من يزور إمارة رأس الخيمة يشعر بأنه في «حضرة التاريخ»، جبال متلاصقة متقاربة الارتفاع، وهضاب وسهول يلفها الجمال، وكأنها تقاسمت بالتساوي رصد مشاهد وأحداث مرت عبر القرون، وسهول خضراء تفيأت في ظلال قامات نخيلها وأشجارها، وتعددت روايات المؤرخين القدماء والمحدثين الذين مروا على أوديتها وأسواقها وقراها.
وتمتلك الإمارة بعداً حضارياً ضارباً في القدم، وعمقاً تاريخياً ثريا وطبيعة غناء، وتعتبر موطن استيطان بشرياً مزدهراً منذ القدم استضاف مستوطنات بشرية لآلاف السنين، واستوطنته عدد من الحضارات المتعاقبة بفضل الجبال الشامخة والأودية الخصبة والشواطئ البحرية المفتوحة.


مكانة مرموقة
أكد أحمد عبيد الطنيجي، مدير عام دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة، أن الأدلة الأثرية أظهرت أن الإمارة أسست لنفسها مكانة مرموقة، ودعمت المجتمعات الزراعية منذ القدم ونشطت في مجال الصيد والتجارة منذ الألف الخامس قبل الميلاد، كأحد أهم المراكز التجارية في المنطقة بموقعها الاستراتيجي المتميز.
وفي ما يتعلق بأهمية القلاع والحصون قال الطنيجي: «تولي دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة اهتماما كبيرا بالقلاع والحصون، باعتبارها جزءا من التراث الثقافي والمعماري الذي يجسد تاريخ المنطقة وحضارتها الضاربة في القدم، وتمثل جزءا مهما من تاريخ وثقافة المكان، وكان الغرض الأساسي من ورائها هو الدفاع عن سكان المنطقة وعن أراضيهم وممتلكاتهم وصد الغزاة، مؤكداً أنها اكتسبت أهميتها من خلال دورها الكبير في حماية الحدود واستقرار الإمارة وتأمين طرق التجارة والأسواق.
برج الحديبة
قال مدير عام دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة: «من أهم الشواهد أيضا برج الحديبة وكان جزءاً من مجمع سكني كبير دُمر منذ فترة طويلة وما زال البرج شامخاً وتحتوي بناياته الحجرية الفخمة على غرفة معيشة وغرفة استقبال، كما أنها كانت تُستخدم للأغراض الدفاعية للمجمع بأكمله».
وذكر أن من أهم المناطق الأثرية بالإمارة منطقة شمل وتم اكتشاف أول مقبرة فيها «مقبرة أم النار» من قبل البعثة الدنماركية في الخمسينيات، وهي من أكبر المقابر المعروفة في الإمارات، ويعود تاريخها إلى حضارة «أم النار» بعمر 4500 عام، وقطرها حوالي 14.5 متر.
وأضاف: «يجاور المقبرة قصر «الزباء» وهو بقايا أطلال حضارة تقع على قمة جبل «حجيل» شمال شرق مدينة رأس الخيمة، ويعود تاريخه للقرون الوسطى القديمة، ويعد من أقدم المباني الأثرية التي ما زالت شاهدة على تاريخ الإمارة».
وأشار إلى أنه يُعد القصر القديم الوحيد الذي عُرف في دولة الإمارات، ودارج بين العامة بأنه قصر الملكة الزباء، ولهذا القصر ارتباط بمدينة جلفار التاريخية التجارية، وهي التسمية التي أطلقت على رأس الخيمة سابقاً.


