“الغرَّام” و”المراغة” ومفاهيم تركيب القبيلة وسلطاتها في قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة “الجزء 2”
تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT
يمانيون |أعد المادة للنشر: محسن علي
على مز الأزمنة والعصور ,تميزت القبائل اليمنية عن غيرها من سائر قبائل الجزيرة العربية, وانفردت في إدارة شؤونها وحياتها المعيشية في كل المجالات, بصياغة قوانين استمدتها من روح الشريعة الإسلامية السمحة, ما جعلها من أكثر الأنظمة رقيا وتفوقا ونجاحا وتأثيرا على مستوى الساحة تتوارثها الأجيال إلى اليوم, لا ترقى لمستوها القوانين والدساتير الوضعية بنسبة 1%,.
ومن خلالها قدمت القبيلة اليمنية نموذجًا وطنيًا متماسكًا في وجه التحديات والأخطار بمختلف محطاتها على مر التاريخ، فكانت ولا تزال العمود الفقري للدولة والمجتمع اليمني، وصمّام أمان الوطن وعنفوان الكرامة ’رغم الاستهدافات الكبيرة التي تعرضت لها في أكثر من محاولة وبمختلف الوسائل والأساليب لجرف ثقافتها وهويتها بهدف القضاء عليها نظرا لدورها الريادي في صدر الإسلام وفي عصرنا الحديث.
وفي الوقت الذي تواصل الجهات المعادية حربها الضروس لاستهداف القبيلة وموروثها وطمس قيمها واستهداف أبنائها’ نستعرض في هذا الجزء الثاني مفاهيم أساسية عن القبيلة وتركيباتها وأنظمتها وتعريفات شيقة ,نسعى من خلالها لترسيخ الهوية القبلية.
مفهوم القبيلة
القبيلة ليست مجرد اسم، بل هي هوية وجذر حضاري قيمي وركيزة للمجتمع ورافعة لقيم العزة والكرامة, ينطلق من عمق التراث اليمني والعروبي الأصيل , وهي عبارة عن كيان اجتماعي منظم, يتكون من عدة تكتلات بشرية يقطنون الريف والحضر, في نطاق جغرافية محددة من كل الاتجاهات تربطهم روابط الدم والأرض, وتحكمهم قوانين عرفية قبلية في مختلف مناحي الحياة, و تتصف بالكرم والجود والشجاعة والقيم والشيم والأخلاق ونصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, والذي يجعل منها كيانا قويا ومترابطا قادرا على تحقيق حياة اجتماعية تكافلية مستقرة , وعيش آمن للإنسان يحفظ له (كرامته ودمه وماله وعرضه),
الهيكل التركيبـي القبـلي العـام
تعد القبيلة في اليمن هي المكون الرئيسي والأساسي لشكل الهيكل التركيبي القبلي العام كما أن العرف وقواعده التشريعية هو المرجع الوحيد لكل تركيب وتقسيم وتنظيم ونشاط ومسار للمجتمع القبلي بالإضافة الى إدراة كل الشؤون القبلية الداخلية والخارجية, حيث تتركب القبيلة الواحدة من عدة فروع رئيسية داخلية’ لكل فرع أو قسم تسميته الخاصة, وقد يختلف التقسيم الرئيسي من قبيلة لأخرى, من ناحية عدد ومسمى فروعها الرئيسية والذي يعتمد في الأساس على إنحدار النسب, والتوازنات في المغرم من جهة أخرى’ ولكل قبيلة طبيعتها الخاصة في تقسيمها الرئيسي.
القبائل اليمنية
ركائز ترتيب القبيلة الواحدة
تركيب القبيلة الواحدة على إنحدار النسب, وتوزيع الأغرام ويبدأ من : الفرع الرئيسي الواحد داخل القبيلة ويضم عدد من القرى والمحال الصغيرة, بينما تركيب القرية يتكون من : عدة أبدان وعادة ما يعتمد على توزيع الأغرام والضرائب بين أبناء المغرم الواحد, أما تركيب البدنة داخل القرية فتتكون من عدة أسر, فيما تركيب الأسرة فتتركب من عدد الأفراد الذين يجمعهم عادة “جد” واحد فهم إخوة وبني عم, وصولا إلى الفرد الذي يعد لبنة البناء في المجتمع .
الغُرم والغرَّام في العرف القبلي
في العرف القبلي لا يقتصر الغرم المادي على الفرد في القبيلة أو المغرم فحسب, بل يشمل : الأغنام, والأرض الزراعية المحروثة, وكل فرد ذكر في المجتمع بلغ عمره 18 عاما’ فقد أصبح غراما رجاما متمتعا بكل الحقوق وملتزما بكل الواجبات.
