البوابة نيوز:
2025-07-29@20:21:12 GMT

الاستثمار والتنمية في الإسلام

تاريخ النشر: 10th, March 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى وخاصَّةً النبيَّ المصطفى وبعد،،،،
فإنَّ الحق سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجعله الخليفة في الأرض، قال تعالى: " وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً" [البقرة: 30]، وسخَّر له سائر الكائنات في السموات والأرض، قال تعالى: " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الجاثية: 13]، وبيَّن الحقُّ سبحانه وتعالى أنَّ من مقاصد خلق الإنسان وتسخير الكون له: التعمير فقال تعالى: " هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" [هود: 61].

ومن التعمير  المطلوب شرعًا: استثمار الأموال وتنميتها؛ فالمالك الحقيقيُّ للمال هو الله تعالى والإنسانُ مُستخلَفٌ فيه، قال تعالى: " آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ  " [الحديد: 7]،  فاستثمار الأموال مطلبٌ شرعي؛ حيث أمر الحقُّ سبحانه وتعالى الإنسان بالسعي والمشي في أنحاء الأرض والأكل من رزقه، فقال تعالى: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ "[الملك (15)]، وحثَّه على التجارة والعمل على تنمية المال واستثمار خيرات الطبيعة بالوسائل المشروعة؛ قال تعالى: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" [البقرة: 275].

وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ" [النساء: 29]، ووضع الشرع الحنيف تدابيرَ احترازيَّةً للحفاظ على المال منها: تحريم الاكتناز فقال تعالى: " وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ " [التوبة (34)]، ومنها: تحريم الأساليب الموهومة التي تبدو في ظاهرها وسائل لتنمية المال وزيادتها كالربا والاحتكار.

كما أنَّ الشرع حافظ على استمرارية تداول المال وتقلبه ؛ فالمال في الإسلام لا تنحصر تنميته في أيدي أفراد معدودة بل لا بد من إشراك عدد كبير من أفراد المجتمع في تقلب المال المراد تنميته وتثميره امتثالا لقوله تعالى: "مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ" [الحشر  (7)]. 

ووضع الإسلامُ لاستثمار الأموال معاييرَ أخلاقيةً وقيمًا لا بُدَّ من تحققها لتنعم المجتمعات بتنميةٍ مستدامةٍ آمنةٍ، منها: التزام الصدق والأمانة، ففي الحديث: "التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء" [أخرجه الترمذي في سننه، ك:البيوع، ب: ما جاء في التجارة، ح: (1209)، وقال: حديث حسن ]، ومنها: الوفاء بالعقود والعهود: فالمسلم الحقيقي هو الذي يفي بالوعد والعهد والعقد امتثالًا لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" [المائدة: 1]، وقوله تعالى: " وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا" [الإسراء: 34]، ومنها: عدم الاعتداء على الغير أو الإضرار به.

فالمسلم منهيٌّ عن إلحاق الضرر بالغير والاعتداء عليه امتثالًا لقوله تعالى: " وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" [البقرة: 190]، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" [أخرجه ابن ماجة في سننه، ك: الأحكام، ب: من بنى في حقه ما يضر بجاره، ح: (2340)، وقال النووي في شرح الأربعين النووية ص27: "حديث حسن"]، ومنها: معيار الالتزام بالحكام الشرعية، فالمستثمر المسلم دائمًا يشعر دائمًا بأنَّ تصرفه محكوم بطاعة الله تعالى واجتناب نواهيه، والشريعة حثَّت المسلم على أكل الحلال الطيب واجتناب الحرام الخبيث، قال تعالى: " وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ " [الأعراف: 157]، وقال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ  "  [البقرة: 172]. 

والمتأمل فيما سبق من نصوص وغيرها يجد أنَّ الإسلام وضع أهميَّةً كبرى لاستثمار الأموال، وأرشد المسلم وغيره إلى تحقيق مقصد التعمير بأساليب مشروعة ومعايير محكمة مضبوطة؛ لتحقيق تنميةٍ مستدامةٍ فيها نفعٌ للبشرية فهو سبحانه الخالق وهو العليم بخلقه قال تعالى: " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" [الملك: 14].  

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: هشام الجنايني قال تعالى ال أ ر ض

إقرأ أيضاً:

“الغرَّام” و”المراغة” ومفاهيم تركيب القبيلة وسلطاتها في قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة “الجزء 2”

يمانيون |أعد المادة للنشر: محسن علي

على مز الأزمنة والعصور ,تميزت القبائل اليمنية عن غيرها من سائر قبائل الجزيرة العربية, وانفردت في إدارة شؤونها وحياتها المعيشية في كل المجالات, بصياغة قوانين استمدتها من روح الشريعة الإسلامية السمحة, ما جعلها من أكثر الأنظمة رقيا وتفوقا ونجاحا وتأثيرا على مستوى الساحة تتوارثها الأجيال إلى اليوم, لا ترقى لمستوها القوانين والدساتير الوضعية بنسبة 1%,.

