من لشبونة إلى كامتشاتكا.. زلازل مدمرة خلفت آلاف الضحايا
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
شكلت الزلازل على امتداد التاريخ إحدى أكثر الكوارث الطبيعية تدميرا، إذ تسببت في خسائر بشرية كبيرة وألحقت أضرارا مادية ودمارا هائلا وخلفت آثارا نفسية واجتماعية عميقة.
من زلزال لشبونة المدمر عام 1755، الذي غير ملامح العاصمة البرتغالية، إلى هزة شبه جزيرة كامتشاتكا عام 2025، مرورا بزلزال فالديفيا في تشيلي عام 1960، الذي يُعد الأقوى على الإطلاق منذ اعتماد مقياس ريختر لقياس قوة الزلال.
وقد عكست الزلازل حجم التهديد الذي تمثله الكوارث الطبيعية على المجتمعات، ودفعت البشرية إلى تطوير علوم الرصد والوقاية والإنذار المبكر وإعادة النظر في سياسات التخطيط العمراني وطريقة بناء المدن في محاولة للتقليل من حدة آثارها المدمرة.
وتجدر الإشارة إلى أن حساب قوة الزلازل التي وقعت قبل اختراع مقياس ريختر عام 1935 تم عبر إعادة التقييم بالاعتماد على السجلات التاريخية والأبحاث الجيولوجية ونماذج المحاكاة الحديثة.
وفيما يلي لمحة عن بعض أقوى الزلازل التي شهدها العالم:
زلزال لشبونة عام 1755في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1755، ضرب زلزال عنيف مدينة لشبونة قدّرت قوته بـ8.5 درجات على سلم ريختر، أعقبه تسونامي كبير وحرائق استمرت أياما عدة، تحولت معها عاصمة الإمبراطورية البرتغالية آنذاك إلى ركام في ساعات قليلة.
وقع الزلزال في وقت كانت فيه الكنائس ممتلئة بـ"المصلين" الذين اجتمعوا لحضور القداس الخاص بمناسبة "عيد جميع القديسين"، مما أدى إلى وفاة عدد كبير منهم، إما بسبب انهيار المباني أو اشتعال الحرائق بسبب الشموع الكثيرة المستخدمة في "الطقوس التعبدية".
وقد أسفر الزلزال وما رافقه من موجات تسونامي وحرائق عن مصرع أكثر من 60 ألف شخص، كما دمرت معظم مباني لشبونة بما فيها القصور والكنائس والمكتبات، وامتد تأثير موجات تسونامي ليصل حتى سواحل المغرب وإسبانيا.
في 13 أغسطس/آب 1868، تعرض الساحل الجنوبي للبيرو لزلزال قوي قُدرت قوته بنحو 8.5 درجات على مقياس رختر، ضرب بشكل مباشر مدينتي أريكا وتاكنا والمناطق المحيطة بهما.
إعلانتسبب الزلزال في تدمير واسع النطاق، إذ انهارت المباني ودُمرت الطرق، علاوة على تسجيل خسائر بشرية كبيرة، وأدى إلى حدوث تسونامي مدمر اجتاح المدن الساحلية وأغرق السفن في الموانئ، ثم امتد تأثيره عبر المحيط الهادي ليصل إلى هاواي وكاليفورنيا واليابان، وأسفر عن مقتل الآلاف وتشريد عدد كبير من السكان، فضلا عن خسائر مادية فادحة.
زلزال أريكا (بيرو) عام 1877في التاسع من مايو/أيار 1877، شهدت مدينة أريكا، التي كانت جزءا من بيرو آنذاك، زلزالا قويا قُدرت قوته بـ8.6 درجات، ودمر أجزاء كبيرة من المدينة الساحلية، وأدى إلى موجات تسونامي كبيرة.
امتد تأثير التسونامي إلى سواحل بعيدة جدا، إذ تم رصده في جزر هاواي، ونُقلت أنباء عن تضرر موانئ حتى في نيوزيلندا واليابان، مما أسفر عن مقتل المئات وتدمير عشرات السفن والمباني على طول السواحل المتأثرة.
زلزال سانريكو باليابان عام 1896في 15 يونيو/حزيران 1896، ضرب زلزال قوي الساحل الشمالي الشرقي لليابان قدرت شدته بحوالي 8.5 درجات على مقياس ريختر.
وعلى الرغم من أن الهزة نفسها لم تتسبب في أضرار جسيمة، إلا أنها ولّدت موجات تسونامي اجتاحت القُرى الساحلية وبلغ ارتفاعها في بعض المناطق أكثر من 30 مترا.
