مع استمرار الضغوط المالية والانقسام السياسي، جاءت قرارات المصرف المركزي الأخيرة المتعلقة بخفض قيمة الدينار، لتزيد الطين بلّة، وتعرضت لانتقادات واسعة، حيث اعتبرت ضربة جديدة للقدرة الشرائية للمواطنين، فما رأي خبراء الاقتصاد؟

وحول ذلك، قال الدكتور محمد درميش، الباحث بالمركز القومي للبحوث والدراسات العلمية والخبير الاقتصادي، لشبكة “عين ليبيا”: “إن القرارات الأخيرة التي قام بها البنك المركزي، ولا سيما خفض سعر الصرف، إجراء خاطئ ويعتبر تكراراً لقرارات سابقة غير مدروسة تسببت في زيادة حدة التشوهات وخسارة الدولة أصولها المقومّة بالدينار واستنزاف مدخرات المواطن”.

وأضاف درميش: “إعادة النظر في سعر الصرف أمر ضروري لمواكبة المتغيرات الاقتصادية والتكيف معها، ولكنه يحدث كل ثلاث أو أربع سنوات، حيث تتكبد الدولة خسائر في أصولها المقومة بالدينار، ويستنزف هذا أيضًا مدخرات المواطنين، ومن الضروري وضع سعر صرف يتناسب مع هذه المتغيرات بشكل يضمن عدم تضرر أي طرف، ولكن السلوك السائد من متخذي القرار أصبح يشير إلى أن هذا التغيير يتم مرة كل عام بهدف تحقيق مكاسب لبعض الأفراد بعشرات الملايين، دون بذل جهد حقيقي أو دفع ضرائب أو إضافة قيمة للاقتصاد الوطني”.

وقال: “سعر الدولار في السوق الموازي لن ينخفض بل من المتوقع أن يزداد أكثر من الثمانية، والمشكلة ليست في سعر السوق، بل في سوء إدارة الأموال وعدم قيام أدوات السياسة الاقتصادية بدورها الحقيقي”، مشيرا إلى أن “تحسين إدارة الأموال وتفعيل الأدوات الاقتصادية بشكل صحيح هو الحل الأساسي لمواجهة هذه التحديات”.

وتابع “درميش” لشبكة “عين ليبيا”: “التوازن لا يتحقق إلا بالتنسيق الكامل بين الأدوات السياسية الاقتصادية، مثل السياسة المالية والتجارية والنقدية، كسياسة واحدة، ويجب العمل على وضع خطة شاملة وإدارة طوارئ من أجل امتصاص تأثير الأزمة الحالية التي نعاني منها”.

وأردف: “هذه القرارات لن تساهم بتحقيق الاستدامة المالية واستقرار الأسعار والمحافظة على احتياطيات النقد الأجنبي، بل على العكس ستزيد خسائر الدولة، خاصة فيما يتعلق بأصولها المقومة بالدينار، هذا المصطلح نسمع به منذ عشرات السنين كذريعة للاستدامة للأجيال القادمة وغيرها، ولكن في الواقع، هو وسيلة للمحافظة على الاستدامة الاحتكارية لبعض الشخصيات وليس للاقتصاد الوطني أو مصلحة الدولة”.

وقال درميش: “لضبط السوق الموازي، يجب استخدام أدوات السياسة الاقتصادية كحزمة واحدة، ووضع خطة طوارئ تضمن متابعة الأحداث بشكل مستمر، ساعةً بساعة، نصف يوم، يوميًا، نصف أسبوعيًا، وأسبوعيًا، ويجب التعامل مع المتغيرات بتوظيف كافة الموارد المتاحة بشكل أمثل، حيث أن الدولة تملك إمكانيات وموارد واقتصادًا قويًا، ولا تعاني من شح في الموارد ولديها مركز مالي جيد جدًا”.

وأكد أن “المشكلات الحقيقية في البلاد تتمثل في عدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب وسوء إدارة الموارد والأموال”.

وتابع الخبير الاقتصادي في حديثه لشبكة “عين ليبيا”: “بطبيعة الحال، الانقسام المؤسسي أمر معروف وواقع، وله تأثير سلبي في غياب الإدارة الكفء والرقابة والمتابعة، ولكن، طالما تم توحيد البنك المركزي، يمكن التغلب على هذه الأزمة من خلال قيام البنك المركزي بدوره الحقيقي بالتنسيق مع أدوات السياسة الاقتصادية التجارية والمالية لدى الحكومتين، كما يجب وضع خطة لتجاوز حد المخاطر الناجمة عن الانقسام والصرف الموازي، مع توجيه الإنفاق إلى أوجه الصرف الصحيحة، مثل الصيانة وإعادة بناء المشاريع المتعطلة وفتح وصيانة الطرق وغيرها”.

