غزة- يجلس الحاج عبد الرحمن أبو الليل داخل عربة مخصصة لأعمال البناء، يجرُّه شاب تمكن من الوصول إليه بعد إصابة مباشرة بقصف من طائرة "كواد كابتر" الإسرائيلية المسيَّرة، بينما كان في طريقه إلى بيته شرق حي الشجاعية في قطاع غزة لجلب الطحين، كما يفعل مواطنون كثيرون عادة.

ويقصد الغزِّيون بيوتهم في المناطق الشرقية، مستغلين الهدوء النسبي في ساعات الصباح الأولى، لجمع الحطب أو لجلب بعض الحاجات أو الأطعمة، فقد نزح معظمهم على عجل حين باغتتهم القذائف الإسرائيلية.

وفي ظل عدم قدرة سيارات الإسعاف على الوصول إلى المناطق الشرقية من مدينة غزة باعتبارها مناطق حمراء، يصنفها الاحتلال على أنها مناطق قتال خطِرة، يستهدف فيها كل ما يتحرك دون اعتبار أو حصانة للعمل الإنساني في حدودها، فيضطر المواطنون لاستخدام طرق بدائية لنقل المصابين.

 

الحاج عبد الرحمن أبو الليل على أبواب مستشفى المعمداني مصابا ويتعذر استقباله وعلاجه (الجزيرة) موت على الطريق

يقول المواطن أبو محمد قريقع للجزيرة نت: "استشهد أخي جراء استهدافه مباشرة، لكن طفله كان مصابا، فلفّه أحد الجيران بغطاء ونقله بعربة تجُّرُها دابَّة، ومنها إلى سيارة، واستغرق نقله وقتا طويلا، وحين وصلنا إلى المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) وجدنا أبوابه مغلقة، فاستشهد ابن أخي لتأخر وصوله، ولعدم تمكن المستشفى من استقبال الجرحى".

إعلان

وكان شقيق أبو محمد قد أصيب، وكان رفقته ابنه الصغير خلال عودته إلى منزله شرق حي الزيتون.

وكانت إدارة مستشفى المعمداني قد أعلنت إغلاق أبوابه وعدم استقبال المصابين، بعد خروجه عن الخدمة قسرا بفعل قصف إسرائيلي مباشر، استهدف أقساما حيوية فيه، أبرزها قسم الاستقبال والإسعاف، الذي يعد العصب الرئيسي لخدمات الطوارئ في غزة، إضافة إلى أقسام الصيدلية والأشعة والمختبر والعيادات الخارجية.

مصابون ينقلون إلى مستشفى المعمداني ولم يعالجوا لخروجه عن الخدمة (الجزيرة)

ويصعُبُ على الغزيين تقبُّل خروج المعمداني عن الخدمة، بعدما اعتادوا ارتياده، فقد كان الملاذ الوحيد المخصص لاستقبال الجرحى لعدة شهور، خاصة سكان المناطق الشرقية، الأكثر قربا منهم والأكثر كثافة في غزة، كحي الزيتون والشجاعية والدرج والتفاح، إضافة إلى تلبيته الخدمات المتكاملة للجرحى بمدينة غزة.

ويوضح الصحفي المقيم في مستشفى المعمداني، عبد الله شهوان للجزيرة نت ذلك، إن المستشفى أصبح أخيرا لتكفين الشهداء، حيث يصل المصابون يوميا دون تمكن المستشفى من استقبالهم، وأن سيارات الإسعاف تنقل الجرحى من بوابة المعمداني إلى أحد المستشفيات المؤهلة، مبينا أنه وثّق استشهاد مصابين خلال نقلهم إلى تلك المستشفيات.

أمام العجز!

ومع إعلان المستشفى المعمداني مضطرا توقف خدماته، يقول مدير المستشفى الدكتور فضل نعيم للجزيرة نت، إنه من الصعب على أي صاحب قرار في مؤسسة صحية أن يقف عاجزًا أمام مريض كان يعالجه طيلة شهور من الإبادة.

ويرى أن إدخال المريض إلى منشأة غير مؤهلة للتعامل معه قد يُضاعف تدهور حالته الصحية، ويفقده ما وصفه بالفرصة الذهبية للنجاة، معتبرا أن نقله مباشرة إلى مركز قادر على تقديم الرعاية اللازمة هو "الخيار الأكثر إنسانية وعقلانية"، خاصة بعد توزيع المستشفى المعمداني كوادره الطبية على أقسام الطوارئ في مستشفيات غزة.

