محافظ المنيا يفتتح مركز طب الأسرة بالأشمونين لخدمة 40 ألف مواطن
تاريخ النشر: 29th, July 2025 GMT
افتتح اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، اليوم الثلاثاء، مركز طب الأسرة بقرية الأشمونين التابعة لمركز ملوي، وذلك ضمن مشروعات المبادرة الرئاسية حياة كريمة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، بهدف تحقيق تنمية متكاملة وشاملة في قرى الريف المصري، تماشيًا مع رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
وخلال جولته التفقدية، اطلع المحافظ على مكونات المركز، ومستوى التجهيزات والخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، مؤكدًا أن افتتاح المركز يُعد إضافة نوعية للمنظومة الصحية بمركز ملوي، ويعكس التزام الدولة بتعزيز نظام صحي متكامل وعادل، يرتكز على التغطية الصحية الشاملة وتقديم خدمات طبية متميزة وفق أحدث المعايير.
وأشار المحافظ إلى أن المبادرة الرئاسية حياة كريمة أحدثت نقلة نوعية في قرى الريف المصري، من خلال توفير بنية تحتية متطورة، وخدمات كانت تمثل حلمًا طال انتظاره لأهالي تلك المناطق، مؤكدًا أن المبادرة تسير بخطى سريعة لتحويل القرى إلى مجتمعات تنموية متكاملة.
من جانبها، أوضحت الدكتورة نادية مكرم، وكيل وزارة الصحة، أن مركز طب الأسرة بالأشمونين مقام على مساحة إجمالية تبلغ 2000 متر مربع، ويخدم نحو 40 ألف مواطن من أهالي القرية والقرى المجاورة. وأضافت أن المبنى، الذي تصل مساحته إلى نحو 960 مترًا مربعًا، يتكون من ثلاثة طوابق، حيث يشمل الطابق الأرضي أقسام الاستقبال، وعددًا من العيادات التخصصية، وقسم الأشعة، والمختبر، والصيدلية. كما يضم الطابق الأول المكاتب الإدارية، وقسم التعقيم، والمخازن، ويخصص الطابق الثاني لسكن الأطباء وهيئة التمريض، لضمان استمرارية تقديم الخدمة الطبية على مدار الساعة.
وأوضح الدكتور وليد مصطفى، مدير المركز، أن التصميم الهندسي للمبنى راعى كافة اشتراطات الحماية المدنية، إلى جانب توفير منحدرات خارجية (رامبات) لتسهيل دخول وخروج متحدي الإعاقة، مشيرًا إلى أن المركز يقدم مجموعة متكاملة من الخدمات الصحية، تشمل خدمات الطوارئ، والتطعيمات، ومتابعة الأطفال والحوامل وكبار السن، وعيادات الأسنان، والمعامل، وتنظيم الأسرة، والمشورة الأسرية، بالإضافة إلى العيادات التخصصية ومكتب الصحة.
يذكر أن المبادرة الرئاسية حياة كريمة تستهدف في مرحلتها الأولى بمحافظة المنيا تطوير 192 قرية و757 تابعًا في 5 مراكز هي: العدوة، مغاغة، أبوقرقاص، ملوي، وديرمواس، بإجمالي 3199 مشروعًا جاري تنفيذها، تم الانتهاء من 2166 مشروعًا منها حتى الآن، بنسبة تنفيذ بلغت 84%، ويستفيد منها نحو 3 ملايين مواطن.
رافق المحافظ خلال الافتتاح النائب محمد عبد الحكيم، عضو مجلس النواب، والدكتورة نادية مكرم، وكيل وزارة الصحة، والدكتورة مروة إسماعيل، وكيل مديرية الصحة، والمهندس أحمد خلف، رئيس مركز ومدينة ملوي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المنيا محافظ المنيا طب الأسرة ملوى طب الأسرة
إقرأ أيضاً:
نداء إلى محافظ المنيا
حين تتحول وسيلة نقل صغيرة إلى أزمة مجتمعية وأمنية واقتصادية، فإننا أمام ظاهرة تحتاج إلى وقفة واعية وتشخيص عميق. مركبة التوكتوك، تلك المركبة التي تسللت إلى الشارع المصري في مطلع الألفينات، لم تكن نتاج رؤية أو تخطيط منهجي لتطوير منظومة النقل المحلي، بل جاءت كاستجابة ارتجالية لفراغ تنموي طال المناطق الريفية والعشوائية، حيث تغيب المواصلات العامة وتنحسر فرص العمل والتعليم.
لكن الأهم أن دخول تلك المركبة إلى السوق المصري لم يكن عشوائيًا تمامًا، بل كان انعكاسًا لمرحلة من فساد تزاوج السلطة بالمال في عهد نظام مبارك، حين تغوّلت شبكات المصالح على حساب الصالح العام. فقد كان استيراد التوكتوك يتم عبر رجال أعمال بعينهم، يرتبطون بعلاقات نافذة مع دوائر القرار، فوجدوا في تلك المركبة وسيلة للربح السريع عبر تسويقها في بيئة تفتقد للخدمات. وهكذا، تحولت أزمة تنموية إلى تجارة مربحة لقلة، وفوضى يومية يعاني منها ملايين المواطنين.