تركيبات القبيلة ومسمياتها
يقوم التشكيل بشكل عام على عدة مقومات تربط بعضها الآخر بعرف قبلي موحد يؤدي وظيفة وهدف واحد لكل قبل وقبائل اليمن, و تتركب القبيلة الواحدة من عدة فروع رئيسية داخلية لكل فرع او قسم مسمى خاص به, ويعتمد تركيب فروع القبيلة على انحدار النسب وتوزيع الاغرام, فمن القبل ما يكون تركيبها من فرعين رئيسيين لكل منهما مسمى خاص به مثل (قبيلة أرحب), ومنها ما يكون من 3 فروع لكل منها مسمى خاص به كـ (قبيلة وائلة, وقبيلة الحداء), ومنها ما يكون من 4 كـ (قبيلة بلاد الروس, وقبيلة سنحان) , ومنها من5 كل فرع يسمى خمس او خميس مثل( قبيلة خارف, قبيلة نهم, قبيلة ذو محمد’) ومنها من 7 فروع كـ(خولان الطيال), ومنها من 8 فروع كل فرع يسمى ثمين مثل (قبيلة ذو حسين), ومنها من عدة فروع بمسمى “مخاليف لكل مخلاف اسم خاص به مثل (قبيلة آنس’ عنس), ومنها من عدة فروع تسمى “عزل” لكل عزلة اسم خاص بها مثل ( قبيلة الحيمة الداخلية, الخارجية, بعدان, القفر), ومنها ما يكون من عدة فروع رئيسية بمسمى “بطون” او “افخاذ” تسمى “آل فلان” وهذا التقسيم حصرياص ينتشر في القبل التي تقطن الصحاري بشكل كبير كـ (قبيلة عبيدة في مارب, قبيلة العوالق في شبوة, مرخة السفلى’ والعليا).
إدارة القبيلة وسلطاتها
يتكون نظام إدارة القبيلة من سلطات ثلاث في مستويات الكيان القبلي وهي (القيادية, والقضائية, والتنفيذية) بشكل منظم ومسؤول, حيث تعد السلطات الثلاث المسؤولة عن إدارة القبيلة ولها تدرجات في المناصب والمسؤوليات تمثلها شخصيات معتبرة حسب تدرج النطاق والاختصاص.
ففي سلم مناصب السلطة القيادية يندرج تحتها : كبير القبيلة المعروف شعبيا بـ شيخ المشايخ, ثم شيخ الفرغ (الضمان) يم شيخ القرية, وصولا إلى عاقل البدنة, ثم ممثل الأسرة, وكل منهما له معني بمراعاة مصالح القبيلة وحل قضاياها واشكالياتها, ويتم تعيينهم وفق معايير قبيلة مستمدة من تعاليم وقيم الدين الإسلامي الحنيف.
أما في السلطة القضائية فيندرج فيها : مراغة القبيلة ويسمى عرفا (المراغة الغصاب) وهو منهى الاحكام العرفية الرفيع في إطار القبيلة, يليه مراغة الفرع ويسمى عرفا (المراغة القصرة) يعني: المراغة المنهى للأحكام العرفية الصادرة من المحكمين داخل فرع القبيلة, ثم المحكم وهو من تختاره أطراف النزاع وتفوضه لحل الخلاف.
بينما تشمل السلطة التنفيذية كل أفراد القبيلة, يليها كل أفراد الفرع, ثم كل أفراد القرية, ثم أفراد البدنة’ ثم كافة أفراد الأسرة, وهؤلاء جميعهم معنيون بالتنفيذ لما يدعو إليها كبير القبيلة, أو ما يصدره مراغتها الغصاب أو المراغة القصرة.
المرجع: كتاب قواعد العرف القبلي المسنونة والغصابة لقبائل اليمن , تأليف الشيخ صالح مجمل روضان.
#الغرام#القبيلة_اليمنية#المراغة_الغصاب_والقصرة#سلطات_القبيلة#شيخ_الضمان#فروع_القبيلة_الواحدة#قواعد_العرف_القبلي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: ومنها من ما یکون کل فرع
إقرأ أيضاً:
محللون: ميليشيات أبو شباب تتحول إلى “عبء أمني” على الاحتلال
#سواليف
تتصاعد في الفترة الأخيرة مؤشرات فشل مشروع #الاحتلال_الإسرائيلي الهادف إلى صناعة قوى مسلّحة محلية تعمل كأدوات بديلة داخل قطاع #غزة، بعد الضربة التي تلقّتها هذه المجموعات بمقتل أبرز قادتها وتصاعد #الانقسامات في صفوفها.
وبينما كانت “إسرائيل” تعوّل على دور محوري لهذه التشكيلات في المرحلة الثانية من العمليات، تكشف المعطيات الميدانية والسياسية أن بنيتها هشة، وأنها تتحول تدريجيا إلى #عبء على #مخططات_الاحتلال لا رافعة لها.
