فريق بحثي ينجح في تطوير تقنية تحدد المسبب الوراثي لاعتلال عضلة القلب
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
نجح فريق بحثي عُماني في تطوير نموذج يعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحديد الأسباب الوراثية لاعتلال عضلة القلب، في إنجاز علمي يُعد الأول من نوعه محليًا، ويسهم في تحسين دقة التشخيص والجودة العلاجية لحالات هذا المرض الوراثي المعقد.
وشملت الدراسة حتى الآن تحليل بيانات (40) عائلة عمانية تحتوي على فرد أو أكثر مصاب بالمرض، باستخدام تقنية تسلسل الإكسوم الكامل، عبر نموذج أطلق عليه الفريق اسم "كارديو فار"، وتمكن الفريق من تحديد المسبب الوراثي للمرض في أكثر من (80٪) من العائلات التي خضعت للتحليل، وهي نسبة تُعد مرتفعة مقارنة بالمعايير الدولية.
يعتمد النموذج على تحليل بيانات الإكسوم الكامل باستخدام ثلاث خوارزميات مختلفة للذكاء الاصطناعي، تم تدريبها على أكثر من (50 ألف) متغير جيني معروف بارتباطه بحالات اعتلال عضلة القلب، ما أتاح الوصول إلى نتائج دقيقة وموثوقة. وأسفرت التحليلات عن اكتشاف طفرات جينية معروفة، وأخرى جديدة لم تُسجّل سابقًا، بالإضافة إلى مجموعة من الجينات المستجدة التي تتطلب مزيدًا من البحث للتأكد من علاقتها بالمرض.
ويضم الفريق (10) باحثين من المركز الوطني للصحة الوراثية، والمركز الوطني لطب وجراحة القلب بالمستشفى السلطاني، وكلية عمان للعلوم الصحية. وقال الدكتور أحمد بن حمد العامري، استشاري مختبر الجينات الجزيئية ورئيس قسم التدريب والتطوير المهني بالمركز الوطني للصحة الوراثية، إن المشروع يُعد نموذجًا للتكامل البحثي بين مؤسسات محلية متعددة، كما أنه وفّر بيئة تعليمية عملية للباحثين الجدد لاكتساب مهارات متقدمة في التحليل الجيني وتوظيف الذكاء الاصطناعي في البحث الطبي.
وأشار الدكتور نبراس المحرمي، محاضر بكلية عمان للعلوم الصحية ومختص في برمجيات التقنيات الحيوية، إلى أن النموذج تم التحقق من كفاءته عبر تجارب متعددة لضمان مصداقية النتائج، مؤكدًا أن الفريق مستمر في التوسّع في الدراسة لتشمل حالات وعائلات إضافية.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد الرواحي، استشاري أول كهربائية القلب بالمركز الوطني لطب وجراحة القلب، أن أهمية الدراسة لا تقتصر على تشخيص المرض، بل تمتد إلى فهم المسارات البيولوجية المؤدية إليه، مما يمهّد لتقديم علاجات شخصية دقيقة لكل مريض على حدة، بناءً على ملفه الجيني.
وقد تم استعراض نتائج المشروع في المؤتمر الوطني للذكاء الاصطناعي في البحوث والتعليم والتدريب الصحي الذي عُقد بمدينة صور في فبراير 2025. كما نُوقشت النتائج في مؤتمرين دوليين؛ الأول في مركز الملك فهد للبحوث الطبية بجدة، والثاني ضمن فعاليات الجمعية الملكية البلجيكية في بروكسل.
وأشار الدكتور العامري إلى أن المشروع تعزّز أيضًا بتعاون دولي مع شركة "يوروفورماتكس" المتخصصة في البرمجيات الحيوية (فنلندا)، ومركز "إنترجن" للوراثة في تركيا، مما ساعد في رفع كفاءة الأدوات التحليلية المستخدمة، وتبادل الخبرات البحثية المتقدمة.
واختتم الدكتور العامري حديثه بالتأكيد على أن هذا النموذج البحثي لا يساهم فقط في تعميق الفهم للمرض داخل سلطنة عمان، بل يشكّل مرجعًا لتوظيف الذكاء الاصطناعي في الطب الجينومي، ويمهّد لتوسيع نطاق الدراسة مستقبلًا لتشمل أمراض قلب وراثية أخرى، مع العمل على دمج النتائج ضمن الممارسات السريرية اليومية.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
أمراض القلب أكثر فتكا بالأرواح!