حصن الفلية
قال الطنيجي: «يعتبر «حصن الفلية» معلماً آخر وهو حصن بني في القرن الثامن عشر كمقر وسكن صيفي لعائلة «القواسم» حيث يتوسط بساتين النخيل ومساكن المصطافين القادمين من مدينة رأس الخيمة والإمارات الأخرى».
وأكد أن موقع الجزيرة الحمراء كان عبارة عن جزيرة صغيرة يعيش سكانها على الصيد وتجارة اللؤلؤ قبل أن يهجروها في منتصف القرن العشرين، حيث انتقلوا إلى الحياة الحديثة، وهي تعد آخر قرية تاريخية لصيد اللؤلؤ في الخليج، ولا تزال قائمة حتى الآن، ومن يزرها يشاهد فيها صورة تعكس واقع الحياة قبل النفط حية إلى اليوم.. منوهاً بأن الجزيرة تعكس مظاهر الحياة التراثية، مثل البيوت البسيطة والحصن وسوق صغير والمساجد والبيوت الكبيرة التي كان يملكها الأغنياء من تجار اللؤلؤ.
وقال: «تنتشر الآثار والحصون والقلاع والمباني في كل مكان في الإمارة، حيث لم تعد مجرد مواقع شاهدة على زمن مضى، وتاريخ عريق يقصدها الباحثون والمهتمون فقط لأجل الدراسة العلمية، بل تحول كثير منها إلى مواقع جذب سياحي.
وأكد أن تلك المواقع الأثرية والتاريخية تحظى باهتمام ودعم من صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، الذي يدعو دائماً لضرورة تضافر الجهود بين الجهات الحكومية وعلى رأسها هيئة الآثار والمتاحف لمواصلة الجهود المميزة لتطوير ما تزخر به الإمارة من معالم أثرية وتراثية وتهيئتها أمام الزوار.
ولفت إلى أن الدائرة حرصت على توثيق هذه القلاع والحصون تاريخياً ومعمارياً والحفاظ عليها، ويتم تحديد مخصصات مالية سنوياً للترميم والصيانة والمحافظة على النقوش الموجودة فيها، والاستفادة منها كواجهات سياحية.
الحفاظ على الإرث 
في ما يتعلق بالجهود المبذولة من أجل الحفاظ على تلك المعالم.. قال أحمد عبيد الطنيجي: «عملت الدائرة خلال السنوات الماضية من أجل الحفاظ على الإرث التاريخي للإمارة، وترميم وصيانة تلك القلاع والحصون مثل قلعة ضاية وحصن الفلية وعدد من الأبراج الموجودة في الجزيرة الحمراء مثل برج المعشرة وبرج البومة، وتم ترميم برج الرمس والحلو وبرج بوشهاق وحصن النصلة والحديبة».
وأشار إلى أنه تم الانتهاء من أعمال التوثيق في قلعة العريبي وسيتم البدء بأعمال ترميم القلعة خلال هذا العام.
وادرجت اليونسكو أربعة مواقع أثرية في رأس الخيمة على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» وهي «جلفار المدينة التجارية، ومدينة تجارة اللؤلؤ في الجزيرة الحمراء، وشمل، والمشهد الثقافي لمنطقة ضاية».
(وام)

 

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات رأس الخيمة الآثار والمتاحف رأس الخیمة

إقرأ أيضاً:

أمسية تراثية للفنان غزوان مدني على خشبة ثقافي حمص 

حمص-سانا

أعاد الفنان غزوان مدني اليوم جمهور الطرب الأصيل إلى أغاني الزمن الجميل عبر أمسية تراثية بعنوان “أنغام من الذاكرة”، تنوعت بين الطرب والقدود بمشاركة فرقة “نوا أثر” الموسيقية وقيادة الفنان فايز الشامي، وذلك على خشبة مسرح قصر الثقافة بحمص.

حفلَت الأمسية التي نظمتها مديرية الثقافة في حمص، ببرنامج غني ومنوع، استمر ساعة من الزمن، استمع خلالها الجمهور إلى توليفة منوعة من الطرب، الفلكلور، التراث، القدود والأغاني المعاصرة.

