المحذورية لـ"الرؤية": "توطين" تعيد تشكيل منظومة التشغيل الوطنية لتمكين الكفاءات العُمانية
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
◄ المنصة تسهم في بناء منظومة تشغيل عادلة وفعالة
◄ 1396 شركة مسجلة في "توطين" بنهاية أبريل
◄ الإعلان عن 2376 شاغرا وظيفيا عبر المنصة بـ16 قطاعا اقتصاديا
◄ إلزام الشركات بالتسجيل في المنصة وفق منهج تدريجي
◄ المنصة تدعم الفئات المجتمعية وتوجه التعليم نحو مهارات سوق العمل
◄ آليات مرنة لدعم الخريجين الجدد وذوي الإعاقة ضمن المنصة
الرؤية-ريم الحامدية
أكدت أميمة بنت سعيد بن حمود المحذورية رئيسة مسار دعم لجان حوكمة التشغيل في القطاعات الاقتصادية بالبرنامج الوطني للتشغيل، أن منصة "توطين" تُعد من المبادرات الاستراتيجية التي يقودها البرنامج الوطني للتشغيل بالتعاون مع وزارة العمل، بهدف تنظيم سوق العمل العُماني وفق منهج متكامل يقوم على تمكين الكفاءات الوطنية وتوظيف الحلول الرقمية الذكية.
وأوضحت- في حوار لـ"الرؤية"- أن المنصة تمثل أداة مركزية لإدارة ملف التشغيل في السلطنة، وتسهم في بناء منظومة تشغيل عادلة وفعَّالة، تستند إلى معطيات دقيقة وتحليلات ذكية تواكب مستهدفات رؤية عمان 2040، لافتة إلى أن عدد الشركات المسجلة في منصة توطين حتى 30 أبريل 2025 بلغ نحو 1396 شركة، مبينة أنَّ هذا الرقم يعكس استجابة واسعة من القطاع الخاص للمنصة، وهو مؤشر إيجابي يدل على وعي الشركات بدور المنصة في تعزيز كفاءة التشغيل وتنظيم السوق، كما أنه يعكس التكامل بين مختلف الشركاء في دعم مبادرات التوطين ورفع نسب التعمين وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالتوظيف.
وأضافت المحذورية أنه تم الإعلان عن 2376 شاغرا وظيفيا عبر المنصة، توزعت على مختلف القطاعات الاقتصادية البالغ عددها 16 قطاعاً، والتي تشمل مجالات حيوية واستراتيجية مثل الاتصالات، والسياحة، والتعليم، والصحة، والطاقة والمعادن، والأمن الغذائي، والنقل واللوجستيات، والصناعة، والمناطق الحرة، والتشييد والتطوير العقاري، والرياضة، والتجزئة، والخدمات المالية والمصرفية، وغيرها من القطاعات ذات التأثير المباشر في الاقتصاد الوطني.
وحول مدى إلزامية تسجيل الشركات في منصة توطين، أشارت رئيسة مسار دعم لجان حوكمة التشغيل في القطاعات الاقتصادية بالبرنامج الوطني للتشغيل إلى أن الإلزام بدأ فعليًا منذ نوفمبر 2024، ولكن وفق منهج تدريجي تم اعتماده بالتوازي مع جهود التوعية والتأهيل التي تنفذها الجهات المعنية مع الشركات والمؤسسات العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية المستهدفة، إذ يهدف هذا التدرج إلى تهيئة القطاع الخاص للمرحلة الانتقالية نحو إجراءات تنظيمية أكثر صرامة، مع ضمان بناء وعي متكامل لدى الشركات بآليات المنصة ومتطلباتها، كما أنه من المقرر أن تُعلن مرحلة شاملة من الإلزام خلال هذا العام بعد استكمال جهود التوعية والتأهيل، بما يعزز من فاعلية المنصة في تنظيم سوق العمل.
وعن دور لجان حوكمة التشغيل، أوضحت المحذورية أن اللجان تُعد أحد الأركان التنظيمية المهمة في دعم جهود التوطين، حيث تساهم في تنظيم سوق العمل في القطاعات التي تشرف عليها من خلال متابعة تنفيذ سياسات التعمين، وقياس مستويات القيمة المحلية المضافة في الشركات، إلى جانب التقييم الفني لطلبات التراخيص للعمالة الوافدة، مما يسهم في تعزيز الرقابة على التوظيف وضمان عدالة التنافسية بين القوى العاملة الوطنية والوافدة.