ولفهم أسباب انفجار تلك الظاهرة، يجب العودة إلى التحولات الكبرى التي مرت بها مصر منذ التسعينيات، حين بدأت الدولة تطبيق برنامج "الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي" بالتعاون مع صندوق النقد الدولي عام 1991. أدى ذلك إلى تقليص دور الدولة في الخدمات العامة، خاصة في التعليم الفني والزراعة والصناعة، وهي القطاعات التي كانت تشكّل قاعدة لتشغيل الشباب في الريف والمدن الصغيرة. وفي نفس الفترة، أصدر وزير التعليم الأسبق الدكتور حسين كامل بهاء الدين قرارات أضعفت المنظومة التربوية، مثل إلغاء العقاب البدني دون بديل تربوي، مما ساهم في اهتزاز هيبة المعلم وفقدان الانضباط داخل المدارس. بالتوازي، صدر في عام 1997 قانون العلاقة الجديدة بين المالك والمستأجر، والذي عُرف شعبيًا باسم "قانون طرد الفلاح"، فتعرّض ملايين الفلاحين للطرد من أراضيهم، وحدث نزوح كثيف من الريف إلى أطراف المدن بلا تأهيل أو عمل. وهكذا، نشأ جيل بلا فرص تعليم حقيقي، ولا أمل في التوظيف، فكانت مركبة التوكتوك هي الخيار الأخير - خيار الضرورة - لمن وجد نفسه على هامش الدولة.
في قلب محافظة المنيا، تبرز مدينة سمالوط وقراها كصورة حية لتلك الظاهرة. فقد أصبحت شوارع المدينة، والطرق الرئيسية والفرعية في القرى التابعة لها، تحت سيطرة شبه كاملة للتوكتوك. اختفت الحافلات الصغيرة، وتعذر التنقل الآمن، وتحولت بعض المداخل والمخارج إلى نقاط ازدحام مروري وفوضى عشوائية، بينما انتشرت مظاهر الانفلات والتحرش والبلطجة، دون رقابة فعلية. لقد تحولت التوكتوك من وسيلة نقل إلى أداة للفوضى، تهدد النظام العام، وتعبّر عن غياب التخطيط والرؤية المجتمعية.
وفي مواجهة ذلك، لا يمكن الاكتفاء بتنظيم جزئي أو تقنين محدود، بل لا بد من اتخاذ قرار واضح وجاد بإلغاء تلك المركبة نهائيًا داخل المدن والقرى، وعلى رأسها سمالوط، كخطوة أولى نحو بناء مجتمع منضبط وآمن. إن التوكتوك لا يليق ببيئة تنموية تحترم الإنسان، ولا يصلح لأن يكون جزءًا من الجمهورية الجديدة التي تسعى مصر لتأسيسها.
ولكن، لا يمكن إلغاء التوكتوك دون تقديم بديل واقعي وإنساني، يراعي من كانوا يعملون عليه تحت ضغط الحاجة. ولهذا، فإن الحل الأمثل هو إنشاء مراكز تدريب مهني حديثة في مدينة سمالوط وكافة قراها، تكون مهمتها إعادة تأهيل الشباب حرفيًا وتقنيًا، ومنحهم شهادات مهنية معتمدة تؤهلهم للالتحاق بوظائف مناسبة ومحترمة في القطاعين العام والخاص. هذه المراكز ينبغي أن ترتبط تعاقديًا مع المصانع، والشركات، ورجال الأعمال، لتكون جهة مسؤولة عن توفير العمالة الفنية الماهرة، بعد تدريبها بشكل عصري ومنضبط.
وفي موازاة ذلك، يجب على الدولة أن تُدخل وسائل نقل آدمية حديثة داخل المدن والقرى، مثل الميني باص الكهربائي أو وسائل النقل التشاركي الآمن، تحت إشراف مروري وإداري صارم، يحترم كرامة المواطن، ويُعيد الانضباط للشوارع المصرية، ويعكس صورة حضارية للدولة.
تشير إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد مركبات التوكتوك في مصر تجاوز 3 ملايين مركبة بحلول عام 2020، 90% منها غير مرخصة. وهذا الرقم المهول يعكس حجم الانفلات، وضرورة الحسم، وليس التسويف. إن وجود هذه المركبات في قلب القرى والمدن مثل سمالوط لا يجب أن يكون أمرًا واقعًا نقبله، بل تحديًا يجب مواجهته.
من هنا، أوجه نداءً مباشرًا إلى اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، أن يتبنى مشروعًا وطنيًا يبدأ بإلغاء التوكتوك في مدينة سمالوط وقراها، مع إنشاء منظومة تدريب وتأهيل حقيقية للشباب، وإدخال وسائل نقل حضارية وآمنة. إن نجاح هذه المبادرة سيكون خطوة نوعية نحو إعادة تشكيل الواقع المحلي على أسس علمية وتنموية.
التنمية لا تبدأ من البنية التحتية فقط، بل من كرامة المواطن، وسلامة المجتمع، وأمن الشارع، وفرص العمل الحقيقية. إن مركبة التوكتوك، رغم حجمها الصغير، تعكس صورة أزمة كبيرة، لا تحتمل التأجيل، لكنها تحمل أيضًا مفتاحًا لتصحيح المسار وبناء مستقبل أفضل.
………….
•كاتب وباحث سياسي