تشكّل مبادرة نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، شريطة تطويرها، منطلقًا للوصول إلى صيغة للحل في البلاد الذي يمزقها الاقتتال الداخلي.

هكذا يخلص تحليل "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، الذي يلفت إلى أنه بعد أكثر من 4 شهور على اندلاع القتال، وسقوط آلاف القتلى والجرحى، وتشريد نحو 3.5 ملايين إنسان، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة، تبدو إمكانات الحسم العسكري التي راودت الطرفين في بداية الحرب أبعد من أي وقت مضى.

وتقدم عقار، في 15 أغسطس/آب الجاري، بمبادرة تتضمن "خريطة طريق" لوقف الصراع الدائر في السودان، تبدأ بإعلان وقف دائم وشامل لإطلاق النار، والانخراط في عملية سياسية تفضي إلى انتخابات عامة، تنبثق منها حكومة مدنية، تتولى إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية.

ويقف السودان حاليا أمام احتمالين، الاستمرار في حرب مدمرة طويلة تأتي على ما تبقى من وحدة البلاد وتماسكها، أو وقف القتال والذهاب في اتجاه حل سياسي توافقي جوهره، وجود جيش واحد في البلاد، وعدم المساواة بين الجيش وميليشيا عسكرية (في المكانة والمسؤولية تجاه الشعب السوداني، والانتهاكات في حق المدنيين)، واستيعاب جميع القوى الفاعلة ومشاركتها في إعادة بناء الدولة التعددية الديمقراطية.

جاءت مبادرة عقار، الذي جرى تعيينه نائبًا لرئيس مجلس السيادة في 19 مايو/أيار، بعد مرور 4 أشهر على تفجّر الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ووصول المعارك إلى نقطة الجمود، مع عدم التمكن من الحسم عسكريًا، وتعثر محادثات الوساطة التي رعتها السعودية والولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً

السودان.. مقتل نحو 500 طفل جوعا منذ اندلاع الحرب

وتباينت ردات الفعل على المبادرة، بين مؤيد لها باعتبارها تمثل مخرجًا ممكنًا من الصراع الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، وبين رافض لها، أو مشكك فيها، على أساس أنها غير واقعية في ظروف الاستقطاب الراهنة.

ولم يُبْدِ الجيش موقفًا محددًا من مبادرة عقار، وهو ما اعتبره مراقبون دليلًا على وجود تباينات داخل مجلس السيادة، فسّره آخرون بأنه تعارض، أو توزيع أدوار، خاصة مع تصريحات قائد الجيش القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان، قبل يوم واحد من الإعلان عن المبادرة، والتي أكد فيها ضرورة الحسم العسكري ضد من وصفهم بـ"المتمردين والخونة".

في المقابل، رفضت قوات الدعم السريع المبادرة، لأنها "لا تعترف بسلطة عقار"، مؤكدة التزامها فقط بمحادثات جدة، وسط اتهامات لعقار بالانحياز إلى الجيش.

أما قوى الحرية والتغيير، فأعلنت عن اتفاقها مع أغلب ما جاء في مبادرة عقار، ولكنها تحفظت في الوقت نفسه عن مقترح حكومة تسيير الأعمال.

وعلى الرغم من ذلك، استنتجت بعض القوى السياسية أن التوافق الكبير بين ما طرحته المبادرة التي أطلقها عقار، ونتائج اجتماع القوى المدنية في أديس أبابا بمشاركة قوى الحرية والتغيير، قد يشير إلى احتمال التوصل إلى اتفاق بين مجلس السيادة وقوات الدعم على وقف القتال، لكن لا يوجد دليل على وجود تنسيق بين قوى الحرية والتغيير وقوات الدعم السريع، بخصوص الأفكار التي طُرِحت في اجتماعات أديس أبابا لتأكيد صحة هذا الاستنتاج.

بينما رفضت الحركة الإسلامية مبادرة عقار، وأصدرت بيانًا فندت فيه ما جاء فيها.

اقرأ أيضاً

الصراع في السودان ينذر بحرب أهلية تؤثر على جيرانه والخليج.. كيف؟

دوليا، لم تجد مبادرة مالك عقار تفاعلًا واضحًا من القوى الإقليمية والدولية، فعلى الرغم من الزيارات الخارجية المكثفة التي قام بها عقار، والتي شملت روسيا ومصر وكينيا وأوغندا، طلبًا لدعم مواقفه الداعية إلى وقف القتال وإطلاق حوار وطني شامل، فإن هذه الدول لم تعلن موقفًا محددًا من مبادرته حين أطلقها.

كما لم يصدر رد فعل من جانب السعودية أو الولايات المتحدة اللتين ترعيان محادثات جدة، وإن أشار البعض إلى وجود ترحيب غير رسمي في دوائر الخارجية الأمريكية بفحوى المبادرة.

