تغير المناخ “سيقتل 6 ملايين شخص”
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
ووفقًا للباحثين، يعتقد بعض الناس أن ارتفاع درجات الحرارة بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري سيعني أن عددًا أقل من الناس سيموتون بسبب البرد. وقد خلق هذا افتراضًا بأن تغير المناخ “مفيد” لأنه سيؤدي إلى “انخفاض صاف” في الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة.
وبمعنى آخر، تتفق النظرية على أن عددًا معينًا من الأشخاص سيموتون بسبب الحرارة، ولكن سيتم إنقاذ عدد أكبر من الأشخاص الذين كانوا سيموتون بسبب البرد.
ومع ذلك، تظهر الدراسة الجديدة أن هذه النظرية – التي غالبًا ما يتم الاستشهاد بها في معارضة “سياسات التخفيف الحيوية” – ليست صحيحة، على الأقل في أوروبا.
ارتفاع الحرارة يسبّب الوفيات
ويقول الخبراء في ورقتهم البحثية التي نشرت في مجلة “نايتشر ميديسين”: “إن الزيادة في الوفيات المرتبطة بالحرارة تتجاوز باستمرار أي انخفاض في الوفيات المرتبطة بالبرد في جميع السيناريوهات المدروسة”.
وفي الدراسة الجديدة، قام الدكتور ماسيلوت وزملاؤه بتحليل بيانات درجة الحرارة والوفيات للتنبؤ بالوفيات المستقبلية المرتبطة بدرجات الحرارة في 854 مدينة أوروبية بين عامي 2015 و2099.
بالنسبة لكل مدينة، توصل الباحثون إلى رقم “صافي” – عدد الوفيات الناجمة عن الحرارة مطروحًا منه الوفيات “المحفوظة” من البرد.
تظهر الدراسة إن 2.3 مليون أوروبي سيموتون بسبب الحرارة بحلول عام 2099- غيتي
ووجدوا أنه في ظل سيناريو ترتفع فيه انبعاثات الغازات الدفيئة حيث تتضاعف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2100 وعدم التكيف مع الحرارة، سيكون هناك إجمالي 5,825,746 حالة وفاة زائدة في أوروبا بسبب الحرارة.
ومع ذلك، سيتم تجنب 3,480,336 حالة وفاة بسبب البرد، مما يعطي معدل وفيات “صافي” إجمالي في أوروبا بحلول عام 2099 يبلغ 2,345,410.
برشلونة تستحوذ على أكبر عدد من الوفيات المحتملة
ويقول الباحثون إن المناطق الأكثر عرضة للوفيات الناجمة عن الحرارة في أوروبا ستكون في الجنوب، وتحديدًا منطقة البحر الأبيض المتوسط ومنطقة البلقان.
وستكون برشلونة المدينة الأوروبية التي ستسجل أعلى عدد من الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة بحلول نهاية القرن بـ 246.082. تليها روما بـ 147.738، ثم نابولي (147.248) ومدريد (129.716) وميلانو (110.131) وأثينا (87.523).
ومن ناحية أخرى، ستشهد معظم المدن في الجزر البريطانية والدول الاسكندنافية، مثل لندن وكوبنهاغن وستوكهولم “انخفاضًا صافيًا” في الوفيات، مما يعني أن عددًا أكبر من الناس “سينقذون” من البرد أكثر من أولئك الذين قتلوا بسبب الحرارة.
وفي لندن، سيموت 75,864 شخصًا بسبب الحرارة، ولكن سيتم إنقاذ 103,320 من البرد، وهو انخفاض إجمالي صافي قدره 27,455 وفاة.
تصور “متشائم”
وبشكل عام، تظهر الدراسة أنه حتى عند أخذ الوفيات المرتبطة بالبرد في الاعتبار، فإن 2.3 مليون أوروبي سيموتون بسبب الحرارة بحلول عام 2099. وتركز الدراسة على متوسط درجة الحرارة اليومية ولا تأخذ في الاعتبار أحداثًا جوية محددة يمكن أن تعدل عدد القتلى المقدر.
