نجح فريق بحثي عُماني في تطوير نموذج يعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد الأسباب الوراثية لاعتلال عضلة القلب، في إنجاز علمي يُعد الأول من نوعه محليًا، ويسهم في تحسين دقة التشخيص والجودة العلاجية لحالات هذا المرض الوراثي المعقد.

وشملت الدراسة حتى الآن تحليل بيانات (40) عائلة عمانية تحتوي على فرد أو أكثر مصاب بالمرض، باستخدام تقنية تسلسل الإكسوم الكامل، عبر نموذج أطلق عليه الفريق اسم "كارديو فار"، وتمكن الفريق من تحديد المسبب الوراثي للمرض في أكثر من (80٪) من العائلات التي خضعت للتحليل، وهي نسبة تُعد مرتفعة مقارنة بالمعايير الدولية.

يعتمد النموذج على تحليل بيانات الإكسوم الكامل باستخدام ثلاث خوارزميات مختلفة للذكاء الاصطناعي، تم تدريبها على أكثر من (50 ألف) متغير جيني معروف بارتباطه بحالات اعتلال عضلة القلب، ما أتاح الوصول إلى نتائج دقيقة وموثوقة. وأسفرت التحليلات عن اكتشاف طفرات جينية معروفة، وأخرى جديدة لم تُسجّل سابقًا، بالإضافة إلى مجموعة من الجينات المستجدة التي تتطلب مزيدًا من البحث للتأكد من علاقتها بالمرض.

ويضم الفريق (10) باحثين من المركز الوطني للصحة الوراثية، والمركز الوطني لطب وجراحة القلب بالمستشفى السلطاني، وكلية عمان للعلوم الصحية. وقال الدكتور أحمد بن حمد العامري، استشاري مختبر الجينات الجزيئية ورئيس قسم التدريب والتطوير المهني بالمركز الوطني للصحة الوراثية، إن المشروع يُعد نموذجًا للتكامل البحثي بين مؤسسات محلية متعددة، كما أنه وفّر بيئة تعليمية عملية للباحثين الجدد لاكتساب مهارات متقدمة في التحليل الجيني وتوظيف الذكاء الاصطناعي في البحث الطبي.

وأشار الدكتور نبراس المحرمي، محاضر بكلية عمان للعلوم الصحية ومختص في برمجيات التقنيات الحيوية، إلى أن النموذج تم التحقق من كفاءته عبر تجارب متعددة لضمان مصداقية النتائج، مؤكدًا أن الفريق مستمر في التوسّع في الدراسة لتشمل حالات وعائلات إضافية.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد الرواحي، استشاري أول كهربائية القلب بالمركز الوطني لطب وجراحة القلب، أن أهمية الدراسة لا تقتصر على تشخيص المرض، بل تمتد إلى فهم المسارات البيولوجية المؤدية إليه، مما يمهّد لتقديم علاجات شخصية دقيقة لكل مريض على حدة، بناءً على ملفه الجيني.

وقد تم استعراض نتائج المشروع في المؤتمر الوطني للذكاء الاصطناعي في البحوث والتعليم والتدريب الصحي الذي عُقد بمدينة صور في فبراير 2025. كما نُوقشت النتائج في مؤتمرين دوليين؛ الأول في مركز الملك فهد للبحوث الطبية بجدة، والثاني ضمن فعاليات الجمعية الملكية البلجيكية في بروكسل.

وأشار الدكتور العامري إلى أن المشروع تعزّز أيضًا بتعاون دولي مع شركة "يوروفورماتكس" المتخصصة في البرمجيات الحيوية (فنلندا)، ومركز "إنترجن" للوراثة في تركيا، مما ساعد في رفع كفاءة الأدوات التحليلية المستخدمة، وتبادل الخبرات البحثية المتقدمة.

واختتم الدكتور العامري حديثه بالتأكيد على أن هذا النموذج البحثي لا يساهم فقط في تعميق الفهم للمرض داخل سلطنة عمان، بل يشكّل مرجعًا لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الطب الجينومي، ويمهّد لتوسيع نطاق الدراسة مستقبلًا لتشمل أمراض قلب وراثية أخرى، مع العمل على دمج النتائج ضمن الممارسات السريرية اليومية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

دراسة: أكثر من 10 آلاف نوع مهدد بالانقراض بشدة

تُقدم دراسة جديدة شاملة أوضح صورة حتى الآن لأكثر أنواع الأرض عُرضة لخطر الانقراض الشديد كما تبين أيضا أن الحفاظ على البيئة يُمكن أن يُجدي نفعا، من خلال تكثيف برامج الحماية والحفظ التي أنقذت عمليا مئات الأنواع من انقراض وشيك.