واختتم بالقول: “ليبيا دولة تملك إمكانيات وموارد متاحة ومركزًا ماليًا قويًا، ما تحتاجه فقط هو إدارة كفؤة، ففي ظل ظروف الإنفاق الموازي، يمكننا الوصول إلى الأهداف الصحيحة وزيادة الإنفاق الموجه في الاستثمار في البشر لتلبية متطلبات النمو والتنمية”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: الدينار الليبي المصرف المركزي بيع النقد الأجنبي سعر صرف الدولار مصرف ليبيا المركزي عین لیبیا

إقرأ أيضاً:

الزعماء العرب .. اجتماعات وقرارات

 

 

أحد المعلقين الصهاينة تحدّث عن الإجرام الصهيوني بأنه (يربح في الواقع ويخسر في الفضاء الإعلامي والإنساني)؛ الإجرام والاحتلال لا يربح دائما وأبدا، بل إن المقاومة والجهاد والكفاح هو من يربح؛ ما سيربحه الاستيطان هو كشف وجهه القذر من جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية والتهجير القسري وهو ما سيخلده التاريخ كشاهد حي؛ القتلة والمجرمون والخونة والعملاء تكشفهم الأحداث .
فتح المسلمون الأندلس (إسبانيا) واستمروا لأكثر من تسعه قرون لم يكتب عنهم انهم سلوا سيوفهم على أبرياء وعُزّل، بل كانت المواجهات في الحروب أساسا لتحقيق النصر؛ وحينما اختلفوا استعان بعضهم بأعدائهم على بعضهم فيما عُرف بملوك الطوائف الذين وصل تعداد ممالكهم إلى (22) دولة وإمارة ومملكة كل ملك منهم يدعي أنه أمير المؤمنين وخليفة المسلمين وهم يدفعون الجزية لـ(الفونسو السادس) ملك قشتالة النصراني المعروف بوحشيته وإجرامه بحق المسلمين.
كان يرسل مندوبيه لأخذ الجزية من ملوك الطوائف ومنهم المعتمد بن عباد، لكن رسوله أساء إليه في مجلسه فقتله فاستعد (الفونسو) بجيشه لمحاربة بن عباد والاستيلاء على ما تحت يده، فاستشار العلماء، فنصحوه بالاستعانة بأمير المرابطين في المغرب يوسف بن تاشفين؛ لكن ملوك الطوائف حذروه منه، لأنه سيستولي هو على المُلك، فقال كلمته المشهورة (لأن أرعى الابل ليوسف بن تاشفين خير من أن أرعى الخنازير لالفونسو)، علماؤهم نصحوا لله واما علماء ملوك ورؤساء اليوم فنصحوا لليهود والنصارى ومن لم ينصح سُجن وحُورب ونُفي.
بن تاشفين هزم الفونسو ووحد ملوك الطوائف ورجع إلى المغرب، ولما ازداد الضعف بسبب الخلافات بينهم، جمع النصارى جموعهم وأخرجوا المسلمين من هناك بعد أن نصبت لهم محاكم التفتيش التي استعملت كل الجرائم الوحشية في حقهم وغيرهم، فمن تنصّر جلس ومن رفض قتل شر قتلة، ولولا أن اليهود فروا واحتموا بالمسلمين لتم القضاء عليهم.
ملوك ورؤساء اليوم يتفقون في العدد مع ملوك الطوائف، يحتمون باليهود والنصارى ويستعينون بهم على بعضهم ويدفعون الجزية ولديهم استعداد لرعاية الخنازير لـ(ترامب وغيره) ووصل الأمر بهم إلى دعم الإجرام الاستيطاني الصهيوني لإبادة الأشقاء في غزة واليمن ولبنان وسوريا؛ الفارق بين ملوك الطوائف أنهم جاؤوا بإرادة شعوبهم وهؤلاء عينتهم الاتفاقيات الاستعمارية، فقد اتفقت الإمبراطوريات (فرنسا وبريطانيا وروسيا)على تعدادهم ومهامهم، كما نصت على ذلك بنود اتفاقية (سايكس-بيكو).
1 -فرنسا وبريطانيا مستعدتان لأن تعترفا وتحميا دولة عربية برئاسة عربي.