أسفر هذا التسونامي عن مصرع نحو 22 ألف شخص وتدمير آلاف المنازل، ووصف بأنه أحد أكثر الزلازل البحرية فتكا في التاريخ الياباني الحديث، وأدى إلى زيادة الاهتمام بأنظمة الإنذار المبكر في البلاد، التي لم تكن متوفرة آنذاك.
زلزال سواحل الإكوادور عام 1906في 31 يناير/كانون الثاني 1906، ضرب زلزال قوي بلغت قوته 8.8 درجات على مقياس ريختر قبالة سواحل الإكوادور وكولومبيا على المحيط الهادي، وتسبب في موجات تسونامي اجتاحت السواحل المجاورة وخلفت دمارا واسع النطاق امتد حتى الشواطئ في سان فرانسيسكو واليابان.
ورغم صعوبة حصر الخسائر البشرية بدقة بسبب محدودية التوثيق حينئذ، إلا أن التقديرات تُشير إلى سقوط نحو 1500 قتيل في المناطق الساحلية بالإكوادور وكولومبيا، إضافة إلى أضرار كبيرة بالموانئ والمباني.
زلزال آسام والتبت عام 1950في 15 أغسطس/آب 1950، ضرب زلزال مدمر بقوة 8.6 درجات منطقة آسام شمال شرق الهند وأجزاء من إقليم التبت، وشعر به سكان مقاطعتي سيتشوان ويوننان في الصين ومناطق بعيدة مثل كلكوتة بالهند.
أحدث الزلزال دمارا واسع النطاق نتيجة الانهيارات الأرضية الكبيرة التي أدت إلى انسداد الأنهار، خاصة في المناطق الجبلية، وأسفر عن مقتل أكثر من 1500 شخص، مع تدمير قُرى بأكملها وقطع المسالك والطرق.
وواجهت عمليات الإغاثة تحديات كبيرة بسبب التضاريس الوعرة وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة.
في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1952، شهدت شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا زلزالا ضخما بلغت قوته نحو 9 درجات.
وقع الزلزال في منطقة نشطة جيولوجيا ضمن حزام النار بالمحيط الهادي، ما أدى إلى حدوث موجات تسونامي ضربت سواحل كامتشاتكا وجزر الكوريل، ثم امتدت لتصل إلى هاواي واليابان وأجزاء من سواحل أميركا الجنوبية.
إعلانوقد سببت الكارثة أضرارا جسيمة في الموانئ والبنى التحتية، إلا أن عدد الضحايا كان محدودا نظرا لانخفاض الكثافة السكانية في المناطق المنكوبة.
زلزال فالديفيا في تشيلي عام 1960في 22 مايو/أيار 1960، ضرب زلزال جنوب تشيلي بلغت قوته 9.5 درجات، ليكون بذلك أقوى زلزال يتم رصده في التاريخ الحديث.
كان مركزه بالقرب من مدينة فالديفيا على بعد نحو 850 كيلومترا جنوب العاصمة سانتياغو، وأدى إلى دمار واسع امتد من الساحل إلى المناطق الداخلية، مع انهيارات أرضية كبيرة ودمار شبه كامل للبنى التحتية في بعض المناطق.
لم تقتصر تأثيرات الزلزال على تشيلي فحسب، بل تجاوزته إلى بلدان أخرى، إذ تسبب في موجات تسونامي عاتية اجتاحت سواحل المحيط الهادي، ووصلت إلى هاواي واليابان والفلبين ونيوزيلندا، متسببة في دمار كبير وخسائر في الأرواح والممتلكات.
وتشير التقديرات إلى سقوط نحو ألفي قتيل وتشريد أكثر من مليون شخص، إضافة إلى أضرار مادية جسيمة بلغت قيمتها آنذاك نحو نصف مليار دولار أميركي.
زلزال برنس وليام ساوند في ألاسكا عام 1964في 27 مارس/آذار 1964، شهدت ولاية ألاسكا الأميركية زلزالا ضخما بلغت قوته 9.2 درجات، ليصبح ثاني أقوى زلزال يُسجل عالميا.
كان مركز الزلزال في مضيق برنس وليام ساوند، شمال خليج ألاسكا، واستمرت الاهتزازات نحو 4 دقائق ونصف دقيقة، الأمر الذي أدى إلى انهيارات أرضية وانخسافات كبيرة.
وتسبب الزلزال في موجات تسونامي اجتاحت المناطق الساحلية، وامتدت حتى كندا والولايات المتحدة على الساحل الغربي، ملحقة أضرارا ودمارا بموانئ ومدن مثل أنكوراج وكودياك وفالديز.
