يمانيون/ تقارير من قلب مجلسِ الأمن الدولي، وفي أول ظهورٍ علني لمسؤولٍ سوريٍّ رفيعٍ في واشنطن منذ سقوط النظام السابق، جاء التصريح الصاعق: “سوريا لن تمثِّلُ تهديدًا لأية دولة، بما فيها (إسرائيل)”.

هكذا صرّح أسعد الشيباني، وزير الخارجية في سلطة الأمر الواقع بقيادة أحمد الشرع (الجولاني)، في رسالةٍ لم تكن موجهةً للعالم بقدر ما كانت بلاغَ ولاء معلَن لمِظلة الاحتلال الأمريكي الصهيوني.

تصريحٌ لا يُفهَمُ خارجَ سياق مشروع إقليمي يُدارُ من غرفٍ مظلمة، ويعاد تشكيلُه على جثث الشهداء وركام المدن؛ فالمنطقةُ اليومَ تشهدُ تحوّلًا جذريًّا في مفهومِ “العدوّ الحقيقي”، حَيثُ أصبحت المقاومةُ تُقمَعُ لا تُكرَّم، والجهاد يُجرَّمُ لا يُحتفَى به، باسم “الشروط الأمريكية” لرفع العقوبات، أَو بالأحرى: شروط الولاء والخنوع.

سوريا ما بعد السقوط.. مشروعٌ أمريكي على مقاس “إسرائيلي”:

في مشهدٍ لا يفسَّرُ إلا بميزانِ الخِيانة والارتهان، أطلَّ وزيرُ الخارجية السوري الجديد، “أسعد الشيباني”، ليعلن أن “سوريا لن تمثل تهديدًا لـ (إسرائيل)”، في تصريحٍ يُعد أول ثمرة علنية لحكم أحمد الشرع (الجولاني)، الرئيس الانتقالي لسوريا ما بعد الأسد.

هذا التصريح -وما سبقه من مواقفَ وتحَرّكاتٍ- يكشفُ عن مشروعٍ خطير يُرادُ له أن يُغطِّيَ المشهدَ السوريَّ والوطن العربي الكبير، قائمٍ على إعادة تأهيل أدوات الإرهاب المسلح ببدلات دبلوماسية، وإلحاق سوريا رسميًّا بمحور التطبيع.

هذه ليست مُجَـرّد مواقفَ سياسية، بل إرهاصات تحولات استراتيجية تقودُها واشنطن بتواطؤ تركي سعوديّ، ومجسَّات “تل أبيب” تعملُ ليلَ نهارَ على ضبط إيقاع المرحلة القادمة بما يخدُمُ أمنَها الاستيطاني ومشروعَها التوسعي.

فبعد أن أصبح أحمد الشرع الوجهَ “المدني” الجديدَ للمشهد السوري، ها هو الجولاني -الذي تقمص عباءة الرئيس- يُمنِّي النفسَ بلقاء مع ترامب بترتيبٍ سعوديٍّ، معلِنًا استعدادَه لـ “التطبيع الكامل مع الكيان الغاصب إذَا توفرت الشروط”.

لكن ما هذه الشروط؟ هل هي العدالة، أَو الحرية، أَو وقف العدوان على غزة؟ لا.. إنها ببساطة: قمع الفلسطينيين، اعتقال المقاومين، وإظهار حُسن النية للاحتلال الصهيوني.

وما بين سطور هذا التحول، يتجلَّى المشهدُ أن “الشرعَ” ووزيرَ خارجيته “يلعبان لُعبةً مزدوجة”، في محاولةٍ لتمريرِ مشروعهم دونَ صدمةٍ مفاجئة للشعب السوري المغلوب على أمره، عبر خطابٍ مموَّه حتى تكتملَ ترتيباتِ اللحظة الحاسمة.

