حدود وإمكانيات القمة العربية تجاه عربدة إسرائيل
تاريخ النشر: 28th, February 2025 GMT
تنعقد في بداية شهر آذار/ مارس، قمة عربية طارئة، للرد على مخطط تهجير أهل غزّة إلى مصر والأردن وأماكن أخرى، حسب خطة كان قد أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهذه الخطة ليست سوى صدى لدعوات المتطرفين الصهاينة في السنوات الأخيرة والداعية الى تهجير معظم الفلسطينيين من كامل فلسطين التاريخية، بذريعة أن التعايش لم يعد ممكنا بين اليهود والفلسطينيين، وأن حل هذه المشكلة لا يتأتى إلا بإخراج الفلسطينيين صوب الدول العربية، أو أي بلاد أخرى تقبلهم.
ليس سرا أن ترامب تراجع عن خطته، بسبب الرفض العربي والدولي، وربما بسبب موازنته للتكاليف والأرباح، وخروجه بنتيجة ألا جدوى من هذا المشروع، على اعتبار أنه يبني حساباته السياسية على نمط إدارته للمشاريع العقارية، وبالأصل هو تعامل مع المشروع على أساس معطيات جيواقتصادية؛ من نوع طول شاطئ غزة والمساحة الرملية والمساحة الممكن توفرها لصناعة الترفيه الجاذب لنمط معين من النخب الاقتصادية في العالم، لكنه اكتشف أن هذا الأمر يستدعي ربما عشرات الحروب التي تشنها إسرائيل وقد لا تكون النتيجة مضمونة بسبب تمسك أهل غزة بأرضهم.
لكن هل يعني ذلك أن الصفحة طُويت وأصبحت المخاطر خلفنا، سواء الفلسطينيين أو بلاد المشرق العربي عموما؟ الواقع يقول عكس ذلك، إذ يبدو أن إسرائيل وسعت بيكار استهدافها ليشمل كامل منطقة المشرق العربي؛ سوريا ولبنان، بالإضافة إلى الضفة الغربية، وقد تكون هذه التوسعة مرحلية ستتبعها مرحلة لاحقة لن تستثني الأردن ومصر، ذلك أن إسرائيل تعتقد أنها تمر بمرحلة مثالية، نتيجة ميزان القوى الراجح جدا لمصلحتها، مقابل ضعف أدوات الطرف الآخر، سواء المشرق العربي المستهدف، أو بلدان ما خلف المشرق العربي التي لا يرى حكام إسرائيل أن لديهم النيّة على تغيير الوضع في المنطقة، لا سيما أن إسرائيل تحاول بيع العرب وهْم هزيمة الخطر الإيراني والتخطيط للإجهاز عليه في إيران نفسها، وتدمير مشروعها النووي الذي يشكّل مصدر الخطر الأكبر على العالم العربي.
لم يعد سرا أن إسرائيل تتعاطى مع المعطيات الحالية على أنها تشكل فرصة يجب اقتناصها لتغيير البيئة الاستراتيجية في المنطقة، فهي تتحرك في نطاق منطقة مستنزفة عسكريا واقتصاديا ولا تملك أطرافها (سوريا ولبنان والضفة الغربية) القدرات اللازمة للوقوف في وجه القوّة الإسرائيلية، التي تمارس العربدة جهارا نهارا، مستقوية بميزان القوّة الذي يرجح كفّتها في أي حرب، ولا سيما سلاحها الجوي الذي تفتقر جميع الأطراف المستهدفة الى وجود رادع له أو بديل يستطيع تعويض هذا الفارق.
من الواضح أن إسرائيل ذاهبة صوب بناء مناطق عازلة تحيط بها وتؤمن لها الحماية بعد درس طوفان 7 تشرين الأول/ كتوبر، على أن يشمل البناء مناطق جنوب لبنان وجنوب سوريا وأجزاء واسعة من الضفة الغربي. ولا تخفي حكومة بنيامين نتنياهو رغبتها في تحويل الجوار إلى دول فاشلة غير مستقرة ومفتتة؛ كجزء من استراتيجيتها القاضية بتحقيق الاستقرار والأمان لإسرائيل عبر السنوات القادمة، مستثمرة الضوء الأخضر الأمريكي لفعل ما تراه مناسبا لتحقيق مصالحها الأمنية مصحوبا بصنبور مفتوح من التمويل والتسليح.
ماذا بإمكان القمة العربية فعله لمواجهة هذه التحديات التي لا تؤثر فقط على فلسطين وسوريا ولبنان، بل ستمتد تداعياتها لتشمل أجزاء واسعة من العالم العربي؟ يمكن للقمة العربية الخروج ببيان يرفض السلوك الإسرائيلي ويدين محاولات تهويد الضفة وتهجير غزة واستباحة لبنان وسوريا، فليس -كما يقول المثل في بلاد الشام- على الكلام جمرك، لكن ذلك لا يساوي وزن رصاصة واحدة تُطلق على إسرائيل، والعرب غير مستعدين لا تلميحا ولا تصريحا على إصدار بيانات ذات حمولات يُشتم منها رائحة بارود أو يُسمع منها هدير أصوات طائرات ومدافع، وعدا عن أن لديهم أولويات مختلفة في هذه المرحلة، فلا يملكون الاستعدادات ولا المحفزات ولا حتى التقييم الذي يدفعهم لمواجهة إسرائيل.