ومن خلالها قدمت القبيلة اليمنية نموذجًا وطنيًا متماسكًا في وجه التحديات والأخطار بمختلف محطاتها على مر التاريخ، فكانت ولا تزال العمود الفقري للدولة والمجتمع اليمني، وصمّام أمان الوطن وعنفوان الكرامة ’رغم الاستهدافات الكبيرة التي تعرضت لها في أكثر من محاولة وبمختلف الوسائل والأساليب لجرف ثقافتها وهويتها بهدف القضاء عليها نظرا لدورها الريادي في صدر الإسلام وفي عصرنا الحديث.

وفي الوقت الذي تواصل الجهات المعادية حربها الضروس لاستهداف القبيلة وموروثها وطمس قيمها واستهداف أبنائها’ نستعرض في هذا الجزء الثاني مفاهيم أساسية عن القبيلة وتركيباتها وأنظمتها وتعريفات شيقة ,نسعى من خلالها لترسيخ الهوية القبلية.

 

مفهوم القبيلة

القبيلة ليست مجرد اسم، بل هي هوية وجذر حضاري قيمي وركيزة للمجتمع ورافعة لقيم العزة والكرامة, ينطلق من عمق التراث اليمني والعروبي الأصيل , وهي عبارة عن كيان اجتماعي منظم, يتكون من عدة تكتلات بشرية يقطنون الريف والحضر, في نطاق جغرافية محددة من كل الاتجاهات تربطهم روابط الدم والأرض, وتحكمهم قوانين عرفية قبلية في مختلف مناحي الحياة, و تتصف بالكرم والجود والشجاعة والقيم والشيم والأخلاق ونصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والذي يجعل منها كيانا قويا ومترابطا قادرا على تحقيق حياة اجتماعية تكافلية مستقرة , وعيش آمن للإنسان يحفظ له (كرامته ودمه وماله وعرضه),

 

الهيكل التركيبـي القبـلي العـام

تعد القبيلة في اليمن هي المكون الرئيسي والأساسي لشكل الهيكل التركيبي القبلي العام كما أن العرف وقواعده التشريعية هو المرجع الوحيد لكل تركيب وتقسيم وتنظيم ونشاط ومسار للمجتمع القبلي بالإضافة الى إدراة كل الشؤون القبلية الداخلية والخارجية, حيث تتركب القبيلة الواحدة من عدة فروع رئيسية داخلية’ لكل فرع أو قسم تسميته الخاصة, وقد يختلف التقسيم الرئيسي من قبيلة لأخرى, من ناحية عدد ومسمى فروعها الرئيسية والذي يعتمد في الأساس على إنحدار النسب, والتوازنات في المغرم من جهة أخرى’ ولكل قبيلة طبيعتها الخاصة في تقسيمها الرئيسي.

 

القبائل اليمنية

ركائز ترتيب القبيلة الواحدة

تركيب القبيلة الواحدة على إنحدار النسب, وتوزيع الأغرام ويبدأ من : الفرع الرئيسي الواحد داخل القبيلة ويضم عدد من القرى والمحال الصغيرة, بينما تركيب القرية يتكون من : عدة أبدان وعادة ما يعتمد على توزيع الأغرام والضرائب بين أبناء المغرم الواحد, أما تركيب البدنة داخل القرية فتتكون من عدة أسر, فيما تركيب الأسرة فتتركب من عدد الأفراد الذين يجمعهم عادة “جد” واحد فهم إخوة وبني عم, وصولا إلى الفرد الذي يعد لبنة البناء في المجتمع .

 

الغُرم والغرَّام في العرف القبلي

في العرف القبلي لا يقتصر الغرم المادي على الفرد في القبيلة أو المغرم فحسب, بل يشمل : الأغنام, والأرض الزراعية المحروثة, وكل فرد ذكر في المجتمع بلغ عمره 18 عاما’ فقد أصبح غراما رجاما متمتعا بكل الحقوق وملتزما بكل الواجبات.

