بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في العراق، تشهد الساحة السياسية نشاطاً ملحوظاً في تأسيس أحزاب جديدة، في مشهد يعكس رغبة ملحة في تجديد الطبقة السياسية وتقديم بدائل للأحزاب التقليدية التي هيمنت على الحياة العامة طيلة السنوات الماضية. يعكس هذا الحراك السياسي المتجدد توق العراقيين إلى خيارات جديدة، تعيد إليهم شيئاً من الثقة بالعملية الديمقراطية، التي تعرضت للاهتزاز جراء الأزمات المتلاحقة.

تقدم هذه الأحزاب الجديدة زخماً واضحاً في المشهد السياسي من خلال طرح برامج تلامس هموم المواطن اليومية، من توفير فرص العمل إلى تحسين الخدمات العامة ومكافحة الفساد الإداري. ويبدو أن هذه التشكيلات السياسية تحاول أن تنأى بنفسها عن الخطابات التقليدية التي كثيراً ما ركزت على الانقسامات الطائفية أو القومية، متبنية بدلاً من ذلك خطاباً وطنياً جامعاً يعزز فكرة المواطنة ويسعى لبناء دولة مؤسسات قوية.

كما أن اعتماد هذه الأحزاب على أدوات الاتصال الحديثة، لا سيما وسائل التواصل الاجتماعي، أعطاها القدرة على الوصول إلى فئات واسعة من المجتمع، خاصة الشباب. وقد أسهم هذا التفاعل المباشر في تعزيز الوعي السياسي، وفي تشجيع شرائح عديدة كانت تعزف سابقاً عن المشاركة في الانتخابات، على الانخراط مجدداً في الحياة السياسية.

ورغم هذه الإيجابيات، لا تخلو الظاهرة من تحديات وسلبيات واضحة. فالتكاثر الكبير للأحزاب، من دون وجود تحالفات سياسية واضحة أو برامج مدروسة بعناية، قد يؤدي إلى تشتيت أصوات الناخبين الساعين إلى التغيير، وهو ما قد يصب في مصلحة الأحزاب التقليدية التي تملك خبرة واسعة في إدارة الحملات الانتخابية وتأمين الكتل التصويتية.

كذلك، فإن ظهور بعض الأحزاب بدوافع شخصية أو لأغراض ضيقة قد يحوّل هذه الظاهرة إلى عبء على العملية الديمقراطية. إذ تخشى أوساط سياسية ومجتمعية أن تكون بعض هذه الأحزاب مجرد واجهات لمصالح معينة، أو أدوات لتوسيع رقعة المحاصصة السياسية بدلاً من تجاوزها. مثل هذا السيناريو قد يفاقم من حالة الانقسام السياسي ويعطل تشكيل حكومة قادرة على الاستجابة لتحديات المرحلة المقبلة.

كما أن كثرة الأحزاب الصغيرة داخل البرلمان قد تؤدي إلى برلمان مشتت وغير قادر على إنتاج قرارات حاسمة، مما يفتح الباب أمام مزيد من المساومات السياسية ويعقد عملية تشكيل الحكومة، وهو أمر عانى منه العراق في دورات سابقة.

في المحصلة، يمكن القول إن الأحزاب الجديدة في العراق تمثل، من حيث المبدأ، فرصة حقيقية لإعادة تنشيط الحياة السياسية وبث الأمل في إمكانية الإصلاح والتغيير. لكن نجاح هذه التجربة يعتمد إلى حد بعيد على مدى نضج هذه الأحزاب، وقدرتها على توحيد جهودها، وتقديم برامج قابلة للتنفيذ تعيد ثقة المواطن بالعملية السياسية. فالعراق بحاجة اليوم إلى قوة سياسية متماسكة تضع المصلحة الوطنية فوق الاعتبارات الضيقة، وتمضي نحو بناء دولة مستقرة تعكس تطلعات شعبها

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات هذه الأحزاب

إقرأ أيضاً:

إعادة نمو الأسنان بدلًا من الزراعة: أبحاث علمية تُنذر بتحوّل جذري في الممارسات التقليدية

في تحوّل طبي قد يُحدث قفزة نوعية في عالم طب الأسنان، يفتح العلماء الطريق أمام إمكانية تجديد الأسنان الطبيعية، ما قد يُحوّل زرع الأسنان والأطقم إلى مجرد ذكرى خلال السنوات القليلة المقبلة. اعلان

في تحوّل طبي قد يُحدث قفزة نوعية في عالم طب الأسنان، يفتح العلماء الطريق أمام إمكانية تجديد الأسنان الطبيعية، ما قد يُحوّل زرع الأسنان والأطقم إلى مجرد ذكرى خلال السنوات القليلة المقبلة.

تشير الإحصاءات إلى أنّ 7% من البالغين فوق سن العشرين، و23% من كبار السن، فقدوا كل أسنانهم الطبيعية. ورغم تطوّر تقنيات تعويضها، لا تزال جراحة زراعة الأسنان تُشكّل الحل الأكثر شيوعًا، رغم ما يشوبها من عيوب كالانزعاج، وارتفاع خطر الالتهابات مع مرور الوقت. أمّا الآن فإنّ حلم استعادة الأسنان الطبيعية، لم يعد مستحيلًا.

