30 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: فتحت تركيا الباب رسميًا لإنهاء أحد أقدم عقود النفط في الشرق الأوسط، حين قررت إلغاء اتفاقية عام 1973 الخاصة بتصدير النفط العراقي عبر خط كركوك-جيهان، ابتداءً من يوليو/تموز 2026، في خطوة بدت كأنها إعلان مرحلة تفاوضية جديدة بصيغة مختلفة، أكثر انخراطًا في حسابات الجغرافيا السياسية والطاقة والأمن الإقليمي.

وشكّل القرار التركي امتدادًا مباشرًا لحكم التحكيم الدولي الصادر عام 2023، والذي غرّم أنقرة نحو 1.5 مليار دولار لاستخدامها خط كركوك-جيهان لنقل نفط إقليم كردستان دون إذن بغداد، وهو ما اعتبرته تركيا إخلالًا من بغداد بتفاهمات سياسية سابقة ضمنية، وأداة قانونية تجاوزت الخطوط الرمادية لتوازنات ما بعد 2003.

واستثمرت أنقرة هذا الحكم كمحفّز لإعادة تشكيل علاقتها الطاقوية مع العراق على أساس براغماتي جديد، بعيدا عن إرث اتفاق 1973 الذي لم يعد ملائمًا لسياقات متحولة تتداخل فيها خطوط الأنابيب مع خطوط التماس في الإقليم، حيث تراجعت أوراق كردية تقليدية، وبرزت رهانات جديدة على المياه والنقل ومضيق هرمز كمسرح ضغط استراتيجي.

وأكدت المعطيات الفنية أن الأتراك جنوا من مرور نفط كردستان نحو 16 دولارًا على كل برميل، مقابل أقل من دولارين لبرميل بغداد الرسمي، ما يفسر المسعى التركي لإعادة التفاوض انطلاقًا من مبدأ “تقاسم المنافع لا تقاسم السيادة”، متسلحين بمعطى جغرافي لا يزال يمنحهم الأفضلية كممر وحيد شبه آمن إلى البحر المتوسط.

وتنذر هذه الخطوة بخلق بيئة تفاوضية غير متكافئة، حيث يدخل العراق في مواجهة اقتصادية غير معلنة، تعتمد فيها أنقرة على تراتبية نفطية جديدة، وتستثمر بغداد في فرص رد دبلوماسي قد لا يُسمع في ضجيج الانتخابات والتحديات الأمنية.

وتحذر أصوات نيابية من تداعيات خطيرة على اقتصاد بلد يعتمد في 90% من موازنته على النفط، وسط غياب موقف حكومي حاسم، وسجال داخلي حول التردد أو العجز في استثمار الحكم الدولي لصالح بغداد.

ويبدو أن أنقرة تسعى لاتفاقية جديدة تتعدى النفط نحو شراكات أوسع في الغاز والصناعات البتروكيميائية، ما قد يجعل الملف أكثر تعقيدًا من مجرد “إلغاء اتفاق”، ويحوّله إلى ميدان جديد لصراع الإرادات في الإقليم.

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

ترقب حذر في أسواق النفط بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

رأت صحيفة (سوث تشينا مورننج بوست) الصينية اليوم السبت، أن المتعاملين في أسواق النفط، يراقبون تطورات الأحداث في الشرق الأوسط بنظرة تتسم بحذر مشوب بالتفاؤل، وسط آمال بأن يمهد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ، الطريق لسلام دائم يُخفف من حدة التوترات التي ألقت بظلالها على تدفقات الطاقة العالمية.


وذكرت الصحيفة، أنه على الرغم من أن المحللين يشيرون إلى أن التأثيرات الفورية على العرض والطلب النفطي قد تكون محدودة، إلا أن الهدنة بدأت بالفعل في إحداث أثر ملموس على الأسواق .. حيث تراجعت أسعار خام برنت القياسي بنسبة 0.3% يوم الجمعة لتستقر قرب 65 دولارًا للبرميل، بعد انخفاض أكبر بنسبة 1.6% في اليوم السابق.. كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.2% إلى 61.40 دولار للبرميل.


وقال كلاوديو جاليمبرتي، كبير الاقتصاديين في شركة "ريستاد إنرجي" النرويجية: "اتفاق السلام قد يكون له انعكاسات واسعة النطاق على أسواق النفط".
 

وأضاف "حتى الآن، الأثر الفوري على سوق النفط يتمثل في تراجع طفيف في هامش المخاطر الجيوسياسية، يُقدّر بنحو 1 إلى 2% من سعر خام برنت، حتى تتضح معالم خطة السلام بشكل نهائي".
 

طباعة شارك أسواق النفط وقف إطلاق النار في غزة الأحداث في الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • 5930 رخصة جديدة لرائدات أعمال إماراتيات بين يوليو 2024 حتى يونيو 2025
  • ترقب حذر في أسواق النفط بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • وزير النفط: مشروع الأنبوب البحري الثالث يوفر خيارات متعددة للتصدير
  • وزير خارجية العراق: أسجل إعجابي بدور تركيا في وقف الحرب على غزة
  • وزير الري: نحو إنجاز سد في واد الأبيض ببشار
  • مسلة الأخبار: موجز احداث العراق والعالم
  • استقرار النفط بعد تراجع المخاوف عقب اتفاق غزة
  • الولايات المتحدة تفرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف قطاع النفط الإيراني
  • أمانة بغداد: زراعة 32 ألف شجرة خلال الأسبوع الأول من حملة التشجير الكبرى
  • أمريكا تفرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف النفط الإيراني