوية. ومن واجب المؤسسات الثقافية والإعلامية والمناهج التعليمية أن تعيد قراءة النصوص الأسطورية الخالدة، وأن تُفعّل حضورها في وجدان الأجيال الجديدة وربطها باللحظة الحاضرة وبمفاتيح الفهم والرؤية.

لقد فهم العرب أهمية الأسطورة ودورها في بناء الهويات القبلية والقومية فكتبوا سرديات عظمى مبنية على الأسطورة كما فعلوا في سرديات مثل سردية الزير سالم وسيف بن ذي يزن وتغريبة بني هلال.. إلخ. ولذلك هي باقية في الوجدان العربي الجمعي إلى اليوم.

والأمم التي تُهمل أساطيرها، تُعرّض سرديتها الوطنية للتشظي؛ فلا يمكن بناء هوية صلبة دون ذاكرة تستمد قوتها من رموز تعيش في المخيال الشعبي، وتُشكل نقطة التقاء بين التاريخ والوجدان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

المنتخب القطري يتجاوز نظيره الإيراني ويحجز مقعده في الملحق المؤهل لكأس العالم

الدوحة-سانا

تجاوز المنتخب القطري ضيفه منتخب إيران بهدف دون رد، في المباراة التي أقيمت بينهما اليوم ضمن الجولة التاسعة من مباريات المجموعة الأولى في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026.

سجل هدف المنتخب القطري لاعبه بيدرو ميغيل في الدقيقة 41.

وبهذا الفوز رفع المنتخب القطري رصيده إلى 13 نقطة في المركز الرابع على جدول ترتيب المجموعة الأولى، وضمن خوض الملحق الآسيوي المؤهّل إلى كأس العالم.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • المنتخب القطري يتجاوز نظيره الإيراني ويحجز مقعده في الملحق المؤهل لكأس العالم
  • المنتخب السعودي يتجاوز نظيره البحريني في تصفيات كأس العالم
  • في ذكرى رحيل أحمد رامي .. شاعر الحُب والحنين الذي نظم الوجدان شعراً
  • «فيفا» يخفّض أسعار تذاكر «افتتاحية المونديال» ويتحرك لمواجهة تراجع الإقبال
  • عاجل. تفاصيل صفقة مودريتش مع ميلان.. القيمة المالية ومدة العقد
  • في لفتة إنسانية.. رونالدو يحقق حلم طفلة مصابة بالسرطان
  • المخرجة السورية وعد الخطيب.. طفولة وأمومة صاغتا عدسة من أجل سما
  • السوداني: في موعد لن يتجاوز عام 2027 ستكون نسبة حرق الغاز صفر بالعراق
  • المرأة والعلاقة خارج النسق .. قراءة في الأسطورة سليمة بنت غفيل بين الحقيقة والوهم المتخيل
  • واشنطن تجدد تهديداتها لسفن الوقود التي تصل مناطق الحوثيين بـ "عقوبات قاسية"