في قطاع غزة الذي ارتكب فيه الجيش الإسرائيلي إبادة جماعية، ما تزال المخلفات الحربية والقذائف غير المنفجرة تشكل خطرا داهما على حياة الفلسطينيين، وتهدد بحصاد مزيد من الأرواح و إحداث إعاقات دائمة، وسط غياب أي معدات أو إمكانات للتعامل معها.

 

ورغم توقف العمليات العسكرية نسبيا، إلا أن آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات التي أسقطت على المدنيين خلال أكثر من خمسة عشر شهراً تحولت إلى قنابل موقوتة مدفونة بين الركام، ما يزيد من معاناة الناس الذين اضطروا لنصب خيامهم بين أنقاض منازلهم المدمرة.

 

منذ بدء وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، شهد قطاع غزة العديد من حوادث انفجار مخلفات الحرب، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في عدة مناطق، وفق تقارير طبية.

 

من بين المصابين، كان الضابط بلال المبحوح (37 عامًا)، أحد أفراد إدارة هندسة المتفجرات بشرطة غزة، الذي فقد بصره نتيجة انفجار جسم متفجر أثناء مهمة عمل في جباليا شمال القطاع.

 

يرقد المبحوح في المستشفى المعمداني بمدينة غزة بعد أن أصيب بشظايا في وجهه وعينيه وجسده، تاركا إياه فاقدا للبصر تماما.

 

** إشارات يومية

 

المبحوح قال للأناضول إن إدارته تتلقى يوميا عشرات البلاغات حول وجود قذائف وأجسام غير منفجرة في الشوارع والمنازل والمنشآت التي تعرضت للقصف.

 

وأضاف أنه في 5 مارس/آذار الجاري، خرج على رأس فريق من هندسة المتفجرات لمعاينة مكان انفجار سابق في شارع "مزايا" شرق جباليا، تسبب في إصابة ثلاثة أطفال.

 

وأردف المبحوح: "بينما كنا نستمع لشهادات المواطنين ونعاين الموقع، وقع انفجار جديد باغتني وألقى بي على الأرض مضرجا بدمائي".

 

وأشار إلى أن قوات الاحتلال استخدمت أنواعا مختلفة من الذخائر الإسرائيلية والأمريكية، بعضها لم يكن مألوفا لدى خبراء المتفجرات في غزة، مضيفا: "لم يتوقف عملنا طوال شهور الحرب، رغم القصف والاستهداف المتكرر".

 

وأوضح أنهم عملوا على تجميع تلك المخلفات في مخزن خاص شمال غزة، إلا أنه تعرض للهدم والتجريف من الجيش الإسرائيلي خلال العملية البرية في جباليا.

 

وأردف بالقول: "تم تدمير مقار عملنا جميعها، والمكان الذي كنا نجمع فيه بقايا ومخلفات الصواريخ غير المنفجرة، بما يحتويه من معدات بسيطة كنا نستعين بها في عملنا".

 

** غياب معدات السلامة

 

وأكد الخبير الفلسطيني أن عناصر هندسة المتفجرات يعملون بصدور عارية مع انعدام معدات السلامة، حيث تمنع إسرائيل إدخال أي تجهيزات أو معدات متخصصة.

 

وقال بصوت خافت: "نغادر منازلنا للعمل مدركين أننا قد لا نعود، لكننا نتحمل مسؤوليتنا لحماية المدنيين".

 

وعن طبيعة حالته الصحية، لفت المبحوح إلى أنه فقد بصره بشكل كامل، ويأمل في السفر للعلاج خارج قطاع غزة.

 

** 30 ألف قنبلة موقوتة

 

من جانبه، كشف العقيد محمد الزرقة، المتحدث باسم الشرطة بغزة، أن هناك تقديرات بوجود أكثر من 30 ألف جسم متفجر من مخلفات الحرب منتشرة في القطاع، تشكل خطرًا كارثيًا على حياة المدنيين.