2 -يباح لهما إنشاء ما ترغبان من شكل الحكم مباشرة أو بالواسطة؛ أو من المراقبة مع الحكومة أو حلف الحكومات العربية)، فليس المهم شكل الحكم أو نوعه، بل المهم أن يكون تحت رعاية وحماية السلطات الاستعمارية مباشرة أو بالواسطة وتحت رقابتهما .
ووصلت الحماية والرعاية إلى أنهما لن تسمحا لدولة ثالثة السيطرة على شبه الجزيرة العربية، ربما قد تتيحان المجال في الأجزاء الأخرى، كما في سيطرة إيطاليا على ليبيا وهولندا وعلى المغرب وموريتانيا وذلك هو نص البند”10″ تتفق الحكومتان بصفتهما حاميتين على ألاّ تمتلكا ولا تسمحا لدولة ثالثة بأن تمتلك اقطارا في شبه الجزيرة العربية .
وفعلا لم تتمكن أي دولة من الدخول كمنافس لهما في شبه الجزيرة العربية، أما أمريكا فهي تعتبر امتداداً لهما وليست غريبة عليهما.
وحدد البند الحادي عشر منها مهام هذه الأنظمة ودورها الذي سيوكل إليها، سواء استمر الاحتلال والانتداب أو انتهى، لكن الاستيطان اليهودي سيتم تأمينه من قبل هذه الأنظمة والتحالف الصهيوني الصليبي، فنص البند “11” على أن تستمر المفاوضات مع العرب بنفس الطريقة السابقة من قبل الحكومتين لتحديد حدود الدولة أو حلف الدول العربية.
فمن خلال البنود السابقة يمكن فهم إلى أي مدى وصلت سيطرة الاستعمار والاحتلال على مقاليد السلطة والحكم للأنظمة العربية، تم إجلاء العثمانيين وإخراجهم وأصبح العرب يرعون خنازير التحالف اليهودي النصراني بصورته المتجددة كحية غيرت جلدها، لكن لم تغير سلوكها تجاه عداوتها للإسلام والمسلمين .
رسمت الحدود وشغلت كل منطقة بنفسها وبمشكلاتها وسلمت فلسطين لليهود تنفيذا لوعدهم لهم، فقد اصبح المجرمون متحدين في رؤيتهم حتى وإن اختلفوا .
المسيحية الإنجيلية -حسب توصيف د.عبدالوهاب المسيري- أرادت التخلص من المشكلة اليهودية بإيجاد وطن قومي لليهود بعيدا عن أوروبا ولم تأت الدعوة الصهيونية إلا متأخرة حينما قدّم (هرتزل) فكرة الصهيونية وإنشاء وطن قومي لليهود ، وهنا تلاقت المشكلة اليهودية مع المشكلة العثمانية؛ بإسقاط الخلافة العثمانية وتوطين اليهود في فلسطين لفصل المشرق العربي عن مغربه وتوحيد جهود المسيحية الإنجيلية مع الصهيونية تحت فكرة الخلاص بتجميع اليهود، إما لتنصيرهم أو إبادتهم .
وحسب رأيه، فإن الاستراتيجية الغربية الاستعمارية استخدمت اليهود لأن معظم الغرب علمانيون لا دخل لهم بالأديان؛ بالإضافة إلى أن الصهيونية لا تؤمن بالدين وأن الطوائف الدينية اليهودية ترفض قيام دولة لليهود، لأن ذلك يخالف نصوص التوراة .
ما طرحه البروفيسور المسيري يتناقض مع البحث الذي أجراه د.محمد المختار الشنقيطي أن معظم دساتير القارة الأوروبية تنص على الدين في موادها وأن للغرب اتجاهين في سياساته، الأول :موجّه للدول الأخرى يحرضها ويفرض عليها العلمانية؛ والثاني: في تعامله مع مواطنيه الالتزام بالدين والحفاظ عليه ونشرع والتبشير به؛ وهو أمر معلوم ومشاهد في دعم حركات التنصير في إفريقيا وآسيا وغيرها من دول العالم.
معظم الأنظمة العربية تم تنصيبها وتعيين دورها وحتى عددها؛ فرغم ضمان الاستقلال، لكن مازالت المهام موكلة لها بالمحافظة على التجزئة والقطرية ومواجهة كل محاولات التكامل والتوحد وإفشالها وتنفيذ السياسات الاستعمارية من خلال الحروب الطائفية والمذهبية والحدودية وغيرها، وبدلا من السعي نحو تحقيق الأمة الواحدة يتم تشتيت هذه الاقطار وتنمية الخلافات بينها لصالح استمرار الهيمنة والسيطرة عليها، كما يريد الاستعمار.