لذا فإن العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن تغير المناخ في أوروبا من المرجح أن يكون أكبر عندما يشمل أحداثًا مثل الفيضانات وحرائق الغابات.
ومن الجدير بالذكر أن الدراسة لا تنظر إلى الصورة العالمية، بل إلى أوروبا فقط. وقد خلص الفريق في ورقته البحثية إلى أن “الدراسة المستندة إلى تقييم شامل لـ 854 مدينة أوروبية، تقدم دليلًا واضحًا على أن صافي الوفيات سيزداد حتى في ظل السيناريو المعتدل لتغير المناخ”.
واعتبر أن ذلك “يدل على الفوائد الصحية المحتملة المرتبطة بتنفيذ استراتيجيات التخفيف الصارمة للحد بقوة من انبعاثات غازات الدفيئة وكذلك استراتيجيات التكيف التي تستهدف البلدان والفئات السكانية الأكثر ضعفًا”.
تغيير المناخ تهديد أساسي لصحة الإنسان
وبعيدًا عن هذه الدراسة، تؤكد منظمة الصحة العالمية أن تغير المناخ يشكلّل تهديدًا أساسيًا لصحة الإنسان. فهو يؤثر على البيئة المادية وكذلك على جميع جوانب النظم الطبيعية والبشرية – بما في ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية وعمل النظم الصحية.
يتوقع العلماء أن تسجل برشلونة أعلى عدد من الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة بحلول نهاية القرن بنحو 246 ألف وفاة – غيتي
وخلص تقرير التقييم السادس الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (AR6) إلى أن المخاطر المناخية تظهر بشكل أسرع وسوف تصبح أكثر حدة في وقت أقرب مما كان متوقعًا في السابق، وسيكون من الصعب التكيف مع زيادة الانحباس الحراري العالمي.
كما يكشف أن 3.6 مليار شخص يعيشون بالفعل في مناطق شديدة التعرض لتغير المناخ.
الدول الصغيرة ستدفع ثمنًا باهظًا
وعلى الرغم من مساهمتها المحدودة في الانبعاثات العالمية، فإن البلدان المنخفضة الدخل والدول الجزرية الصغيرة النامية تعاني من أقسى الآثار الصحية. وفي المناطق المعرضة للخطر، كان معدل الوفيات الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة في العقد الماضي أعلى بـ 15 مرة مما هو عليه في المناطق الأقل عرضة للخطر، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وتشرح المنظمة أن تغير المناخ يؤثر على الصحة بطرق لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك من خلال التسبب في الوفاة والمرض بسبب الظواهر الجوية المتطرفة المتكررة بشكل متزايد، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات، وتعطيل النظم الغذائية، وزيادة الأمراض الحيوانية المنشأ والأمراض المنقولة بالغذاء والمياه والنواقل، وقضايا الصحة العقلية. علاوة على ذلك، فإن تغير المناخ يقوض العديد من المحددات الاجتماعية للصحة الجيدة، مثل سبل العيش والمساواة والحصول على الرعاية الصحية وهياكل الدعم الاجتماعي.
وبحسب المنظمة، تشعر بهذه المخاطر الصحية الحساسة للمناخ بشكل غير متناسب الفئات الأكثر ضعفا وحرمانا، بما في ذلك النساء والأطفال والأقليات العرقية والمجتمعات الفقيرة والمهاجرين أو النازحين وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية أساسية.
كذلك يؤدي تغير الظروف المناخية إلى تغيير أعباء الأمراض، بما في ذلك عن طريق زيادة الأمراض والوفيات المرتبطة بالحرارة؛ وتغيير أنماط انتقال الأمراض المعدية، مما يزيد من احتمال تفشي الأمراض القاتلة والأوبئة؛ منا يكثّف الآثار الصحية الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة مثل الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات والعواصف، بحسب البنك الدولي .