وقد أسفر عن مصرع حوالي 130 شخصا، وهو عدد منخفض نسبيا مقارنة بقوة الزلزال وذلك نظرا لانخفاض الكثافة السكانية في المنطقة.
زلزال سومطرة عام 2004في 26 ديسمبر/كانون الأول 2004، وقع زلزال مدمر بقوة 9.1 درجات قبالة سواحل جزيرة سومطرة الإندونيسية، وأدت قوته إلى توليد موجات تسونامي كانت الأشد فتكا في العصر الحديث، إذ اجتاحت سواحل بلدان عدة مطلة على المحيط الهندي في ساعات قليلة.
وأسفرت الكارثة عن مقتل أكثر من 230 ألف شخص في 14 دولة، كان معظمهم في إندونيسيا وسريلانكا والهند وتايلند، إضافة إلى تشريد ملايين آخرين وتدمير قرى ومدن بأكملها.
في 11 مارس/آذار 2011، ضرب زلزال بقوة 9.1 درجات قبالة ساحل توهوكو شمال شرق اليابان، وأدى إلى تدمير واسع النطاق أعقبته موجات تسونامي بلغ ارتفاعها في بعض المناطق أكثر من 10 أمتار.
وتسبب الزلزال وتسونامي الذي تلاه في مقتل أكثر من 15 ألف شخص وفقدان أكثر من 4600 آخرين، كما خلف ما يفوق 5300 جريح ونزوح أكثر من 13 ألف شخص، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
إضافة إلى ذلك، أدت الكارثة إلى تدمير مئات الآلاف من المباني والمنشآت الحيوية، كما أسفرت عن تسرب إشعاعي واسع النطاق في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية، ما أجبر عشرات الآلاف من سكان المنطقة على النزوح.
زلزال كهرمان مرعش 2023في السادس من فبراير/شباط 2023، شهدت تركيا وسوريا زلزالا مدمرا مركزه مدينة كهرمان مرعش التركية، بقوة بلغت 7.8 درجات على مقياس ريختر، وسجل ضمن أقوى الزلازل في العصر الحديث.
وقد امتدت الهزات إلى عدد من الولايات التركية الجنوبية، ووصل تأثيرها إلى معظم المحافظات السورية الشمالية، مخلفة دمارا واسع النطاق وخسائر بشرية ومادية جسيمة.
وأسفر الزلزال عن مصرع أكثر من 7 آلاف شخص وإصابة ما يزيد على 50 ألفا، وتضررت المدن والقرى في نطاق واسع من المناطق المنكوبة.
وبمقارنته مع الزلازل السابقة، يُعد الأقوى في تركيا منذ زلزال إزمير عام 1999 الذي بلغت قوته 7.6 درجات وتسبب آنذاك بمقتل نحو 17 ألفا وإصابة أكثر من 43 ألفا.
إعلان زلزال المغرب 2023في ليلة الثامن من سبتمبر/أيلول 2023، تعرض المغرب لزلزال مدمر بلغت قوته 6.8 درجات على مقياس ريختر، وذلك على بعد نحو 70 كيلومترا جنوب غربي مدينة مراكش. وامتد تأثير الهزة -التي شعر بها سكان مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي البلاد- إلى بعض مناطق الجزائر وإسبانيا والبرتغال، واعتُبر بذلك أحد أقوى الزلازل في تاريخ البلاد الحديث.
وقد أسفر الزلزال عن مقتل 2960 شخصا وتدمير آلاف المنازل والبنى التحتية. وواجهت فرق الإنقاذ تحديات كبيرة في الوصول إلى القرى المتضررة بسبب الطبيعة الوعرة للمنطقة، إلى جانب انهيار الطرق وقطعها، وهذا أعاق عمليات الإغاثة ونقل المساعدات.
وقدّرت الحكومة المغربية عدد المتضررين بنحو 2.8 مليون نسمة، بينما وصل عدد القرى المتضررة إلى 2939 قرية.
كما أشارت الإحصاءات الرسمية إلى انهيار أكثر من 59 ألف منزل، منها ما يزيد على 32% تعرض للدمار الكامل، وهو ما جعل هذا الزلزال من أكثر الكوارث الطبيعية قسوة في تاريخ البلاد منذ زلزال فاس الكبير عام 1624.
زلزال جزيرة كامتشاتكا عام 2025في 30 يوليو/تموز 2025، ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 8.8 درجات قبالة سواحل شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق روسيا، وهو أحد أقوى الزلازل التي شهدتها المنطقة منذ عام 1952.
