جدعون ليفي: أنى لرئيس الشاباك أن يقدم دروسا في الأخلاق حتى لنتنياهو؟
تاريخ النشر: 16th, March 2025 GMT
شن الكاتب اليساري جدعون ليفي هجوما غير مسبوق على الرئيس السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، قائلا إن نداف أرغمان لا يملك أي شرعية أخلاقية لتوجيه انتقادات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو للدفاع عن الديمقراطية وسيادة القانون.
ولسان حال ليفي يقول لأرغمان إن "فاقد الشيء لا يعطيه"، إذ أنى له أن يطالب باحترام القانوني وهو من أشرف على ممارسات الشاباك التي تضمنت تعذيب عشرات الفلسطينيين حتى الموت أثناء اعتقالهم ومداهمة منازلهم ليلا واحتجازهم دون محاكمة.
وجاء هجوم ليفي هذا ردا على تصريحات أدلى بها أرغمان في مقابلة تلفزيون الخميس الماضي مع القناة 13 الإسرائيلية توعد فيها نتنياهو بكشف كل ما يعرفه، مضيفا أنه سيفعل كل ما هو ضروري لضمان أمن مواطني إسرائيل.
ورغم أن ليفي درج هو نفسه على انتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته في كثير من مقالاته بنفس الصحيفة، فإنه هذه المرة بدا وكأنه يصطف إلى جانبه إثر تصريحات أرغمان الأخيرة.
وقال، موجها حديثه لأرغمان، "لا شكرا لك رئيس الشاباك السابق، فلا يحق لك أن تكون مرشدا أخلاقيا يعظ بشأن بتطبيق القانون والتمسك بالديمقراطية".
ومع أنه يزعم أن هناك رغبة كبيرة ومبررة في إسرائيل اليوم للإطاحة بنتنياهو من سدة الحكم، إلا أن ليفي لا يرى أن أرغمان هو ذلك الشخص الذي يمكنه إنقاذ الإسرائيليين من سلطته.
إعلان
فإذا كان الطريق إلى الإصلاح يمر عبر رؤوس الشاباك، فهو ليس الطريق الصحيح، من وجهة نظر الكاتب اليساري الذي خاطب أرغمان مرة أخرى قائلا "إنكم أنتم وأمثالكم قد نصّبتم أنفسكم وكلاء للتغيير، وهذا دليل دامغ على أنه لا يوجد في إسرائيل بديل ولا معارضة، وبالتأكيد ليس من اليسار".
وتابع هجومه مشيرا إلى أن هناك أشخاصا غير مؤهلين للإدلاء بشهادتهم حول الديمقراطية وسيادة القانون، من بينهم رؤساء الشاباك وعلى رأسهم نداف أرغمان.
وجدير بالذكر أن الشاباك هو الجهاز المنوط به مسؤولية الأمن الداخلي في إسرائيل ومحاربة حركات المقاومة الفلسطينية، لكن ليفي يرى أن بعض عملياته غير ضرورية وجديرة بالازدراء ومسيئة، وفي كل الأحوال هي مناقضة تماما للديمقراطية ومبادئ القانون.
واستنادا إلى هذه الحيثيات، لا يعتقد الكاتب أن أرغمان، ولا حتى نتنياهو، هما الشخصان المناسبان لتقديم دروس في الديمقراطية.
إذا كان أرغمان قد رأى الجانب المظلم لنتنياهو فقد كان من واجبه الكشف عنه منذ فترة طويلة، ولماذا الصمت إذا كان الخطر جسيما؟ وكيف يعرف أرغمان ما هو قانوني؟ وهل الجهاز الذي كان يرأسه يحترم القانون؟
ومضى الكاتب إلى القول إن رئيس الشاباك السابق الذي يهدد رئيس الوزراء بإفشاء الأسرار ليس أقل خطرا على الديمقراطية من نتنياهو.
فإذا كان أرغمان قد رأى الجانب المظلم لنتنياهو -وفق مقال هآرتس- فقد كان من واجبه الكشف عنه منذ فترة طويلة. ويتساءل ليفي لماذا الصمت إذا كان الخطر جسيما؟ وكيف يعرف أرغمان ما هو قانوني؟ وهل الجهاز الذي كان يرأسه يحترم القانون؟
وواصل الكاتب اليساري هجومه، موضحا أنه لا يمكن لمؤسسة أن تدّعي أن جميع أنشطتها قانونية إذا كان جانب كبير من تلك الأنشطة قائما على التهديد والتعذيب والابتزاز والوشاية واستغلال نقاط ضعف الأشخاص العاجزين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات إذا کان
إقرأ أيضاً:
من عربات جدعون إلى السور الحديدي: هكذا انهارت أسطورة الردع تحت أقدام غزة والضفة
ما لم تستطع طائرات "عربات جدعون" تدميره، فعلته الكلمات الفلسطينية التي ما زالت تُكتَب من تحت الركام. منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والاحتلال يخوض حربا مفتوحة على غزة، تمتدّ ظلالها الحديدية إلى الضفة الغربية تحت عناوين مشوهة كـ"السور الحديدي"، بينما تتهاوى الأساطير الصهيونية واحدة تلو الأخرى.
الآلة العسكرية الإسرائيلية التي وُصِفت بالجبروت، تعثّرت في أزقة المخيمات وبين أنقاض البيوت. وما بين غزة المحاصرة، والضفة المتمردة، تشكّلت رواية فلسطينية جديدة تُسقط الادعاء الصهيوني وتؤسس لوعي مقاوم لا يُقهر.
"عربات جدعون": المجزرة المستمرة.. والمأزق الكبير
تحت غطاء "تحرير الرهائن" وتفكيك "حماس"، شنّ الاحتلال عملية "عربات جدعون" في قطاع غزة، لكنها تحوّلت إلى واحدة من أبشع المذابح في التاريخ المعاصر.
