شهدت العاصمة المؤقتة عدن، عصر اليوم السبت، تظاهرة شبابية حاشدة في ساحة العروض بمديرية خور مكسر، احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية، في وقت قابلتها قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا باستخدام العنف، ما أثار حالة من الذعر والغضب في أوساط المحتجين.

 

ورفع المتظاهرون لافتات ورددوا هتافات تطالب بتحسين الخدمات الأساسية، وتوفير الكهرباء والمياه، إلى جانب وقف انهيار العملة المحلية، وكبح جماح الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.

 

 

وطالب المتظاهرون أيضا برحيل النظام، مؤكدين أن الصمت الحكومي تجاه معاناتهم لم يعد مقبولًا.

 

 

وقالت مصادر محلية لـ"الموقع بوست" إن مليشيا المجلس الانتقالي، أقدمت على إطلاق النار في الهواء لتفريق المحتجين، كما اعتقلت أحد المشاركين في التظاهرة، في خطوة أثارت استياء واسعًا واعتُبرت محاولة لتكميم الأفواه وقمع الحق في التظاهر السلمي.


 

 

وأفادت المصادر أن عناصر مسلحة انتشرت في محيط الساحة ومنعت متظاهرين آخرين وطواقم إعلامية حضرت لتغطية التظاهرة من الوصول إلى المكان.


 

 

وتداول ناشطو ورواد التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للمتظاهرين توثق اعتداءات القوات التابعة للانتقالي التي أطلقت الرصاص الحي، متسائلين من المستفيد من بقاء الاوضاع كما هي؟ لا كهرباء، لا ماء، لا رواتب ولا خدمات، لا صحة ولا اقتصاد، وكل قيادات الدولة في سبات عميق في الرياض وأبوظبي.


 

 

وتأتي هذه التظاهرة بعد يوم من خروج عشرات النساء في تظاهرة نسوية في ذات الساحة للمطالبة بالخدمات، كما تزامنت مع وقفة احتجاجية مشابهة في محافظة لحج، في سياق تصاعد الحراك الشعبي الغاضب جنوب البلاد.

 

وتعيش مدينة عدن أزمات خدمية متفاقمة منذ سنوات، أبرزها الانقطاعات الطويلة للكهرباء، وشح المياه، وارتفاع تكاليف المعيشة، في وقت تتسع فيه رقعة السخط الشعبي جراء غياب الحلول وفشل السلطات المحلية في معالجة الأوضاع.

 

وخلال الأسبوع الماضي شهدت ساحة العروض بعدن تظاهرات نسائية حاشدة في مشهد لافت يعكس حجم الغضب الشعبي المتنامي في مدينة عدن.

 

 

وتصدّرت النساء واجهة الحراك المدني مجددًا، من خلال تظاهرة نسوية حاشدة شهدتها ساحة العروض بخور مكسر، السبت، تحت شعار "#ثورة_النسوان_عدن"، في تعبير صريح عن حالة السخط من تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية، وصمت السلطات إزاء معاناة الناس المتفاقمة.

 

جاءت التظاهرة كمحطة جديدة في سلسلة الاحتجاجات الشعبية، لكن بلسان المرأة هذه المرة، التي خرجت تحمل هموم المدينة، وتطالب بأبسط حقوق العيش الكريم، في وقت بلغ فيه الانهيار ذروته، وبلغ الصبر حدّه.

 

وأثارت التظاهرة النسوية تفاعلاً واسعاً في أوساط الناشطين والسياسيين وقيادات الرأي العام، وسط إشادة بالدور الريادي للمرأة العدنية في الدفاع عن الحقوق، ومواقف غاضبة من محاولات تسييس الفعالية الشعبية التي نظمتها ناشطات مدنيات للمطالبة بالخدمات الأساسية.

 

 

الصحفي الموالي للانتقالي صلاح السقلدي الذي وصف التظاهرات بـ "ثورة اللقمة" قال "برغم حادثة إطلاق النار فوق رؤوس المتظاهرين التي لم يكن لها لزمة، إلّا إذا كان هناك توجه خبيث لدى البعض لإفشالها أو لإفشال التظاهرات القادمة تحت ذريعة الحالة الأمنية".