 

وقال الزرقة في حديث للأناضول إن تلك الأجسام تشكل قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين، وتحتاج إلى إمكانيات كبيرة لإزالتها وتحييد خطرها.

 

وأضاف أن طواقم هندسة المتفجرات بالشرطة يعملون بإمكانات بسيطة للغاية، ومع انعدام تام لإجراءات ومعدات السلامة، وحتى للمركبات لنقل الأجسام الخطرة من أماكنها.

 

وأوضح أنه "مع هذا الواقع الصعب، يضطر عناصر الهندسة إلى التعامل جزئياً مع تلك المخلفات عبر نزع الصواعق ونقل الأجسام إلى مكان بعيد عن تواجد السكان"، مضيفاً أنها بحاجة للفحص ثم الإتلاف إلا أن ذلك متعذر حالياً لنقص الإمكانات.

 

وتابع: "يتم إزالة الأجسام صغيرة الحجم، أما القنابل ذات الأوزان الثقيلة فيتم الاكتفاء بتأمين محيطها ومنع اقتراب المدنيين منها، لحين توفر إمكانية إخلائها من المكان".

 

** صعوبة التعامل

 

ولفت الزرقة إلى أن آلاف الأطنان من الذخيرة والقنابل الملقاة على غزة خلال شهور الحرب تتطلب إمكانات هائلة في التعامل معها، من خلال عمليات المسح الهندسي لجميع المناطق في قطاع غزة.

 

وبين أن "هذا الأمر متعذر في ظل الظروف الحالية، فإمكاناتنا المتواضعة لا تسمح بذلك، كما أننا بحاجة إلى أعداد كبيرة من الطواقم العاملة المدربة لهذه المهام، ناهيك عن الاحتياج إلى إزالة الركام قبل بدء العمل".

 

وطالب متحدث الشرطة المجتمع الدولي والمؤسسات ذات العلاقة إلى التدخل العاجل من أجل إمداد قطاع غزة بالمعدات الخاصة لعمل هندسة المتفجرات؛ لتحييد خطر الأجسام والمخلفات غير المنفجرة على حياة السكان.

 

وأشار إلى أن "الضابط المصاب (المبحوح) ليس الضحية الأولى لانفجار مخلفات الحرب، ولن يكون الأخير في ظل استمرار منع الاحتلال إدخال الآليات الثقيلة لإزالة الركام، والمعدات اللازمة لعمل هندسة المتفجرات".

 

‏‎وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: مخلفات الحرب قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

20 شهيدا في غزة وقتلى للاحتلال بمعارك شمال القطاع

استشهد اليوم الجمعة 20 فلسطينيا في سلسلة غارات وقصف مدفعي استهدف مناطق متفرقة بقطاع غزة طالت تجمعات لمدنيين أثناء انتظارهم مساعدات إنسانية، في حين أعلن جيش الاحتلال إصابة جنديين اثنين بجروح خطيرة خلال اشتباكات اليوم الجمعة في شمال قطاع غزة.

يأتي ذلك وسط أوضاع كارثية جراء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين هناك منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبالتزامن مع عدوان واسع تشنه تل أبيب على إيران.

ففي شمال قطاع غزة أفاد مصدر طبي باستشهاد 4 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لموطنين مجوّعين كانوا بانتظار مساعدات عند دوار النابلسي جنوب مدينة غزة، في حين استشهد فلسطيني خامس خلال قصف طال تجمعا مماثل قرب المدرسة الأميركية شمال غرب المدينة، كما استشهد فلسطيني سادس في قصف قرب الجامع العمري في جباليا البلد شمال القطاع.

في هذه الأثناء، استهدفت المدفعية الإسرائيلية حيي الزيتون والشجاعية شرقي مدينة غزة، إضافة إلى مخيم جباليا شمالا، دون الإعلان عن حصيلة للضحايا.

