عن سُبُلِ الهُدى وسُبُلِ الهَوى: نَظرةٌ في نُكوصٍ عن مَشرَعِ آلِ البيتِ الأطهار
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
موسى الكاظم بن الحسين الكبسي
أمَا وعُمرُ الحَقِّ، ما كان شرفُ النَّسَبِ الوَضَّاءِ، وذاك العِقدُ المُنيرُ المُمتَدُّ إلى نَبْعَةِ النُّبوَّةِ الصَّافية، بكافٍ وحدَهُ لحملِ أمانةِ “الوِلايةِ” العُظمى، والنُّهوضِ بأعبائِها الجِسام. ولقد شَهِدَت المَآقي، ورَجَفَت القُلوبُ، لِمَا رَأتْهُ من خَطْبٍ جَلَلٍ ورُزءٍ أَلَمَّ: إذْ بَدا الحبيب عليّ الجفري، وقد طالما فاخَرَ بانتسابِهِ لِدَوحةِ العِترةِ النَّبَويَّةِ الغَرَّاء، في مَشهَدٍ يُدمي المُقَل، وهو يُصافِحُ الباطِلَ مُصافَحةَ الخِلِّ الوَدود، ويَبسُطُ للظَّالِمين مِهادَ الرِّضا والقَبول.
لقد كان الانتماءُ لآلِ بيتِ المُصطفى، صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ وعليهم، عهدًا أبرِمَ في صحائفِ الوفاء، وميثاقًا غليظًا عُقِدَ في ذِمَمِ الأرواح؛ يَقتضي، بحَقِّهِ وحقيقَتِهِ، الرُّسوخَ على الحَقِّ رُسوخَ الرَّواسي، والمُجاهَدةَ إمَّا بلسانٍ صَدَّاحٍ بالبيانِ في مَواطِنِ النُّطق، أو بصمتٍ حكيمٍ في مَواطِنِ الإمساك، أو بمَوقِفٍ صُلْبٍ حيثُ يتعيَّنُ البُرهان؛ لا بمُداهَنةٍ تُزري بالكرامة، ولا بتَمايُعٍ يَمحَقُ الأصالة. وإنَّ وِلايةَ آلِ البيتِ، تلك الذُّروةَ السَّامِقة، لَمَنوطةٌ أبدَ الدَّهرِ بالاعتصامِ بعُروةِ الحقيقةِ الوُثقى، والتَّجَمُّلِ بالصَّبرِ الجميلِ على لَأْواءِ الزَّمانِ ونوائبِهِ، دونَ أن تَعْلَقَ باليدِ شائبةُ ظُلمٍ، أو تَنثَلِمَ كرامةُ الوجهِ أمامَ سَطوةِ سُلطانٍ باغٍ.
فأنَّى يَستقيمُ لعاقلٍ، وكيفَ يَسوغُ لذي لُبٍّ، أن يَرفَعَ المرءُ عَقيرتَهُ مُنتسِبًا لعليٍّ، أسدِ اللهِ الغالِب، وبابِ مدينةِ العِلمِ التي لا تُغلَق، وذاكَ الذي كان هُتافُهُ في كلِّ مَعرَكٍ ومَوقِف: “لا تَستَوحِشوا في طريقِ الهُدى لِقِلَّةِ أهلِهِ”؟ ثُمَّ إذا حَمِيَ الوَطيسُ واشتَدَّ الكَرْبُ، نَكَسَ الرَّأسَ وخَفَضَ الجَبينَ أمامَ أعداءِ الدِّينِ وخُصومِ الأمَّة؟ وكيفَ لمَنْ يَزدَهي بالنَّسَبِ المُحمَّديِّ الأرفَع، أن يُقابِلَ جَحافِلَ البَغيِ والضَّلالِ ببِسمةِ المَغلوبِ، ويَدٍ تَمتَدُّ لمُلامَسةِ الهَوان؟!
