خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
شهد السودان بعد انقلاب الجيش في أكتوبر 2021 انحدارًا غير مسبوق في مستوى الخطاب السياسي، حيث لم تقتصر التفاهة والانحدار اللغوي على الإسلاميين فحسب، بل شملت أيضًا القوى المدنية بمختلف تياراتها، إضافة إلى المؤسسة العسكرية التي حاولت تبرير استحواذها على السلطة عبر خطاب يقوم على التخويف والتبرير السياسي المراوغ.
الخطاب السياسي كأداة للهيمنة والإقصاء
لم يعد الخطاب السياسي في السودان وسيلةً لنقل الأفكار أو النقاش الموضوعي، بل تحول إلى سلاح لإقصاء الخصوم وإحكام السيطرة السياسية. الإسلاميون، الذين وجدوا أنفسهم خارج السلطة بعد ثورة ديسمبر 2019، استخدموا خطابًا دينيًا متشددًا، متهمين القوى المدنية بالعمالة للخارج والسعي لتدمير هوية البلاد الإسلامية. في المقابل، لم يكن خطاب القوى المدنية أكثر نضجًا؛ إذ لجأت إلى التخوين المتبادل وانقسمت بين مناصري الانقلاب ومعارضيه، مما أضعف موقفها وسهّل على العسكر الاحتفاظ بالسلطة.
الكتلة الديمقراطية التناقض بين الخطاب والممارسة
برزت الكتلة الديمقراطية، التي ضمت قوى سياسية وحركات مسلحة مثل حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، كلاعب رئيسي في المشهد السياسي بعد الانقلاب. هذه الكتلة سعت في البداية إلى تبرير الانقلاب واتهام قوى الثورة بالفشل في الحكم، لكنها عادت لاحقًا لتبني خطابًا مدنيًا يطالب بعودة الديمقراطية، رغم دعمها السابق للحكم العسكري. هذه الازدواجية أضعفت موقفها السياسي وكشفت عن غياب رؤية واضحة، حيث بدت مواقفها محكومة بالمصالح المرحلية أكثر من المبادئ الديمقراطية.
خطاب العسكر التخويف والتبرير السياسي
من جهته، لجأ الجيش إلى خطاب يركز على حماية الأمن القومي والاستقرار، محاولًا تصوير الانقلاب كخطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى. استخدم القادة العسكريون لغة التخويف من "الفراغ السياسي" و"الانزلاق نحو الفوضى" لتبرير بقائهم في السلطة. كما عمل الإعلام الرسمي على الترويج لرواية مفادها أن الجيش هو الضامن الوحيد لوحدة السودان، متجاهلًا حقيقة أن الانقلاب هو الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية.
مقارنة بين خطاب الإسلاميين، القوى المدنية، والعسكر
الفاعل السياسي
أبرز سمات الخطاب
الإسلاميون خطاب ديني متشدد، تخوين الخصوم، تصوير المدنيين كعملاء للغرب
القوى المدنية (الكتلة الديمقراطية) تناقض في المواقف، خطاب مزدوج بين دعم الانقلاب والمطالبة بالديمقراطية
المؤسسة العسكرية خطاب التخويف، تبرير الانقلاب، احتكار الوطنية
تأثير الخطاب السياسي على المشهد العام
ساهم هذا الخطاب المشوه في عدة نتائج خطيرة-
إضعاف فرص التحول الديمقراطي - لا يمكن بناء دولة مدنية في ظل خطاب يقوم على التخوين والإقصاء.
تعميق الانقسامات داخل القوى المدنية- التشرذم أضعف موقف القوى المناهضة للانقلاب وأطال أمد الأزمة.
إفقاد الجماهير الثقة في النخب السياسية- عندما يصبح الخطاب السياسي مجرد شعارات خاوية، يفقد المواطنون إيمانهم بالعملية السياسية برمتها.
كيف يمكن تصحيح المسار؟
لإصلاح الخطاب السياسي، لا بد من -وقف حملات التشويه المتبادل: الحوار بين القوى المختلفة ضرورة لإنهاء حالة الاستقطاب.
إعادة تعريف الأولويات - التركيز على القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد والأمن بدلاً من الصراعات الأيديولوجية.
ضبط الإعلام السياسي- يجب أن يكون الإعلام منصة توعوية بدلاً من أداة للتحريض والتضليل.
إن تفاهة الخطاب السياسي في السودان اليوم ليست مجرد أزمة لغوية، بل انعكاس لأزمة سياسية وفكرية أعمق. وكلما استمر هذا الانحدار، زادت صعوبة الوصول إلى حل سياسي حقيقي يعيد الاستقرار إلى البلاد.
المطلوب اليوم هو خطاب سياسي مسؤول، يعكس التحديات الحقيقية التي تواجه السودان، بدلاً من الاكتفاء بإعادة إنتاج نفس المفردات التخوينية والمواقف المتناقضة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الخطاب السیاسی القوى المدنیة خطاب ا
إقرأ أيضاً:
مكون الحراك الجنوبي يثمن مضامين خطاب قائد الثورة ويدعو للاحتشاد المليوني غدًا الجمعة
الثورة نت|
ثمن مكون الحراك الجنوبي – المشارك في مؤتمر الحوار الوطني – الموقع على اتفاق السلم والشراكة، مضامين خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية.
وأكد المكون في بيان له حسب وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن وحدة الأمة واستعادة أمجادها ومكانتها بين الأمم، يُصنّع وينطلق من يمن الإيمان والحكمة يمن الحضارة والتاريخ في ظل القيادة الحكيمة والرشيدة للسيد القائد.
وندد بجرائم الإبادة الجماعية وتصعيد عدوان أعداء الأمة وانتهاك حرمة وتدنيس المقدسات من قبل الكيان الصهيوني المؤقت وشركائه في الإجرام أمريكا وبريطانيا ومن دار في فلكهما بحق الشعب الفلسطيني والأشقاء في قطاع غزة.
وأكد البيان، أن العدوان الصهيوني، الأمريكي على اليمن واستهداف المدنيين والأعيان المدنية بما في ذلك ميناء الحديدة لن يثني الجمهورية اليمنية عن مواقفها الدينية والأخلاقية والإنسانية في نصرة وإسناد الأشقاء في غزة.
وحذر مكون الحراك الجنوبي، أنظمة بعض الدول وحكوماتها من التورط والانجرار وراء الاجندات العدوانية للعدو الأمريكي الهادفة خدمة وحماية الكيان الصهيوني المؤقت الزائل المعتدي المحتل الغاصب.
وأهاب بأبناء الشعب اليمني الصامد الصابر التحلي بأعلى درجات الوعي والإدراك بأن من يعبث بمقدرات وثروات الوطن اليوم ويضيق الخناق المعيشي والاقتصادي ويعمق معاناة اليمنيين دون استثناء هم أعداء الأمة والوطن الصهيوني، الأمريكي ومن دار في فلكهما.
وأشاد المكون بالعمليات النوعية للقوات المسلحة اليمنية التي تستهدف مصالح وعمق الأعداء من الصهاينة، مباركًا التطوير المستمر للقدرات والإمكانيات العسكرية للقوات المسلحة اليمنية.
ووجه البيان الدعوة لأبناء اليمن وتلبية لنداء السيد القائد الاستمرار في الخروج الأسبوعي والاحتشاد المليوني المشرف في جمعة ومسيرات “مستمرون في نصرة غزة والمقدسات .. مهما كانت التحديات” في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وساحات بقية المحافظات، والتي أثبتت فاعليتها وتأثيرها في نصرة وإسناد غزة.