سردية تاريخية جديدة لسقوط الإمبراطورية الرومانية
تاريخ النشر: 10th, April 2025 GMT
إيطاليا – توصل علماء إلى أدلة مذهلة تربط بين تغير مناخي مفاجئ وانهيار الإمبراطورية الرومانية، في سردية تاريخية جديدة تدمج بين الجيولوجيا وعلم الآثار.
وعثر فريق بحثي دولي على صخور غريبة في السواحل الغربية لأيسلندا، تبين بعد تحليل دقيق أنها جاءت من غرينلاند، محمولة على جبال جليدية خلال الفترة بين القرن السادس والثامن الميلادي.
ويعتقد العلماء أن هذه الحقبة شهدت ما يسمى بـ”العصر الجليدي الصغير المتأخر”، وهو نوبة مناخية قصيرة لكنها شديدة القسوة تميزت بانخفاض حاد في درجات الحرارة العالمية.
وهذه الظاهرة المناخية الاستثنائية لم تكن مجرد تقلب طبيعي في الطقس، بل تحولت إلى عامل ضغط إضافي على الإمبراطورية الرومانية التي كانت تعاني أصلا من تراجع اقتصادي وعسكري وسياسي. وتسبب التبريد المفاجئ في سلسلة من الكوارث الزراعية، حيث فشلت المحاصيل في مواسم متتالية، ما أدى إلى انتشار المجاعات والأمراض بين السكان، ما ساهم في تسريع انهيار الإمبراطورية.
وتبين الدراسة كيف أن أحداثا في أقصى الشمال (غرينلاند) أثرت على مناطق في أوروبا (أيسلندا وروما) عبر نظام مناخي مترابط، رغم البعد الجغرافي الشاسع بين هذه المناطق.
ويشير التحليل الدقيق لبلورات الزركون المجهرية داخل الصخور إلى أن هذا التبريد المناخي الحاد نتج على الأرجح عن ثلاث ثورات بركانية كبرى، غطت سحب الرماد الناتجة عنها الشمس لسنوات، ما تسبب في انخفاض حاد بدرجات الحرارة العالمية.
ويقدم هذا الاكتشاف أول دليل مادي مباشر على وصول جبال جليدية من غرينلاند إلى أيسلندا خلال تلك الفترة الحرجة من التاريخ. ويوضح البروفيسور توم غيرنون من جامعة ساوثهامبتون أن “هذه الصخور تحمل بصمة جليدية واضحة، حيث أن تنوعها الجيولوجي يعكس عملية النحت الجليدي لطبقات صخرية مختلفة في غرينلاند”.
من الناحية التاريخية، يربط العلماء بين هذه التغيرات المناخية المفاجئة والتحولات الجيوسياسية الكبرى في أوروبا. فخلال القرن السابع الميلادي، شهدت القارة موجات هجرة جماعية غيرت تركيبها الديموغرافي، بينما كانت الإمبراطورية الرومانية تعاني أصلا من عوامل ضعف متعددة. ويعلق البروفيسور غيرنون بقوله: “قد يكون هذا التغير المناخي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير لإمبراطورية في طريقها بالفعل إلى الانهيار”.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تقدم نموذجا لكيفية تفاعل الأنظمة المناخية المعقدة وتأثيرها على مسار الحضارات البشرية. كما يوضح الدكتور كريستوفر سبنسر، رئيس فريق البحث: “نشهد هنا مثالا حيا على الترابط العميق بين التغيرات البيئية والمصائر البشرية، حيث أدى التبريد المفاجئ إلى سلسلة من الأحداث المتتالية التي أعادت تشكيل خريطة أوروبا السياسية والاجتماعية”.
وهذه النتائج لا تسلط الضوء فقط على فصل مجهول من التاريخ المناخي، بل تفتح أيضا بابا جديدا لفهم أكثر شمولية للعوامل التي تقف وراء صعود وسقوط الحضارات، في تحذير تاريخي من هشاشة المجتمعات البشرية أمام تقلبات المناخ الكبرى.
المصدر: إندبندنت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الإمبراطوریة الرومانیة
إقرأ أيضاً:
وفد معهد الشارقة للتراث يزور معالم تاريخية في «زنجبار»
الشارقة (وام)
أخبار ذات صلةقام وفد معهد الشارقة للتراث بزيارات ميدانية لعدد من المعالم التاريخية والثقافية في جزيرة زنجبار، وذلك في إطار برنامج رسمي يركّز على صون التراث وتبادل الخبرات الميدانية والمؤسسية.
واستهل الوفد، برئاسة الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس المعهد، جولته بزيارة منطقة ماروهوبي، حيث اطّلع على أطلال قصر السلطان برغش، الذي يعود تاريخ بنائه إلى أواخر القرن التاسع عشر، ويُعد من أبرز المعالم التاريخية في زنجبار، وتعرّف على ملامح الطراز المعماري للموقع، إضافة إلى الحدائق المحيطة التي لاتزال شاهدة على مرحلة مهمة من تاريخ الجزيرة الثقافي.
وتوجّه الوفد بعد ذلك إلى منطقة صناعة القوارب الخشبية، وهي من الحِرف التقليدية المتوارثة في زنجبار، حيث تابع عن كثب مراحل تصنيع القوارب باستخدام أدوات محلية وتقنيات تراثية، واستمع إلى شرح من الحرفيين المحليين حول طرق البناء التي تعود إلى قرون مضت، حيث يحرص المعهد على توثيق هذه الحرف وصونها، باعتبارها جزءاً من التراث الثقافي غير المادي الذي يعكس العلاقة العريقة بين الإنسان والبحر.
واختتم الوفد زيارته بجولة في قصر السلطان المعروف بـ«بيت الساحل»، أول قصر رسمي في العصر السلطاني، والذي يضم متحفاً يعرض مقتنيات تاريخية وسرداً لمسيرة السلاطين الذين حكموا زنجبار، كما اطّلع الوفد على المسجد الملحق بالقصر والذي يجسّد ملامح البنية المعمارية في تلك الحقبة.
وأكد الدكتور عبدالعزيز المسلم، أن هذه الجولة تندرج ضمن رؤية معهد الشارقة للتراث الرامية إلى توسيع الشراكات الدولية في مجالات حماية وصون التراث الثقافي، مشيراً إلى أهمية الاطلاع على التجارب الأفريقية الناجحة في هذا المجال، بما يسهم في تطوير أدوات التوثيق والعمل الثقافي، وتفعيل مبادرات التعاون في مجالات التدريب والحفظ المستدام.