 

وقال "بغض النظر عن الذي حدث قبيل انتهاء الفعالية بدقائق دون ضرر والحمد لله، فالأهم هو نجاح الفعالية وإيصال الرسالة لمَن يعنيهم الأمر- مع إنهم يعرفون الحالة جيدا فهم مَن صنعها، ويتعمدون التجاهل وأذية الناس- ولإفهامهم للمرة الألف بانهم أمام شعب حي يستعصي استغفاله أو سلب لقمته ومصادرة حقوقه أو الامتطاء على أكتافه صوب علياء المصالح النفعية والبحث عن صناعة أمجاد شخصية على حساب جوع و أوجاع وتضحيات الناس".

 

https://www.facebook.com/share/p/15tP5xUTsH/?mibextid=wwXIfr

 

وأكد السقلدي أن هذه التظاهرة اليوم تأتي بعد تظاهرة كبيرة قبل شهرين تقريبا لذات الغرض (المطالبة بتوفير الخدمات) وفي نفسه الساحة، وبعد ايام من تظاهرتين نسائيتين مميزتين حجماً وتنظيمًا، كما إنها أي تظاهرة اليوم تأتي بنفس اليوم الذي خرجت فيه تظاهرات نسائية في محافظتي أبين ولحج.

 

وقال "نحن أمام ثورة شعبية متصاعدة، عنوانها خدمي محض، على الأقل هذا عنوانها حتى الآن، وستتوقف طبيعة هذه التظاهرات وحجمها ونطاقها الجغرافي في قادم الأيام على مدى استجابة او عدم استجابة الجهات المعنية، وعلى صدق  او خبث النوايا عند الجهات التي تلّوح بالهراوة وتتوعد المتظاهرين بالويل والثبور".

 

https://www.facebook.com/share/15YRK5tj89/?mibextid=wwXIfr

 

الصحفي رضوان فارع كتب "المتظاهرون في عدن يهتفون الشعب يريد إسقاط النظام، وقال "كل الذي حذرنا منه حصل، الشعب لن يصبر على اللادولة والفساد والمحسوبية وغياب الخدمات وانهيار الاقتصاد".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن عدن مظاهرات الانتقالي حقوق

إقرأ أيضاً:

من قائمة الإرهاب إلى طاولة السلام.. الشرع ولقاء الرياض الذي غيّر المعادلة

في لحظة مفصلية من تاريخ الشرق الأوسط، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض، في أول لقاء علني بين رئيس أمريكي وزعيم من رحم الثورة السورية. مشهد بدا كأنه طيّ لصفحة سوداء امتدت لسنوات، وفتحٌ لمرحلة جديدة تعاد فيها كتابة قواعد اللعبة السياسية في المنطقة.

اللقاء، الذي تم بحضور عدد من زعماء الخليج والشرق الأوسط، حمل دلالات أبعد من كونه مجرد اجتماع سياسي؛ فقد مثّل إعلانًا صريحًا بانتهاء عصر تصنيف القوى الثورية كقوى إرهاب، واعترافًا أمريكيًا بدور تلك القيادات في صياغة مستقبل مستقر لسوريا والمنطقة.

الرئيس الشرع، الذي كان إلى وقت قريب يُطارد بتهم “الإرهاب والتطرف”، ظهر بثقة وهو يضع أوراقًا سياسية متماسكة على الطاولة، ويتحدث عن مشروع وطني جامع، يدمج بين العدالة الانتقالية، والمصالحة المجتمعية، والسيادة الوطنية. واشنطن من جانبها، لم تكتفِ بالتصفيق، بل ذهبت أبعد من ذلك في رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا منذ ما يقارب عقدين، وفتحت الباب أمام استعادة الأموال المجمدة، والاندماج في النظام المالي الدولي.

