*إذا قيل لأنصار “قحت”، في أيام ترديد قياداتهم لمقولة “لا بديل للإطاري إلا الحرب”: (إذا تمرد الدعم السريع، واحتل بيوتكم، ودعمت الإمارات تمرده، فإن قادتكم سيدافعون عنهما)، الأكيد أن ردهم جميعاً كان سيكون هو التكذيب، لتسليمهم ــ في ذلك الوقت ــ بخطئه إذا وقع، لكن “بعضهم”، قبلوا بهذا الدفاع عندما حدث فعلاً!*

*البحث في هذه الظاهرة يكشف عن قواعد لتبرير الفعل بعد وقوعه بينما كان يُستَنكَر عندما كان افتراضاً.

هذه القواعد رصدها منظرون في عدة تخصصات، يمكن تلخيص منطقها في العبارة: (عندما ينعدم المبدأ يصبح التبرير فناً للبقاء: ما دام يحقق مصلحة سياسية، يجب تفهمه، بدلاً من ما دام انحرافاً عن المبدأ، يجب استنكاره)*

١. *نظرية التنافر المعرفي*: يصبح المبدأ عبئاً داخلياً: ما دام الخطأ يخص فصيلي، يجب تبريره، بدلاً من: ما دام يتعارض مع قيمي، يجب رفضه!
٢. *انحياز الإدراك المتأخر*: يصبح العدوان مشفوع بالحكمة: ما دام حدث، فلا بد أنه كان مبرراً، بدلاً من: ما دام خطأً، كان يجب تفاديه!

٣. *الانحياز التأكيدي*: يصبح الفعل دليلاً للهوى: ما دام يخدم تصوري، يجب دعمه، بدلاً من: ما دام يخرق المبدأ، يجب استنكاره!
٤. *تقليل التكلفة النفسية*: يصبح الخطأ تضحية محتملة: ما دام خفف ألماً أكبر، فهو مبرَّر، بدلاً من: ما دام ظلماً، فهو مرفوض!

٥. *ضغط المجموعة والهوية الاجتماعية*: يصبح الولاء معياراً للأخلاق: ما دام الخطأ من جماعتنا، يجب تفهّمه، بدلاً من: ما دام غير أخلاقي، يجب نقده!

٦. *الاستقطاب السياسي*: يصبح النقد خيانة: ما دام النقد يضعف صفنا، يجب السكوت عنه، بدلاً من: ما دام خطأ، يجب قوله!

٧. *التعود على التبرير للخارج*: يصبح الانتهاك مجرد حدث عادي: ما دام وقع، فهو طبيعي، بدلاً من ما دام عدواناً، فهو مدان!

٨. *أخلاق المبدأ مقابل أخلاق الموقف*: يصبح السياق حَكماً على الأخلاق: ما دام في ظرف استثنائي، يجب تفهّمه، بدلاً من ما دام لا أخلاقي، يجب رفضه!

٩. *البراغماتية الأخلاقية*: يصبح الفعل وظيفةً للمنفعة: ما دام يحقق نتيجةً، فهو صواب، بدلاً من: ما دام ظلماً، فنتيجته لا تبرره!

١٠. *النسبية الأخلاقية العملية*: يصبح المعتدي هو المعيار: ما دام من حليفنا يجوز فعله، بدلاً من: ما دام فعله سيئاً فهو مرفوض!

١١. *التواطؤ اللاشعوري*: يصبح التبرير تلقائياً: ما دام التبرير يحمي هويتي، فهو معقول، بدلاً من: ما دام غير أخلاقي، فلا مبرر له!

١٢. *شرعية الجماعة مقابل شرعية الدولة*: يصبح الولاء للجماعة هو المعيار: ما دام يخدم جماعتنا، فهو مشروع، بدلاً من: ما دام يضر الدولة، فهو مرفوض!

١٣. *التحول اللغوي بعد الفعل*: يصبح السرد أداة للتبرئة: ما دام حدث، يجب تبريره، بدلاً من: ما دام ظلماً، يجب إدانته!
١٤. *تكييف المعنى بعد الصدمة*: يصبح المعنى وظيفة للبقاء: ما دام يخفف الألم، فهو تفسير مقبول بدلاً من: ما دام يخالف الحقيقة، فهو تواطؤ!

١٥. *الضرورة والواقعية* يصبح الواقع معيار الحكم: ما دام وقع، فهو أمر يجب تقبله، بدلاً من: ما دام خطأ، يجب تصحيحه!

١٦. *نظرية السباحة مع التيار*: يصبح رأي الجماعة منجاة: ما دام الكل في جماعتي يبرره، لا حاجة للاستنكار، بدلاً من: ما دام خطأ، فالعدد لا يغيّره!

