عبد الغني زهرة في حوار لـ"البوابة نيوز": إنجازاتنا العظيمة تحققت فى شهر رمضان.. والشباب هم الأمل فى تقدمنا
تاريخ النشر: 8th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تتجلى مشاهد الإنجازات الحضارية للأمة الإسلامية وتسيطر على الأذهان فى شهر رمضان الكريم؛ ففى هذا الشهر الفضيل تتوالى الصور المشرقة فى تاريخ الأمة، حيث يعد هذا الشهر شاهدا على محطات فارقة فى مسيرة الحضارة الإسلامية، سواء من خلال الانتصارات العظيمة أو عبر القيم التى أرساها فى نفوس المسلمين.
■ كيف أثر شهر رمضان فى تشكيل القيم الحضارية لدى المسلمين؟
-رمضان لم يكن مجرد شهر عبادة وصيام، بل كان مدرسة متكاملة تنمى فى المسلمين قيما أساسية ساهمت فى بناء الحضارة الإسلامية. فى رمضان، يتجلى الصبر، وهو أساس أى نهضة حضارية؛ فالأمم لا تنهض إلا بالصبر على التحديات والعمل الجاد. كذلك، رمضان يعزز قيمة الإيثار والتكافل الاجتماعي، فالحضارات لا تُبنى إلا على العدل والتعاون بين أفراد المجتمع. إلى جانب ذلك، الانضباط والالتزام خلال الصيام يرسخان ثقافة احترام الوقت والانضباط، وهما عنصران مهمان لأى تقدم حضاري.
■ما أبرز الانتصارات الإسلامية التى حدثت فى رمضان، وكيف ساهمت فى بناء الحضارة الإسلامية؟
-رمضان كان دائما شهر الانتصارات العظيمة التى غيرت مسار التاريخ الإسلامي. على سبيل المثال، غزوة بدر الكبرى (٢هـ) كانت أول وأهم انتصار للمسلمين، حيث شكلت نقطة تحول فى بناء الدولة الإسلامية. أيضا، فتح مكة (٨هـ)، الذى كان بمثابة إعلان عن ترسيخ الدولة الإسلامية فى الجزيرة العربية؛ ومن الأمثلة التى تعكس قوة المسلمين الحضارية، معركة عين جالوت (٦٥٨هـ)، التى كانت سببا فى إيقاف المد المغولى وحماية التراث الإسلامى من التدمير. هذه الانتصارات لم تكن مجرد أحداث عسكرية، بل كانت لحظات فاصلة فى بناء حضارة قوية تستند إلى العدل والتسامح ونشر العلم.
■كيف انعكست قيم الصبر والجهاد والتضحية، التى تتجلى فى رمضان، على نهضة الحضارة الإسلامية؟
-رمضان علم المسلمين أن النجاح يحتاج إلى صبر وتحمل، وهذه القيم انعكست فى اجتهادهم العلمى والفكرى على مدار التاريخ. العلماء المسلمون كانوا يسهرون الليالى فى البحث والتجربة، مدفوعين بنفس روح المثابرة التى يغرسها الصيام أما الجهاد فليس مقصورا على ساحات القتال، بل يشمل الجهاد بالعلم والعمل، وهو ما ساعد المسلمين على إنشاء حضارة مزدهرة امتدت من الأندلس إلى الصين. أما التضحية، فقد تجلت فى العمل الخيرى ورعاية الفقراء، مما أدى إلى مجتمعات متماسكة قادرة على الاستمرار والتطور.
■فى رأيك، ما أبرز التحديات التى تواجه الحضارة الإسلامية فى العصر الحديث؟
-هناك تحديات فكرية، حيث يعانى العالم الإسلامى من أزمة وعى ومعرفة، وهناك أيضا التحديات الاقتصادية والسياسية، حيث تواجه الدول الإسلامية مشكلات فى تحقيق التنمية المستدامة. كذلك، التأثير الثقافى الغربى أدى إلى ضعف الهوية الإسلامية لدى بعض الشباب، مما يستدعى ضرورة تعزيز الانتماء للحضارة الإسلامية.
