تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في خطوة تعكس مراجعة متأنية للوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، أعلن مسؤول أمريكي — طلب عدم الكشف عن هويته — أن الولايات المتحدة ستسحب نحو 600 جندي من سوريا، في خفض ملحوظ لقواتها هناك، مع إبقاء أقل من ألف جندي على الأرض، ضمن مهمة مستمرة لدعم الحلفاء الأكراد ومواصلة مكافحة فلول تنظيم "داعش".

انسحاب جزئي لا يعني التخلي

القرار الأمريكي لا يعني انسحاباً كاملاً، بل إعادة تموضع للقوات بما يتماشى مع تقييمات جديدة للمخاطر والمهام. فالقوات الأمريكية المتبقية ستواصل العمل إلى جانب قوات "قسد" الكردية، التي شكلت شريكاً رئيسياً للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم داعش منذ عام 2014.

لكن وجود القوات الأمريكية في سوريا لطالما تجاوز دوره في مواجهة التنظيم المتشدد، ليشكل ضمانة أمنية لحماية الأكراد من التهديدات التركية، خاصة أن أنقرة تعتبر "قسد" امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنف لديها كجماعة إرهابية.

تحديات سياسية داخلية ودولية

الانسحاب المحدود يأتي في سياق توازن سياسي معقد داخل الولايات المتحدة. إذ سبق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن حاول، خلال ولايته الأولى، سحب جميع القوات من سوريا، لكنه اصطدم بمعارضة من وزارة الدفاع (البنتاغون)، التي رأت أن هذا القرار يمثل تخلياً عن الحلفاء ويقوض المكتسبات الميدانية ضد التنظيم، ما أدى حينها إلى استقالة وزير الدفاع جيم ماتيس احتجاجاً.

وبينما يبرر بعض صناع القرار هذا الانسحاب بتراجع خطر داعش، فإن المخاوف لا تزال قائمة من عودة التنظيم عبر خلايا نائمة، لا سيما في ظل فراغ أمني متزايد في بعض المناطق.

دوافع إقليمية مرتبطة بإيران وحماس

الوجود الأميركي في سوريا شهد تصاعداً مؤقتاً، حيث ارتفع عدد القوات إلى أكثر من ألفي جندي عقب هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. إذ استهدفت مجموعات مسلحة مدعومة من إيران القواعد الأميركية في المنطقة، كرد على الدعم الأميركي لإسرائيل خلال قصفها لقطاع غزة.

وقد دفع ذلك واشنطن إلى تعزيز وجودها العسكري بشكل مؤقت كجزء من استراتيجيتها لردع إيران ووكلائها، ومنعهم من استخدام الأراضي السورية كممر لتهريب الأسلحة، خاصة في الجنوب السوري، الذي يعتبر نقطة عبور استراتيجية.

نقطة تحول في السياسة العسكرية الأميركية

مع هذه الخطوة، يبدو أن الإدارة الأميركية الحالية تسعى لإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل التصعيد الأخير، عبر تخفيض عدد القوات دون التنازل عن المواقع الحيوية أو إضعاف الشراكة مع الحلفاء المحليين. وهذا يعكس تحركاً نحو توازن دقيق بين تقليص الانخراط المباشر في الصراعات الإقليمية، والاحتفاظ بنفوذ استراتيجي في مواجهة التهديدات المتعددة، من داعش إلى إيران.

الانسحاب المحدود من سوريا لا يعني نهاية الدور الأميركي هناك، بل يشير إلى تغيير في قواعد الاشتباك والمقاربات الأمنية، في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية. وبينما يظل الهدف المعلن هو مكافحة الإرهاب، فإن الحضور الأميركي يظل أيضاً ورقة ضغط جيوسياسية في مواجهة القوى المنافسة، وعلى رأسها تركيا وإيران وروسيا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأميركي الشرق

إقرأ أيضاً:

الفظائع التي لن ينساها التاريخ

يتواصل المسلسل الإجرامي في غزة بشكل تصاعدي، بعد انسحاب الكيان والراعي الرسمي له من مفاوضات الدوحة، والدخول في متاهة البحث عن مخرج من الوضع الإنساني الكارثي الذي أنتجته سياسة “جهنم” الأمريكية الصهيونية في غزة.

جريمة نكراء تنزع ما تبقى من ورق توت على خاصرة حضارة النفاق العالمي المؤطر للإجرام عبر التقتيل والتجويع والتشريد والتهجير والإبادة المنهجية في عالم القرن الـ21 وليبرالية قرن أمريكا والغرب التي باتت تتفتَّت أوراقُها مع خريف شتاء قادم يعرِّي ما تبقى من سيقان وأغصان نبتت من جذع مشترك: ديمقراطية وبرجوازية عصر ما بعد قرن الأنوار.