الكيان الصهيوني على أبواب دمشق.. والخيانة ترتدي بدلةً رسمية:

ليس عبثًا أن يعادَ تأهيلُ الجولاني –أحد رموز الجماعات المسلحة سابقًا– ليكون رأس السلطة الانتقالية في سوريا؛ فالرجل لا يمثل مشروعًا وطنيًّا، بل خطة أمريكية مركَّبة لتحويل سوريا من قلعة مقاومة إلى ساحة نفوذ يتقاسمُها الوكلاء.

عودةُ دونالد ترامب إلى المشهد السياسي تعني أَيْـضًا عودةَ الرؤية النفعية التي ترى في التطبيع عربونَ ولاء يجب دفعُه مقدَّمًا، وفي تصريحٍ لافت، أشار ترامب إلى نيته “استكمالَ اتّفاقيات أبراهام”، واضعًا سوريا ضمنَ قائمة الدول المرشَّحة للحاق بالركب.

ووسط هذا المسعى، يتعهَّد محمد بن سلمان بتنسيق لقاء بين “الشرع وترامب” خلال فترة الزيارة القادمة، فيما يبدو أنه ترتيبٌ تتقاطع فيه مصالح التطبيع مع أهداف إخراج سوريا من الحصار، ولكن بثمن الوطن والسيادة.

وبينما تتغنَّى واشنطن بـ”توسيع اتّفاقيات أبراهام”، وتدفع أنظمتها الوظيفية إلى حظيرة التطبيع، يختلطُ المشهد السوري بأصوات تركية وسعوديّة وصهيونية، تتصارع على الغنائم، وتتصادم على التمثيل، غير أن هناك مَن حسم الأمر.

تركيا –كما يؤكّـد ترامب– هي الوكيل الأجدر، والشريك العقائدي للجماعات المسلحة، والوجه المقبول لأمريكا وللداخل الشعبي في المشهد السوري، أما السعوديّة، فتلعب دور المهرِّب السياسي الذي ينسِّقُ اللقاءاتِ بين التائبين الجدد للهيكل الصهيوني.

لكن اللُّعبة أعقدُ مما تبدو، فـ”إسرائيل الكبرى” لا تحتمل وكلاءَ مختلفين، والمجرم نتنياهو الذي يرقُبُ التمدُّدَ التركي في الشمال السوري بدعمٍ أمريكي، لا يرى في هذا التموضع إلا تهديدًا استراتيجيًّا لمشروعه؛ ما ينذر بصدامٍ غير مباشر –وربما مباشر– على الساحة السورية.

الخِذلان العربي الإسلامي.. حين تُذبَحُ غزةُ في صمت الحلفاء:

وسط هذا الانهيار المتسارع، تغيب غزة عن المشهد السياسي العربي والإسلامي الإقليمي، إلا حين تُستخدَمُ ورقةً لتبرئة الخيانة، وبينما يتقاتل الوكلاء على تمثيل المشروع الأمريكي الصهيوني في سوريا، تُذبح غزة كُـلّ يوم على مرأى من أنظمة فقدت شرفَ النصرة وشجاعة الموقف.

بعضُ الأنظمة العربية، التي تجاهر بعدائها لإيران أَو للمقاومة عُمُـومًا، تجنِّدُ نفسَها وإعلامها لقتل الروح الفلسطينية بالوكالة، وتبث سموم التمزيق والتفرقة والفتنة فيما تغسل عارَها في حفلات الترفيه، ومهرجانات التطبيع، أَو محاربة “فلول النظام السابق” كما في سوريا الجديدة.

أما جيش الاحتلال الصهيوني، فيواصل الزحف ويقضمُ كُـلَّ يوم جزءًا من الأرض والشرف السوري، ويطرُقُ أبوابَ دمشق بصمت؛ لأَنَّ الطريق ممهدة؛ ولأن “السلطةَ” تلهو بجولاتها الدبلوماسية؛ فهي من تؤكّـد أنها لا تمثِّلُ تهديدًا للكيان؛ ما يعني أن الكَيانَ أَيْـضًا لا يمثِّلُ تهديدًا لها حتى ولو دخل إلى دمشق.