ويقول التحليل: "جاءت المبادرة، بعد تعثر مفاوضات جدة وفشل جهود وقف القتال، باعتبارها محاولة نابعة من داخل السودان لحل الأزمة، خاصة أنها اشتملت على نقاط عديدة يمكن أن تكون محل توافق بين مختلف القوى السياسية السودانية".

ويضيف: "على الرغم من أن البعض أخذ عليها تجاوزها لبعض القضايا المهمة التي تمثل تحديًا كبيرًا أمام أي تسوية سياسية، وكانت في الأصل أحد الأسباب الرئيسة لاندلاع القتال، مثل مصير قوات الدعم السريع (الدمج في الجيش أم التسريح، أو دمج جزء وتسريح آخر)، فإن المبادرة تمثل فرصة للخروج من الأزمة، إذا ارتبطت بخطوات يمكن أن تساهم في وقف الحرب".

ويختتم التحليل: "إذا نجحت المبادرة في بناء تحالف واسع من القوى الوطنية، والتوجه نحو تشكيل حكومة انتقالية لفترة محددة وبمهمات واضحة، تنتهي بإجراء انتخابات عامة، وتشكيل حكومة دائمة منبثقة من إرادة الشعب، فإنها ستكون علامة فاصلة تطوي صفحة الصراع، وتركز على التنمية وبناء الدولة".

اقرأ أيضاً

مصير مجهول للنازحين السودانيين مع تمدد المعارك إلى دارفور

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان البرهان الدعم السريع اشتباكات السودان مالك عقار مبادرة وساطة الدعم السریع مجلس السیادة مبادرة عقار وقوات الدعم وقف القتال

إقرأ أيضاً:

برنامج «كفالة» يطلق مبادرة «جود لتمكين المنشآت» بالشراكة مع هيئة الترفيه   

أطلق برنامج ضمان التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة «كفالة» بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، مبادرة «جود لتمكين المنشآت».

جاء خلال مشاركته بالمعرض السعودي للترفيه والتسلية 2025، بواجهة روشن للمعارض والمؤتمرات، وتهدف المبادرة إلى دعم وتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة في قطاع الترفيه، بتسهيل وصولها إلى التمويل وتقليل مخاطر الإقراض، بما يمكنها من النمو، وتوسيع عملياتها، والإسهام الفاعل في الاقتصاد الوطني.

 ويشمل ذلك دعم الأنشطة التي تُوْجِد فرص عمل، وتعزز التنوع الاقتصادي، وتسهم في تحفيز الاستثمار المحلي وتنمية المحتوى الترفيهي، تماشيًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء قطاع ترفيهي مستدام ومزدهر، واستفاد من المبادرة حتى الآن 39 منشأة صغيرة ومتوسطة، حصلت على عروض تمويلية مبدئية تجاوزت قيمتها 77 مليون ريال، ما يعكس فاعلية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تمكين رواد الأعمال.

ويواصل برنامج «كفالة» جهوده في تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال تقديم الضمانات المالية التي تساعد المنشآت على الحصول على التمويل، مع تخفيض مخاطر الإقراض التي تتحملها جهات التمويل، وذلك عبر شراكات إستراتيجية، وأدوات تقنية مبتكرة، مستندًا إلى قاعدة معرفية متطورة.

 وتأتي المبادرة بالتكامل مع جهود بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي يسعى إلى بناء منظومة تمويلية متكاملة تدعم نمو واستدامة قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة.

الهيئة العامة للترفيهبرنامج كفالةأخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • مؤسسة التعليم فوق الجميع تطلق مبادرة التوظيف الذاتي للشباب في مصر
  • رئاسة «الشؤون الدينية» تُطلق مبادرة «نُسُك» لنشر فضائل وأحكام شعائر الحج
  • لخدمة ضيوف الرحمن.. أمير الشرقية يُدشن مبادرة «خدمتكم فخر واعتزاز»
  • «سواعد الخير» مبادرة لخدمة الحجاج على طريق الربع الخالي
  • تعليم رجال ألمع يطلق مبادرة ملكات النحل لدعم الاستدامة البيئية.. صور
  • محمد رياض الجبوري: يثمن مبادرة العراق بشأن عهد الاصلاح الاقتصادي العربي
  • السودان مهدد للسلم الإقليمي والعالمي
  • برنامج «كفالة» يطلق مبادرة «جود لتمكين المنشآت» بالشراكة مع هيئة الترفيه   
  • ضحايا العنف الطائفي بالذاكرة.. مبادرة سورية للسلام من جرمانا
  • الصحة: فحص 11.3 مليون طالب ضمن مبادرة الأنيميا والسمنة والتقزم