ووسط قطاع غزة، أفاد مصدر طبي باستشهاد 9 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدفهم أثناء انتظارهم المساعدات شرق منطقة المطاحن بدير البلح، في حين استشهد فلسطيني وأصيب 12 آخرون إثر استهداف الاحتلال تجمعات لمدنيين قرب نقطة توزيع المساعدات في محيط ما يسمى "حاجز نتساريم".

إعلان

كما أفاد المصدر الطبي باستشهاد 4 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف تجمع لمدنيين قرب دوار مكي بمخيم المغازي.

وفي جنوب قطاع غزة، واصلت القوات الإسرائيلية عدوانها المكثف، حيث أصيب عدد من النازحين جراء قصف استهدف خيمة تؤويهم في منطقة مواصي خان يونس، في حين شهدت مناطق شرق مدينة حمد بخان يونس إطلاق نار كثيف من آليات الاحتلال المتوغلة.

كما طالت عمليات نسف إسرائيلية متزامنة مع قصف مدفعي مستمرة في محيط مدينتي رفح وخان يونس المناطق الغربية والشرقية على التوالي.

وفي الوقت ذاته، أطلقت الدبابات الإسرائيلية نيرانها في منطقة السطر الغربي بخان يونس، وسط تحليق مكثف للطائرات واستمرار القصف.

قتلى للاحتلال

في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة إصابة جنديين بـ"جروح خطيرة" إثر اشتباكات في شمال قطاع غزة.

وقال الجيش في منشور على منصة إكس "أصيب جنديان من سلاح الهندسة من الكتيبة 601 بجروح خطيرة في وقت سابق من اليوم خلال اشتباكات في شمال قطاع غزة".

وبحسب معطيات الجيش الإسرائيلي، يرتفع بذلك عدد الجنود الجرحى منذ بداية حرب الإبادة ضد قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 5951، بينهم 2710 خلال المعارك البرية في القطاع، والتي بدأت في وقت لاحق من العام ذاته.

وفي السياق نفسه، أعلنت كتائب عز الدين القسام اليوم تفاصيل عملية ضد قوات الاحتلال في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة يوم 27 مايو/أيار الماضي تم خلالها تدمير دبابة وبرج جرافة عسكرية.

وأضافت القسام "نفذنا كمينا مركبا يوم 27 مايو/أيار ضد قوة صهيونية في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة وأوقعنا أفرادها بين قتيل وجريح".

وتأتي اشتباكات اليوم ضمن سلسلة مواجهات مباشرة بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع إثر استئناف إسرائيل منذ 18 مارس/آذار الماضي جرائم الإبادة عبر شن غارات عنيفة على نطاق واسع استهدف معظمها مدنيين بمنازل وخيام تؤوي نازحين فلسطينيين.

إعلان

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل -بدعم أميركي- إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 183 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

مقالات مشابهة

  • برلماني: وقف آلة الحرب الإسرائيلية في المنطقة السبيل الوحيد لتحقيق استقرار الشعوب
  • كارثة صحية تهدد حياة السكان في عدن بعد اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي
  • الهلال الأحمر يحذر من مخاطر الاقتراب من مخلفات الحرب وجمعها
  • حصيلة الإبادة الجماعية في غزة إلى 55,297 شهيدا و128,426 مصابا
  • جُلّهم أطفال ونساء.. ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 55.297 شهيدًا
  • تحذير أمريكي عاجل.. أدوية برد شائعة ملوثة بفطريات مميتة تهدد حياة الأطفال والمرضى
  • 20 شهيدا في غزة وقتلى للاحتلال بمعارك شمال القطاع
  • مصر القومي: إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة وتنفيذ حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق السلام
  • رام الله: مسيرة تنديدا بجريمة الإبادة والتجويع في غزة
  • الإبادة في الخطاب الصهيوني والخطر على البشرية جمعاء