ولئن كانت لَوعةُ الخَيبةِ تَعتصِرُ الأكبادَ وتُفَتِّتُ القُلوب، فإنَّها لَتَتضاعَفُ وتَستَفحِلُ حين تُقَلِّبُ الطَّرْفَ في السُّنَنِ النَّبَويَّةِ الغَرَّاء، والهِداياتِ المُحمَّديةِ البيضاء، التي ما تَرَكَتْ للمُوارَبةِ والمُصانَعةِ في مَقامِ التَّفريقِ بينَ الحَقِّ والباطِلِ من سبيل. ألَمْ يَقُلْ سيِّدُ الوَرى، عليهِ وآلِهِ أفضلُ الصَّلاةِ والتَّسليم: “قُلِ الحَقَّ وإنْ كانَ مُرًّا”؟ ألَمْ يَضَعْ للأنامِ ميزانَ القَولِ والفِعل: “مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أو لِيَصْمُتْ”؟ فالمرءُ إذا عَصَفَتْ بهِ الفِتَنُ الهُوجُ، وأدْلَهَمَّتْ خُطوبُ الزَّمان، ليسَ لهُ إلا مَنهجانِ لا ثالثَ لهُما: إمَّا لسانٌ يَصدَعُ بالحَقِّ لا يَخشى في اللهِ لَومةَ لائِم، وإمَّا صمتٌ تُكَلِّلُهُ العِزَّةُ وتَحُفُّ بهِ الكرامة، لا يَشينُهُ خَوَرٌ ولا يُدَنِّسُهُ عار. فأمَّا التَّلَفُّظُ بالمُداهَنةِ طَلَبًا لِرِضىً، أو إظهارُ الاستِحسانِ للباطِلِ تَقِيَّةً أو مُوارَبةً، فتِلكَ – لَعَمرُ الحَقِّ – خيانةٌ للأمانةِ الكُبرى، ونَقضٌ للذِّمامِ والميثاق.
لقد كانَ الأحرى بالحبيبِ الجُفريِّ، والأولى بمَقامِهِ، إنْ هوَ عَجَزَ عن كلمةِ الحَقِّ الصَّادِعةِ، أن يَلزَمَ صمتَ الحِكمةِ والجَلال، ذاكَ الذي تَسَربَلَ بهِ ساداتُ آلِ البيتِ حينَ ادْلَهَمَّت الفِتَنُ وتَشابَكَت السُّبُل، وألَّا يُلبِسَ صمتَهُ ذاكَ رِداءَ التَّزكيةِ والثَّناءِ لمَنْ عَتَا وتَجَبَّر. فإنَّ الصَّمتَ في مَقامِ البَيانِ خِذلان، والنُّطقَ في مَوطِنِ الباطِلِ عُدوان.
وقد قالَ قائِلٌ من أهلِ البصائِرِ والحِجا: “الصَّمتُ حيثُ يَجِبُ البَيانُ نِفاق، والنُّطقُ حيثُ يَحسُنُ الصَّمتُ شِقاق؛ فاحفَظْ لِسانَكَ بينَ هاتينِ الفِتنتَينِ.” وهكذا، في غَمرةِ هذا الخَطْب، تَوارَتْ طَلعةُ الصَّمتِ النَّبيل، وتَزلزلَتْ أركانُ الوِلايةِ ومعانيها، تحتَ وَقعِ ضَجيجِ التَّصفيقِ للغالِبِ، وإغفالِ جانِبِ الحَقِّ الصَّائِب.
وما كانَ هذا من مُقتَضَياتِ الوَرَعِ فحَسْب، بل هوَ من صَميمِ ذِمَّةِ الدِّينِ، وواجِبِ حَمْلِ اسمِهِ العظيم، أن يَنأى العالِمُ أو مَنْ يَعتَزي إلى مَقامِ الوِلايةِ بنفسِهِ عن غِمارِ الخُصوماتِ العامَّةِ، إذا كانت مَظِنَّةَ فِتنةٍ، ومَورِدَ فُرقةٍ وشِقاق، ما لمْ يَكُنْ بالقادِرِ على وَزنِ مَقالتِهِ بميزانِ العَدْلِ والقِسطاسِ المُستقيم، والوُقوفِ مَوقِفَ الحِيادِ التَّامِّ الذي لا يَميلُ بهِ هَوىً. فإنْ عَجَزَ عن ذلكَ، فلا مَندوحةَ لهُ عن لُزومِ السُّكوتِ الشَّريف، حِفظًا للدِّينِ وصِيانةً للعِرض.
