بين دفتين كتاب المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة..
تاريخ النشر: 13th, March 2025 GMT
بداية لا بد أن نتحدّث عن المؤلف قبل أن نتحدّث عن كتابه الرائع "المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة"، مؤلف هذا الكتاب هو العالم والداعية العراقي الدكتور عبد الكريم زيدان العاني، المولود في بغداد في عام ١٩١٧م. كان أصغر إخوته من الجنسين، وقد نشأ يتيم الأب حيثُ توفي والده عندما كان في الثالثة من عمره.
في أثناء دراسته في كلية الحقوق في بغداد وتخرجه منها بعد ذلك - كان من أوائل الطلبة على دفعته-، تأثر د.
يعدُّ د. عبد الكريم زيدان من أبرز مُنظري الفقه الإسلامي في عصرنا الحديث، وقد تولّى مناصب عديدة في العراق وخارجها. توفي - رحمه الله - في صنعاء عام ٢٠١٤م عن عمر ٩٧ عاماً وقد ترك مؤلفات قيمة تجاوزت الثلاثون كتاباً، كما ترك ٣٥ بحثاً وعشرات المقالات والرسائل، فأثرى المكتبة العربية والإسلامية بكتبه وبحوثه القيّمة.
كتاب "المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة" واحد من أهم الكتب التي كتبها د. عبد الكريم، وقد صدرت الطبعة الأولى منه في عام ١٩٩٦م. ذكر المؤلف في مقدمة الكتاب السبب الذي دعاه لكتابة الكتاب، وهو أن قصص القرآن كما أخبر الله عنها في كتابه الحكيم هي أحسنُ القصص، وقد قص الله علينا هذه القصص لأخذ الدروس والعِبر منها وليست للتسلية، وهذا ما دعا المؤلف إلى أن يبحث عن هذه الدروس ويُخرجها في كتاب، ليستفيد منها الدعاة في دعوتهم، بل يستفيد منه كل مسلم ومسلمة.
منهج المؤلف في كتابه هذا، أن يقوم بذكر موجز للقصة الواردة في القرآن، ثم يذكر بعد ذلك أهم الدروس المستفادة من القصة، فمثلاً يذكر قصة خلق أبينا آدم - عليه السلام - وأمر الله سبحانه الملائكة بالسجود له، وامتناع إبليس عن السجود له، وطرد إبليس من الجنة، وغيرها من أحداث القصة، لكن يذكرها - كما بينت - باختصار غير مخل، ثم يذكر بعد ذلك أهم الدروس التي يمكن أن يُستفاد منها من قصة نبي الله آدم عليه السلام وعداوة إبليس له. أحد هذه الدروس على سبيل المثال، أننا نحن البشر من طبيعتنا وتكويننا البشري الوقوع في الخطأ.
والدرس الآخر هو ضرورة التوبة والاستغفار والندم بعد الوقوع في الخطأ وعدم الإصرار على المعصية والخطأ، كما فعل أبونا آدم وأمنا حواء، فما أن ناداهم ربهما مذكراً لهما بنهيه لهما عن أكل الشجرة، حتى (قالا ربّنا إننا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). (الأعراف:23). وغيرها من الفوائد الكثيرة التي أبدع المؤلف في استنتاجها.
ويتسلسل الكتاب بهذا الأسلوب الرائع، فيطوف بنا في جولة ماتعة نافعة مع قصص القرآن بدءاً من قصة آدم، وقصة ابنيه هابيل وقابيل، وقصة نوح وهود وصالح وإبراهيم وإسماعيل ولوط وشُعيب ويوسف وموسى وداود وسليمان وأيوب ويونس وعيسى - عليهم السلام -، ثم قصة لقمان وذي القرنين وقارون وأصحاب القرية وأصحاب الكهف وأصحاب الأخدود، وقصة صاحب الجنتين وقصة أصحاب الفيل وغيرها. وهذه القصص جميعها جعلها المؤلف في الباب الأول من الكتاب.
ثم خصص المؤلف الباب الثاني في قصص القرآن ليكون عن نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، بدءاً من قصة بدء نزول الوحي عليه وبداية الدعوة السرية وما تلتهما من أحداث حتى وفاته - عليه أفضل الصلاة والسلام -.
الكتاب ضخم جداً يقع في ٨٣٠ صفحة من القطع الكبير، وواضح الجهد الكبير الذي بذله المؤلف في تأليف هذا الكتاب، حيث قام بالرجوع إلى عشرات وعشرات المراجع. ما يُميز الكتاب الآتي:
أولاً: سلاسة الأسلوب الذي يتمتّع به المؤلف، حيث تشعر وأنت تقرأ القصة والدروس المستفادة بانسيابية الكلام وترابطه وسهولة قراءته، مع عمقه في نفس الوقت، وهذه ميزة للمؤلف فليس كل أحد يستطيع ذلك. وميزة هذا الأسلوب أن يجعل الكتاب سهل القراءة على شرائح مختلفة من القُرّاء، فيعم نفعه أكثر، بخلاف الكتب التي كُتبت بلغة صعبة ومعقدة حيث يكون قُرّائها محدودين.
ثانياً: الكم الهائل من المعلومات التي يرد ذكرها في كل قصة، فكما ذكرت، قد لجأ المؤلف إلى مراجع كثيرة جداً، ليخرج لنا هذا العسل المُصفى، وما علينا سوى أن نشربه ونستمتع به.
