القدس المحتلة - خاص صفا "اقتحاماتٌ بأعداد غير مسبوقة، سجود ملحمي وصلوات تلمودية وانبطاح جماعي، ورقص وغناء بأصوات صاخبة، ورفع لأعلام الاحتلال".. هكذا استباح المستوطنون برفقة وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير وأعضاء كنيست باحات المسجد الاقصى المبارك في ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل". وبشكل جماعي، أدى المستوطنون "صلاة الشماع" التوراتية في الساحة الجنوبية الشرقية للأقصى الواقعة فوق المصلى المرواني مباشرة، لتكون بمثابة فاتحة اقتحامهم للمسجد الأقصى.
و"الشماع" هي فاتحة الصلوات التوراتية وتقال في بداية كل صلاة ونصها مأخوذ من سفر التثنية: "اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ.". وفي تطور خطير، رفع مستوطنون خلال الاقتحام، رايات عليها صورة "الهيكل" مكتوب عليها بالعربية (بيت الله العالمي)، فيما وضع آخرون "لفائف التيفلين" على ذراعهم، في مشهد جديد من مشاهد الانتهاك الصارخ لحرمة الأقصى. ويأتي هذا المشهد بعد إعلان المتطرف بن غفير رعاية شرطة
الاحتلال للطقوس والصلوات التوراتية وللرقص والغناء داخل المسجد الأقصى. وتحولت المنطقة الغربية من المسجد
الأقصى إلى ساحة لرفع أعلام الاحتلال وترديد الأناشيد والصلوات الخاصة بذكرى ما يسمى "خراب الهيكل"، بمشاركة أعضاء كنيست حاليين وسابقين، وسط حماية مشددة من قوات الاحتلال. وتعتبر "جماعاتُ الهيكل" المتطرفة إدخالَ الأدوات التوراتية للأقصى أحد المسارات الأساسية لتأسيس "الهيكل" المزعوم معنويًا، والتعامل مع المسجد وكأنه قد "بات هيكلًا حتى وإن كانت مبانيه ما تزال إسلامية". وفي ذكرى "خراب الهيكل" عام 2024، أعلن الوزير المتطرف بن غفير نيته بناء كنيس في الأقصى، ومنذ ذلك الوقت تتزايد الانتهاكات الخطيرة بحق المسجد المبارك، وسط السماح للمستوطنين بالصلوات العلنية والجماعية في كافة باحاته. وبذكرى "خراب الهيكل"، شهد المسجد الأقصى اقتحام 3969 مستوطنًا، بما تخلله من انتهاكات واستفزازات بشكل جماعي لكل باحاته، في انتهاك خطير للوضع القانوني والتاريخي القائم بالمسجد. في المقابل، حولت شرطة الاحتلال مدينة القدس المحتلة، ولا سيما بلدتها القديمة ومحيط الأقصى إلى ثكنة عسكرية، ونشرت عناصرها بكثافة، وأغلقت المحال التجارية، ومنعت المقدسيين من الوصول للأقصى، وسط تضييقات على حركة تنقلهم.
تطور خطير رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر يقول إن ما جرى في المسجد الأقصى من انتهاكات واقتحامات هو استمرار لسلسلة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد، ومؤشر خطير على ما ينتظر المسجد في المرحلة القادمة. ويوضح خاطر في حديث لوكالة "صفا"، أن الأقصى شهد اليوم اقتحامات قياسية للمستوطنين تجاوزت الـ3 آلاف مقتحم، بمشاركة وزراء في حكومة الاحتلال، وخاصة المتطرف بن غفير، وأعضاء كنيست. ويضيف أن مشاركة هؤلاء الوزراء في الاقتحام أعطوا انطباعًا وصورة مفزعة عما يتم تدبيره بحق المسجد الأقصى، خاصة أن بن غفير أدلى بتصريحات صحفية أمام قبة الصخرة المشرفة، وهذا تطور خطير وغير مسبوق. ويشير إلى أن المقتحمين استباحوا كل باحات الأقصى، وأدوا الطقوس التوراتية أمام قبة الصخرة، وفي أماكن مختلفة بالمسجد، في تجاوز خطير لما تم ترسيخه على مدار السنوات الماضية من أداء طقوسهم في الجهة الشرقية للمسجد فقط. وحسب خاطر، فإن "منظمات
الهيكل بدأت تطالب بشكل صريح وواضح بضرورة تحقيق النصر الكامل في جبل الهيكل، في تكرار لخطاب نتنياهو الذي يبحث عن النصر الكامل في غزة".
مزيد من التصعيد ويرى أن هذا الموضوع سيُواجه بمزيد من الاعتداءات والمخططات التي يتم التحضير لها ضد الأقصى والمدينة المقدسة، معتبرًا تكثيف الوجود اليهودي في ساحات المسجد وساحة البراق بأنه يشكل مساسًا مباشرًا بالمدينة المقدسة. ومن وجهة نظره، فإن الأمور ذاهبة باتجاه مزيد من التصعيد بالأقصى، في ظل استمرار الانتهاكات الاحتلالية وما تخطط له الجماعات المتطرفة. ويشير إلى أن هذه المناسبات الدينية اليهودية أصبحت تتركز في العدوان على الأقصى والقدس، وهذا ما ينذر بتفجير الأوضاع في نهاية المطاف. ويقول خاطر: إن مصير المسجد الأقصى في خطر شديد، واحتمالات الهدم باتت واردة، وسيطرة الاحتلال عليه أيضًا، كما حدث في المسجد الإبراهيمي، فضلًا عن تزايد التضييق على دخول المصلين للمسجد المبارك. ويحذر رئيس مركز القدس الدولي من تحول المسجد الأقصى إلى مزار للمسلمين في مناسباتهم الإسلامية، وإحكام قبضة الاحتلال عليه، في ظل وجود المتطرف بن غفير، الذي يوجه الشرطة ويضع مخططات واضحة للسيطرة على المسجد. ويشكل ما جري اليوم في المسجد الأقصى من اقتحامات واسعة وغير مسبوقة، واعتداءات مبرمجة على قدسية المكان تحولًا نوعيًا وخطيرًا في مسار عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على المسجد الأقصى. وقالت محافظة القدس في بيان لها: "في سابقة خطيرة، سمحت سلطات الاحتلال اليوم وبشكل فاضح لما يزيد على 2500 مستوطن باقتحام الأقصى، بقيادة وزراء متطرفين في حكومة نتنياهو، على رأسهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، وما يسمى وزير النقب والجليل اتسحاق فاسرلوف، وأعضاء كنيست متطرفون من حزب الليكود، على رأسهم عضو الكنيست عميت هاليفي". وأضافت أن هؤلاء المتطرفين أدخلوا أدوات ولفائف وشعارات توراتية إلى الأقصى، وأدوا صلوات تلمودية علنية أمام المسجد القبلي، في سابقة غير معهودة، ورفعوا رايات المعبد المزعوم في قلب الأقصى، التي كُتب عليها "بيت الله العالمي". واعتبرت هذه الممارسات محاولة خطيرة لفرض رمزية توراتية على المكان الإسلامي الخالص. وتابعت "ما يجري اليوم ليس مجرد اقتحام جديد، بل هو مرحلة مفصلية في المخطط الإسرائيلي الرامي إلى فرض سيادة يهودية بالقوة على الأقصى، وتقسيمه مكانيًا بين المسلمين والمستوطنين، بعد أن تمادت سلطات الاحتلال في تنفيذ التقسيم الزماني خلال السنوات الماضية". واعتبرت أن هذا التصعيد غير المسبوق هو بمثابة إعلان حرب دينية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وتمهيد لتفجير شامل لا تقف نيرانه عند حدود فلسطين، بل قد تمتد إلى المنطقة والعالم بأسره.






المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية:
الأقصى
اقتحامات
مستوطنون
خراب الهيكل
المتطرف بن غفیر
المسجد الأقصى
خراب الهیکل
إقرأ أيضاً:
المتحدث باسم محافظة القدس يحذر من «التصعيد الديني»: اقتحامات الأقصى تتزامن مع ذكرى «خراب الهيكل»
قال معروف الرفاعي، المتحدث باسم محافظة القدس، إن الاحتلال الإسرائيلي يعمل بشكل ممنهج في السنوات الأخيرة على استكمال مشروع «القدس الكبرى»، من خلال فرض السيطرة على المدينة المحتلة وضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحيطة بها.

غذاء ملطخ بالدم في غزة.. استشهاد 12فلسطينيا من منتظري المساعدات

التحول الأمريكي الحاسم في ملف غزة.. إما اتفاق شامل أو لا اتفاق
وأضاف، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية منى عوكل عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن إسرائيل قامت بضم كتلة استيطانية ضخمة في محيط المدينة، ويقطن بها الآن أكثر من 200 ألف مستوطن، مشيرا إلى أن الاحتلال حوّل القدس إلى ثكنة عسكرية، حيث يتمركز عدد كبير من عناصر الشرطة الإسرائيلية في شوارع المدينة، بالإضافة إلى نصب حواجز حديدية تمنع سكان الضفة الغربية من الدخول إليها.
وكشف «الرفاعي» أن الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن جفير قاد اقتحامًا جديدًا للمسجد الأقصى برفقة أكثر من 1500 مستوطن، ضمن تصعيد خطير يأتي تزامنًا مع ذكرى ما يسمى «خراب الهيكل».
وأوضح أن الاقتحام شهد أداء طقوس تلمودية وصلوات جماعية داخل المسجد، إضافة إلى إدخال لفائف الرتاء الخاصة بالشعائر اليهودية، وهو ما يعد انتهاكًا صارخًا لقدسية المسجد وتغييرًا لطبيعته الإسلامية، قائلاً: «هم الآن يتعاملون مع الأقصى وكأنه كنيسة».
وأكد المتحدث باسم محافظة القدس، أنّ تصريحات بن جفير عنصرية ومستفزة، مؤكدًا أنها تمثل خطرًا مباشرًا على الوضع القائم في المسجد الأقصى، وتدفع باتجاه مزيد من التوتر والتصعيد الديني في المنطقة.

طباعة شارك محافظة القدس الاحتلال الإسرائيلي الأراضي الفلسطينية