فإنَّ المَقامَ الدِّينيَّ ليسَ بإذنٍ مُطلَقٍ للتَّعَصُّبِ المُعمي، ولا مِنَصَّةً تُرفَعُ عليها ألْوِيةُ المُوالاةِ السِّياسيَّة؛ بل هوَ ميثاقُ أمانٍ وعهدُ وِثاقٍ بينَ صاحِبِهِ وبينَ البَرِيَّة: أن يكونَ لِسانُهُ وقَلبُهُ على حَدٍّ سَواءٍ من أقطابِ الفِتَنِ المُتصارِعة، وأن يَسعَى في حِفظِ السِّلْمِ العامِّ قَدرَ الوُسعِ والطَّاقة، وأن يَصونَ نَسَبَهُ المُشَرَّفَ للعِترةِ الزَّكيَّةِ عن أن يُستَخدَمَ مَطِيَّةً لسُلطانٍ، أو أُلعوبةً لِهَوىً.
ولقد كانت تِلكَ سُنَّةُ السَّلَفِ الصَّالحِ، ومَسلَكُ أهلِ الفَضلِ والنُّهى: إذا اشتَبَكَت الفِتَنُ وتَقاطَعَتْ دُروبُها، آثَروا العُزلةَ، وكَفُّوا الألسِنَة، ولَزِموا البُيوت، واتَّخَذوا الصَّمتَ جُنَّةً ودِرعًا، مَخافةَ أن يَقَعوا، عَمْدًا أو خَطأً، في مُناصَرةِ باطِلٍ، أو تأييدِ ظالِم. وصَدَقَ قولُ الإمامِ عليٍّ، كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ: “كُنْ في الفِتنةِ كابنِ اللَّبونِ، لا ظَهرٌ فيُركَبَ، ولا ضَرعٌ فيُحلَبَ.”
غيرَ أنَّ هذا المَسلَكَ، مَسلَكَ الاعتزالِ والصَّمت، إنَّما يُتَّخَذُ حينَ يُشكِلُ الأمرُ، ويَلتَبِسُ الحَقُّ بالباطِلِ التِباسَ الظُّلمةِ بالنُّور، وتَختَلِطُ الحقائِقُ فلا يَكادُ المَرءُ يُبين. أمَّا إذا كانَ الحَقُّ أبلَجَ كالصُّبحِ المُسفِر، والباطِلُ لَجلَجَ كالليلِ المُعتَكِر، كما هوَ الشَّأنُ في قضيَّةِ فِلسطينَ التي هيَ أُمُّ القَضايا، حيثُ تَنجَلي مَظلَمةُ الأمَّةِ الدَّامية، وتُستَباحُ حُرمةُ الدِّماءِ الزَّكيَّة، وتُسمَعُ صَرَخاتُ المُستَضعَفينَ المَقهورينَ في الآفاق؛ فهُنا، لا يَعودُ الأمرُ فِتنةً يُعتَزَلُ عنها، بل يُصبِحُ الصَّمتُ خِيانةً عُظمى وتَواطُؤًا مَقيتًا، ويَغدو الانحيازُ إلى صَفِّ البُغاةِ الظَّالمينَ سَقطةً لا تُقالُ، وزَلَّةً لا تُغتَفَر.
فما بالُكَ إذًا لو لمْ يَكُنِ المَوقِفُ مُجرَّدَ صَمتٍ مُريب، بل تَعَدَّاهُ إلى مَقالٍ وَقَعَ على هَامَةِ المَظلومِ وَقعَ الحُسام، حتَّى بَلَغَ الأمرُ من الشَّناعَةِ والفَظاعَةِ أنَّ جَيشَ العَدُوِّ المُحتَلِّ نفسَهُ تَباهَى وتَفاخَرَ على المَلأ بما لَقِيَهُ من وُدٍّ كاذِبٍ، وثَناءٍ زائِفٍ، صَدَرَ عن بعضِ مَنْ يَحمِلُ اسمَ الدِّينِ ورَسمَهُ؟! هُناكَ، تَتضاعَفُ الرَّزيَّةُ، وتَتجَسَّدُ الخِيانةُ بأقبَحِ صُوَرِها.