إعلان

وأكد نعيم أن الواقع الجديد للمنظومة الصحية جعل المريض "مشتّتًا ومضطرًا للانتقال من مركز لآخر بحثًا عن علاج طارئ أو اعتيادي"، ولفت إلى أن "المعمداني" كان آخر ما تبقى من مرافق صحية متكاملة في شمال القطاع، وكان يستقبل يوميًا قبل استهدافه أكثر من 500 حالة في قسم الطوارئ، ونحو 1000 أخرى في العيادات الخارجية.

ونتيجة لذلك، أوعزت وزارة الصحة في غزة للمواطنين التوجه إلى ثلاثة مستشفيات موزعة في أنحاء المدينة، وهي مجمع الشفاء ومستشفى القدس والمستشفى الميداني الكويتي، وكلها تقدم خدمات جزئية، وقد تم استصلاح أجزاء منها بعدما دمَّرها وأحرقها الاحتلال في هجماته البرية المتكررة.

مدير مستشفى المعمداني د. فضل نعيم يحذَّر من خطر تشتت الخدمات بين المستشفيات لأنه يودي بحياة الجرحى (الجزيرة) في انتظار الموت

وحذَّر نعيم من أن تشتت الخدمات بين مستشفيات غزة قد يودي بحياة العشرات من المصابين يوميا.

وقال إن نقل جريح في حالة الخطر من أحد مستشفيات غزة على بعد عدة كيلومترات إلى مستشفى المعمداني، حيث جهاز تصوير الأشعة المقطعية الوحيد في غزة، أمر يودي بحياة عدد من المصابين بشكل مستمر، رغم أن الأصل وجود الخدمات الطبية المتكاملة في مكان واحد، خاصة مع انعدام وسائل المواصلات وتردِّي حال الشوارع.

من جهته، قال مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، للجزيرة نت: إن لخروج مستشفى المعمداني عن الخدمة "أثرا خطِرا جدا" على المنظومة الصحية، في ظل تهالك خدمات الطوارئ المقدمة.

وأضاف أنه بسبب إغلاق المعابر منذ بداية مارس/آذار، وعدم دخول حبة دواء واحدة أو أي من المستلزمات الطبية، لا يبقى أمام الجريح من خيار سوى انتظار الموت في أي لحظة.

وأكد أبو سلمية، أن مستشفيات غزة تعمل حاليا كوحدة واحدة، في محاولة دائمة للنهوض من بين الركام، باعتبار أن ما تحياه هو صراع من أجل البقاء رغم كل محاولات الإبادة.

إعلان

 

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مستشفى المعمدانی مستشفیات غزة للجزیرة نت عن الخدمة فی غزة

إقرأ أيضاً:

وزير الطاقة الإسرائيلي: قد نعلن حالة الطوارئ في قطاع الغاز الطبيعي

أكد وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، أن دولة الاحتلال قد تعلن حالة الطوارئ في قطاع الغاز الطبيعي، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في خبر عاجل.

نطنز القلب النووي النابض.. إسرائيل تضرب معقل اليورانيوم الإيرانياستعدادا للانتقام من إسرائيل.. خامنئي يجري تغييرات عسكرية في إيران

وشنت إسرائيل سلسلة غارات جوية وجوية-سيبرانية استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية حساسة في عمق الأراضي الإيرانية.

وشملت العملية منشآت نطنز وأراك وفوردو النووية، مراكز القيادة للحرس الثوري، ومنشآت لتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة.

وجاءت الضربات بالتزامن مع هجوم سيبراني واسع شلّ الدفاعات الجوية الإيرانية مؤقتًا، وسُجلت هجمات بطائرات "F-35" بدون اعتراض فعال.

طباعة شارك حالة الطوارئ الغاز الطبيعي القاهرة الإخبارية الاحتلال إسرائيل

مقالات مشابهة

  • وزير الطاقة الإسرائيلي: قد نعلن حالة الطوارئ في قطاع الغاز الطبيعي
  • قدم الآن| وظائف بمستشفيات جامعة عين شمس.. الشروط والتقديم
  • الاحتلال يشن هجوما على إيران.. وإعلان الطوارئ في إسرائيل
  • مستشفى القاسمي يجري أول جراحة أذن بالمنظار الخارجي
  • عبدالجليل يتفقد مستشفى الكويفية للأمراض الصدرية
  • تفاصيل تشغيل مستشفى الأسنان بجامعة طنطا في ديسمبر القادم لخدمة أهالي الغربية
  • أطباء بلا حدود: مستشفى ناصر الأمل الأخير لنساء وأطفال جنوب غزة
  • نقابة الأطباء: الطوارئ والحالات الحرجة مكانها المستشفى لا العيادة
  • عاجل | مصادر في مستشفيات غزة: 25 شهيدا من منتظري المساعدات بنيران جيش الاحتلال قرب محور نتساريم جنوبي مدينة غزة
  • 4 خطوات للوقاية من حوادث المسابح