١٧. *تأثير التأطير السياسي*: يصبح الخطأ مؤطراً كواجب: ما دام في سرديتنا، فهو مبرر، بدلاً من: ما دام اعتداءً، فهو مدان مهما قيل!

١٨. *استهداف الآخر*: يصبح العدوان انتصاراً: ما دام ضد خصومنا، فهو تطهير، بدلاً من: ما دام ضد أبرياء، فهو جريمة!

١٩. *تآكل القيم الشخصية*: يصبح الضمير صامتاً: ما دام يخص فصيلي، فلا بأس. بدلاً من: ما دام لا أخلاقياً، لن أبرره!

٢٠. *غياب التفكير النقدي*: يصبح العقل قيداً للمبدأ: ما دام التبرير يخدم جماعتنا، فليمر، بدلاً من: ما دام يتعارض مع العدالة، يجب رفضه!
*لماذا فشل دفاعهم وتحول إلى فضيحة؟*
١. *فقدان الشرعية الأساسية*: يُبنى الدفاع على قضية تفتقر لأي سند أخلاقي أو قانوني واضح.
٢. *تضارب الإطار القيمي مع القيم العامة*: الإطار الأخلاقي المستخدم في الخطاب شاذ عن الحس الجمعي المتمسك بالسيادة.

٣. *انتهاك العقد الاجتماعي الضمني*: حين يدافع المتحدّث عن جهة أو ممارسة تُعتبر مهدّدة للأمان الجماعي يشعر الجمهور أن المتحدث تخلّى عن التزامه الأخلاقي تجاه المجتمع.
٤. *رد الفعل العكسي (تأثير بوميرانج)*: الرسالة تؤدي لنتائج معاكسة لما أرادت. كلما زاد الإلحاح في الخطاب، ازداد تشبث الجمهور بموقفه الأصلي. ويُفهم الخطاب كضغط أو محاولة تضليل، فيولّد نفوراً مضاعفا.

٥. *تشوّه هوية المدافِع*: الدفاع يُظهِر المتحدث كأنه يتبنّى هوية الخصم، ويضيع التمييز بين من يتحدث ومن يدافع عنهم. ويُفسَّر دفاعه كتنازل عن الانتماء الوطني.

٦. *إخفاق الإطار المقارن*: عند استخدام مقارنات تهوينية أو موازين غير عادلة, يُفسَّر ذلك كتقليل من الضرر على الوطن والمواطنين أو تسطيح للكارثة، وهذا يجعل الخطاب مُستفزاً أكثر من كونه مقنعاً.

٧. *فرط الإفلاس المنطقي*: اعتماد الدفاع على حجج فارغة يُفهم منه أنه خطاب مفصول عن الواقع المعاش. ويُقرَأ كتعالٍ لغوي لا كشرح منطقي.

٨. *انكشاف التموضع الشخصي*: عندما يبدو الخطاب مدفوعاً بمنفعة أو مصلحة ذاتية. يُستنتج أن المتحدث يبرر لنفسه لا للآخرين. ويفقد المتحدث مصداقيته فوراً.

٩. *الانفصال الوجداني:* فشل المتحدّث في مخاطبة الحس الأخلاقي أو العاطفي للجمهور، وهذا يجعل الخطاب جافاً، ميكانيكياً، بارداً. ويحدث انفصال وجداني يضعف التعاطف ويمنع الإقناع.

١٠. *التعارض مع الخبرة الجمعية*: حين يناقض الدفاع ما شاهده أو عاشه الناس بأنفسهم يُستقبل الخطاب كتزوير للواقع لا تفسير له. وهذا يرفع حساسية الجمهور تجاه الكذب والتلاعب.

١١. *التوظيف السيئ للسلطة الرمزية*: استغلال المنصب الرسمي السابق لإضفاء شرعية مزيفة على الحديث. استخدام الهيبة الوظيفية السابقة لإقناع الغرب بعدم استحقاق المعتدي للإدانة.

١٢. *إشكالية الإقامة في الدولة المعتدية*: وجود المتحدث في جغرافيا الطرف المدافع عنه يؤدي إلى تفسير الدفاع كتأثير طبيعي للإقامة. ويحول الخطاب إلى شهادة ملوثة بالتبعية المكانية.

١٣. *التجاهل المتعمد للوقائع الجوهرية*: تحاشي مناقشة الوقائع الصلبة في القضية، والتركيز على هوامش القضية بدل جوهرها. وهذا يثير الشكوك حول نية المتحدث الحقيقية.
١٤. *تأثير التمويل:* إعلان الكيان الذي يرأسه المتحدث عن تمويل منظمات غربية لأنشطته يفتح باب الظن بأن التمويل ليس غربياً فقط. خاصةً وأن الدولة التي يدافع عنها مشهورة بتمويل أنشطة القوى الموالية لها.