ووجدت الدراسة المنشورة في مجلة "نيتشر" أن 10 آلاف و443 نوعا مهددة بالانقراض بشدة، وهو أسوأ تصنيف قبل الانقراض الفعلي في البرية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4انقراض صامت.. الصيد الجائر يهدد الزرافات بأفريقياlist 2 of 4الصيد الجائر والتغير المناخي يعرّضان الفهود لخطر الانقراضlist 3 of 4"حذاء النيل الأبيض".. طائر فريد يتهدده الانقراضlist 4 of 4هل أخطأ العلماء بشأن الانقراضات الخمسة الكبرى؟end of list

وتصنف الكائنات كأنواع مهددة بالانقراض بشدة على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة عندما تستوفي معايير صارمة، مثل الانخفاض السريع في أعدادها، أو محدودية نطاقاتها، أو بقاء أقل من 50 فردا بالغا منها.

وقال ريكي جامبس، الباحث في معهد علم الحيوان التابع لجمعية علم الحيوان في لندن والمؤلف المشارك في الدراسة، لمموقع مونغاباي: "من المدهش أن أكثر من 1500 نوع، أي 15% من الأنواع المهددة بالانقراض بشدة، يقدر أن لديها أقل من 50 فردا ناضجا متبقيا في البرية".

وجاءت نسبة 77% من هذه الأنواع المهددة بالانقراض ضمن هذا التصنيف نظرا لموائلها المحدودة للغاية. وتواجه 7 أنواع، منها 3 برمائيات و3 سلاحف وأحد أنواع خنزير البحر يعرف بفاكيتا (Phocoena sinus)، احتمال انقراض يزيد على 50% خلال السنوات الـ10 المقبلة.

قرد الأسد الذهبي الرأس المهدد بالانقراض في البرازيل بسبب فقدان موائله وتجزئة الغابات والتجارة غير المشروعة (أسوشيتد برس)التركيز الجغرافي

تضم 16 دولة فقط أكثر من نصف الأنواع المهددة بالانقراض بشدة، تتركز معظمها في جزر الكاريبي، والمناطق الساحلية الأطلسية في أميركا الجنوبية، والبحر الأبيض المتوسط، والكاميرون، وبحيرة فيكتوريا، ومدغشقر، وجنوب شرق آسيا. ومعظم الأنواع، متوطنة في دولة واحدة، مما يجعل الحفاظ عليها يعتمد على الجهود الوطنية.

وتضم مدغشقر وحدها 670 نوعا مهددا بالانقراض بشدة، لا يوجد لها مثيل في أي مكان آخر على وجه الأرض. كما تواجه الجزر مثل هاواي مخاطر انقراض عالية بشكل خاص، حيث تستضيف حوالي 40% من الأنواع المهددة بالانقراض على الرغم من أنها تشكل أقل من 6% من مساحة اليابسة العالمية.

إعلان

وما يجعل الوضع أكثر إلحاحا هو أن ما يقرب من 30% من الأنواع المهددة بالانقراض لم يتم إعادة تقييمها ضمن القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة منذ أكثر من 10 سنوات، وهو ما يعني أن العلماء قد لا يملكون معلومات محدثة عن حالتها، ويمكن أن يحدث انهيارٌ حادٌّ في أعدادها بسرعة.

كما تشهد 56% من الأنواع المهددة بالانقراض بشدة انخفاضا في أعدادها، إذ إن 2.6% فقط من الأنواع لديها أعداد مستقرة، و0.5% فقط منها في ازدياد، كما أن أكثر من 13% من الأنواع المهددة بالانقراض مصنفة فعليا على أنها "منقرضة على الأرجح"، وهذا يعني أنها ربما اختفت بالفعل لكن العلماء لم يتمكنوا من تأكيد ذلك.

وحسب الدراسة، فإن أكثر من نصف الأنواع المُدرجة على أنها مُهددة بالانقراض بشكل حرج هي نباتات بنسبة 60%، تليها الفقاريات بنسبة 25%، واللافقاريات بنسبة 15%. وقد وجد تقييم حديث آخر أن ما يقرب من نصف أنواع الأشجار المعروفة الموجودة فقط في أميركا الوسطى مُهددة بالانقراض.