- 54,880 شهيدا، معظمهم من الأطفال والنساء.
- 126,227 مصابا، في ظل انهيار شامل للمنظومة الصحية.
- تدمير آلاف المنشآت الحيوية: مستشفيات، جامعات، مساجد، منازل، محطات كهرباء ومياه.
- نزوح داخلي قسري طال 90 في المئة من سكان القطاع.
- فشل استخباراتي وعسكري في تحقيق أي اختراق حاسم ضد المقاومة.
تحوّلت غزة إلى مرآة لكشف الوجه الحقيقي للاحتلال، فكل صاروخ يسقط فيها يكتب سطرا جديدا في سقوط الأسطورة الإسرائيلية.
"السور الحديدي": خنق الضفة.. وارتداد النار
على الضفة الغربية، أطلقت إسرائيل عملية موازية حملت عنوان "السور الحديدي"، مستوحاة من العقيدة الاستعمارية لزئيف جابوتنسكي، التي ترى أن "الفلسطيني لا يفهم إلا لغة القوة". لكن هذا "السور" لم يحصّن الاحتلال، بل كشف هشاشته:
- اقتحامات يومية واعتقالات عشوائية واستهداف للصحفيين والمقدسيين.
- نصب آلاف الحواجز العسكرية الجديدة، وتحويل الضفة إلى "سجن جغرافي مفتوح".
- إغلاق بلدات ومخيمات، وتنفيذ اغتيالات ميدانية في وضح النهار.
- تصاعد المقاومة المسلحة في جنين، نابلس، طولكرم، رام الله، بيت لحم، الخليل.
في جنين وحدها، تُطارد قوات الاحتلال شبابا ببنادقهم، بينما تلاحقهم الكلمات: "من هنا يمرّ طريق العودة، لا جدار الحديد".
الرواية الصهيونية.. تسقط تحت ضغط الحقيقة
ما جمع بين "عربات جدعون" و"السور الحديدي" لم يكن التكتيك العسكري فقط، بل وهم السيطرة بالرواية. فإسرائيل لطالما حاولت فرض سرديتها عن "حقها في الدفاع عن النفس"، لكنها وجدت نفسها أمام شعوب ترى الحقيقة في جثث الأطفال، وصرخات الأمهات، وركام المدارس والمستشفيات.
لقد سقطت "الرواية الضحية" التي بنت عليها إسرائيل تعاطفا دوليا لعقود. اليوم، باتت تُعرَف عالميا كدولة فصل عنصري ترتكب جرائم إبادة جماعية أمام أعين العالم. والأهم: لم تعد تملك زمام التحكم بالرواية. ففيديو من مخيم الشاطئ يهزم تصريحا رسميا من تل أبيب، وصورة من خان يونس تُسقط بيانا من الجيش الإسرائيلي.
المقاومة: ما بعد الحرب.. مشروع وعي وهوية
ما بعد هذه الحرب، لا يُقاس فقط بعدد الصواريخ أو العمليات النوعية، بل أيضا بعمق التحوّل في بنية المقاومة الفلسطينية.
- في غزة، تُصنع القذائف من بقايا الحديد المدمّر، وتُبنى الأنفاق تحت أنقاض البيوت.
- في الضفة، تظهر خلايا جديدة بلا قيادة هرمية، لا يمكن تتبعها أو تفكيكها بسهولة.
- في أراضي الـ48، تستيقظ الهُوية، ويتحوّل كل تمييز عنصري إلى لحظة وعي ورفض.
- في الشتات، باتت المقاومة جزءا من الحراك الطلابي والحقوقي العالمي.
المقاومة لم تعد فعلا عسكريا فقط، بل أصبحت بنية اجتماعية وثقافية وسياسية تعيد تعريف الوطن والانتماء.
قصص من الرماد.. لا تنكسر
في غزة، كانت الطفلة مريم تكتب اسمها على دفاتر المدرسة بصعوبة، قبل أن تُصبح رقما في قائمة شهداء خان يونس.
وفي جنين، ظل محمد يركض بحجره بين الأزقّة حتى غابت صورته خلف قناص إسرائيلي.
قصص كهذه لم تنكسر، بل ازدادت حضورا. هي ليست فواصل حزينة في نشرة الأخبار، بل مفاتيح لفهم ما تعنيه فلسطين اليوم: شعب يكتب اسمه بالدم، ويصرخ في وجه العالم "لن نُمحى".
من الفولاذ إلى العزلة
كل ما بَنت عليه إسرائيل من "ردع"، و"هيبة عسكرية"، و"تفوق أخلاقي" سقط في ميدان غزة ومخيمات الضفة. والنتيجة:
- اهتزاز ثقة الجمهور الإسرائيلي بقيادته.
- تضعضع العلاقة مع الحلفاء الغربيين.
- تصاعد المطالبات الدولية بمحاكمة قادة الاحتلال كمجرمي حرب.
- اتساع نطاق المقاطعة الأكاديمية والاقتصادية عالميا.
لقد تحوّل السور الحديدي إلى سجن سياسي، وانقلبت عربات جدعون على راكبيها.
خاتمة: هذا المقال ليس نهاية قصة.. بل بداية شهادة
في النهاية، لا تكتب الدبابات التاريخ، ولا تحكم الطائرات على الشعوب بالبقاء أو الزوال. ما يُكتب الآن هو شهادة من تحت الركام، ومن بين الأنقاض، أن الحديد يصدأ، ولكن الذاكرة لا. وإن من ماتوا على تراب غزة وجنين، قد علّمونا كيف تُهزم الأساطير.. وكيف يُولد الوطن من المعاناة.