وغنى مدني في بداية الأمسية أغنيته الخاصة رحل الظلم من ألحانه، والتي استوحاها من انتصار الثورة وسقوط النظام البائد، ثم تنقل بين الفل والورد والياسمين والعزوبية وسيبوني يا ناس، وأغانٍ لأم كلثوم ورفيق حبيقة.

وأوضح مدني في تصريح لمراسلة سانا، أنه اختار اللون الطربي ضمن برنامج الأمسية، لأنه يحظى بشعبية واسعة لدى جمهور حمص، ولتكون الأمسية بمثابة مساحة فنية تحيي أغاني طربية وتراثية عريقة، في ذاكرة جيل الشباب، في ظل انتشار الإيقاع السريع.

وأشار فايز الشامي، قائد فرقة نوا أثر الموسيقية، إلى أن الأمسية تميزت بجمالية فنية فريدة، حيث اجتمعت عذوبة الألحان ورقة الكلمات مع قوة الأداء الصوتي، ما أثار إعجاب الجمهور، وجعله يتفاعل مع الأمسية بشكل وجداني.

وأعرب عدد من الحضور عن استمتاعهم بالفقرات الغنائية، التي تجاوزت تأثيرها الأذن لتصل إلى قلوبهم وإحساسهم، ما خلق لحظات استماع مؤثرة وعميقة.

أنغام من الذاكرة 2025-07-08Ali Ghaddarسابق حسان في بلاد العجائب عرض مسرحي للأطفال في درعا آخر الأخبار 2025-07-08أمسية تراثية للفنان غزوان مدني على خشبة ثقافي حمص  2025-07-08حسان في بلاد العجائب عرض مسرحي للأطفال في درعا  2025-07-08الدفاع المدني السوري: اتساع رقعة النيران إلى محيط قرية الغسانية بريف اللاذقية 2025-07-08افتتاح مهرجان النادي الصيفي 2025 في دمشق 2025-07-07اللاعب السوري محمد الصوفي يحرز لقب بطولة قطر للبلياردو ويتاهل إلى بطولة العالم 2025-07-07فريق طبي من “سامز” في مشفى درعا الوطني لتقديم خدمات تخصصية 2025-07-07التنمية الإدارية تنشر أسماء المفصولين تعسفياً من هيئة التخطيط والإحصاء وتدعوهم للعودة 2025-07-07رئيس اتحاد غرف التجارة السورية يعرض في تركيا فرص الاستثمار في سوريا 2025-07-07الدفاع المدني السوري: تجدد بؤر النيران في قسطل معاف بريف اللاذقية 2025-07-07التنمية الإدارية تبحث مع أكاديمية التدريب تعزيز منظومة التدريب الحكومي

صور من سورية منوعات بوب مارت تزيح الستار… “لابوبو” من وحي الأساطير الإسكندنافية 2025-07-07 دراسة: النوافذ المفتوحة ليلاً… بوابة لمخاطر صحية صامتة 2025-07-07
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • أمسية تراثية للفنان غزوان مدني على خشبة ثقافي حمص 
  • شرطة رأس الخيمة تدشن حملة «صيف بلا حوادث»
  • شرطة رأس الخيمة تُدشن حملة «صيف بلا حوادث»
  • قلاع اسكتلندا تتحول إلى ملاذ للأثرياء الأمريكيين بعد عودة ترامب
  • الأمير عبدالرحمن بن تركي عن مداخيل الشباب للموسم القادم: بيعين الله.. فيديو
  • إبداع سوري نسائي في الأعمال اليدوية يتجلى بمعرض في ثقافي أبو رمانة 
  • ثمّن جهوده في تحقيق نسبة 100 % في بطاقة الأداء.. أمير نجران يلتقي فريق عمل كفاءة الطاقة بالإمارة
  • «دائرة الصحة أبوظبي»: تطوير علاجات جينية للأمراض النادرة
  • محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير شارع نبوية موسى بشبرا الخيمة
  • المشدد 6 سنوات للمتهم بحيازة مواد مخدرة بشبرا الخيمة