■كيف يمكن استعادة روح الحضارة الإسلامية فى ظل التغيرات العالمية المتسارعة؟
-الحل يكمن فى العودة إلى جوهر الإسلام، الذى يشجع على العلم والعمل والإبداع. يجب أن نواكب العصر بالتكنولوجيا والمعرفة، لكن دون أن نفقد هويتنا. أيضًا، لا بد من تجديد الخطاب الدينى ليكون أكثر ارتباطا بحاجات العصر، وتشجيع البحث العلمي، فالحضارات لا تبنى إلا بالعلم.
■ هل يمكن للحضارة الإسلامية أن تقدم حلولًا لمشكلات العصر مثل التطرف والصراعات الثقافية؟
-بالطبع، فالإسلام نفسه دين وسطية وعدل، وإذا رجعنا للتراث الإسلامى سنجد أنه مليء بأمثلة للتسامح والتعايش. الحضارة الإسلامية فى أوجها كانت نموذجا للتعددية الثقافية، حيث عاش المسلمون والمسيحيون واليهود فى ظل دولة واحدة دون صراعات دينية. يمكننا استلهام هذا النموذج لحل المشكلات المعاصرة.
ولكى نستفيد من الإرث الحضارى الإسلامى فى بناء مستقبل مشرق للأمة، علينا أولًا، أن نعيد قراءة التاريخ بعين ناقدة، لا أن نبقى أسرى الماضي. ثانيا، يجب أن نستفيد من القيم الإسلامية فى الإدارة والاقتصاد والتعليم. وثالثا، لا بد من الاستثمار فى الأجيال القادمة، فهم عماد أى حضارة؛ وأقول للشباب أنتم الأمل، فالحضارات لا تنهض إلا بسواعد أبنائها. عليكم بالعلم والعمل والاجتهاد، ولا تنسوا أن الحضارة الإسلامية لم تُبنَ على القوة وحدها، بل على المعرفة والإبداع.
نشر الوعى
■ كيف يمكن تعزيز الوعى بدور الحضارة الإسلامية فى المناهج الدراسية ووسائل الإعلام، وهل يمكن أن نشهد عصرا جديدا لازدهار الحضارة الإسلامية؟
-المناهج التعليمية يجب أن تبرز الجوانب العلمية للحضارة الإسلامية، وليس فقط الفتوحات والانتصارات العسكرية. أما الإعلام، فعليه أن يتبنى خطابا إيجابيا عن الإسلام، بدلا من التركيز على النزاعات.
نحن قادرون على أن نشهد عصرا جديدا لازدهار الحضارة الإسلامية، لكن بشرط أن نوحد جهودنا، وأن نعتمد على العلم والاقتصاد القوي، وليس على العواطف والشعارات. وهنا أقول رمضان فرصة عظيمة للعودة إلى الذات، ليس فقط على المستوى الروحي، ولكن أيضا على المستوى الحضاري. هذا الشهر علمنا أن الصبر والانضباط والعمل الجماعى هى مفاتيح أى نهضة. إذا أردنا أن نرى الحضارة الإسلامية فى أوج مجدها مرة أخرى، فعلينا أن نستثمر فى التعليم، وننهض بالاقتصاد، ونعيد إحياء روح الابتكار والإبداع. الأمة الإسلامية لديها من المقومات ما يجعلها تقود العالم، لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا اجتمعنا على هدف واحد، وهو بناء مستقبل مشرق، قائم على العلم والأخلاق والقيم الإسلامية السامية. العدد الاليكتروني
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحضارة الاسلامية جامعة الأزهر شهر رمضان فى بناء
إقرأ أيضاً:
البطالة والشباب وتعاطي المخدرات
علي العايل
ضمن الاهتمام المتزايد بقضايا الشباب في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة، تبرز مشكلتا البطالة وانتشار تعاطي القات والمخدرات بوصفهما من أخطر التحديات التي تهدد بنية المجتمع، وتنعكس سلبًا على مسار التنمية والاستقرار الوطني. ومع تزايد معدلات الباحثين عن عمل، تتفاقم الظواهر السلبية التي تطال فئة الشباب، وهم الركيزة الأساسية لأي تقدم.