وفيما الصراعُ على تمثيلِ الدور الأمريكي في سوريا لا يقتصرُ على الشرع والأنظمة المطبِّعة، بل يمتدُّ ليشملَ الوكلاءَ الإقليميين المتنافسين، يترسَّخُ مشهدٌ قادمٌ من التصعيد، تتداخل فيه سيناريوهات حروب الوكالة، حَيثُ لكُلِّ طرف طموحاتُه الاستعمارية، وكلهم يتاجرون بالأرض السورية ويقايضونها في مزاد الدم.

تحوُّلاتٌ خطيرة.. لكنها ليست قدرًا:

في ضوء هذه الوقائع، يمكن القول إنّ المنطقة مقبلة على مرحلةٍ أكثر خطورة وتعقيدًا؛ فالأنظمة العميلة –وإن بدت قويةً– تعيشُ على الأوكسجين الأمريكي، ومشروعها غيرُ قادر على الصمود طويلًا أمام الوعي المتصاعد، والمقاومة المتجددة.

سوريا ليست للبيع، وفلسطين ليست ورقة تفاوض، والأيّام القادمة –رغم كُـلّ التنازلات– ستشهد ارتدادَ هذه الخيانات إلى صدور أصحابها؛ لأَنَّ الحق لا يموت، والمقاومة لا تُهزم إلا إذَا قرّر أصحابُها الانبطاح.

هذه ليست نهايةَ الحكاية، ورغم هذا السواد؛ فَــإنَّ المشروع الأمريكي لن يصمد طويلًا على أنقاض الشعوب الحرة، فالسلطات التي جاءت على ظهر الدبابة الأمريكية، ورضعت الولاءَ من أعداء الأُمَّــة، لا يمكنُ أن تمثِّلَ إرادَةَ الجماهير.

وسوريا –التي تترنَّحُ اليومَ– ستنهَضُ من جديد؛ لأَنَّ روحَ المقاومة لا تُغتال؛ ولأنَّ مَن تآمروا عليها وعلى فلسطين، سيأكلهم التاريخُ عاجلًا أم آجلًا؛ ولأنها معركة وعي وصمود، وميزان الحق بدأ يميلُ من جديد نحوَ الشعوبِ التي لم تنكسر، ولم تتخلَّ، ولن تفرِّط.

 

نقلا عن المسيرة نت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی سوریا تهدید ا

إقرأ أيضاً:

مساحات تصل إلى 130مترا .. كيفية التقديم على وحدات مشروع ظلال 2025 كاملة التشطيب

مع استمرار الدولة في خططها للتوسع العمراني وتوفير مساكن لائقة للمواطنين، تعود وزارة الإسكان هذا العام بطرح جديد يعد الأكبر في 2025، من خلال مشروع ظلال 2025 الذي يوفر آلاف الوحدات السكنية الجاهزة للتسليم الفوري وبمساحات متنوعة.

أكبر طرح سكني في مصر.. آخر موعد لحجز شقق مشروع ظلال 2025احجز شقتك الآن| كيفية التقديم في مشروعات ظلال وجنة مصر والإسكان الحر؟

يأتي هذا الطرح ليسد جزءًا كبيرًا من الطلب المتزايد على السكن داخل المدن الجديدة، مع اعتماد منظومة إلكترونية شاملة للحجز والتقديم تسهّل الإجراءات على جميع المتقدمين.

 مواعيد الحجز الإلكتروني

حددت وزارة الإسكان فترة الحجز الإلكتروني من 16 نوفمبر 2025 وحتى 15 ديسمبر 2025، وهي مدة كافية لإتاحة الفرصة أمام المواطنين لاختيار الوحدة المناسبة ومراجعة تفاصيل المشروع عبر المنصة الرقمية.
خدمات المنصة تشمل:

تحديد الوحدة والمساحة والموقع.

سداد مقدم جدية الحجز إلكترونيًا.

متابعة الطلب حتى التخصيص.

يتضمن المشروع طرح 9412 وحدة سكنية موزعة على عدة مدن كبرى، أبرزها:

العبور

العاشر من رمضان

القاهرة الجديدة

العلمين الجديدة

الشيخ زايد

كما حددت الوزارة قيمة مقدم جدية الحجز عند 250 ألف جنيه، بالإضافة إلى طرح وحدات ضمن مبادرة سكن لكل المصريين.