١٥. *المراوغة في الإجابة على الأسئلة المباشرة*: التحايل على الأسئلة المحورية بدل مواجهتها واستخدام أسلوب الكلام الكثير بلا معنى يطعن في مصداقية المدافع.
١٦. *الاستخفاف بالذكاء الجمعي*: إنتاج خطاب يفترض سذاجة المتلقي، ومحاولات التضليل بأدلة واهية. تؤدي إلى نتائج عكسية تزيد من تشبث الجمهور بالرفض

١٧. *الافتقار للحلول البديلة:* اقتصار الخطاب على تبرير العدوان دون حلول، وعدم تقديم رؤى عملية قابلة للتطبيق، يؤدي إلى تحوله إلى دفاع نظري مجرد من الفعالية. ويثير الشكوك المشروعة بأن المدافع يرغب في تحقيق العدوان لأهدافه.

إبراهيم عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إيمان الحسيني: لا أقبل أن يصبح أي شخص «ترند» على «قفاي»

كلما وجدت عندي وقت فاضي آخذ ورش تمثيل وإخراج لأني أرغب في خوض تجربة الإخراج قريباً
محمد سلامة مخرج رائع له تكنيك خاص.. و«شاشا» وفرت للعمل إمكانات إنتاجية ضخمة

حوار: ياسر العيلة

بالتأكيد التمثيل لا يعتمد على الموهبة فقط إنما يعتمد على دراسة وتطوير الأداء والمهارات لدى الفنان من خلال ورش تمثيل لمتخصصين، والقدرة على فهم الدراما، كل هذه الأمور تزيد الفرص بأن يصبح أي ممثل بارعا ومتميزا في هذا المجال، والفنانة البحرينية إيمان الحسيني واحدة من أولئك الموهوبين والتي تهتم بتطوير أدائها عن طريق التحاقها بورش التمثيل التي منحتها البراعة في تجسيد أدوارها بشكل طبيعي دون تصنع.

«الأنباء» التقت إيمان الحسيني فكان هذا الحوار:

في البداية ما جديدك الفترة الحالية؟

٭ مشغولة بتصوير مسلسل درامي جديد مكون من 8 حلقات يحمل عنوان «أعوام الظلام»، إنتاج منصة «شاشا»، سيناريو وحوار الكاتبة المصرية مريم نعوم، إخراج المخرج المصري محمد سلامة، والعمل مستوحى من قصة حقيقية مؤثرة، وهو عمل ضخم، «شاشا» وفرت له كل الإمكانات لظهوره بالشكل المناسب، وتصويره يتم بين الكويت ومصر.
وماذا عن دورك في المسلسل؟

٭ دوري لطيف، أقدم شخصية «سارة» أخت بطل العمل حمد العماني، المتعاطفة معه شكل كبير مما يعرضها لمشاكل ومضايقات اجتماعية مع زوجها (عبدالعزيز مندني).

العمل يضم مجموعة متميزة من النجوم من العديد من الدول العربية والخليجية، كيف وجدت العمل معهم؟

٭ تعاون جميل ومثمر، وتشكيلة الفنانين «حلوة»، فعائلتي على سبيل المثال تضم حمد العماني وأنا وحسن عبدال ووالدتنا الفنانة المصرية انتصار، وهي شخصية جميلة جدا.

وماذا عن مخرج المسلسل محمد سلامة؟٭ رائع وله تكنيك خاص في الإخراج، وأهم ما يميزه أنه لا يهتم بالصورة وجمالياتها فقط، إنما يهتم بأدق التفاصيل ويشتغل على الممثلين بشكل كبير لتقديم أفضل ما لديهم من أداء، وأنا استفدت من هذه التجربة كثيرا.

هل هذه هي التجربة الأولى لك مع «شاشا»؟

٭ بالفعل، والعمل معها له نكهة مختلفة، وان شاء الله هناك اتفاقات بيننا على تقديم اعمال الفترة المقبلة.

ما جديدك على مستوى المسرح عقب مسرحيتك الأخيرة «صنع في الكويت كل شيء بالبرد»؟

٭ أجهز حاليا لمسرحية «أوكادا» لعرضها سبتمبر المقبل، من انتاج شركة «كتويل» من تأليف جاسم الجلاهمة وإخراج شملان النصار، والمسرحية استعراضية غنائية عائلية، وأقدم فيها دور ملكة بإحدى القرى الأفريقية من خلال «حدوتة» حلوة.