الجزية سُلمت والرُسل أكرموا ولم يمسهم السوء والقرارات ستلبي طموحات التحالف الصهيوني الصليبي .
الدماء التي سفكت على أرض فلسطين واليمن ولبنان وسوريا والعراق وغيرها، أيقظت ضمائر الأحرار في العالم أجمع، لكنها لم توقظ ملوك وأمراء الطوائف في العصر الحالي، في قمة الرياض الإسلامية تحدث وزير الخارجية الإندونيسي وطرح أفكارا عملية لإيقاف الإجرام الصهيوني، لكن قرارات القمة ذهبت بعيدا خوفا من اليهود والنصارى، وفي قمة بغداد العربية لقّن رئيس الوزراء الإسباني القادة العرب درسا في القيم الإنسانية وذكّرهم بواجبهم نحو مواجهة الإجرام على أرض فلسطين بقوله (ما يحدث في غزة والضفة لا يمكن ان يغض الطرف عنه لا في أوروبا ولا في أي مكان من العالم؛ وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بالقوة سيؤدي إلى إيقاظ أسوأ كوابيس الماضي؛ الأزمة الإنسانية التي تفاقمت منذ اكتوبر2023م خلفت إلى الآن أكثر من خمسين ألف قتيل وأكثر من مائة ألف جريح، في انتهاك للمفاهيم الأساسية لمبادئ الإنسانية والمبادئ الأساسية للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني).
“بيدرو” رفض فكرة تهجير الأشقاء في غزة ورفض استمرار العلاقات التجارية مع كيان الاحتلال، لأنه يمارس جرائم الإبادة الجماعية؛ وبرلمان بروكسل وافق بالاجماع على تنفيذ أحكام المحكمة الجنائية الدولية بمعاقبة قادة الكيان؛ وتعرضت رئيسة الوزراء الإيطالية للتوبيخ العلني من البرلماني الإيطالي انجيلولونيلي (كيف تشعرين وأنت ترين أكثر من ثمانية عشر ألف طفل قتلوا؛ ولم تستطيعي إدانة حكومة “نتن ياهو” التي تقول بوجوب قصف مخازن الطعام؛ العالم كله يشهد الإبادة الجماعية والترحيل والتطهير العرقي؛ لم تمتلكي الشجاعة لإدانة ما هو ظاهر أمام أعين العالم كله، أنا أعبر عن شعور الأغلبية للشعب الإيطالي).
العالم اليوم يناصر قضية الأشقاء في غزة واليمن ولبنان وغيرها، لكن الزعماء والملوك العرب يناصرون الإجرام الصهيوني ويدعمونه ويؤدون الجزية للداعم الأساسي من أجل استكمال القضاء على المقاومة في غزة وغيرها، لأنهم يرون بعيون وآذان الاستعمار والاستيطان .

مقالات مشابهة

  • الزعماء العرب .. اجتماعات وقرارات
  • مترشحون جدد يعرضون رؤاهم لقيادة ليبيا.. ويؤكدون على السيادة والانتخابات والوحدة الوطنية
  • البنك المركزي يعلن بدء صرف مرتبات موظفي الدولة لشهر أبريل 2025
  • تأسيس شركة وطنية لتسويق صادرات المعادن.. خطوة نحو تعزيز القيمة الاقتصادية للقطاع
  • وزير "التجارة" يبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية مع محافظ "المركزي الإيراني"
  • تمكين ودعم نفسي وصحي للطلاب.. تعاون مرتقب بين وزارة التربية ومؤسسة «سيدات ليبيا»
  • حزب المصريين: موافقة البرلمان على منحة العاملين يعكس اهتمام الدولة بتحسين الأوضاع الاقتصادية
  • بي إن بي بارييا: البنك المركزي المصري مستمر في تخفيض الفائدة بشكل تدريجي
  • وزير الاقتصاد يبحث مع رئيس باراغواي آفاق الشراكة الاقتصادية
  • المؤتمر: إعادة المواطنين المصريين من ليبيا تجسيد حقيقي لمسئولية الدولة تجاه أبنائها