خطوات التقديم عبر منصة "مصر العقارية"

للتسجيل وحجز وحدة ضمن مشروع ظلال 2025، يجب اتباع الخطوات التالية:

إنشاء حساب جديد على المنصة.

ملء البيانات الشخصية المطلوبة.

تحميل كراسة شروط المشروع.

اختيار الوحدة المناسبة بناءً على المساحة والمدينة.

دفع مقدم جدية الحجز إلكترونيًا.

متابعة الموقف التنفيذي للطلب حتى إعلان التخصيص.

تحميل كراسة الشروط يتم من خلال:

تسجيل الدخول للمنصة.

إنشاء حساب أو استكمال البيانات.

تحميل ملف كراسة الشروط مباشرة.

اختيار الوحدة ثم سداد المقدم.

 الشروط الأساسية للتقديم

وضعت وزارة الإسكان عددًا من الضوابط لضمان العدالة بين المتقدمين، أبرزها:

أن يكون المتقدم مصري الجنسية.

ألا يقل العمر عن 21 عامًا.

يحق للأعزب التقديم لوحدة أو وحدتين فقط.

لا يجوز للزوجين التقدم على وحدتين في نفس المشروع.

الالتزام بتفاصيل كراسة الشروط قبل الحجز.

أضخم طرح سكني لعام 2025

أكد المهندس عمرو خطاب، المتحدث باسم وزارة الإسكان، أن العام 2025 يشهد طرحًا ضخمًا يشمل 25,012 وحدة سكنية موزعة على 15 مدينة، وفق توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوفير 400 ألف وحدة سكنية خلال العام نفسه.
ويأتي هذا الطرح ليغطي مناطق:

الساحل الشمالي

القاهرة الكبرى

الجيزة

محافظات الصعيد

مع تنوع في المساحات والفئات السعرية.

أنواع الوحدات المتاحة للحجز

وحدات مبادرة "سكن لكل المصريين" بمساحات من 90 – 130 مترًا.

وحدات "سكن مصر" و"جنة" بمساحات تصل إلى 180 مترًا.

وحدات كاملة التشطيب ومجهزة للسكن فورًا.

أبرز مميزات مشروع ظلال 2025

جاهزية الوحدات للتسليم والسكن.

مساحات متعددة تلائم مختلف الاحتياجات.

نظام حجز إلكتروني كامل دون أوراق أو لجان.

مواقع مميزة داخل أهم المدن الجديدة.

مقدم حجز يحدد الجدية ويضمن التوزيع العادل.

طباعة شارك شقق الإسكان مشروع ظلال ظلال 2025

مقالات مشابهة

  • أول تعليق لترامب على هجوم سوريا.. ماذا قال عن الشرع؟
  • أول تعليق من ترامب على هجوم سوريا.. ماذا قال عن الشرع؟
  • عاجل| الأردن يدين الهجوم الإرهابي في تدمر السوري ويؤكد تضامنه مع سوريا والولايات المتحدة
  • العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
  • مساحات تصل إلى 130مترا .. كيفية التقديم على وحدات مشروع ظلال 2025 كاملة التشطيب
  • سوريا.. أحمد الشرع يصدر مرسوما بإعفاء ضريبي للأعوام 2024 وما قبل
  • أحمد رحال لـعربي21: فلسطين في الوجدان.. والاتفاقية مع إسرائيل ليست تطبيعا أو سلاما دون مقابل
  • WSJ: أمريكا محبطة من عدوانية إسرائيل ضد النظام الجديد في سوريا
  • أحمد الرحال لـعربي21: فلسطين في الوجدان.. والاتفاقية مع إسرائيل ليست تطبيعا أو سلاما دون مقابل
  • تحليل لـهآرتس: الشرع يواجه تحدي إعادة بناء سوريا في ظل إملاءات إدارة ترامب