وماذا عن رمضان المقبل.. هل لديك جديد؟

٭ مسلسل «أعوام الظلام» لرمضان المقبل، وأقرأ حاليا نصين لاختيار واحد منهما.نشرت قبل أيام تغريدة على منصة «إكس» قلت فيها «انا غارقة مع نفسي ومع ما أحب ومشغولة بطموحي وذاتي وما عندي وقت أتابع غيري أو أرد على أحد»، إلى نهاية التغريدة، من تقصدين بهذا الكلام؟

٭ أنا دائما بعيدة عن «السوشيال ميديا» ومهاتراتها، خاصة عندما يسألني احد نوعية الأسئلة «عرفت؟ دريت؟ شرايك؟» وغيرها، بالإضافة إلى ان الكل أصبح يدخل في النوايا ويعتقدون أنني سأرد عليهم وهذا لن يحدث، لا أشغل نفسي الا بالأشياء التي تخصني فقط،، وعندي قناعة بأنني أرفع من قيمة أي احد حولي، ومن يقلل من قيمتي وذاتي لا يلزمني.

ما طموحك في المجال الفني وإلى أين تتمنين الوصول بهذا الطموح؟

٭ كما قلت لك انا كل تركيزي في الشغل وبأهدافي، وأطور من نفسي، وللعلم كلما وجدت عندي وقت فاضي آخذ ورش بالتمثيل والإخراج لأنني أرغب في خوض تجربة الإخراج قريبا وأحرص على ذلك قبل دخولي أي عمل جديد، فقبل تصوير مسلسل «أم أربعة وأربعين» أخذت ورشة في مصر مع مدربة شهيرة، لذلك لا تشغلني تفاهات «السوشيال ميديا» التي تقحم اسمي في أي موضوع ويريدون ان أرد وهذا لن يحدث أبدا، فهل يعقل ان أوقف شغلي وحياتي من اجل أي إنسان؟ لقد بنيت اسمي على مدار 10 أعوام، ويأتي واحد «ولد أمس»، وبكل سهولة يريد ان يصبح «ترند» على «قفايا»، انا لن اقبل بذلك، لذلك الحمد لله انا مشغولة بنفسي فقط، وهذا لم يأت من فراغ لكن بسبب حالة السلام الداخلي التي أعيشها، اما من يشغل باله بالآخرين فستجده دائما تائها ومشتتا ويبحث عن أي شيء ليقول «انا موجود»، وبالنسبة لطموحي الذي سألتني عنه فهو ان أبني اسمي ليأتي اليوم وتقول الفنانات الشابات «ودنا في يوم نكون مثل الفنانة ايمان الحسيني» وأكون قدوة لهن، واذكر انه في احدى ورش التمثيل سألني المدرب «هل دخلت مجال التمثيل من أجل الشهرة؟» فكان ردي انني لا أبحث عن الشهرة انما أرغب في أن أكون ممثلة وفنانة «شاطرة» ومحبوبة وعندما سأصل لهذه الدرجة وقتها سوف أحقق النجومية وبالتالي أحقق الشهرة، أنا أرى نفسي بعد خمسة أعوام في مكان ثان، وأسعى دائما في عملي لأنني احبه ولدي شغف كبير في هذا المجال الذي أجد انه يليق بي، وأنا كاتبة في حسابي في «انستغرام» جملة «أنا لا أمثل وإنما هذا شيء طبيعي ينبع من داخلي». بما انك كنت في الساحل الشمالي في مصر هل حضرت حفل نجمتك المفضلة المطربة أنغام؟

٭ للأسف لم أحضر وأنا من عشاقها.

واضح تأثرك بأغنياتها، حيث كانت لك تغريدة قلت فيها «احبك كل يوم حبين» من أغنية أنغام «هو انت مين»، لمن وجهتها؟

٭ (ضاحكة) «لا والله ما في شيء أنا كلما سمعت لأنغام أضع هذه الجملة».

الأنباء الكويتية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • إبراهيم شعبان يكتب: مجاعة غزة وتسونامي الدولة الفلسطينية
  • الرئيس السيسي يبحث مع وزير الدفاع الإيطالي سبل تعزيز التعاون العسكري والأمني
  • عادل الباز يكتب: الرباعية في خبر كان.. لماذا؟
  • الرئيس السيسي ووزير الدفاع الإيطالي يبحثان تعزيز التعاون الأمني ومناقشة أزمة غزة والهجرة
  • إبراهيم عثمان يكتب: اللدغات القاتلة!
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: العبور إلى حكومة الكفاءات
  • إيمان الحسيني: لا أقبل أن يصبح أي شخص «ترند» على «قفاي»
  • أحمد الأشعل يكتب: لماذا مصر؟ ولماذا الآن؟
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة الرباعية وتكتيكات الإسلاميين