وقالت رئيسة مسار دعم لجان حوكمة التشغيل في القطاعات الاقتصادية بالبرنامج الوطني للتشغيل بإن لجان حوكمة التشغيل تقوم في كل قطاع اقتصادي بتحليل ودراسة البيانات التي تجمعها المنصة بشكل مستمر، بهدف فهم التخصصات المطلوبة في السوق حاليًا ومستقبلاً، وتحديد التوجهات العامة للعرض والطلب، وبالتالي توجيه البرامج التعليمية والتدريبية في مؤسسات التعليم بما يتماشى مع هذه التوجهات، كما أن تحليل هذه البيانات يساعد على الكشف عن فجوات المهارات أو المؤهلات، الأمر الذي يمكّن من تطوير المبادرات الرامية إلى تجسير تلك الفجوات عبر تصميم برامج تدريبية وتخصصات جامعية ومهنية أكثر مواءمة لاحتياجات السوق الفعلية.
وفيما يتعلق بدعم فئات معينة من الباحثين عن عمل، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة والخريجين الجدد، أكدت المحذورية أن منصة "توطين" تتمتع بدرجة عالية من المرونة، حيث يمكن تكييف اشتراطات عرض الوظائف وآليات الفرز والاختيار بما يتناسب مع كل فئة مجتمعية مستهدفة، وتتيح هذه المرونة للمنصة أن تستوعب مختلف الفئات ضمن إطار تنظيمي عادل وشفاف يراعي احتياجاتهم، ويُعزز فرصهم في الحصول على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم وظروفهم الخاصة، مما يُشكل خطوة مهمة نحو تحقيق الشمولية في سياسات التشغيل.
واختتمت رئيسة مسار دعم لجان حوكمة التشغيل في القطاعات الاقتصادية بالبرنامج الوطني للتشغيل حديثها بالتأكيد على أن منصة "توطين" تمثل بوابة وطنية متكاملة لإدارة وتشغيل الكفاءات العمانية، وهي ليست فقط أداة لنشر الوظائف بل بيئة رقمية متقدمة ترتكز على الذكاء الاصطناعي، وتحليلات سوق العمل، وتتضمن لوحات تحكم لقياس نسب التعمين، وربط العقود والمشتريات بالتزامات التوطين، ما يجعل منها نموذجًا حديثًا للتحول الرقمي في قطاع التشغيل، كما تمثل المنصة أداة لصناعة القرار المبني على البيانات، وتسهم في رسم سياسات التشغيل على أسس علمية ومرنة، بما يحقق المواءمة بين سوق العمل ومخرجات التعليم، ويدعم التنمية المستدامة وفق رؤية عمان 2040.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
انتشار البرباشة في شوارع تونس يعكس الأزمة الاقتصادية في البلاد
يزداد عدد "نبّاشي القمامة" أو "البرباشة" باللهجة العامية في تونس، والذين يجوبون الشوارع بلا كلل في القيض والبرد بحثا عن أي قارورة بلاستيكية، مما يشكل انعكاسا للأزمة الاقتصادية وأزمة الهجرة.
يضع حمزة الجباري منشفة على رأسه تقيه أشعة الشمس الحارقة، ويثبت كيسين مليئين بالقوارير البلاستيكية على ميزان في نقطة تجميع في حي البحر الأزرق الشعبي في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس.
كان قد جاب منذ الرابعة صباحا، شوارع عدة قبل أن يقوم عمّال النظافة بتفريغ حاويات القمامة.ويقول الرجل الأربعيني الذي يعيش من جمع البلاستيك منذ خمس سنوات "هذا هو العمل الأكثر توفرا في تونس في غياب فرص العمل".
لكن هذا العمل مرهق جدّا فيما يُباع الكيلوغرام الواحد من القوارير البلاستيكية الموجهة لإعادة التدوير ما بين 500 و700 مليم (16 إلى 23 سنتا).
ولذلك فهو في سباق لا ينتهي مع الزمن والمكان لملء أكبر عدد ممكن من الأكياس للحصول على بضعة دنانير لتوفير قوته اليومي.
انتشرت في تونس خلال السنوات الأخيرة مهنة جمع المواد البلاستيكية وبيعها للتدوير. فبات من المألوف رؤية نساء يبحثن عن القوارير المستعملة على جوانب الطرق، أو رجال يحمّلون أكواما من الأكياس على دراجاتهم النارية يجوبون الشوارع ويقفون عند كل ركن تلقى فيه القمامة للبحث فيها.