ففي مِثلِ هذا المَقامِ الفَصلِ، يَضحى النُّطقُ بكَلِمةِ الحَقِّ فَرضًا مُتَحَتِّمًا، وواجِبًا لا مَناصَ منهُ، ويَغدو السُّكوتُ الذي يُومِئُ بالرِّضا ويُشيرُ إلى القَبولِ جَريرةً كُبرى في حَقِّ المَظلومينَ، وخِيانةً للأمانةِ المُلقاةِ على الأَعناق، وطَعنةً في صَميمِ شَرَفِ الانتِسابِ لآلِ مُحمَّدٍ، صَلَواتُ اللهِ وسَلامُهُ عليهِ وعليهم أجمعين.
فَمَنْ لمْ يُحسِنْ فِقهَ اعتِزالِ الفِتَنِ حيثُ يَجِبُ الاعتِزال، ولمْ يُحسِنِ الوُقوفَ مَوقِفَ الحِيادِ حيثُ يُمكِنُ ويَجمُل، ثُمَّ خاضَ في أُتونِ المِحنةِ مُتَبَسِّمًا ومُصافِحًا ومُهادِنًا، فقد خانَ – واللهِ – عهدَ العِلمِ الذي حَمَلَهُ، وخانَ نَسَبَ الوِلايةِ الذي انتَسَبَ إليهِ، وأفسَدَ على النَّاسِ مَعالِمَ الثِّقَةِ التي بها قِوامُ الدِّينِ وعِمادُه.
وإنَّ الحَسرَةَ التي تَعتَمِلُ في الصُّدورِ اليَوم، لَيسَتْ حَسرَةً على مَوقِفٍ سياسيٍّ زائِلٍ فحَسْب، بل هيَ – وياللأسَفِ – حَسرَةٌ أعظَمُ وأعمَق؛ إنَّها حَسرَةُ نَكثٍ لِعهدِ الوِلايةِ، ونَقضٍ لميثاقِ الصِّدقِ، وخُلفٍ للوفاءِ بأمانةِ العِترةِ الطَّاهِرة، التي ما كانت قَطُّ سِلعةً للتَّفاخُرِ والمُباهاة، بل كانت حِملًا ثَقيلًا يتطلَّبُ الثَّباتَ والصَّبر، وأمانةً جَسيمةً في رِقابِ المُنتَسِبين.
وما أشَدَّ إيلامَ الجُرحِ، وما أنكَى وَقعَهُ على الفُؤادِ، حينَ يأتي السِّهامُ ممَّنْ كُنَّا نَحسَبُهُ بابًا إلى الهُدى، ومَنارةً إلى الرَّشاد!
يا ذا الجَلالِ والإكرام، يا مُقَلِّبَ القُلوبِ والأبصار، نسألُكَ ألَّا تَجعَلَ فِتنتَنا في دينِنا الذي هوَ عِصمةُ أمرِنا، وألَّا تَسلُبَنا بَصيرةَ التَّمييزِ بينَ الحَقِّ وأهلِهِ والباطِلِ وحِزبِه. اللَّهُمَّ لا تُؤاخِذْنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا، ولا تُسَلِّطْ علينا بِشُؤمِ ذُنوبِنا مَنْ لا يَخافُكَ فينا ولا يَرحَمُنا. اللَّهُمَّ ثَبِّتْنا على عهدِ الوَلاءِ الصَّادِقِ للحَقِّ وأهلِهِ، واعصِمْ قُلوبَنا من الزَّيغِ والهَوى، وألحِقْنا بِرَكبِ الصَّادِقينَ الأبرار. اللَّهُمَّ لا تَجعَلِ الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنا، ولا مَبلَغَ عِلمِنا، ولا رِضا أهلِ الأرضِ غايةَ سَعيِنا. واكتُبْ لنا، يا مَولانا، أنْ نَلقاكَ وألسِنَتُنا تَلْهَجُ بالحَقِّ، لا تَخشى فيكَ لَومةَ لائِم، وقُلوبُنا عامِرةٌ بِمَحَبَّتِكَ، آمِنةٌ تحتَ لِواءِ نَبيِّكَ وآلِ بيتِهِ الأطهار، يا أرحَمَ الرَّاحِمين.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الف ت ن
إقرأ أيضاً:
مشروع بركة البيت.. دفء اجتماعي يحتضن أمهات عبري
يشهد مشروع "بركة البيت"، أحد المشاريع التطوعية والاجتماعية بولاية عبري لدعم وخدمة الأمهات كبيرات السن، تفاعلًا ودعمًا اجتماعيًا ملموسًا، حيث أسهم في تغيير نمط وروتين حياتهن اليومية، ومنحهن الدفء والألفة والإحساس بمشاعر الحب والتقدير المستحق، وأكدت عدد من القائمات على المشروع والمشاركات أهميته في تغيير نمط حياة المسنات، وتعزيز جودة حياتهن، وتوفير مختلف أشكال الدعم للأمهات.
