الماء والخضرة والوجه الحسن.. هدية عبدالحليم حافظ للملك الحسن الثاني
تاريخ النشر: 31st, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في لحظات الشجن، يتسلل صوت دافئ إلى القلب ليأسره، يؤنسك في وحدتك ويقويك عند الشدائد، إنه عبدالحليم حافظ، الصوت الذي خلد في تاريخ الفن المصري والعربي.
صنع حليم مجدا ثابتا لم يتغير عبر السنين، هو الغائب الحاضر، عاش رحلة كفاح صنعت منه أسطورة، فالطابع الدرامي الذي ميز حياته منذ ولادته حتى رحيله، جعلت منه ذلك المطرب الذي نشر الحب والرومانسية بأغانيه، صوته كان الوسيلة الأرق للتعبير عن المشاعر الصادقة سواء تجاه الحبيب أو الوطن، فأغانيه ساهمت في إيقاظ روح الوطنية والتحدي ليس فقط في مصر بل في الوطن العربي كله، بما في ذلك المغرب، حيث كانت تربطه علاقات خاصة بالملك الراحل الحسن الثاني والفنانين المغاربة.
علاقة عبدالحليم بالمملكة المغربية كانت وطيدة جدا، كون صداقات عميقة مع العديد من الشخصيات البارزة، بدءا من الملك الراحل الحسن الثاني، مرورا بوزراء وسياسيين وفنانين، ووصولا إلى المواطنين البسطاء، عاش عبد الحليم أفراح المغرب وأعياده، وشارك في احتفالات عيد العرش وعيد الشباب خلال العقد الأخير من حياته، قدم العشرات من الأغاني التي تعكس عمق ارتباطه بالمملكة، أشهرها "الماء والخضرة والوجه الحسن" التي أهداها للملك في عيد ميلاده، والتي ما زال يرددها المغاربة حتى الآن، والتي يقول فيها حليم: "الماء والخضرة والوجه الحسن، عرائس تختال في عيد الحسن، قال الحمام، لفيت بلاد الدنيا ديا، ولفيت بلاد الدنيا ديا، لفيت بلاد، ورجعت ثاني للمملكة الحرة الأبية، المغربية.. العلوية.. العربية، عالمغربية يا حمام عالمغربية، عالمغربية أم العيون السندسية، أم الرجال زي الجبال الأطلسية…إلخ
جاءت زيارته الأولى للمغرب عام 1962 ضمن جولة نظمتها إذاعة "صوت العرب" بمشاركة فرقة "أضواء المدينة"، التي ضمت فنانين كبار مثل محمد عبد المطلب، فايدة كامل، يوسف وهبي، عمر الحريري، وسعاد حسني، بمصاحبة الفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن، يروي عبد الحليم في مذكراته كيف استقبله الجمهور المغربي بحفاوة، مطالبا بأداء أغنية "إحنا الشعب" بجانب أغانيه العاطفية، كما يتذكر لقاءه الأول بالملك الحسن الثاني، حين دعاه القصر واستمع معه إلى الموسيقى المغربية، مما جعله يشعر بتقدير خاص من العاهل المغربي.
في عام 1969، شارك العندليب في احتفالات العيد الأربعين لميلاد الملك الحسن الثاني، برفقة نخبة من الفنانين العرب، منهم محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، محرم فؤاد، شادية، فايزة أحمد، عمر خورشيد، محمد رشدي، شريفة فاضل، نجاة الصغيرة، وصلاح ذو الفقار، كان عبد الحليم سعيدا بالدعوة الملكية التي وصفته بـ "صوت العرب"، وأبرزت مكانته الفنية.
تمتع عبد الحليم بعلاقة خاصة مع الملك الحسن الثاني، الذي كان معروفا بحبه للفن ودعمه للفنانين، كان الملك يتابع حالته الصحية عن كثب، وحرص على إيفاده إلى أرقى المستشفيات في باريس والولايات المتحدة للعلاج، عندما كان المرض يهاجمه أحيانا أثناء وجوده في المغرب.
في مذكراته، يروي عبد الحليم تفاصيل صداقته مع الملك الحسن الثاني، التي بدأت منذ أن كان وليا للعهد، ثم تعمقت بعد توليه العرش. ويؤكد مجدي العمروسي، صديق العندليب المقرب، في كتابه "أعز الناس"، أن الملك منحه جواز سفر دبلوماسي تقديرا لمسيرته الفنية، كما يروي محمد شبانة، ابن شقيق عبد الحليم، أن الملك الحسن الثاني أهدى له سيارة "فيات 130" موديل 1974، وكانت واحدة من أربع سيارات فقط من هذا الطراز في مصر، امتلكها أيضا الرئيس الراحل أنور السادات، ورجل الأعمال مقار، والسفير البريطاني بالقاهرة، وساهمت هذه السيارة في إنقاذ حياة عبد الحليم خلال أزمة صحية، حين تعرض لنزيف حاد أثناء وجوده في فيلته بالعجمي، على بعد 230 كم شمال القاهرة، مما استدعى نقله سريعا إلى العاصمة، بفضل سرعة السيارة، استغرقت الرحلة ساعتين وربع فقط، ما مكنه من تلقي العلاج اللازم.