150 يومًا… من الخراب إلى بدء التعافي

لم يكن لقاء الرياض حدثًا معزولًا، بل جاء تتويجًا لسلسلة تحولات ميدانية وسياسية بدأت بعد سقوط نظام البعث في دمشق قبل خمسة أشهر، عندما فقد النظام السيطرة الكاملة تحت ضغط الانتفاضة الشعبية وتكسر التحالفات الإقليمية التي كانت تحميه.

في غضون 150 يومًا فقط، تحققت، وفق الإعلامي السوري أحمد كامل، إنجازات ضخمة كانت قبل أشهر ضربًا من الخيال:

ـ رفع كامل للعقوبات الأميركية والدولية.
ـ ارتفاع قيمة الليرة السورية إلى الضعف.
ـ عودة أكثر من 500 ألف لاجئ إلى سوريا، و850 ألف نازح داخلي إلى مدنهم.
ـ استعادة 340 ألف نازح في المخيمات لمنازلهم.
ـ تمثيل علم الثورة في الأمم المتحدة.
ـ اعتقال الآلاف من مجرمي النظام، وإفشال انقلاب لإعادة إنتاج النظام في ذكرى الثامن من آذار.
ـ إطلاق سراح 22 ألف معتقل سياسي، وإفراغ السجون من المعارضين.
ـ تفكيك الأجهزة الأمنية، وإلغاء التجنيد الإجباري.
ـ وقف كامل للقصف والتهجير والكبتاغون والاحتلال الإيراني.
ـ طرد الميليشيات الطائفية، والحد من الوجود الروسي إلى قاعدتين فقط.
ـ استعادة الجنوب من قبضة إسرائيل والميليشيات الموالية لها، وإنهاء مشروع التقسيم والانفصال.

حصيلة ما تحقق في سورية خلال ١٥٠ يوم :

١- رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سورية
٢- ارتفاع قيمة العملة السورية لضعف ما كانت عليه قبل ١٥٠ يوم
٣- عودة ٥٠٠ ألف لاجئ ومهجر سوري إلى بلادهم
٤- عودة ٨٥٠ ألف نازح ضمن سورية إلى مدنهم وبلداتهم
٥- عودة ٣٤٠ ألف من سكان المخيمات في سورية… pic.twitter.com/eWoBpkpPzp — Ahmad Kamel (@ahmadsaleem5) May 14, 2025

سلامٌ مشروط… وصفقة غير مكتملة

ورغم كل هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أن كثيرين في الداخل السوري ينظرون بعين القلق إلى الثمن السياسي الذي يُطلب مقابل هذا الاعتراف الدولي والرفع السريع للعقوبات.

فواشنطن تربط دعمها الكامل للمرحلة الانتقالية بشروط أبرزها:

ـ التطبيع الكامل مع إسرائيل، ضمن رؤية موسّعة لاتفاقيات إبراهيم.
ـ التنكر لشركاء النضال، وخاصة أولئك المصنّفين كـ”أعداء واشنطن”، سواء من فصائل إسلامية قاتلت النظام، أو أطراف دعمت المقاومة الفلسطينية.
ـ تعديل القوانين بما يتماشى مع رؤية غربية محددة لطبيعة الدولة والدستور والهوية الوطنية.

هذه الشروط تُقرأ داخليًا كنوع من الابتزاز السياسي، وتشكل ضغطًا متزايدًا على القيادة الجديدة، التي تجد نفسها محاصرة بين مطالب الشارع الثوري وبين ضرورة التعاطي مع متطلبات الشرعية الدولية.

 بين الاستقلال الحقيقي والسلام المشروط

لقاء الرياض لم يكن نهاية الطريق، بل بدايته. وعلى الرغم من أن قرار ترامب برفع العقوبات على سوريا قد مهّد الطريق نحو مرحلة جديدة، إلا أن السلام القادم ليس خاليًا من الألغام. فالثورة السورية تقف اليوم على مفترق طرق حقيقي: إما بناء دولة مستقلة بحق، أو الانزلاق في صفقات سلام تُفرغ النصر من مضمونه.

يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن للثوار أن يوازِنوا بين الواقعية السياسية والحفاظ على المبادئ؟ وهل يقبل السوريون بسوريا محررة من الأسد، لكنها مكبّلة بشروط الاحتلال والتطبيع والوصاية؟

الإجابات لم تُكتب بعد، لكن الأيام القادمة وحدها ستكشف أي سلام ينتظر السوريين.

السعودية تتحول إلى صانع سلام إقليمي

نجحت السعودية، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في تنفيذ رؤية استراتيجية أعادت دمشق إلى محيطها العربي، عبر جهود دبلوماسية رصينة وتعاون دولي. رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا جاء كخطوة تاريخية، لكنه لم يكن بلا شروط مجحفة، لا سيما ما يتعلق بضرورة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي والتنكر لشركاء الكفاح والمقاومة ضد الاستبداد والاحتلال.

وفي الوقت الذي يتراجع فيه دور القاهرة في السياسة الإقليمية، تبرز السعودية كقوة محورية تصنع توازناً جديداً، مستفيدة من ثقلها الديني والسياسي والاقتصادي. تحرك الرياض لم يتوقف عند حدود سوريا، بل امتد ليشمل السعي الحثيث لوقف الحرب في غزة، حيث ظلت المبادرة السعودية للسلام قائمة، متبنية موقفاً معتدلاً تجاه حماس، تراعي فيه البعد الإنساني والسياسي، رغم الضغوط الدولية والإقليمية.

ولم تأت هذه النجاحات دون تحديات داخلية. فبينما تتوسع الرياض في نفوذها الإقليمي، يبقى ملف حقوق الإنسان والحريات السياسية في الداخل بعيداً عن التطور الحقيقي. لا تزال الاعتقالات السياسية مستمرة، لا سيما لمعتقلي الفكر الإسلامي المعتدل مثل سلمان العودة، الذين يمثلون صوت الوسطية والاعتدال، في سجون لا تراعي مبادئ العدالة.

ويأتي هذا في ظل محاولة الدولة إعادة تشكيل الهوية الوطنية تحت شعار محاربة التطرف، لكن الرهان على تغيير الهوية الاجتماعية والثقافية للمجتمع السعودي عبر سياسات قسرية لن يحقق أهدافه المرجوة، وفق مراقبين، بل قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان الاجتماعي والانعزال الشعبي. إذ لا يمكن فرض تغييرات عميقة على مجتمع متجذر بقيمه وعاداته بهذه الطريقة.

وفيما يواصل محمد بن سلمان تحوله من شخصية مستهدفة دولياً عقب ملف جمال خاشقجي إلى صديق وحليف رئيسي للولايات المتحدة، تستمر السعودية في لعب دور قيادي على الساحة العربية، لكن طريقها نحو قيادة إقليمية مستقرة يتطلب برأي مراقبين التوفيق بين نجاحاتها الخارجية وإصلاح واقعها الداخلي، بما يعزز مصداقيتها ويصنع مستقبل سلام شامل ومستدام لشعوب المنطقة.


مقالات مشابهة

  • تظاهرة نسائية في لحج تطالب بتحسين الخدمات ومعالجة تدهور الأوضاع المعيشية
  • تظاهرة حاشدة في عدن تطالب بالخدمات والرواتب والأمن يرد بالقوة
  • قوات الانتقالي تفرق تظاهرة شعبية حاشدة في عدن بالرصاص الحي
  • تظاهرة حاشدة في عدن تنديدا بتردي الخدمات والعملة ومليشيا الانتقالي تطلق النار على المحتجين
  • تظاهرة نسوية جديدة في عدن تطالب بتحسين الخدمات
  • عدن تشهد تظاهرة نسوية ثانية خلال أسبوع للمطالبة بتحسين الخدمات
  • مظاهرات حاشدة في طرابلس تطالب بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية وسط تحذيرات من تصعيد العنف
  • عدن.. تظاهرة نسوية في ساحة العروض للمطالبة بتحسين الخدمات والانتقالي يسبق الفعالية برفع أعلام الجنوب
  • من قائمة الإرهاب إلى طاولة السلام.. الشرع ولقاء الرياض الذي غيّر المعادلة