الجُرم المشهود، والإبادة الشاملة، والإنكار الأمريكي والصهيوني وحتى لدى بعض دول الغرب التي بدأ جزءٌ منها يخرج عن الصمت المريب، والخنوع المطلق لإرادة أمريكا والصهيونية العالمية، أوصل الوضع في غزة إلى حالة الفضيحة العالمية المدوِّية، دفعت الكيان وعرَّابه في سلسلة ألاعيب المفاوضات الدائرة رحاها منذ 22 شهرا، إلى انسحاب تكتيكي أمريكي صهيوني في الدقائق الأخيرة من الاقتراب من موعد التفاهم على آخر بند متعلق بطريقة توزيع المساعدات التي تريد كل من الولايات المتحدة والربيب الصهيوني الإبقاء على صيغة الرقابة التامة بشأن إدخال المساعدات وتوزيعها ولو بـ”القتل مقابل كيس طحين”، بما يمنح سيطرة لجيش الكيان على غزة ونهاية المقاومة واستسلام حماس. هذا ما لم يحدث تحت طائل المفاوضات العبثية.

انسحابٌ تكتيكي صهيوني أمريكي، بغرض إلقاء اللوم على حماس ومضاعفة المزيد من الضغط عليها للحصول على تنازلات لن تقدّمها حماس، إلا ضمن الرؤية والتصوُّر الذي قدَّمته للوسطاء من قبل ومن بعد.

إقدامُ العدوّ، في آخر لحظة بعد انسحاب الوفد الأمريكي الصهيوني من محادثات الدوحة، على ذرِّ الرماد في أعين العالم المصاب بالذهول لما يحدث أمام أعينه، عبر السماح بإدخال بعض الشاحنات شمال غزة وجنوبها وهدنة مؤقتة موقوتة، لتوزيع وجبات العار والدمار باتجاه تجمُّعات تريد فصلها عن باقي القطاع في شكل محتشد إنساني تتحكم فيه وفي إدارة المساعدات ولو بإطلاق النار على المجوّعين، أو إنزال طرود جوية، ليس في الواقع سوى مسرحية سريالية عبثية وفرجة عالمية ساخرة من سلطة احتلال وعرّابه، بغطرسته الإجرامية لما يحدث، محاولة منهما تبييض وجه أسود لكيان مجرم مدعوم أمريكيًّا بشكل لا يصدًّق وغير مسبوق: تبييض وجوه سود ببشرة بيضاء، أخرجت الحامل والمحمول من دائرة الإنسانية إلى دائرة التوحُّش الإجرامي المشهود.

مناورة سرعان ما اتّضحت نيّاتها على يد راعي الكيان: “حماس تدرك أنها ستموت بعد أن تفقد أوراق ضغطها، وستموت”، قبل أن يعلن من جديد عودة المفاوضات إلى مسارها، عندما أبلغت حماس الوسطاء والعالم عبر خطاب خليل الحية أنه لا معنى لحياة مفاوضات تحت طائل التقتيل والتجويع، بما يعني انسحاب محتمل لحماس من مفاوضات الدوحة.

هذا الوضع، لا يريح الكيان وداعميه في الولايات المتحدة والغرب، لأنهم لا يملكون ورقة أخرى لم يجرّبوها بالحديد والنار والعار، والمكر الغدار، فتسارع هذه الدوائر، إلى محاولة أخرى بائسة ويائسة معا: شيطنة المقاومة إعلاميًّا وعمليًّا عبر الظهور بوجه المتظاهر بالإنسانية، أخيرا، الرؤوف، المتباكي بدموع تماسيح على ضحايا بسبب “تعنّت حماس”.

مسرحية واحدة بإخراج متغيِّر ومشاهد متجددة لا تخفي النيّات ولا الغايات.
أعمال وممارسات وحشية، يندى لها ضمير قرن الـ21، الذي سيرسم التاريخ يوما أن المحرقة النازية تبدو أقلَّ شأنا من نازية ضحايا النازية أنفسهم، وهذا بشهادة شهود من أهلها، ممن لم تتمكّن الفظائع من جعلهم يبتلعون ألسنتهم.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • تصاعد التوتر التركي-الإسرائيلي.. هل تقف المنطقة على شفير مواجهة مباشرة؟
  • ترامب يُمهل بوتين 12 يومًا لإنهاء الحرب .. فهل ترد روسيا العظمى بقصف واشنطن؟ مدفيديف: لسنا (إسرائيل أو إيران)
  • القوات البحرية تستقبل وفدًا من الكلية البحرية التركية لبحث التعاون العسكري
  • بوتين يؤكد لنتنياهو ضرورة احترام سيادة سوريا ويعرض الوساطة في محادثات إيران النووية
  • "دويتشه بان" تقلص خسائرها بـ 52% في النصف الأول 2025
  • واشنطن تدعو إلى تعديل عقوبات مجلس الأمن المفروضة ضد سوريا
  • الفظائع التي لن ينساها التاريخ
  • التربية: دخول شامل للدور الثاني لراسبي السادس الابتدائي والثالث المتوسط
  • سوريا.. القبض على اللواء عماد نفوري رئيس أركان القوات الجوية لدى النظام السابق
  • قسد لـ عشائر عربية: لا انسحاب ولا تسليم وعليكم الاستعداد للمرحلة القادمة