"عمل إضافي"
تؤكد منظمات غير حكومية محلية أنه من الصعب تحديد عدد "البرباشة"، إذ إن نشاطهم غير منظم قانونا.
لكن وفق حمزة الشاووش، رئيس الغرفة الوطنية لمجمعي النفايات البلاستيكية، التابعة لمنظمة التجارة والصناعة، فإن هناك 25 ألف "برباش" في تونس ينشط 40% منهم في العاصمة.يقول الجباري إن "الجميع أصبحوا برباشة!".
ويوضح الشاوش الذي يدير أيضا مركز تجميع للمواد البلاستيكية في ضاحية تونس الجنوبية، أن "عددهم ازداد في السنوات الأخيرة بسبب غلاء المعيشة".
ويلفت إلى تحول في القطاع الذي كان "من ينشطون فيه بالأساس أشخاصا بلا دخل" لكن "منذ نحو سنتين، بدأ عمال ومتقاعدون وخادمات في المنازل في ممارسة هذا النشاط كعمل إضافي".
في العام 2024، تجاوزت نسبة الفقر في تونس 16%، بحسب الأرقام الرسمية.وما تزال الأزمة الاقتصادية تلقي بثقلها في تونس مع نسبة بطالة تناهز 16% ونسبة تضخم تقارب 5,4% في العام 2025.
ومنذ العام الفائت، بدأ عدد كبير من المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء أيضا بجمع القوارير البلاستيكية وبيعها لتحصيل رزقهم.يعيش معظم هؤلاء المهاجرين في فقر مدقع.
وقد عبروا دولا كثيرة بهدف واحد هو الوصول إلى أوروبا عبر البحر، لكنهم وجدوا أنفسهم محاصرين في تونس التي شدّدت الرقابة على السواحل بعد إبرامها اتفاقا بهذا الخصوص مع الاتحاد الأوروبي.
"منافسة"
يقول المهاجر الغيني عبد القدوس إنه صار "برباشا" لكي يتمكن من العودة إلى بلده.ويعمل الشاب البالغ 24 عاما منذ شهرين في محطة لتنظيف السيارات ولكنه يحتاج إلى تكملة لراتبه المتدني.
يساعد جمع النفايات القابلة لإعادة التدوير الشاب الذي حاول مرتين عبور البحر إلى أوروبا بشكل كبير في حياته ويمكنه من دفع الإيجار وشراء أغراض مثل الأدوية.يقول عبد القدوس لفرانس برس متنهدا بعمق "الحياة هنا ليست سهلة".
اضطر الشاب إلى مغادرة مدينة صفاقس الساحلية الكبيرة في الوسط الشرقي إلى العاصمة تونس بعد أن تلقى "الكثير من التهديدات".
وقد شهدت بلدات قريبة من صفاقس تفكيك عدة مخيمات غير منظمة للمهاجرين هذا العام.في العام 2023، تفاقمت أزمة المهاجرين بعدما اعتبر الرئيس قيس سعيّد أن "جحافل المهاجرين من جنوب الصحراء" تهدد "التركيبة الديموغرافية" لتونس.
وانتشرت بعد ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي خطابات حادة وعدائية ضد المهاجرين.ألقت هذه التوترات بظلالها على قطاع جمع القوارير البلاستيكية.
ويقول حمزة الجباري "هناك منافسة قويّة في هذا العمل"، في إشارة إلى المهاجرين.
ويضيف "هؤلاء الناس جعلوا حياتنا أكثر صعوبة... لم أعد أستطيع جمع ما يكفي من البلاستيك بسببهم".
ويذهب الشاوش أبعد من ذلك، فمركز التجميع الذي يشرف عليه "لا يقبل الأفارقة من جنوب الصحراء" ويمنح "الأولوية للتونسيين".
في المقابل، يؤكد عبد الله عمري وهو صاحب مركز تجميع في البحر الأزرق على أنه "يقبل الجميع".ويضيف الرجل البالغ 79 عاما "من يقوم بهذا العمل هم بحاجة" سواء "كانوا تونسيين أو من جنوب الصحراء أو غيرهم".
ويختم بفخر "نحن ننظّف البلاد ونوفر لقمة العيش للعائلات".