قد يظنّ كثيرون أن أكثر أسباب الوفيات شيوعًا بين البشر يعود مباشرة إلى الانتشار الواسع لمرض «السرطان» بمختلف أنواعه، فيما يرى آخرون أن «الحوادث المرورية» تحتل المرتبة الأولى في حصاد الأرواح. إلا أن الحقيقة الثابتة تؤكد أن «أمراض القلب» تقف في صدارة المسببات المؤدية للوفاة، وأنها الأخطر والأكثر فتكًا بالإنسان على مستوى العالم.
هذه المعلومة قد لا تكون جديدة على البعض، لكنها يجب أن تُقرَع كجرس إنذار فوق رؤوس الذين يهملون صحتهم، أو يظنون أنهم بمنأى عن الإصابة بأمراض القلب المتعددة، غير مدركين أنهم ربما يقفون على أعتاب معاناة مستمرة وصراع وجودي مع واحد من أخطر أمراض العصر.
فالحقيقة الموثقة طبيًا وبحثيًا تشير إلى أن أمراض القلب هي التهديد الأكبر لحياة الإنسان، إذ تؤدي عوامل أخرى شائعة «مثل السكري وارتفاع ضغط الدم» سواء كانت وراثية المنشأ أو ناتجة عن أنماط حياة غير صحية وسلوكيات خاطئة، إلى إضعاف القلب وإصابته بصورة غير مباشرة. ولهذا يحذّر الأطباء والمختصون والاستشاريون من خطورة أمراض القلب، باعتبارها السبب الأكثر ارتباطًا بفقدان الأرواح، والتنبيه إلى ضرورة الوقاية المبكرة وتبنّي أنماط صحية تقلل من هذه المخاطر.
البعض يعتقد أن إصابته بأحد الأمراض المزمنة لا يؤثر على بقية أعضاء الجسم، وهذه النظرة جملة وتفصيلاً خاطئة، فمرض السكر على سبيل المثال يؤثر على القلب والشرايين والعين وغيرها من أعضاء الجسم، وكذلك الأمراض المزمنة الأخرى.
من هذا المنطلق، دعونا جميعًا نطلق حملة توعوية تحث على الاهتمام والمحافظة على صحة القلب ووقايته من «الجلطات والسكتات» والأمراض الأخرى التي هي الأكثر شيوعًا وتصيب هذا العضو الحيوي في جسم الإنسان.
لو أمعنا النظر جيدًا، لوجدنا أن هذا الجهاز الذي جعله الله «مضخة» حياة للإنسان، يعمل ليل نهار على القيام بوظائفه الحيوية منذ أن يتشكل الإنسان جنينًا في بطن أمه، ثم يستمر عطاءه بعد الولادة ويستمر حتى الموت.
والسؤال المهم: ما الذي يهلك قلوب الناس ويوقفها عن العمل؟
في حقيقة الأمر، هناك الكثير من المسببات التي تؤدي إلى تدهور صحة القلب وعدم قدرته على العمل بكفاءة عالية، منها:
-النظام الغذائي غير الصحي، والكثير منه مشبع بالدهون المهدرجة، والتي تعمل على سد شرايين القلب، ومع الوقت يصاب الإنسان بالأمراض المختلفة.
-تأثير الجانب البدني المتمثل في قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
-تأثير الأمراض المزمنة على صحة وسلامة القلب.
-عدم إجراء الفحوصات الطبية أو إهمال المريض في تناول العقاقير الطبية.
-هناك عامل مهم في صحة القلب، وقد يكون مفاجئًا لا يخطر على بال الكثير من الناس، وهو تأثير الحالة النفسية السيئة على الإنسان؛ فالحزن والضغوطات النفسية تعد عاملًا مؤثرًا على صحة وسلامة القلب، بحسب ما أشار إليه أطباء القلب المعروفون عالميًا.
إذن، القلب هو ذلك الجهاز الحيوي الذي لا غنى عنه في الحياة؛ فالإنسان يمكنه أن يعيش فاقدًا لبعض أعضاء جسده مثل اليدين أو الرجلين، وغيرها، لكن لا يمكن أن يعيش بدون قلب في جسده. لذا، وجب الاهتمام بهذا العضو من التعب والتوقف عن أداء وظائفه الحيوية.