انبثقت فكرة تحفيز نمو الأسنان الطبيعية عوضًا عن استبدالها قبل نحو عشرين عامًا على يد عالم الأحياء البريطاني بول شارب، ومنذ ذلك الحين، تعمل فرق علمية حول العالم على تحويل هذه الفكرة إلى واقع، وفقًا لما أورده موقع "نيو ساينتست".

الدكتور علي حريري ومساعدة الأسنان فيديس موريو يعالجان طفلًا في فينيكس، 14 مارس 2006. KHAMPHA BOUAPHANH/AP

في جامعة تافتس في بوسطن بالولايات المتحدة، أجرت أخصائية تقويم الأسنان باميلا ييليك تجربة جريئة تمثّلت في زرع خلايا أسنان خنزير داخل أفواه فئران عبر قوالب خاصة. والنتيجة: نمو أسنان حقيقية مكوّنة من العاج والمينا بعد أسابيع. إلا أن التحدي لا يزال قائمًا في إعادة إنتاج بنية ووظيفة السنّ البشري بدقّة.

من جهته، ركّز شارب وفريقه على دراسة الإشارات الكيميائية بين الخلايا البالغة في محاولة لإعادة تشغيل "البرنامج الجنيني" لتكوين الأسنان. ورغم أن نتائج المختبر تبدو واعدة، فإنها لم تصل بعد إلى مرحلة التطبيق السريري.

جينات نادرة وتقنيات دقيقة

يعتمد هذا التقدّم على التفاعل المعقّد بين نوعين من الخلايا: الطلائية التي تُنتج المينا، والمتوسطة التي تُنتج العاج واللب. المشكلة أن الخلايا الطلائية لا تتوفّر إلا لدى الأطفال، لكن تقنية الخلايا الجذعية المحفَّزة (iPSC) تمكّن من إعادة الخلايا البالغة إلى حالتها الأولى، ما يفتح بابًا محتملًا للعلاج، رغم أن تكلفتها لا تزال باهظة مقارنة بزراعة الأسنان.

بعض الفرق استوحت أبحاثها من طفرات جينية نادرة، فالأشخاص المصابون بخلل التنسّج الترقوي القحفي (CDD)، وهو اضطراب وراثي يؤثر على الأسنان والعظام، بحيث يُلاحظ لدى بعضهم نمو أسنان إضافية بسبب خلل جين RUNX2.

 واستطاع علماء يابانيون تحفيز نمو الأسنان لدى الفئران عبر تعطيل جين USAG-1 باستخدام أجسام مضادة، وهو إنجاز غير مسبوق أُطلق على إثره في عام 2024 أولى التجارب السريرية على البشر.

Related شاهد: فرشاة أسنان جديدة تعمل بتقنية الذكاء الإصطناعيمن يصدّق؟ دخل عيادة طبيب الأسنان لخلع ضرس فخرج منها بتلفٍ دماغيّإصابة عشرات الكنديين باضطراب دماغي غامض يسبب الهذيان وتهشم للأسنان

وإنّ شركة Toregem Biopharma، التي أسّسها كاتسو تاكاهاشي مع باحثين من جامعة كيوتو، تسعى لإطلاق دواء يعزّز نمو الأسنان بحلول عام 2030، يستهدف خصوصًا الأطفال الذين يعانون من فقدان الأسنان الخَلقي.

ورغم تجاوز معظم التحديات التقنية، لا يزال العائق الأساسي يتمثل في غياب التمويل الكافي. وقد عبّر بول شارب عن خشيته من احتمال تعثّر هذا التقدّم العلمي الواعد بسبب تردّد المستثمرين وشركات الأدوية في دعم الأبحاث، فغياب التمويل يحول دون إجراء تجارب سريرية بشرية واسعة، ويُرجئ طرح هذه العلاجات في الأسواق.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الأحزاب السياسية بين الفشل والاندثار
  • السيستاني يرفض قيام بعض الجهات السياسية والخدمية في العراق بوضع صوره
  • وزير الداخلية يجتمع مع قادة الأحزاب السياسية في شأن التحضير للانتخابات التشريعية المقبلة
  • كتاب «أسرار الصراع السياسي في السودان».. رؤية تحليلية لجذور الأزمة السياسية السودانية
  • فريتز يحطم آمال الكنديين في لقب تورونتو بإقصاء ديالو
  • الذهب يسجل مكاسب أسبوعية بسبب آمال خفض أسعار الفائدة بأمريكا
  • مفكر: أمريكا تخلت عن الصناعات التقليدية وتركز على الاقتصاد الرقمي
  • تصنيف الدول حسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب (إنفوغراف)
  • إعادة نمو الأسنان بدلًا من الزراعة: أبحاث علمية تُنذر بتحوّل جذري في الممارسات التقليدية
  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