بناء على ذلك، اليوم الذي سيعقب القمة سيكون مثل اليوم الذي سبقها، وستبقى الضفة وجنوب لبنان وجنوب سوريا أرض مستباحة لطائرات إسرائيل ودباباتها، وهذا الوضع مرشح للاستمرار حتى تتبلور ديناميكيات، يمكن القول إنها بدأت تظهر شيئا فشيئا في سماء المنطقة، بعد أن تجاوزت العربدة الإسرائيلية حدود وإمكانيات القدرة على التحمل والصبر.
كان يجب أن تنعقد القمة العربية في هذه الظروف، حيث لا يمكن الصمت فيما تصرفات إسرائيل العنجهية التي تجعل الحجر ينطق، لكن أيضا، هذه حدود وإمكانيات القمة، كلام ثم كلام ثم مزيد من الكلام، وبعدها ليواجه كل قدره ومصيره.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه عربية الفلسطينيين إسرائيل سوريا لبنان سوريا لبنان إسرائيل فلسطين عرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المشرق العربی أن إسرائیل
إقرأ أيضاً:
نخبة كتّاب يوقعون مؤلفاتهم بقمة الإعلام العربي
دبي: «الخليج»
في إطار فعاليات قمة الإعلام العربي 2025، التي تُعقد تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وتوجيهات سموّ الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي، رئيس مجلس دبي للإعلام، وينظّمها نادي دبي للصحافة من 26 إلى 28 مايو الجاري بمركز دبي التجاري العالمي، يستضيف الحدث الأكبر من نوعه عربياً مجموعة من المفكرين والكُتّاب البارزين لتوقيع أحدث مؤلفاتهم التي لاقت صدى واسعاً في الأوساط الثقافية والفكرية عربياً ودولياً.
وأكدت مريم الملا، مديرة نادي دبي للصحافة بالإنابة، أن حرص النادي على استضافة هذه الكوكبة من المفكرين والكُتّاب لتوقيع مؤلفاتهم يأتي في إطار السعي لإضافة بُعد ثقافي مميز إلى الحدث الأبرز في مجال الإعلام على مستوى المنطقة، ونظراً للقيمة الفكرية والثقافية التي يمثلها المؤلفون المشاركون في هذه الفعالية الخاصة، يحرص النادي على إتاحة فرصة لجمهور كبير من الإعلاميين، فرصة لقاء هؤلاء المبدعين والاقتراب أكثر من أفكارهم ورؤاهم.
وقالت إن الاحتفاء بالكُتب والكتّاب تقليد سنوي يثري من نقاشات القمة، حيث تبقى مناقشة مثل تلك الإبداعات إضافة نوعية.
ويأتي توقيع كتاب «الشيخ الرئيس التنفيذي.. دروس في القيادة من محمد بن راشد آل مكتوم»، للدكتور يسار جرار، عضو مجلس أمناء كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، في صدارة فعاليات توقيع الكُتب في ثاني أيام القمة (27 مايو الجاري)، حيث سيتم إطلاق النسخة العربية من هذا العمل المتميز الذي يتناول تجربة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في القيادة والإدارة من خلال رصد مباشر ومقابلات مع وزراء وأعضاء فريق العمل المقرب من سموّه على مدى أكثر من عقدين.
وتستضيف القمة مؤلف الكتاب في أول أيامها، وخلال المنتدى الإعلامي العربي للشباب، في نقاش مفتوح ضمن جلسات «دردشات إعلامية» حول «فرص الشباب في عصر التحوّل الرقمي»، والطموحات الكبيرة التي تعقدها دبي ودولة الإمارات على جيل الشباب في ترسيخ مقومات الريادة الإماراتية في صنع المستقبل الواعد المزدهر.
كما يوقّع الروائي الكويتي سعود السنعوسي، الحائز على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر)، الجزء الثالث من ثلاثيته «أسفار مدينة الطين»، والمعنون «سِفر العنفوز»، الصادر عام 2024 عن دار «كلمات» ومنشورات «مولاف».
وتتناول الرواية، بأسلوب «الفنتازيا»، جوانب من التاريخ الكويتي ما قبل النفط، وتسرد حكايات من حياة الغواصين من صيادي اللؤلؤ، والبيوت البسيطة، وموانئ الصيد، لتُجسّد ملامح المجتمع الخليجي في تلك المرحلة.
أما الكاتب والباحث في الفنون البصرية، صائب إيجنر، فيُطلق كتابه المرجعي «فنانو الشرق الأوسط: 1900 إلى اليوم»، الذي يُعد أول عمل شامل من نوعه يوثق مسيرة أكثر من 250 فناناً من العالم العربي وإيران وتركيا.
ويستعرض الكتاب، الصادر عن دار Thames & Hudson البريطانية، أبرز الحركات الفنية والتغيرات الثقافية والسياسية التي أثّرت في تطور الفن التشكيلي في المنطقة، مقدماً تحليلاً بصرياً وسرداً نقدياً مدعوماً بسير ذاتية لفنانين كبار مثل شيرين نشأت، ومنى حاطوم، ونبيل نحاس.
وقالت رقية الجابري، عضو اللجنة التنظيمية للقمة، إن هذه المشاركات القيمة تعزز من زخم القمة كمنصة رائدة لتلاقي العقول وصناعة الأفكار، ورافعة لدور الإعلام والثقافة والمعرفة في النهوض بالمجتمعات العربية، كما تؤكد مكانة دبي بوصفها مركزاً إقليمياً للابتكار والإبداع.