ثالثاً: الكتاب ليس سرداً لقصص القرآن فقط، بل يحوي على إبداع فريد من حيث استخراج المؤلف لعشرات الفوائد في كل قصة، وهنا تظهر عبقرية المؤلف، فهو لم يكتفِ بسرد القصص وشروحها، فهو يعلم أن هناك كتباً كثيرة سبقت كتابه ذكرت كل ذلك بالتفصيل، لكنهُ أضاف بصمته القوية وأعمل فِكره وجهده في استخراج الفوائد من كل قصة، وهي فوائد قد لا تخطر على بال الكثيرين منا حين يقرأ هذه القصص.
رابعاً: لم يُثقل المؤلف كتابه بحواشي المراجع في صفحات الكتاب، ولعل السبب في ذلك الرغبة في التسهيل على القارئ، واستخدم المؤلف طريقة ذكر المرجع بأن يذكره في النص نفسه، لكن بخط أصغر ولون مختلف. وهذه طريقة جميلة لا تشوش على القارئ ولا تشتته.
الكتاب مهم جداً ويستحق أن يُقرأ في كل زمان وبالأخص في شهر رمضان، شهر القرآن، بل أن يُدّرس في المساجد وتقرأه الأسرة في البيت. وأنا على يقين أن من يقرأ هذا الكتاب الضخم سيخرج من قراءته وقد تغيّر فيه الكثير.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قصص القرآن عبد الکریم المؤلف فی بعد ذلک
إقرأ أيضاً:
جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم تختتم مرحلة التحكيم الأولى
اختتمت جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم التي تقام برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، مرحلة التحكيم المبدئية بين حفظة وحافظات كتاب الله المتقدمين للمسابقة في دورتها الـ 28 لعام 2026، حيث كانت الجائزة قد تلقت 5618 طلب مشاركة من 105 دول في مختلف قارات العالم، 30% منها في فرع جائزة الإناث.
وأعلنت الجائزة عن اختيار 525 من حفظة القرآن الكريم، بينهم 373 حافظاً في فرع الذكور، و152 حافظة في فرع الإناث، للانتقال إلى مرحلة التحكيم الثانية وذلك بعد أن خضعت جميع طلبات المتقدمين والمتقدمات للمشاركة في الجائزة وتلاواتهم المسجلة للتقييم الأولي الذي استمر من 1 حتى 31 يوليو الماضي، بناءً على أحكام التجويد وحسن الأداء، ووفق آليات وضوابط ومعايير دقيقة وعادلة.
وكشفت جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، عن أن غالبية حفظة وحافظات القرآن الكريم المتقدمين للجائزة، أظهروا تميزاً في الأداء والتلاوة وإتقان أحكام التجويد، وقد تم اختيار أفضل الأصوات والأكثر تميزاً، للانتقال إلى المرحلة الثانية من التصفيات عبر الاتصال المرئي المباشر بين لجنة التحكيم وحفظة كتاب الله، وقالت “نبحث عن أجمل صوت قرآني في العالم”، بما يرسخ مكانة الجائزة كأكبر وأهم الجوائز لتكريم حفظة القرآن الكريم.
وأكد سعادة أحمد درويش المهيري المدير العام لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي رئيس مجلس أمناء جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، أن ما تعكسه نتائج مرحلة التحكيم الأولى يشير إلى أن الجائزة في دورتها الـ 28 تمضي بتميز استثنائي نحو مرحلة جديدة من ترسيخ دورها في خدمة كتاب الله، وتعزيز مكانة إمارة دبي الرائدة كمركز عالمي للاحتفاء بحفظة القرآن الكريم والقائمين على خدمته من العلماء والمؤسسات من أنحاء العالم.
وقال إن الجائزة تعمل وفق إستراتيجيات واضحة انطلاقاً من الرؤية التطويرية التي وجه بها راعي الجائزة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي،”رعاه الله”، لتوسيع المشاركة الدولية، ومضاعفة دور وتأثير الجائزة في حفظ كتاب الله وحسن تلاوته.
وقال إن الرؤية التطويرية للجائزة في دورتها الـ 28، حملت إضافات نوعية مؤثرة ، حيث تم رفع قيمة مكافآت الجائزة لتصل القيمة الاجمالية لمكافآت الجائزة إلى أكثر من 12 مليون درهم، والفائز بالمركز الأول يحصل على مليون دولار في كل من فئتي الذكور والإناث، كما تم فتح باب المشاركة للإناث للمرة الأولى من خلال فئة خاصة بهن، وإتاحة الفرصة للمشاركة عبر الترشح الشخصي المباشر، إلى جانب الترشيح المعتاد من دولة المشارك نفسها أو من قبل مركز إسلامي معتمد، وهي جميعها إضافات تسهم في تحقيق نقلة مهمة في مكانة الجائزة على المستوى الدولي.
من جانبه، قال إبراهيم جاسم المنصوري، مدير جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم بالإنابة إن حفظة وحافظات القرآن الكريم من مختلف دول العالم أظهروا تميزاً غير مسبوق، فيما جاءت جمهورية بنغلاديش في صدارة الدول التي انتقل منها متسابقون “إلى المرحلة الثانية من التحكيم بـ 81 متسابقاً، تلتها باكستان بـ 48 متسابقاً، وإندونيسيا بـ 45 متسابقاً، ومصر بـ 35 متسابقاً، والهند بـ 27 متسابقاً، وليبيا بـ 24 متسابقاً، والولايات المتحدة الأمريكية بـ 20 متسابقاً، وموريتانيا واليمن بـ 12 متسابقاً لكل دولة.وام