تقول نصراء بنت حميد الجساسية، المشرفة على المشروع: لقد بدأت فكرة المشروع من خلال عملنا وتجاربنا الطويلة في مجال رعاية كبار السن، وقد لمست عن قرب احتياجاتهم النفسية والاجتماعية والصحية، ومع مرور الوقت لاحظت تغيّرات كبيرة في واقع حياتهم، وذلك بسبب انشغال الأبناء عن الوالدين، وانتشار الأمراض المزمنة كضغط الدم، والسكري، والزهايمر، بالإضافة إلى التغيّرات الحياتية التي يمررن بها كفقدان الأهل والأصدقاء والجيران، وهذا يؤدي إلى شعورهن بالعزلة وقلة الزيارات والتواصل الاجتماعي، ومن هنا جاءت فكرة المشروع كمبادرة تطوعية.
الحد من العزلة
وأضافت قائلة: إن المشروع يهدف إلى دعم الأمهات كبيرات السن بولاية عبري، والمحافظة على مكانتهن كبركة في كل بيت، وتعزيز جودة حياتهن من خلال توفير الدعم النفسي والاجتماعي، والحد من العزلة الاجتماعية التي تعاني منها بعض الأمهات بسبب تباعد أفراد الأسرة وانشغال الأبناء، وذلك من خلال تنظيم زيارات تطوعية وبرامج ترفيهية وتفاعلية، وتقديم الدعم المعنوي والصحي المبسط من خلال المتطوعين، بالتعاون مع الجهات الصحية لمتابعة الحالات المزمنة كالسكري، والضغط، والزهايمر، بالإضافة إلى إحياء القيم والعادات العُمانية الأصيلة التي تحث على بر الوالدين واحترام وتوقير كبار السن، وتشجيع الأجيال على أهمية التفاعل الإيجابي مع المسنين.
البرامج والفعاليات
وقالت الجساسية: يبلغ عدد الأمهات الملتحقات بالمشروع حوالي 50 من الأمهات، ويتم تنظيم العديد من البرامج والفعاليات والأنشطة، وإشراكهن في المناسبات الوطنية كالعيد الوطني، والاحتفال بالمناسبات الدينية وشهر رمضان المبارك من خلال تنظيم أمسيات رمضانية، وتوزيع الهدايا، وتوفير أجواء روحانية، وتقديم دورات تثقيفية صحية كالإسعافات الأولية، وكيفية التعامل مع الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى المشاركة في اليوم الرياضي لتعزيز النشاط البدني المناسب للمسن، وتنظيم محاضرات دينية لتقوية الجانب الروحي، وعمل زيارات تعريفية للمراكز الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى تقديم دورات حول "السمت العُماني" في المدارس، والتأكيد على أهمية العمل التطوعي وقيم احترام كبار السن بين الأجيال الناشئة.