قناة العربي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الوفیات المرتبطة الحرارة بحلول بسبب الحرارة سیموتون بسبب تغیر المناخ فی الوفیات الناجمة عن بما فی ذلک بحلول عام فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
مدن أوروبا في خطر: الحرارة تطول والإجراءات لا تكفي
مع تمدد مواسم الحرارة في أوروبا لتشمل نحو خمسة أشهر سنويًا، تتجاوز درجات الحرارة 32 درجة مئوية، ما يشكل خطرًا صحيًا وبيئيًا متزايدًا. الدراسات تشير إلى فشل العديد من الحكومات في اتخاذ إجراءات كافية للتكيف مع هذا الواقع المناخي الجديد. اعلان
مع تصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري واستمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية، تواجه المدن الأوروبية فترات أطول من الحر الشديد، تمتد لفترة تصل إلى خمسة أشهر في السنة، بحسب دراسة حديثة أجرتها منظمة "القدرة على التأقلم مع المناخ للجميع".
شمل التحليل، الذي نفذه فريق الأرصاد الجوية التابع للمنظمة غير الحكومية، بيانات درجات الحرارة بين عامي 2019 و2023 في 85 مدينة حول العالم. ركزت الدراسة على تحديد اليوم الأول والأخير في كل مدينة وصلت فيه درجة الحرارة إلى 32 مئوية، وهي العتبة التي تُعتبر مؤشرًا على حدوث حرارة شديدة قد تنطوي على مخاطر صحية وبيئية جسيمة.
أظهرت النتائج أن ما يُعرف بـ"مواسم الحرارة" لم تعد تقتصر على أشهر الصيف التقليدية، بل أصبحت أكثر امتدادًا. وبحسب الفريق البحثي، الذي يقوده عالم المناخ الدكتور لاري كالكشتاين، فإن موسم الحرارة يستمر الآن لمدة متوسطها 214 أيام في السنة في المدن التي شملتها الدراسة.
وقد سجلت 20 مدينة من أصل 85 مدينة أيامًا شديدة الحرارة في أي وقت من العام.
Relatedأول ظهور علني للمرشد الإيراني علي خامنئي منذ انتهاء الحرب مع إسرائيلفيديو: سكان بلغراد يلوذون بنهر الدانوب هربًا من موجة الحر في صربيا تصاعد مقلق بنسبة الوفيات المرتبطة بموجات الحرّ داخل دول الاتحاد الأوروبيأين يستمر موسم الحر في أوروبا لأطول فترة؟في أوروبا، تمتد مواسم الحرارة الآن لفترة أطول من الحدود الزمنية التي كانت تُعتبر سابقاً مُقتصَرة على فصل الصيف.
وبحسب الدراسة، تواجه مدينة أثينا اليونانية أحد أطول مواسم الحرارة في القارة، حيث تستمر درجات الحرارة المرتفعة ما يقارب 145 يومًا، من منتصف مايو إلى أوائل أكتوبر.
تحل العاصمة الألبانية تيرانا في المرتبة الثانية ضمن تصنيف منظمة "القدرة على التأقلم مع المناخ للجميع"، مع نحو 143 يومًا من الحرارة الشديدة.
وفي البرتغال، يصل موسم الحرارة في لشبونة إلى 136 يومًا، تمتد من أواخر الربيع إلى أوائل الخريف. أما مدريد في إسبانيا، فيبلغ موسم الحرارة فيها 119 يومًا، ويمتد من أواخر مايو إلى منتصف سبتمبر.
وتستعد السلطات في باريس لاحتمال ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 4 درجات مئوية في المستقبل، لكن المدينة تشهد بالفعل ما يقارب ثلاثة أشهر من الحرارة الشديدة، حيث تتخطى درجات الحرارة عتبة 32 درجة مئوية بين منتصف يونيو ومنتصف سبتمبر.