30 مارس 1977، رحل حليم عن عمر يناهز 48 سنة، وقد سمي هذا الشهر وقتها بالربيع الأسود الحزين، يوم بكت فيه كل الديار العربية، حيث شيعت جنازته وسط حضور مليونين ونصف المليون شخص، غادر جسد عبدالحليم لكن روحه رفضت الرحيل، ليظل اسمه خالدا في ذاكرة الفن العربي رغم كل التغيرات.
*كاتبة وإعلامية مغربية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: عبدالحليم حافظ الملک الحسن الثانی عبد الحلیم
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيل محمد نجم.. عملاق الكوميديا الذي رسم البسمة في قلوب المصريين
تمر علينا اليوم ذكرى وفاة الفنان الكوميدي المصري الكبير محمد نجم، الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ المسرح والسينما المصرية، كان نجم واحدًا من أهم رموز الكوميديا في مصر، حيث جمع بين البساطة والذكاء في أدائه الفني، مما جعله محبوبًا من مختلف الأجيال. رغم رحيله في عام 2019، إلا أن أعماله لا تزال حاضرة في ذاكرة الجمهور، وتستمر في إضحاك الملايين حتى الآن.
في هذا المقال، نستعرض نشأته، مسيرته الفنية، أبرز أعماله، حياته الشخصية، وملامح رحيله التي تركت أثرًا كبيرًا في الوسط الفني.
نشأة محمد نجم وبداياته الفنية
ولد محمد نجم في 6 مارس 1944 في قرية الغار بمحافظة الشرقية، تحت اسم محمد محمد علي عوض.
نشأ في بيئة بسيطة، وكانت لديه موهبة فريدة في إضحاك الناس منذ صغره، بدأ مشواره الفني في أوائل السبعينات، عندما التحق بفرق المسرح وشارك في أدوار صغيرة في السينما والتلفزيون. من خلال انضمامه إلى فرقة الفنان عبد المنعم مدبولي، تعلم فنون المسرح وأسلوب الكوميديا الهادفة، مما شكّل حجر الأساس لمسيرته الفنية اللاحقة، أسس لاحقًا فرقة "مسرح نجم" التي أخرجت الكثير من الأعمال الكوميدية الناجحة.
أبرز الأعمال المسرحية والسينمائية
يُعد محمد نجم من أعمدة المسرح الكوميدي المصري، وقدّم مجموعة كبيرة من المسرحيات التي نالت إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء.
من أشهر أعماله المسرحية كانت مسرحية "عش المجانين" التي شهدت ولادة أشهر إفيه له "شفيق يا راجل"، والذي أصبح رمزًا في عالم الكوميديا المصرية بالإضافة إلى ذلك، قدّم مسرحيات بارزة مثل "البلدوزر" و"عبده يتحدى رامبو "و "واحد لمون والتاني مجنون" و"دربكة همبكة"، والتي تميزت كلها بروح الدعابة والانتقاد الاجتماعي الذكي.
لم يقتصر نشاطه على المسرح فقط، بل شارك أيضًا في عدة أفلام سينمائية منها "حكايتي مع الزمان" و"صانع النجوم" و"حياة خطرة"، حيث أضاف لمسته الكوميدية الفريدة التي لا تنسى.
حياته الشخصية وزيجاته
في حياته الشخصية، تزوج محمد نجم من السيدة يسرية محمد عبد الجليل، شقيقة الفنان عمرو عبد الجليل، وأنجب منها ابنًا واحدًا اسمه شريف نجم.
تميزت حياته العائلية بالبساطة والهدوء، بعيدًا عن أضواء الشهرة والصخب الإعلامي، مع حرصه الدائم على الحفاظ على خصوصية عائلته.
تفاصيل وفاته وتأثيرها على الوسط الفني
توفي محمد نجم في فجر يوم الأربعاء 5 يونيو 2019، أول أيام عيد الفطر المبارك، عن عمر ناهز 75 عامًا، إثر تعرضه لجلطة دماغية أدخلته في غيبوبة استمرت يومين قبل أن يفارق الحياة.
شكل رحيله صدمة كبيرة لكل محبيه وزملائه في الوسط الفني، الذين وصفوه بأنه "فنان القلب الطيب" و"ملك الكوميديا الشعبية".
استُذكر نجم في العديد من المناسبات الفنية والتلفزيونية، حيث أُقيمت له فعاليات تكريمية عديدة نظير إسهاماته الكبيرة في إثراء المسرح والسينما المصرية.