وعن مدى تفاعل الأمهات مع برامج وأنشطة المشروع، تقول: إن تفاعل الأمهات مع أنشطة وفعاليات المشروع ملموس وفاعل، وقد أبدين حماسًا كبيرًا للمشاركة في مختلف الفعاليات ويتفاعلن مع المتطوعين الذين يشاركون في الأنشطة، كما أن الأمهات يشاركن بتجاربهن الحياتية خلال زيارة المدارس، وذلك لكي يُكسبن الطالبات بعضًا من القيم والمبادئ، بل إن الأنشطة أضفت روحًا من الألفة والدفء، وعكست أثرها الكبير في كسر العزلة وتعزيز التواصل الاجتماعي بين مختلف العضوات والأمهات بولاية عبري.
دعم أفراد المجتمع
وتابعت قائلة: لقد حظي المشروع بتعاون كبير من قبل الأهالي والمؤسسات الحكومية بالولاية، وقدّم الأهالي دعمًا ملموسًا، سواء من خلال التبرعات أو تشجيع الأمهات على المشاركة، وأسهمت وزارة الصحة بدعم مميز للمشروع من خلال توفير الممرضين لمتابعة الحالة الصحية للأمهات، وقد كان للتعاون دور كبير في نجاح أنشطة المشروع، ونطمح إلى المزيد من التعاون في المستقبل، وذلك لخدمة الأمهات بولاية عبري.
وتختتم نصراء الجساسية حديثها قائلة: توجد لدينا خطط مستقبلية طموحة لمشروع "بركة البيت"، ولذا نطمح إلى إنشاء نادٍ نهاري متكامل للأمهات المسنات، يتم من خلاله تقديم خدمات رياضية، وصحية، وتثقيفية، وترفيهية، وذلك بإشراف مشترك بين الجهات الحكومية والمتطوعين، كما نهدف إلى الاستفادة من خبرات الأمهات كبيرات السن، وتعزيز مشاركتهن في مجال الحرف التقليدية، ودعمهن في تحويل مهاراتهن إلى مصدر دخل يسهم في شغل أوقات فراغهن، وتمكينهن اقتصاديًا مع الحفاظ على التراث المحلي ونقله للأجيال القادمة.
مشروع إنساني
تقول موزة بنت علي النزوانية: إن المشروع يعد مشروعًا إنسانيًا راقيًا، ومن خلاله تجتمع الكثير من الأمهات في مكان واحد، ومن خلال التحاقي بالمشروع استفدت كثيرًا، وقد تغيّر نمط حياتي إلى الأفضل والأحسن، وخاصة من النواحي الصحية والنفسية، وأصبحت أحب اليوم الذي أقضيه برفقة الأمهات وبرفقة القائمات على المشروع التطوعي.
وتختتم موزة النزوانية حديثها قائلة: إن المشروع أعادنا إلى الزمن القديم والزمن الجميل، وزمن لَمّة الأهل والأصحاب، واجتماع الجيران مع بعضهم البعض.
الحالة النفسية
تقول راية بنت راشد اليعقوبية: أحرص على المشاركة في المشروع نظرًا لأهميته ودوره في كسر روتين الأمهات في البيوت، كما أنه يعد فرصة للتعرف على بعض من الأمهات كبيرات السن، وساعد المشروع على صقل بعض من المهارات والقدرات للملتحقات بالمشروع، ومن خلاله تعلّمت كيفية عمل الإسعافات الأولية، وزرنا بعضًا من المؤسسات الحكومية والأهلية، كزيارة لمركز التوحد بعبري، مع زيارة بعض من المدارس، وذلك لإكساب الطالبات العديد من العادات والتقاليد العُمانية.
وتختتم راية اليعقوبية حديثها قائلة: أُحث وأُشجّع جميع الأمهات بالولاية على الالتحاق بالمشروع نظرًا لدوره في إيجاد روح الأُلفة والتعارف بين الأمهات، ومن خلاله يتم عمل رحلات جماعية للعضوات، وعمل زيارات للأمهات في بيوتهن، بالإضافة إلى المشاركة في الإفطار الجماعي الذي يُقام للعضوات بالمشروع، والذي له أثر كبير في تحسين الحالة النفسية والصحية للأمهات.