وقال ويليام لورانس، عالم البيئة الاستوائية في جامعة جيمس كوك بأستراليا، والذي لم يشارك في الدراسة: "لقد جُرِّدت مساحات شاسعة من الغابات أو تَجزَّأت. إنها ليست صورةً جميلةً من الناحية البيئية.. قد يتوقع المرء بعض الأخبار السيئة… مع أن الصورة العامة أشد قتامة مما كنت أتخيل".

ووفقًا للدراسة الجديدة، يمثل تغير المناخ سببا أساسيا للانقراض، كما يعدّ التوسع الزراعي وتربية المواشي والأسماك وقطع الأشجار من أبرز التهديدات للأنواع المهددة بالانقراض. بالنسبة للفقاريات (مثل الثدييات والطيور والزواحف).

ويُهدد التلوث أيضا معظم الأنواع التي تعيش في المياه العذبة، بينما يُؤثر الصيد على ما يقرب من ثلاثة أرباع الأنواع البحرية.

كما تُمثل الأنواع الغازية التهديد الأكبر للافقاريات، إذ تؤثر على حوالي ثلث الأنواع المهددة بالانقراض بشدة في هذه المجموعة. وتُعدّ الفئران المنزلية، والماعز المنزلي، والخنازير البرية، والقطط من بين أكثر الثدييات الغازية تدميرا وتهديدا للافقاريات، لا سيما في الجزر التي تطورت فيها الأنواع المحلية دون وجود هذه الحيوانات.

وعلى الرغم من حجم الأزمة الحالية، فقد حققت جهود الحماية نجاحًا، فمنذ عام 1993 حالت إجراءات الحماية دون انقراض ما لا يقل عن 15 نوعًا من الطيور المهددة بالانقراض بشدة، و8 أنواع من الثدييات، وبعضها يتعافى الآن.

ومنذ عام 1980 تحسنت حالة حماية وحفظ 59 نوعًا كانت مهددة بالانقراض بشدة سابقًا، لدرجة أنها لم تعد تندرج ضمن هذه الفئة.

لكن رغم النجاح، وجدت الدراسة ثغرات كبيرة في تلك الجهود، فبينما تحظى آلاف الأنواع ببرامج حماية، لا تتلقى آلاف أخرى، وخاصة الحشرات والنباتات الأقل شهرة، أي دعم.

وتحتاج معظم الأنواع المهددة بالانقراض إلى حماية موائلها المتبقية من المزيد من الدمار. كما يحتاج الكثير منها إلى إدارة فعّالة لموائلها، مثل إزالة الأنواع الغازية أو ترميم المناطق المتضررة.

وتتطلب حوالي نصف الأنواع المهددة بالانقراض مساعدة مباشرة من خلال برامج متخصصة، بما في ذلك برامج التكاثر في حدائق الحيوان والأحواض المائية، أو النقل إلى مناطق أكثر أمانا، أو الرعاية الطبية.

إعلان

وتشير تقديرات التحليلات المالية إلى أن إنقاذ الأنواع المهددة بالانقراض من حافة الانقراض سيكلف ما بين مليار وملياري دولار سنويا، وهو جزء ضئيل من النشاط الاقتصادي العالمي وأقل من 2% من صافي ثروة أصحاب المليارات إيلون ماسك وجيف بيزوس ومارك زوكربيرغ.

مقالات مشابهة

  • أصحاب هذه العادة المالية هم أكثر سعادة
  • دراسة: أكثر من 10 آلاف نوع مهدد بالانقراض بشدة
  • الدكتور خالد النمر: أوميغا 3 ليست آمنة دائمًا لمرضى القلب
  • مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالخبر ينجح في استئصال ورم برأس البنكرياس والاثني عشر والقنوات المرارية بالمنظار الكامل
  • فريق بحثي من جامعة الإمارات يحصل على براءة اختراع أمريكية في تقنيات البناء ثلاثي الأبعاد المستدام
  • ميتا تسرع سباق الذكاء الاصطناعي وتطمح إلى تطوير الذكاء الفائق
  • فريق بحثي مغربي يكشف معطيات تاريخية "غير مسبوقة" حول موقع سجلماسة
  • التربية تحدد مواعيد الدراسة والامتحانات لجميع المراحل التعليمية
  • بالذكاء الاصطناعي.. إطلاق خاصية لمساعدة الطلاب على الدراسة والحد من الغش