وقد أدى الزلزال إلى تشكّل موجات تسونامي اجتاحت السواحل الشمالية لجزر الكوريل، وتسببت في فيضانات واسعة النطاق، خصوصا في مدينة سيفيرو كوريلسك، مما استدعى إجلاء سكانها البالغ عددهم قرابة ألفي نسمة وإعلان حالة الطوارئ في المناطق المتضررة.
وأفادت هيئة الجيوفيزياء التابعة للأكاديمية الروسية للعلوم برصد أكثر من 30 هزة ارتدادية أعقبت الزلزال الرئيسي، وهذا زاد من مخاوف وقوع أضرار إضافية في البنية التحتية والمرافق الساحلية.
ولم تقتصر تداعيات الزلزال على الأراضي الروسية، بل دفعت دولا عدة على امتداد المحيط الهادي إلى إطلاق تحذيرات من تسونامي، شملت اليابان والصين والولايات المتحدة وبيرو والمكسيك والإكوادور، وأُعلنت عمليات إخلاء عاجلة وعُلقت الأنشطة البحرية تحسبا لأي كارثة محتملة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات درجات على مقیاس ریختر شبه جزیرة کامتشاتکا المحیط الهادی أقوى الزلازل واسع النطاق الزلزال فی فی المناطق ضرب زلزال بلغت قوته إضافة إلى وأدى إلى أدى إلى عن مصرع أکثر من ألف شخص عن مقتل أسفر عن
إقرأ أيضاً:
عالم روسي يحذر: زلزال كامتشاتكا القوي قد يتكرر خلال الأشهر المقبلة
ضرب زلزال قوي بقوة 8.8 درجة منطقة كامتشاتكا في 30 يوليو 2025، مسببًا ارتجاجًا هائلًا في القشرة الأرضية، وفتح باب التساؤلات حول إمكانية تكرار هزات ارتدادية كبيرة في المستقبل القريب.
تفاصيل الزلزال وتأثيرهبحسب تصريحات العالم الروسي أليكسي أوستابتشوك، مدير مختبر عمليات التشوه في القشرة الأرضية بمعهد المشكلات الجيوفيزيائية، فإن الزلزال لم يكن مجرد حدث عابر، بل أدى إلى إطلاق كبير – وإن لم يكن كاملًا – للطاقة المتراكمة تحت سطح الأرض.
وأوضح أوستابتشوك أن استرخاء الضغط التكتوني الناتج عن هذا الزلزال قد يستغرق عدة أشهر، خلال هذه الفترة يمكن أن تحدث هزات ارتدادية جديدة بقوة تتجاوز 7 درجات على مقياس ريختر.
ما الذي يجعل هذا الزلزال فريدًا؟يقع نظام الصفائح في كامتشاتكا ضمن نطاق الاندساس التكتوني، حيث تغوص صفيحة المحيط الهادئ تحت الصفيحة القارية الأوراسية بمعدل حوالي 8 سنتيمترات سنويًا، بسبب خشونة أسطح الصفائح، تتكون مناطق احتكاك تُعرف بـ”الخطافات التكتونية” التي تمنع حركة الصفائح لبعض الوقت، مما يؤدي إلى تراكم الضغط التكتوني.
وعندما تتجاوز قوة هذا الضغط قدرة الخطافات على التحمل، تنهار فجأة، مما يُحدث انزلاقًا مفاجئًا للصفائح وإطلاقًا ضخمًا للطاقة الزلزالية.
وفي حالة زلزال كامتشاتكا الأخير، لم يتم تدمير خطاف واحد فقط، بل ثلاثة على الأقل، مما يجعل الزلزال فريدًا من نوعه في تاريخ الزلازل الكبرى.
هل يمكن توقع المزيد؟يشير أوستابتشوك إلى أن كمية الطاقة التي انطلقت كانت أقل من المتوقع عادة في زلازل بهذه القوة، وربما يعود ذلك إلى نشاط زلزالي سابق بدأ في 20 يوليو 2025 بزلزال قوته 7.4 درجة، ساعد في تفريغ جزء من الطاقة مسبقًا.
ومع ذلك، فإن احتمالية وقوع هزات ارتدادية قوية تبقى واردة، ولذلك ينصح العلماء بالسهر على متابعة الوضع الزلزالي في المنطقة عن كثب.
تذكير تاريخيآخر زلزال ضخم بهذا الحجم ضرب كامتشاتكا كان في عام 1952، مما يؤكد ندرة هذه الظواهر وقوتها المدمرة، ويدعو إلى اتخاذ الاحتياطات والاستعدادات اللازمة لمواجهة أي نشاط زلزالي مستقبلي.