يمكننا في هذا السياق ان نلخص هذه المعطيات في النقاط التالية:
أولًا: الواقع المقلق للبطالة والتعاطي بين الشباب
تشير المعطيات الميدانية إلى أن شريحة واسعة من الشباب تعاني من البطالة طويلة الأمد، وانعدام فرص العمل اللائق، مما جعل بعضهم يلجأ إلى القات والمخدرات كوسيلة للهروب من الواقع، أو كجزء من ثقافة سائدة في بعض البيئات الاجتماعية التي تفتقر لبدائل حقيقية.
ويمثل هذا الواقع بيئة خصبة لتزايد الانحرافات السلوكية، والانجراف خلف شبكات الجريمة، أو التحول إلى قوى معطّلة، بدلاً من أن تكون فاعلة في المجتمع.
ثانيًا: الأسباب الجذرية للمشكلة
ضعف السياسات التشغيلية وعدم توفر فرص عمل كافية في القطاعين العام والخاص. غياب التوجيه المهني وافتقار مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل الحقيقي. انتشار ثقافة الاتكالية والإحباط نتيجة لتهميش فئة الشباب، وانعدام العدالة في توزيع الفرص. سهولة الحصول على المواد المخدرة والقات. التفكك الأسري والفراغ القيمي الذي يدفع البعض إلى سلوكيات سلبية.ثالثًا: النتائج والتداعيات الاجتماعية
ارتفاع معدلات الجريمة والإدمان بين فئة عمرية يُفترض أن تكون منتجة. ضعف الانتماء الوطني وتآكل الثقة بين المواطن والدولة. تدهور الصحة الجسدية والنفسية للمتعاطين، وزيادة الضغط على الخدمات الصحية. تعطيل عجلة التنمية نتيجة فقدان الطاقات البشرية القادرة على العطاء.رابعًا: المعوقات التي تحد من المعالجة الفعالة
البيروقراطية وتعدد الجهات دون تنسيق حقيقي. تحديات التوظيف وتوزيع الفرص. أهمية تطبيق إستراتيجية وطنية شاملة تعالج المشكلة من جوانبها التربوية والاقتصادية والاجتماعية.خامسًا: التوصيات والحلول
إطلاق برامج تشغيل وطنية تتضمن فرصًا حقيقية للشباب في مختلف القطاعات. تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي في مشاريع توفر وظائف مباشرة ومستدامة. تعزيز دور التعليم والتدريب المهني وتوجيهه نحو المهارات العملية المطلوبة. دعم المبادرات الشبابية وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. توسيع نطاق حملات التوعية بمخاطر التعاطي بمشاركة المدارس، والإعلام، والتوعية الدينية . تغليظ العقوبات ضد المروجين والمتاجرين بالمخدرات. ترسيخ العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص والحقوق.وفي الختام.. إن مكافحة البطالة وتعاطي المخدرات بين الشباب مسؤولية وطنية وأخلاقية مشتركة تتطلب تضافر الجهود، وتبني سياسات إصلاحية جادة، تقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة، والمواطنة الحقيقية.
ولا شك أن المجتمع الذي يعجز عن احتواء شبابه، يواجه تهديدات متعددة اجتماعيًا وأمنيًا، أما المجتمع الذي يُحسن توجيه الشباب وتمكينهم؛ فهو مجتمع قادر على النهوض والازدهار.
.. لنعمل جميعًا من أجل جعل وطننا آمنًا ومزدهرًا.