من ناحية أخرى، تتميز كل من ميونيخ ووارسو بمواسم حرارة أقصر، لا تزال مع ذلك كبيرة نسبيًا، حيث تمتد لفترة تتراوح بين شهر وشهرين.
لماذا تعتبر مواسم الحرارة الأطول مشكلة؟أظهرت أبحاث سابقة أن التغير المناخي الناتج عن الأنشطة البشرية أضاف ما معدله 30 يومًا من الحرارة الشديدة في العام الماضي لنحو نصف سكان العالم، مما يعني أن حوالي أربعة مليارات شخص تعرضوا لفترات طويلة وخطيرة من ارتفاع درجات الحرارة.
الدراسة التي أجرتها كل من منظمة World Weather Attribution وClimate Central ومركز المناخ التابع للصليب الأحمر cuberted الفترة من مايو 2024 إلى مايو 2025، وخلصت إلى أن التغير المناخي قد ضاعف على الأقل عدد الأيام المصنفة على أنها "شديدة الحرارة" في 195 من أصل 247 دولة وإقليمًا تم تحليلها، مقارنة بالمتوسط التاريخي.
تعتبر أوروبا واحدة من المناطق الأكثر تأثرًا بآثار الاحتباس الحراري، حيث تظهر العواقب بشكل واضح ومميت. وتُبرز فترات الحرارة الممتدة مدى تغير مناخ القارة، إلى جانب التحديات الصحية والبنية التحتية المتزايدة التي تترتب على ذلك.
تؤدي مواسم الحرارة الأطول إلى ارتفاع خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، مما يزيد الضغط على أنظمة الرعاية الصحية ويعقد الظروف أمام الفئات السكانية الأكثر عرضة للخطر، خاصة كبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة سابقة.
وقالت كاثي بوغمان ماكلويد، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "القدرة على التأقلم مع المناخ للجميع": "يوضح هذا التحليل أننا لم نعد قادرين على اعتبار الحرارة جزءًا طبيعيًا ومحدودًا من فصل الصيف".
وأضافت: "لقد اختفى ذلك "موسم الصيف" الذي كان مألوفًا لدى الكثيرين في الماضي".
لماذا المدن شديدة الحرارة؟تُشير الدراسة إلى تأثير الجزر الحرارية الحضرية باعتباره عاملاً رئيسيًا يفاقم الإجهاد الحراري في المدن الأوروبية، حيث تسجل المدن حرارة أعلى مقارنة بالمناطق الريفية المحيطة بسبب الكثافة العمرانية والمساحات الخضراء المحدودة.
وفي هذا السياق، قالت كاثي بوغمان ماكلويد: "تواجه المدن التي لم تُصمم يومًا لتتحمل مستويات الحرارة المرتفعة الآن صدمات وضغوطات حرارية جديدة".
مع تمدد مواسم الحرارة لتشمل فترات خارج نطاق أشهر الصيف التقليدية، يبرز أمام الحكومات ومخططي المدن تحدي عاجل يتمثل في حماية السكان من موجات الحرارة المتكررة والممتدة.
ومن أجل التخفيف من آثار هذه الظاهرة، أوضحت الدراسة ضرورة اعتماد استراتيجيات مثل توسيع المساحات الخضراء في المناطق الحضرية، وتحسين تصميم المباني، وتوفير مناطق لجوء باردة، وإنشاء أنظمة إنذار مبكر فعالة.
ومع ذلك، أكدت بوغمان ماكلويد أن التدابير المتخذة من قبل الحكومات للتعامل مع هذا التهديد إما غير موجودة أو غير كافية لمواجهة حجم الأزمة.
وأضافت: "من الضروري نشر الوعي بمخاطر الحرارة الشديدة وفهمها بشكل واسع، حتى تتمكن الحكومات والشركات وأرباب العمل من الاستجابة بفعالية وإدارة المخاطر الناتجة عن هذه الظروف بما يتناسب مع سرعة وحدة هذه التحديات".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة