نهايات مأساوية لشعوب وافقت على نزع سلاحها.. ماذا عن طالبان؟
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
مع طرح الاحتلال شرط نزع سلاح المقاومة من غزة، لمجرد الموافقة على خوض مفاوضات لوقف العدوان على القطاع، وفقا لورقة المقترح التي نقلها الجانب المصري لحركة حماس، تعود نماذج تاريخية، لشعوب وافقت على تسليم سلاحها في لحظات فارقة بوعود وضمانات كتابية بحمايتها لكن النتيجة كانت مأساوية.
ويعود مثال منظمة التحرير، التي وافقت على تسليم أسلحتها الثقيلة، بعد حصار بيروت، في ثمانينيات القرن الماضي، مقابل ضمان الخروج الآمن من لبنان، على متن سفن بعيدا عن حدود فلسطين المحتلة، لترتكب بعد أيام قليلة مجزرة صبرا وشاتيلا، إلى الأذهان في الذاكرة الفلسطينية، باعتبار سلاح المقاومة خطا أحمر، خاصة مع عدو غادر لا يلتزم باتفاقيات وعهود.
وبالعودة إلى نماذج خلال العقود الماضية، وقعت كل من أوكرانيا ومسلمو البوسنة في سربرنيتشا، في فخ نزع السلاح مقابل ضمانات دولية، لكن النتيجة كانت مأساوية وكلفتها كبيرة للغاية، مقابل نموذج طالبان في أفغانستان، والتي رفضت كافة الأغراءات، حتى في ظل مرحلة ضعف، وكانت النتيجة لصالحها في لحظة فارقة.
ونستعرض في التقرير التالي تلك النماذج:
ترسانة أوكرانيا النووية.. فخ التفكيك:
عقب تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، ورثت أوكرانيا ترسانة نووية ضخمة تضمنت نحو 1700 رأس نووي استراتيجي وآلاف الأسلحة النووية التكتيكية، إضافة إلى صواريخ عابرة للقارات وقاذفات استراتيجية.
وعلى الرغم من تمركز هذه الأسلحة داخل الأراضي الأوكرانية، فإن السيطرة الفعلية عليها بقيت بيد روسيا، بفضل نظم التشفير وإجراءات الإطلاق.
وتعرضت أوكرانيا، لضغوطات دولية مكثفة، عقب استقلالها، من قبل الولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى للتخلي عن السلاح النووي والانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار كدولة غير نووية، وأغريت بأن ذلك خطوة نحو تعزيز الأمن العالمي.
ففي عام 1994، وقعت أوكرانيا على "مذكرة بودابست" مع الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة، حيث تعهدت بتسليم كامل ترسانتها النووية إلى روسيا، مقابل التزام الأطراف الموقعة باحترام سيادتها ووحدة أراضيها، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها ضدها.
بحلول عام 1996، كانت أوكرانيا قد أنجزت نقل جميع الرؤوس النووية الاستراتيجية إلى روسيا، وتم تدمير منصات الإطلاق، بمساعدة تمويل أمريكي عبر برنامج نزع السلاح، ونالت أوكرانيا إشادة دولية مقابل خطوتها، لكنها دفعت الثمن خلال السنوات اللاحقة.
ووقعت أوكرانيا ضحية الاضطرابات السياسية، على مدار السنوات الماضية، بسبب التدخلات الخارجية من أوروبا وروسيا، ودخلت البلاد في حالة فوضى، وجرت الإطاحة برئيس البلاد الموالي لموسكو، على وقع تظاهرات تطالب بالانضمام للاتحاد الأوروبي، لتقدم روسيا عام 2014، إنزال عسكري مفاجئ على شبه جزيرة القرم، والسيطرة عليها بالكامل، وإجراء استفتاء لسكانها بالانضمام إلى روسيا.
ولم تقف حالة الضعف الأوكراني عند هذا الحد، بل قامت مناطق شرق البلاد من العرق الروسي، بإعلان الانفصال عن كييف، وخوض معارك طاحنة على مدى سنوات، وتشكيل جمهوريات مستقلة تحالفت مع موسكو، انتهت بهجوم عسكري مفاجئ لروسيا، على أوكرانيا عام 2022، استمر حتى الآن وألحق دمارا واسعا في البلاد، وبعد دعم أمريكي مطلق في زمن جو بايدن، تواجه كييف تنصلا من إدارة دونالد ترامب ومحاولة للخروج من الحرب.
البوسنة.. نزع السلاح قاد للمذبحة:
في ظل حرب البوسنة والهرسك، أعلنت الأمم المتحدة مدينة سربرنيتسا "منطقة آمنة" عام 1993، بشرط نزع سلاح القوات البوسنية منها، والذي تضمن أسلحة ثقيلة، مع وعد بالحماية من قبل القوات الدولية.
ولجأت القوات البوسنية، في ظل الوعود الأممية، بتقديم الحماية للمدنيين، ومنع صرب البوسنة، من التحرك تجاههم وفك الحصار عنهم، إلى تسليم أسلحتهم، وأشرفت القوات الدولية على نزع السلاح من سربرنيتسا، وتحويلها إلى منطقة هادئة وآمنة وخالية من القتال.
لكن في المقابل لم يتضمن الاتفاق، نزع سلاح صرب البوسنة، بل اكتفي بالطلب منهم فك الحصار عن المنطقة، والاحتفاظ بالسلاح الثقيل والعتاد خارج المدينة.
وبحلول عام 1995، ومع تجريد البوسنيين من قدراتهم على الدفاع عن أنفسهم، ولعب القوات الأممية دور المتفرج، اقتحمت قوات صرب البوسنة المدينة، وارتكبت مجازر مروعة، سقط فيها قرابة 10 آلاف بوسني مسلم، فضلا عن أعمال الاغتصاب الجماعي، والإخفاء القسري، والمقابر الجماعية التي لا زالت تكتشف حتى الآن، وكان غالبية الضحايا من الرجال والفتيان.
وارتكبت المجزرة أمام أنظار القوات الدولية، التي بقيت في مراكزها الخاصة، ولم تتحرك الأمم المتحدة، من أجل إنقاذ السكان الذين جردتهم من قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم بنزع سلاحهم مقابل الحماية.
حركة طالبان.. نزع السلاح خط أحمر
عقب غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، وبسط سيطرتها بالتعاون مع ما كان يعرف بتحالف الشمال، على كافة أنحاء البلاد، وانسحاب قوات طالبان من المدن باتجاه الجبال، حاول الأمريكا تقديم إغراءات لطالبان، من أجل نزع سلاحها، والانخراط في عمل سياسي وطلب العفو من القبائل.
وفي عام 2004، عرض السفير الاميركي في افغانستان زلماي خليل زادة على مقاتلي طالبان إلقاء اسلحتهم مقابل منحهم العفو كما دعا مقاتلي طالبان، إلى الاتصال بشيوخ القبائل وقوات التحالف واعلان ولائهم وإلقاء أسلحتهم وفي المقابل لن يتم استهدافهم.
وشدد خليل زادة على دعوته لطالبان لوقف حرب العصابات، بدعوى أنها تتعارض مع الإسلام وإرادة الشعب الأفغاني، وكان هذه الدعوات في أوج القوة الأمريكية في أفغانستان، فضلا قوة حلفائها من المكونات الأفغانية الأخرى، وهو ما قوبل بالتجاهل من قبل طالبان.
لكن مع تصاعد عمليات طالبان، وتكبيدها الولايات المتحدة خسائر كبيرة، فضلا عن خسائر في صفوف الحكومة الأفغانية الموالية لواشنطن، وتفكير الأخيرة فعليا في مغادرة المنطقة، طرحت واشنطن فكرة تخلي طالبان عن سلاحها مقابل التفاوض على الانسحاب، وهو جرى رفضا بشكل مطلق.
ورخضت الولايات المتحدة، لفكرة التفاوض مع عدوها اللدود في أفغانسان، وبدأت المفاوضات فعليا في عام 2018، وتركزت على مطالبة أمريكية بعدم استخدام أفغانستان، منطلقا لتهديد المصالح الأمريكية أو الدولية.
ومقابل ذلك، تعهد أمريكا بالانسحاب الكامل من أفغانستان، وبحث مسألة العقوبات، ولم تتطرق إلى مسألة تفكيك أسلحة طالبان أو إعادة هيكلتها.
وفي عام 2020، أبرم اتفاق في الدوحة لانسحاب القوات الأمريكية والأجنبية من أفغانستان، خلال 14 شهرا، مع ضمانات بعدم المساس بالقوات خلال مغادرتها البلاد، وبالفعل في عام 2021، خرج آخر جندي أمريكي من كابول، وانهار النظام الذي بنته واشنطن على مدار 14 عاما، بفرار الرئيس الأفغاني أشرف غني، وتفكك الجيش وكافة أجهزة الدولة، وسيطرة حركة طالبان على الحكم مجددا ودخول العاصمة دون اشتباكات.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الاحتلال سلاح غزة غزة سلاح الاحتلال مذابح المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة نزع السلاح نزع سلاح فی عام
إقرأ أيضاً:
ماذا تقول بيرل هاربر الروسية عن قبة ترامب الذهبية؟
أثارت الهجمات التي شنتها أوكرانيا، الأحد، على نطاق واسع في عمق الأراضي الروسية بمئات المسيرات جدلا واسعا داخل المؤسسات العسكرية وأروقة مراكز الأبحاث الدولية، وتناولها المعلقون بالتحليل واستخلاص العبر.
وقارن بعض المحللين العسكريين بينها وبين هجوم اليابان في 7 ديسمبر/كانون الأول عام 1941 على الأسطول الأميركي القابع في المحيط الهادي في قاعدته البحرية في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي، وهو الحدث الذي أرغم الولايات المتحدة على دخول الحرب العالمية الثانية إلى جانب الحلفاء.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إندبندنت: العلاقات بين أربيل وبغداد على حافة الانهيارlist 2 of 2صحيفة روسية: حاملة الطائرات البريطانية الأكثر شهرة تتجه إلى الحوثيين للانتحارend of listوفي تقرير لمراسلها جيسوس ميسا، ذكرت مجلة نيوزويك أن الهجوم الأوكراني بالمسيرات جاء بعد أيام قليلة فقط من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزم إدارته بناء درع صاروخية فضائية ضخمة يطلق عليها اسم "القبة الذهبية" بتكلفة 175 مليار دولار قادرة على حماية الولايات المتحدة من الهجمات بصواريخ فرط صوتية وصواريخ باليستية عابرة للقارات بحلول عام 2029.
وحسب تقديرات مكتب الميزانية بالكونغرس، فإن المشروع قد يكلف مبالغ تصل إلى 830 مليار دولار وربما يستغرق 20 عاما لإنجازه.
وتقول المجلة الأميركية في تقريرها إن بعض أجزاء القبة الذهبية مستوحاة من مبادرة الدفاع الإستراتيجي الفاشلة للرئيس الأسبق رونالد ريغان، والتي عرفت آنذاك باسم "حرب النجوم". لكن النقاد يجادلون بأن تلك المبادرة لم تعد واقعية اليوم أكثر مما كان عليه الحال قبل 4 عقود.
إعلانوقد حذر المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية -المعروف باسم تشاتام هاوس ومقره لندن- من أن القبة الذهبية تنطوي على مخاطر تنذر بزعزعة الاستقرار العالمي وتسريع التنافس الإستراتيجي بين الدول.
واستشهدت نيوزويك بما كتبته جوليا كورنوير الباحثة في تشاتام هاوس بأن نظاما يطمح إلى جعل الولايات المتحدة محصَّنة ضد الهجمات الصاروخية سينظر إليه خصومها على أنه محاولة لتقويض منطق الردع النووي.
ويرى محللون عسكريون تحدثوا إلى المجلة أن على الولايات المتحدة أن تعيد تقييم أولويات دفاعها الصاروخي وإذا كانت مُعدَّة للمستقبل، أم إنها أسيرة ماضٍ لم يعد موجودا.
ويقول خبراء عسكريون نقلت عنهم المجلة أيضا إن القبة الذهبية فشلت في الاختبار الأساسي لمعرفة مدى جدواها وملاءمتها.
وفي مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست يوم السبت، حذر المحلل العسكري ماكس بوت من أن حروب المستقبل لن تخاض بالدروع الصاروخية الضخمة من الفضاء، بل بأسراب من الطائرات المسيرة الرخيصة الثمن والقابلة للاستهلاك.
ومع تزايد قدرة أسراب المسيرات على تدمير البنية التحتية العسكرية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مقابل جزء بسيط من التكلفة، يقول المحللون العسكريون الذين تحدثوا إلى مجلة نيوزويك إن على الولايات المتحدة أن تعيد تقييم ما إذا كانت أولويات الدفاع الصاروخي لديها موجهة للمستقبل.
وأشار المقال إلى أن أوكرانيا تستهدف إنتاج 4.5 ملايين طائرة مسيرة هذا العام بتكلفة تبلغ في المتوسط 580 دولارا فقط للواحدة، وهو رقم يتضاءل أمامه حجم الإنتاج الأميركي الحالي من المسيّرات.
ووفق نيوزويك، فإن بإمكان الولايات المتحدة نظريا أن تصنع أكثر من 43 مليون طائرة مسيرة بنفس تكلفة المرحلة الأولى من القبة الذهبية التي تقدر بنحو 25 مليار دولار.
إعلان
وتساءل بوت: "إذا كان الأوكرانيون قادرين على التسلل بمسيرات على مقربة من القواعد الجوية الرئيسية في دولة بوليسية مثل روسيا، فما الذي يمنع الصينيين من فعل الشيء نفسه مع القواعد الجوية الأميركية؟".
وحذرت جوليا كورنوير من أن الخصوم يمكن أن يردوا بتعزيز ترساناتهم الخاصة، مما يدفع الولايات المتحدة وخصومها إلى سباق تسلح مزعزع للاستقرار.
وبدورهما، علّق بنجامين غيلتنر وجاستن لوغان -وهما محللان لشؤون الأمن القومي في معهد كاتو للأبحاث في واشنطن العاصمة- بأن مشروع القبة الذهبية "مكلف، ومن غير المرجح أن ينجح" في المهام المنوطة به.
واعتبر الاثنان في مقال نشرته لهما صحيفة "ذا سبيكتاتور" البريطانية أن "تصميم منظومة الدفاع الصاروخي الأميركي (المقترحة) على غرار القبة الحديدية الإسرائيلية خطأ".
ومن جانبها، حثت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا واشنطن على التخلي عن نشر الأسلحة في الفضاء، وقالت إن القبة الذهبية ستقوض الاستقرار الإستراتيجي.
ومع تصاعد التهديدات العالمية بالتزامن مع التقدم السريع في مجال التكنولوجيا، يستمر الجدل حول ما إذا كانت الدروع الصاروخية العالية التكلفة -مثل القبة الذهبية- قادرة على مواكبة التكتيكات المنخفضة التكلفة والعالية التأثير التي تعيد تشكيل الحرب الحديثة.