تركيبات القبيلة ومسمياتها

يقوم التشكيل بشكل عام على عدة مقومات تربط بعضها الآخر بعرف قبلي موحد يؤدي وظيفة  وهدف واحد لكل قبل وقبائل اليمن, و تتركب القبيلة الواحدة من عدة فروع رئيسية داخلية لكل فرع او قسم مسمى خاص به, ويعتمد تركيب فروع القبيلة على انحدار النسب وتوزيع الاغرام, فمن القبل ما يكون تركيبها من فرعين رئيسيين لكل منهما مسمى خاص به مثل (قبيلة أرحب), ومنها ما يكون من 3 فروع  لكل منها مسمى خاص به كـ (قبيلة وائلة, وقبيلة الحداء), ومنها ما يكون من 4 كـ (قبيلة بلاد الروس, وقبيلة سنحان) , ومنها من5 كل فرع يسمى خمس او خميس مثل( قبيلة خارف, قبيلة نهم, قبيلة ذو محمد’) ومنها من 7 فروع كـ(خولان الطيال), ومنها من 8 فروع كل فرع يسمى ثمين مثل (قبيلة ذو حسين), ومنها من عدة فروع بمسمى “مخاليف لكل مخلاف اسم خاص به مثل (قبيلة آنس’ عنس), ومنها من عدة فروع تسمى “عزل” لكل عزلة اسم خاص بها مثل ( قبيلة الحيمة الداخلية, الخارجية, بعدان, القفر), ومنها ما يكون من عدة فروع رئيسية بمسمى “بطون” او “افخاذ” تسمى “آل فلان” وهذا التقسيم حصرياص ينتشر في القبل التي تقطن الصحاري بشكل كبير كـ (قبيلة عبيدة في مارب, قبيلة العوالق في شبوة, مرخة السفلى’ والعليا).

 

إدارة القبيلة وسلطاتها

يتكون نظام إدارة القبيلة من سلطات ثلاث في مستويات الكيان القبلي وهي (القيادية, والقضائية, والتنفيذية) بشكل منظم ومسؤول, حيث تعد السلطات الثلاث المسؤولة عن إدارة القبيلة ولها تدرجات في المناصب والمسؤوليات تمثلها شخصيات معتبرة حسب تدرج النطاق والاختصاص.

ففي سلم مناصب السلطة القيادية يندرج تحتها : كبير القبيلة المعروف شعبيا بـ شيخ المشايخ, ثم شيخ الفرغ (الضمان) يم شيخ القرية, وصولا إلى عاقل البدنة, ثم ممثل الأسرة, وكل منهما له معني بمراعاة مصالح القبيلة وحل قضاياها واشكالياتها, ويتم تعيينهم وفق معايير قبيلة مستمدة من تعاليم وقيم الدين الإسلامي الحنيف.

أما في السلطة القضائية فيندرج فيها : مراغة القبيلة ويسمى عرفا (المراغة الغصاب) وهو منهى الاحكام العرفية الرفيع في إطار القبيلة, يليه مراغة الفرع ويسمى عرفا (المراغة القصرة) يعني: المراغة المنهى للأحكام العرفية الصادرة من المحكمين داخل فرع القبيلة, ثم المحكم وهو من تختاره أطراف النزاع وتفوضه لحل الخلاف.

بينما تشمل السلطة التنفيذية كل أفراد القبيلة, يليها كل أفراد الفرع, ثم كل أفراد القرية, ثم أفراد البدنة’ ثم كافة أفراد الأسرة, وهؤلاء جميعهم معنيون بالتنفيذ لما يدعو إليها كبير القبيلة, أو ما يصدره مراغتها الغصاب أو المراغة القصرة.

 

المرجع: كتاب قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن , تأليف الشيخ صالح مجمل روضان.

 

#الغرام#القبيلة_اليمنية#المراغة_الغصاب_والقصرة#سلطات_القبيلة#شيخ_الضمان#فروع_القبيلة_الواحدة#قواعد_العرف_القبلي

مقالات مشابهة

  • البيئة: 16 مشروعا بتمويل 500 مليون دولار أبرزها تحويل شرم الشيخ لمدينة خضراء
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في مواطن لارتكاب عددًا من الجرائم الإرهابية
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا في مواطِنٍ أقدم على ارتكاب عددٍ من الجرائم الإرهابية
  • هرب أقراص الإمفيتامين للمملكة.. تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بأحد الجناة في تبوك
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بمواطن لتهريبه أقراص الإمفيتامين إلى المملكة
  • هل الحر الشديد غضب إلهي؟.. عضو الأزهر للفتوى يجيب
  • “الغرَّام” و”المراغة” ومفاهيم تركيب القبيلة وسلطاتها في قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة “الجزء 2”
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في 3 جناة لتهريبهم الحشيش إلى المملكة
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا في باكستاني لتهريبه الهيروين إلى المملكة
  • حكم استخدام الموسيقى للمساعدة في التعليم .. الإفتاء تجيب