وقال المحلل السياسي إياد القرا إن #الجماعات_المسلحة التي ظهرت في مناطق سيطرة الاحتلال داخل قطاع غزة ستتأثر بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة، معتبرًا أن نجاح المقاومة في الوصول إلى قائد هذه المجموعات ومؤسسها يمثّل “ضربة قاصمة” للمشروع “الإسرائيلي” القائم على توظيف هذه الفصائل لخدمة مخططاته في المرحلة الثانية من الحرب.
مقالات ذات صلة قفزة في أسعار الذهب محليا 2025/12/13وأضاف ، أن إسرائيل كانت تعوّل على أن تتولى هذه العناصر السيطرة على “المنطقة الصفراء” باعتبارها نواة لقوات أمن فلسطينية يمكن إدماجها لاحقًا ضمن قوات استقرار دولية تعمل في هذه المناطق، غير أن الضربة الأخيرة أفشلت جانبًا مهمًا من هذا الرهان.
وأوضح القرا أن شخصية غسان الدهيني، التي طُرحت لقيادة هذه المجموعات، تعاني أصلًا من خلافات داخلية وانقسامات عميقة، خاصة أن أفراد هذه التشكيلات تحركهم مصالح متباينة؛ بعضها عائلي وبعضها نابع من خصومات مع حماس، فضلًا عن وجود عناصر متهمة بالعمالة للاحتلال.
ورجّح أن تتفاقم هذه الصراعات خلال الفترة المقبلة، بما يعمق حالة التشكيك داخل صفوفهم ويدفع بعضهم إلى الهروب أو التوقف عن التعاون.
ولفت إلى أن بعض العناصر بدأت تطلب أموالًا ومساعدات مقابل تنفيذ عمليات ضد مجموعات أخرى، ما يعكس هشاشة هذه البنية المسلحة وتفككها الداخلي.
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري نضال أبو زيد إن المقطع المصوَّر الذي ظهر فيه غسان الدهيني وهو يتفقد عناصر مجموعته يثير علامات استفهام عديدة، إذ بدا واضحًا أن المنطقة التي ظهر فيها ليست مدينة رفح كما زُعم، بل موقع قريب من حدود غزة داخل مناطق “غلاف غزة” الإسرائيلي، حيث المنازل والأشجار سليمة وغير متضررة، وهو ما يشير —بحسب أبو زيد— إلى أن الاحتلال أنشأ جيبًا آمنًا لهذه المجموعات داخل الغلاف تحت حماية جيشه، وليس داخل القطاع.
واعتبر أن ذلك يكشف عن مستوى جديد من الحماية التي بات الاحتلال يوفرها لهذه الفصائل، “ليس فقط حماية زمنية، بل حماية مكانية” تضمن لها العمل بمعزل عن بيئة قطاع غزة الفعلية.
وفي قراءته لواقع هذه المجموعات، أوضح أبو زيد في حديث لـ”قدس برس”أن المقاومة نجحت في استعادة “الاتزان الاستراتيجي الداخلي”، عبر إعادة ترميم سلسلة القرار وضبط الأوضاع الأمنية وتعزيز بنية القيادة، وهي تعمل الآن على استكمال هذا الاتزان من خلال ترميم العلاقة مع محيطها الاجتماعي داخل القطاع.
ويضيف أن المقاومة لا ترغب في فتح مواجهة مباشرة مع هذه المجموعات في هذا التوقيت، لأن أي صدام الآن قد يعرقل جهود إعادة بناء تنظيمها ويمنح الاحتلال فرصة لاستثمار هذه الفصائل في إطار حروب الوكلاء التي يخطط لها في حال فشل المرحلة الثانية من عملياته.
وأشار أبو زيد إلى أن الاحتلال، في ظل حالة الاستنزاف الكبيرة التي يعاني منها، يسعى إلى تحويل هذه المجموعات إلى أدوات قتال بالنيابة عنه، لتجنب العودة إلى عمليات برية واسعة.
ولذلك فإن المقاومة —وفق تقديره— تؤجّل المواجهة معهم إلى ما بعد استكمال ترتيبات الاتزان الاستراتيجي، بحيث تتمكن لاحقًا من إنهاء هذا الملف بشكل حاسم.
وختم بالقول إن التقديرات المتداولة حول تضخم أعداد هذه المجموعات مبالغ فيها، وإن جزءًا كبيرًا مما يُروَّج يأتي ضمن ماكينة البروباغندا الإسرائيلية، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن عددًا ملحوظًا من عناصر هذه التشكيلات قد سلّم نفسه للمقاومة بالفعل